مجلة وفاء wafaamagazine
على أبواب خطوات من تنصيب جو بايدن اليوم، تتسارع الخطوات العربية لنيل الرضا الأميركي بالعودة إلى دائرة المفاوضات والقضية الفلسطينية بوصفها الأهم من وجهة النظر الأميركية كما ترى عواصم التطبيع القديم، فهي تجهد لتنسيق صيغة شاملة مع دول التطبيع الجديد، خاصة السعودية والإمارات، بقيادة الملك عبد الله الثاني المرضى عنه لدى بايدن
القاهرة | عبد الله الثاني، عرّاب التطبيع ووسيط السلام والخطابات، هكذا جاءت صيغة الاجتماعات التي جرت خلال الأيام الماضية في عدد من عواصم التطبيع القديمة والجديدة. صحيح أن اللقاءات لم تنقطع في الأسابيع الماضية، لكن التنسيقات الأخيرة في أبو ظبي والرياض وعمّان كان محورها متسقاً مع الاتجاه الموحّد لعودة الحراك في «الملف الفلسطيني»، ليكون أساس العلاقة مع ساكن البيت الأبيض الجديد، جو بايدن، الذي يدخل اليوم محملاً بتصريحات سابقة سينتقد فيها حكام الخليج، وديكتاتور دونالد ترامب المفضّل: الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كما تفيد أوساط مطلعة.
التفاهمات التي أُدخلت، أو دَخلت السلطة الفلسطينية فيها بعد تهميش كبير، لم تقتصر على زيارة مديري المخابرات المصرية والأردنية، عباس كامل وأحمد حسني، لرام الله، بل انطوت على سعي على مستوى الزعماء إلى صياغة واضحة للموقف العربي، بما فيه الفلسطيني، مع الوافد الجديد لرعاية المفاوضات، أي الإمارات الساعية بقوة نحو الانخراط بصفتها «وسيطاً قوياً يمتلك الأدوات اللازمة لفرض ما قد يرغب في تنفيذه على الطرفين: الإسرائيلي بالعلاقات الاقتصادية التي تتعزز يوماً بعد الآخر، والفلسطيني الذي سيحصل على مساعدات مالية كبيرة قريباً»، تقول المصادر.
مع أن الأزمة الخليجية تحلحلت نظرياً بالمصالحة السعودية ــ القطرية التي أسهمت في ترتيب بنود عديدة، ولا سيما ملف العلاقات مع «حماس»، فإن الضغوط على الفلسطينيين لإجراء الانتخابات قبيل الصيف المقبل، مع عقد جلسات للوساطة بين «فتح» و«حماس» في القاهرة الشهر المقبل، جاءت كلها استكمالاً لصياغة «الرؤية العربية الموحدة» التي تترقب أيضاً نتائج الانتخابات الإسرائيلية المقبلة قبل الدخول في مفاوضات جدية بحلول نهاية العام، على أن تسبق ذلك ترتيبات مع البيت الأبيض والمؤسسات الفعالة في الإدارة الأميركية.
وتواصل عواصم التطبيع الضغط لإنهاء الخلافات الفلسطينية الداخلية، وللسعودية دور كبير في ذلك بمقدار الضغوط التي ستمارسها على قطر من أجل التوافق مع الموقف العربي الجديد، خاصة في ما يتعلق بوضع مؤسسات السلطة وغيرها من التفاصيل التي من المقرر حسمها نهائياً في مفاوضات القاهرة المتوقع أن تستمر في جولات، مقابل سعي إماراتي إما إلى تحقيق توافق عربي بالإبقاء على محمود عباس رئيساً للسلطة أو دفع القيادي المفصول من «فتح» محمد دحلان إلى منافسته في الانتخابات، وهي مسألة لم يتم حسمها حتى الآن.
جولة نتنياهو في المنطقة قائمة: القاهرة أولاً فأبو ظبي فالمنامة
لا يبدو الإماراتيون راغبين في استبعاد دحلان أو أحد رجاله عن الترشح في الانتخابات الرئاسية، لكنهم يضعون التنازل عن هذه الرغبة مقابل امتيازات أخرى يحصلون عليها من السلطة، وأيضاً من الأردن ومصر وقطر. وتكشف المصادر أن أبو ظبي طلبت دوراً لرجال دحلان، خاصة سمير المشهراوي، في مناصب أساسية، على أن يكون ذلك في إطار المصالحة الفلسطينية التي تشمل «حماس»، بدعم مصري وأردني ليس سياسياً فقط، بل وتوفير مزيد من المعلومات الاستخبارية بصورة تفصيلية وبمتابعة شبه يومية.
بالتوازي مع المشهد السابق، حصل عبد الله على وعد بأن يكون أول الزعماء العرب في البيت الأبيض، وتحديداً في نهاية شباط/فبراير أو مطلع آذار/مارس المقبل ليلتقي بايدن، ولذلك يسعى الملك الأردني إلى إجراء زيارات أخرى إلى العواصم العربية من أجل ترتيب الملفات، قبل لقاء الرئيس الأميركي الجديد أو بعده. وأمس، أعلن المرشح لمنصب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أن «بايدن يؤمن بأن الحل الأفضل (للقضية الفلسطينية) وربما الوحيد هو حل الدولتين».
أما في مصر، فعاد ملف القضية الفلسطينية إلى الأولويات، سواء على طاولة المخابرات أم الخارجية، وسط مقترحات أخرى للتقارب مع الإسرائيليين، طبقاً لتقارير تقدير الموقف التي تعدّها الأجهزة ويطلع السيسي عليها دورياً، وهي ترى أن الانتخابات الإسرائيلية لن تكون ذات تأثير كبير في الملف، مع ترجيحات ببقاء بنيامين نتنياهو رئيساً للحكومة. بالتوازي، لا تزال الترتيبات بين القاهرة وتل أبيب جارية لاستقبال نتنياهو في القاهرة للمرة الأولى منذ نحو 11 عاماً، وهي الزيارة التي يفترض أن تسبق جولة خليجية له تشمل كلاً من البحرين والإمارات خلال الشهر المقبل.
ثمة أمور عالقة بين البلدان العربية الثلاثة حول تفاصيل ومكاسب يسعى كل طرف إلى تحقيقها من هذه الجولة، في حين أن نتنياهو واضح ويريد تعزيز موقفه في الانتخابات التي يواجه فيها معارضة شرسة داخلياً. في المقابل، ترغب مصر في إظهار الزيارة بأنها تعزيز لمكانتها ودورها في الملف الفلسطيني، على أن تسبقها زيارة لمحمود عباس تجنّباً للانتقادات. الإمارات والبحرين لديهما حسابات أخرى مرتبطة بالاتفاقات الاقتصادية التي سيجري توقيعها والاستثمارات، فضلاً عن الطلب من نتنياهو الضغط على بايدن في ملف إيران، القضية المحورية لقادة الخليج حالياً.
الاخبار