مجلة وفاء wafaamagazine
رأى الوزير السابق رشيد درباس ان “من لا يقرأ التاريخ ويأخذ العبرة منه، لا يمكنه أن يبني مستقبلاً، تقف القيادات اللبنانية إزاء أزمة الحكم الراهنة في لبنان خارج هذه المعادلة، لا بل إن بعضها يجد في ممارساته استمراراً للحقبة الماضية”، معتبرا ان “الخلاف بين رؤساء الجمهورية ورؤساء الحكومات في مرحلة ما بعد الاستقلال، كان دائماً صراع زعامات، وكانت انطلاقته بين الرئيس بشارة الخوري (أول رئيس للبنان بعد الاستقلال) ورئيس الحكومة رياض الصلح، فكان خلافهما أشبه بـ(منازلات الديوك)، باعتبار أنهما زعيما الاستقلال”.
ولفت في حديث صحافي إلى “استمرار التباين بين القصر الجمهوري والسراي الحكومي، إلى أن تفجّر على الخيارات بين الرئيس الراحل كميل شمعون، الداعي –في حينه– لانضمام لبنان إلى حلف بغداد، وبين رئيس الحكومة الراحل رشيد كرامي الذي كان ضمن المعسكر المؤيد للوحدة بين مصر وسوريا، في منتصف الخمسينات من القرن الماضي”.
من جهة أخرى، أكد انه “وجد في رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري رافعة عملاقة لعهده، بدأت بإعادة إعمار لبنان وبناء ما دمرته الحرب الأهلية”، معتبرا ان “وصول إميل لحود إلى رئاسة الجمهورية تُرجم تغييراً للنهج السوري في لبنان، وتعبيراً واضحاً عن امتعاض نظام آل الأسد من تمادي الحريري في مشروع بناء الدولة، فقرّروا وضع حدّ لهذه الاندفاعة عبر تنصيب إميل لحود رئيساً للجمهورية، وتوكيله بمهمة إحباط مشروع الحريري وتهديم كل ما بناه”. ولفت درباس إلى أن “انتصار رفيق الحريري في انتخابات عام 2000 فرض على لحود مساكنة بشعة، خصوصاً، مع تراجع نفوذ (الرئيس السوري الراحل) حافظ الأسد لصالح نجله بشّار، الذي استكمل مشروع تطويق الحريري سياسياً واقتصادياً… وحتى أمنياً وصولاً إلى اغتياله في شباط شباط 2005”.
وأضاف “الرئيس السابق ميشال سليمان كان حكيماً، واستطاع التفاهم مع رؤساء الحكومات (فؤاد السنيورة، وسعد الحريري، ونجيب ميقاتي، وتمام سلام)، وتمكّن من رعاية الحوار الوطني في قصر بعبدا، وتأمين إجماع وطني على (إعلان بعبدا)، الذي اعتمد سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان عن أزمات المنطقة. لكنّ حزب الله سرعان ما انقلب على هذا التفاهم، وبات يسمّي سليمان (ساكن قصر بعبدا) بدلاً من تسميته رئيس الجمهورية، ثم ذهب إلى القتال في سوريا بخلاف إرادة باقي المكوّنات اللبنانية”.
ورأى درباس ان “العهد الحالي سجل رقماً قياسياً في التعطيل والشلل وتسريع عملية الانهيار”، عازيا الأمر إلى “استحالة خروج ميشال عون من الماضي ورفضه التأقلم مع دستور الطائف”. وقال: “عون لم يتغيّر ولا يزال تتحكّم به عقلية رئيس الحكومة العسكرية. إن كثيرين خُدعوا واعتقدوا أن ميشال عون تغيّر بعد عودته من منفاه في باريس، وأول مَن خُدِع به رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع”.
ووصف درباس عون بأنه “رجل انقلابي ويريد حكماً رئاسياً بأي ثمن، كما يريد دولة يحكمها بالشكل، لكنها في المضمون محكومة بإرادة حزب الله”. وشدد على أن “التنازلات الكبيرة التي قدّمها سعد الحريري لم تُبقِ له حلفاء في الداخل ولا في الخارج… وأنا أعتقد أن أزمتنا طويلة، لأننا دخلنا في صميم الصراع الإقليمي والدولي”.