مجلة وفاء wafaamagazine
إستأثرت الإحتجاجات في طرابلس بالمتابعة الأساسية، على رغم إطلاق المنصّة الوطنية للتسجيل للقاح كورونا، الذي يثير بدوره، اي الوباء لا اللقاح، الذعر في صفوف اللبنانيين، نتيجة الارتفاع المضطرد في عدد الاصابات والوفيات، على الرغم من الإقفال العام المستمر حتى الثامن من شباط المقبل. إلّا انّ المشهد الدامي في طرابلس، مع تحوّل التظاهرات عنفية، أبقى كل الأنظار شاخصة اليه، في محاولة لتطويقه وقراءة خلفياته وأبعاده، في حال وجود اي أبعاد غير عفوية له، بسبب سوء الأوضاع المالية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية. فمن الثابت، انّ المحرِّك الأساس للناس هو الواقع المأسوي، بعيداً من كل نظريات المؤامرة و»التحريك من بُعد»، والكلام عن تظاهرات مشبوهة، ومن ينكر هذا الواقع يكون إما يعيش في كوكب آخر، أو يكابر من أجل عدم الإقرار بمسؤوليته مما آلت إليه الأوضاع، كما لا يريد ان يُقدم على اي مبادرة أو خطوة أو تنازل لتغيير هذا الواقع. فالأكيد انّ الدافع الأساس لنزول الناس إلى الشارع، وتحدّي جائحة كورونا التي تجتاح لبنان، هو الجوع والوجع والفقر والغضب، فمن لا يجد الطعام لتقديمه لأولاده لا يُلام على ردّة فعله، ومن يُلام هو من لا يشعر مع الناس ويترك الوضع يتدهور من السيئ إلى الأسوأ، ويتعامل مع الأزمة الحكومية على قاعدة الحصص لا مصلحة البلد والناس. ولكن هذه الحقيقة لا تنفي ثلاث حقائق: – الحقيقة الأولى، انّ تطوّر الوضع الميداني الإحتجاجي الشعبي كفيل لوحده أن يشكّل عامل ضغط على القوى المعنية بتأليف الحكومة، من أجل ان تتجاوز العِقَد التي حالت حتى اليوم دون التأليف. ـ الحقيقة الثانية، هي انّه لا يُفترض استبعاد فرضية انّ هناك من يحاول توظيف الاحتجاجات العفوية سياسياً، من أجل تسريع وتيرة التأليف. ـ الحقيقة الثالثة، هي انّ هناك في استمرار من يسعى الى تفجير الوضع اللبناني، وقد وجد في الاحتجاجات والوضع المالي والمعيشي المأزوم، مناسبة وفرصة لضرب آخر ركائز الاستقرار اللبناني ومرتكزاته. وبمعزل عن صحة الحقائق أعلاه او عدمها، إلّا انّ ما يحصل قابل للتمدّد كالنار في الهشيم، بسبب سوء الأوضاع المعيشية، وهي حالة مشتركة بين جميع اللبنانيين، وبالتالي تداركاً لما هو أسوأ، يجب الإسراع في تأليف الحكومة التي يشكّل مجرّد تأليفها تنفيساً للإحتقان، وذلك قبل فوات الآوان.
وعلمت «الجمهورية» من مصادر مواكبة لحركة ملف تشكيل الحكومة، انّ لا شيء جديداً حصل على خطّه، فكل الامور تصطدم بتصلّب المواقف وغياب الضغط الكبير للمحرّك الخارجي. واكّدت هذه المصادر انّ الحكومة ليست عالقة عند المواقف السياسية، والتي تُدرج في خانة المراهقة السياسية، فلا احد يقف عند ماذا قال هذا وماذا ردّ ذاك، لأنّ السياسة تُبنى على المصالح والمطالب والحسابات المتبادلة لكل طرف، والتي لا تزال اليوم في ذروتها، ما يعني انّ الامور تراوح مكانها. ولفتت المصادر، الى انّ رئيس الجمهورية ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، يمكن ان لا تكون لديهما رغبة في ان يتولّى الحريري رئاسة الحكومة، ولهذا يرفعان السقف، لكن اذا قبل الحريري هذا «المهر الغالي» يمكن ان يحصل الزواج ولو بالإكراه وتتشكّل الحكومة، لكن التنازل غير وارد قطعاً حتى الآن عند الحريري. فمن الواضح انّ باسيل يريد الإمساك بقرار الحكومة، بغض النظر عن تفاصيل الحقائب والاسماء، ومن المؤكّد انّ الحريري لن يعطيه هذا القرار ونقطة على السطر.
الوسطاء والمخرج
وفي هذه الاجواء، لم تحمل الحركة التي قادها بعض الوسطاء الداخليين اي مخرج من المأزق المتعدّد الوجوه، ولا سيما تلك المتصلة بالأزمة الحكومية. وقالت مصادر واكبت انطلاقة البعض منها لـ«الجمهورية»، انّ اللقاءات التي جرت حتى الأمس لم تنته الى اي مخرج قابل للتطبيق، وانّ الوضع ما زال على ما هو عليه، ولم تنته بعد الى ما هدفت اليه، ولا سميا على مستوى إنهاء حال القطيعة القائمة بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكّلف تأليف الحكومة سعد الحريري.
والدليل، قالت المصادر عينها، انّه لم يُعلن سوى عن الزيارة التي قام بها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الى عين التينة، ولقائه مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل ظهر امس، على الرغم من الحديث عن حاجة الى لقاء يُعقد مع الحريري لم يُعلن عنه لا من «بيت الوسط» ولا من اي جهة أخرى، فبقي مشروع الزيارة في دائرة الشك بين إمكان حصولها من عدمه.
«بيت الوسط» يسخر
وتأكيداً لهذه الأجواء، فقد توقفت المصادر السياسية العليمة عبر «الجمهورية» امام حجم المواجهات المفتوحة بين التيارين الازرق والبرتقالي. ولفتت الى استرسال مناصري «البرتقالي» في حديثهم عن احتمال اعتذار الحريري في مؤتمر صحافي يتحدث فيه عن العقبات التي تحول دون تأليف الحكومة، وهو أمر أثار «السخرية» لدى اوساط «بيت الوسط» التي اقتصر ردّها على مثل هذه الحملة بهذه الكلمة من دون زيادة او نقصان.
أولى الإنعكاسات
وفي ظلّ استمرار اجواء التوتر لليوم الرابع في طرابلس، فقد انعكست توتراً على ما يبدو بين اهل الحكم، ولا سيما بين عون ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب. وفي الوقت الذي سرّبت فيه مصادر السرايا الحكومية عبر بعض وسائل الاعلام المحلية، انّ عون لم يوافق على اقتراح دياب دعوة المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع للبحث في الأوضاع الأمنية الراهنة، أشار مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى انّ عون طلب انعقاد مجلس الامن المركزي لدرس الوضع الأمني في البلاد من خلال التقارير الميدانية التي تعدّها القوى الأمنية المعنية، وفي ضوء ما تنتهي اليه هذه القوى من اقتراحات وإجراءات، يُصار الى اجراء اللازم ويُبنى على الشيء مقتضاه.
مجلسا الأمن والدفاع
وفي تفسيرها لمضمون البيان، قالت مصادر قصر بعبدا لـ«الجمهورية»، انّ مثل هذا الاقتراح الذي تقدّم به دياب صحيح، ولكن كان لرئيس الجمهورية رأي آخر. فهو اقترح التمهيد لاجتماع المجلس الاعلى للدفاع باجتماع لمجلس الامن المركزي، لئلا يُقال انّ مجلس الدفاع الاعلى هو المؤسسة التي تحلّ محل مجلس الوزراء حسب زعم بعض الاوساط .
ولفتت المصادر، الى انّ اجتماعاً لمجلس الامن المركزي يمكن ان ينعقد في حضور الضباط المكلّفين إدارة الأزمة الامنية على الارض في طرابلس، ويمكنه ان يقدّم صورة اوضح واكثر واقعية عن الوضع القائم في المدينة وما يمكن القيام به.
ولفتت المصادر، الى انّه إذا اقتضت الظروف والاقتراحات اتخاذ قرارات كبرى يقترحها مجلس الامن المركزي، يمكن رفعها الى المجلس الاعلى، وعندها تُوجّه الدعوة اليه، وان حُلت على مستوى مجلس الامن المركزي كان به، فقادة الأجهزة الامنية سيكونون على طاولته مع ضباطهم على الأرض.
الإحتجاجات
وكانت الإحتجاجات تواصلت في طرابلس امس، وصبّ المحتجون جمّ غضبهم أمام منازل زعماء المدينة، وأضرموا النيران في مستوعبات القمامة وحطموا كاميرات المراقبة، محمّلين سياسيي المدينة المسؤولية عن أوضاعهم المعيشية الصعبة التي فاقمها تشديد اجراءات الإغلاق العام الأخيرة.
وأسفرت المواجهات المستمرة منذ مطلع الاسبوع عن إصابة أكثر من 300 شخص، غالبيتهم ليل الأربعاء. وأعلنت قوى الأمن الداخلي أنّ 41 عنصراً وضابطاً من صفوفها في عداد الجرحى، وقالت إنّ 12 منهم أُصيبوا جرّاء إلقاء قنابل يدويّة، وبينهم إصابات بليغة.
وتوفي الشاب عمر طيبا (29 عاماً) أمس متأثراً بإصابته خلال المواجهات ما أثار غضباً واسعاً في المدينة ونقمة ضدّ قيادييها. وتجدّدت المواجهات عصراً بين قوات الأمن وعشرات المحتجين الذين حاولوا مجّدداً اقتحام سراي طرابلس، الذي يشكّل ساحة مواجهة بين الطرفين منذ مطلع الأسبوع. وردّت قوات الأمن بإطلاق القنابل المسيلة للدموع.
وليلاً، عمد عدد من المحتجين الى رشق بلدية طرابلس بالحجارة وقنابل المولوتوف، ما ادّى الى اندلاع حريق كبير بداخلها. وعلى الإثر، حضرت سيارات الإطفاء الى مبنى بلدية طرابلس، حيث عملت بصعوبة على إطفاء الحرائق التي اندلعت في مختلف طبقاته، في حين قامت القوى الأمنية بملاحقة المشاركين في عملية إضرام النيران في المبنى.
ولاحقاً، إقتحم عدد من المحتجين مركز العزم التربوي، الذي يضمّ مدرسة وجامعة العزم وبدأوا برشقه بالحجارة والعبث بمحتوياته.
بري يتعاطف ويحذّر
ونقل زوار عين التينة عن الرئيس نبيه بري تعاطفه الكامل مع «المطالب المعيشية المشروعة لأهل طرابلس، الذين هم من أطيب الناس ويعانون من الظلم والإهمال»، الّا انّه أبدى في الوقت نفسه استغرابه لاستهداف البعض رمز الدولة المتمثل في سراي طرابلس، التي تضمّ دوائر رسمية تُعنى بمصالح الناس وشؤونهم. وحذّر من استغلال وجع الناس، مشيراً الى انّ ضرب هذا السراي يعني إسقاط هيبة الدولة وتعميم الفوضى.
الحريري
من جانبه، وصّف الحريري «ما حصل في مدينة طرابلس بالجريمة الموصوفة والمنظمة»، محمّلا، في بيان صادر عنه، «المسؤولية لكل من تواطأ على ضرب استقرار المدينة واحراق مؤسساتها وبلديتها واحتلال شوارعها بالفوضى. الذين اقدموا على احراق طرابلس مجرمون لا ينتمون للمدينة واهلها، وقد طعنوها في امنها وكرامتها بإسم لقمة العيش».
وأكّد الحريري أنّه «من غير المقبول تحت اي شعار معيشي او سياسي طعن طرابلس من اي جهة او مجموعة مهما كان لونها وانتماؤها».
وقال: «نقف الى جانب اهلنا في طرابلس والشمال، ونتساءل معهم، لماذا وقف الجيش اللبناني متفرجاً على احراق السراي والبلدية والمنشآت، ومن سيحمي طرابلس اذا تخلّف الجيش عن حمايتها؟ هناك مسؤولية يتحمّلها من تقع عليه المسؤولية، ولن تقع الحجة على رمي التهم على ابناء طرابلس والعودة الى نغمة قندهار».
وختم: «اذا كان هناك من مخطّط لتسلل التطرف الى المدينة، فمن يفتح له الابواب؟ وكيف للدولة ان تسمح بذلك في مرحلة من اسوأ واخطر المراحل في تاريخ لبنان؟ طرابلس لن تسقط في ايدي العابثين، ولها شعب يحميها بإذن الله. وللكلام صلة لوضع النقاط على الحروف».
«المستقبل»
وتحدث تيار «المستقبل» في بيان امس، حول الاحتجاجات التي تشهدها طرابلس عن «وجود أمر مريب يعود بالذاكرة الى مراحل الفلتان الأمني والاشتباكات المسلحة التي كانت تحصل غبّ الطلب». واشار الى «وجود جهات حزبية وسياسية وفعاليات محلية، اشتغلت على تسلّق اوجاع المواطنين وقامت بتمويل مجموعات بعضها استُقدم من خارج طرابلس والشمال»، وقال: «انّ أداء اطراف في أجهزة أمنية سواء في غض النظر عن ممارسات مخلّة بالأمن والقانون أو في التخلّف عن دعم القوى الامنية في الوقت المناسب، هي وجه من وجوه التقصير الذي يثير الشكوك ويطرح الكثير من علامات الاستفهام حول الاهداف المبيتة لعمليات التخريب التي استهدفت الاملاك الخاصة والعامة في المدينة». وأكّد «انّ الحل الامني للأزمة المعيشية ليس حلاً، والذين يراهنون على استدراج طرابلس الى ساحات الفوضى والفلتان يعلمون جيداً أنّ الاكثرية الساحقة من ابناء طرابلس وسكانها، لن يجاروا هذا المخطط الدنيء الذي يطل برأسه من اقبية المخابرات سيئة الذكر وازلامها المعروفين».
منظمة العفو
ومن جهة ثانية، حضّت منظمة العفو الدولية أمس فرنسا على تعليق تصدير أسلحة حفظ النظام إلى لبنان، ما لم تتعهّد السلطات اللبنانية باستخدامها بما يتماشى مع القانون الدولي، مؤكّدة أنّ أجهزة الأمن اللبنانية استخدمت أسلحة فرنسية الصنع لقمع متظاهرين سلميين.
وقال مسؤول كسب التأييد للحدّ من الأسلحة في الفرع الفرنسي لمنظمة العفو الدولية آيمريك إلوين في تقرير، إنّ «فرنسا لا تزال منذ سنوات تزوّد قوات الأمن اللبنانية معدّات إنفاذ القانون التي استخدمتها لارتكاب أو لتسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان».
وتحدّثت المنظمة عن «دور مشين» أدّته الأسلحة الفرنسية. وأفادت عن إصابة «ما لا يقلّ عن 1000 محتجّ بسبب استخدام القوة بشكل غير قانوني من جانب قوات الأمن اللبنانية التي استخدمت في كثير من الأحيان أسلحة إنفاذ القانون الفرنسية الصنع، من ضمنها المواد الكيماوية المهيّجة مثل الغاز المسيل للدموع، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي، والقاذفات المتعلّقة بها».
وقال إلوين: «يجب على السلطات الفرنسية أن تُبلّغ قوات الأمن اللبنانية أنّها لن تستطيع استئناف الصادرات إلّا إذا برهنت تلك القوات على أنّ هذه المعدات تُستخدم على نحو يتماشى مع القانون والمعايير الدولية بشأن استخدام القوة والحقّ في حرية التجمّع السلمي». وأضاف أنّ «إحدى الطرق التي تبرهن على ذلك، هي إثبات إجراء مساءلة كاملة على الانتهاكات الماضية، وتقديم تعويض كافٍ لضحايا الانتهاكات».
ووثّقت المنظمة إقدام قوات الأمن خلال العام الماضي على «إطلاق عبوات الغاز المسيل للدموع على المحتجّين مباشرة – وهذه ممارسة غير قانونية وخطرة للغاية- كذلك أطلقتها من عربة متحركة، ما يجعل السيطرة على إطلاقها مستحيلاً». وتسبّب ذلك بـ«إصابات خطرة في الرأس، والجزء العلوي من الجسد في صفوف المحتجّين».
وندّدت المنظمة بعمل قوات الأمن اللبنانية «في أجواء الإفلات من العقاب». وأكّدت أنّه «لم يجر أيّ تحقيق فعّال في الاستخدام غير القانوني للأسلحة ومن بينها تلك المصنوعة في فرنسا، ضدّ المحتجين السلميين، ولم يخضع أيّ فرد من قوات الأمن للمساءلة من جانب السلطات القضائية».
باريس تردّ
ورداً على مطالبة منظمة العفو الدولية لفرنسا تعليق بيع الأسلحة إلى لبنان، بعد تأكيد المنظمة على استعمال قنابل مسيلة للدموع ورصاصات مطاطية وقاذفات ذات صناعة فرنسية لقمع المتظاهرين في لبنان، أكّدت الناطقة بإسم وزارة الخارجية الفرنسية Agnès Von Der Mühll، انّ السلطات الفرنسية تولي عناية فائقة لطلبات منح تراخيص تصدير المعدّات المصنّفة التي قد تُستخدم لحفظ النظام، وتدرس كل طلب على حدة، تماشيًا مع التزاماتها الدولية. وهذا هو الحال بالنسبة إلى لبنان الذي يواجه أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية فادحة، والذي يُعدّ استقراره ضروريًا للمنطقة برمتها. وتذكّر فرنسا بانتظام بحرصها على احترام حق اللبنانيين في التظاهر سلمياً.
واكّدت الخارجية الفرنسية انّ فرنسا، على غرار شركائها الأساسيين، توفر الدعم للقوات المسلّحة اللبنانية ولقوى الأمن الداخلي، بصرف النظر عن حفظ النظام، وذلك من أجل تمكينها من صون سيادة لبنان واستقلاله واستقراره، ونأيه عن الأزمات الإقليمية.
ورأت الناطقة بإسم الخارجية، أنّ فرنسا تحشد جهودها من أجل إنهاء الأزمة في لبنان وتقف إلى جانب اللبنانيين كما عهدت دائمًا.
الادّعاء على سلامة
من جهة ثانية، شكّل ادّعاء النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون امس، على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بجرم «الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة»، مادة دسمة لتحليل الخلفيات والأهداف. وقد جاء الادّعاء في ملف «عملية إدارة الدولار المدعوم».
وقد أفرزت هذه الخطوة التساؤلات الآتية:
اولاً- من حيث الشكل، يأتي الادّعاء من موقع قضائي ينظر اليه كثيرون على انّه «قاضي العهد»، وبالتالي، يرفض هؤلاء تقييم هذا النوع من الادعاءات القضائية خارج الاطار السياسي.
ثانياً- من حيث التوقيت، يأتي الادّعاء قبيل انتقال سلامة الى سويسرا للمثول الطوعي امام القضاء للاجابة عن الاسئلة التي سبق ان ارسلها القضاء السويسري الى القضاء اللبناني، للحصول على اجوبة حاكم مصرف لبنان في ملف تحويلات مالية الى مصارف سويسرية. فهل يعني هذا الادعاء منع سلامة من السفر؟
ثالثاً- اذا كان الادّعاء عفوياً ولا علاقة له بموعد سفر سلامة، فهل سيتمّ تدارك هذا الامر واتخاذ الاجراءات الضرورية لضمان انتقال حاكم مصرف لبنان المركزي الى سويسرا؟
رابعاً- كيف سيؤثر هذا الادّعاء، بالاضافة الى تداعيات الملف المفتوح امام القضاء السويسري على دور مصرف لبنان، في هذه الحقبة، خصوصاً لجهة استحقاق شباط، حيث سيكون على المصرف التعامل مع قرار اعادة هيكلة المصارف، لجهة تكبير الرساميل، وتأمين اموال طازجة في حساباتها في المصارف المراسلة بنسبة 3% من مجموع الودائع.
كل هذه التساؤلات مطروحة، تُضاف اليها شكوك لدى البعض، مفادها انّ هناك من يريد منع سلامة من المثول امام القضاء السويسري خوفاً من فضح المستور!
وكانت القاضية عون ادّعت أمس على كل من سلامة ورئيسة لجنة الرقابة على المصارف مايا دباغ بجرم «الإهمال الوظيفي وإساءة الأمانة». كذلك ادّعت على صاحب شركة استيراد الدولار من الخارج ميشال مكتف والصراف عبد الرحمن الفايد، بجرم مخالفة قرار إداري، وأحالتهم مع الملف الى قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان القاضي نقولا منصور لاستجوابهم.
كورونا
وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي حول مستجدات فيروس كورونا أمس، تسجيل 3497 إصابة جديدة (3484 محلية و13 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات منذ شباط الماضي 293157 إصابة. كذلك تمّ تسجيل 68 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 2621 حالة.
الجمهورية