الرئيسية / سياسة / ماكرون ضيف “مئوية لبنان الكبير”.. وبري: أسمَعنا بللينغسلي ما يَجب

ماكرون ضيف “مئوية لبنان الكبير”.. وبري: أسمَعنا بللينغسلي ما يَجب

الأربعاء 25 أيلول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

توقف المراقبون باستغراب أمس عند «التَقاتل» الذي شهدته الجلسة التشريعية بين بعض الكتل النيابية على الانماء المناطقي في ظلّ الفقر الذي تعيشه البلاد، ما دَلّ الى وجود نزاعات انقسامية تحت ظل «اللامركزية الادارية» و«الانماء المتوازن» وجمهوريات الطوائف، والجدال حول أين يُصرف المال؟ وما هي القروض المُكلِفة وغير المُكلِفة؟ ولماذا بناء هذا السد مفيد هنا وغير مفيد هناك؟ ما دَلّ الى دخول ممثلي الشعب في أسوأ متاهة.

وإذ ضُبِط رئيس الحكومة سعد الحريري «متلبّساً» في أنّ القوانين العشرة الخاصة بالسدود أُقرّت تسعة منها، شُنّت حملة شعواء على سد الضنية، ما دفع بعض النواب الى رفع الصوت والمطالبة بتقديم كشف حساب يُظهر كيف صرفت الاموال، فيما طرح البعض سؤالاً كبيراً: جنس الملائكة يقف مع مَن في هذه المتاهة النيابية؟. ورأى آخرون انّ ما شهدته الجلسة من نقاش لا يبعث على التفاؤل بإمكان تَصدّي البلاد للمخاطر المُحدقة ولمهلة الستة أشهر المَمنوحة للمعالجات، في ضوء هذا المستوى من الانحطاط والانقسام.

لم تمنع الجلسة التشريعية، بمداخلاتها ومناكفاتها والمشاكسات، تَتَبّع نتائج المحادثات السريعة لمساعد وزير الخزانة الاميركي لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال بللينغسلي، والتي تبيّن انها لم تخالف التوقعات التي سبقته وأبقَت العقوبات سيفاً مسلطاً على لبنان عموماً وعلى «حزب الله» خصوصاً، ورشح من بعض لقاءاته انه عبّر عن مواقف بالغة التصعيد ضد «الحزب» من دون أن تطمئن في المقابل القطاع المصرفي، ودلّت الى توجّه أميركي لتصعيد العقوبات أكثر في قابل الايام والاسابيع.

وفي هذا السياق، أشار رئيس مجلس النواب نبيه بري، في بيان أصدره مكتبه الإعلامي، إلى أنه «خلال لقائه مساعد وزير الخزانة الأميركي ‏سَمِع من الموفد الأميركي أفكاراً حول الإجراءات التي اتخذتها إدارته تجاه لبنان‎». وقال بري: «نحن بدورنا قلنا ما يجب أن يُقال، وأسمعناه ما يجب أن ينقله الى إدارته، إنسجاماً مع ما تُمليه مصلحتنا الوطنية ‏العليا تجاه لبنان ومؤسساته وإنسانه وثوابته التي لا نساوم عليها».‎

وقالت مصادر واكبت زيارة بللينغسلي لـ«الجمهورية» إنّ «عنوان المرحلة هو «تشديد العقوبات»، فالولايات المتحدة لن تتهاون في هذا الصدد، والامور ذاهبة الى مزيد من شَد الخناق على «حزب الله»، وأيّ محاولة لمؤسسة او مصرف للتنَصّل سيكون مصيرها كمصير «جمّال تراست بنك»، وكلّ من يعتقد انّ في إمكانه التذاكي سيوَرّط الدولة اللبنانية بمشكلات جمّة، فلا يمكن الهروب في هذا السياق. وبالتالي، على الجميع ان يتحمّلوا مسؤولياتهم على هذا المستوى».

إنسحاب الحريري

وفي الجلسة النيابية أمس، أرخى إقرار البند السادس المتعلّق بإنشاء سد في الضنية، مع إعطاء مهلة شهر لوزارة العدل لإنشاء لجنة تحقيق في هذا الموضوع، أجواءً من التوتّر على الجلسة التشريعيّة.

ردّة الفعل الأولى كانت لنواب «تكتل لبنان القوي»، وتحديداً على لسان النائب ابراهيم كنعان، الذي اعترض أيضاً على استرداد الحكومة مشروع قانون يتعلّق باعتمادات لاستكمال مشاريع في جبل لبنان. وأيّده في ذلك النائبان سامي الجميّل وإدي أبي اللمع.

ولم ينزل هذا الاعتراض برداً وسلاماً على قلب الحريري، الذي بَدا غاضباً من إيحاء كنعان بأنّ المشاريع التي سُحبَت لم تمرّ لأنها في جبل لبنان تحديداً، ليُفهم من كلامه أنّ المشكلة مناطقيّة وطائفيّة.

ولذلك، سارعَ الحريري إلى الخروج من الجلسة التي عاد إليها برفقة وزير المال علي حسين خليل، وذلك بعد تدخّلٍ من الأخير وعدد من النوّاب لتهدئته وترطيب أجواء الجلسة.

أبو الحسن

وقال عضو «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن لـ«الجمهورية»، تعليقاً على ما حصل في مجلس النواب: «اننا نتراجع خطوات الى الوراء، وانّ الحالة المذهبية الطائفية تتقدّم في البلاد، وهذا لا يبشّر بالخير». ودعا الى «دَق ناقوس الخطر، لأننا لا نستطيع أن نبني وطناً للأجيال المُقبلة بهذه الروحية والمذهبية والطائفية».

وأشار الى أنّ «بعض الأفرقاء يتربّص بعضهم ببعض، وتحديداً لدى ممارسة رئيس الحكومة صلاحياته بحَجب اعتمادات، حيث جوبِهَ بطريقة أقلّ ما يقال فيها إنها «غير موفّقة» أدّت الى مشاحنات وتوتر في الجلسة».

وسأل: «لماذا الحملة على الحريري طالما أنّ صلاحياته تُتيح له أن يردّ أي مشروع قانون لا يراه مناسباً؟».

ورأى أنّ «هناك فريقاً في البلاد يصوّب «طائفياً» على الجامعة اللبنانية، وهذا ما لاحَظته لدى مناقشة بند احتساب التعويض التقاعدي لأساتذة الجامعة اللبنانية، رغم أنه مطلب اجتماعي مُحق».

ودعا الى عدم «التَلهّي بالانقسام العمودي الطائفي والمذهبي، والتوَحّد لمواجهة المخاطر، فبلادنا تواجه تحديات مالية واقتصادية وإقليمية خطيرة تكاد تودي بها وبكلّ من فيها».

روكز

وتوقّف النائب شامل روكز عند «إيقاف مشاريع استكمال طرق ضمن اعتمادات جديدة قد سَحبها الرئيس الحريري»، آملاً «إعادة بَرمجتها»، ومطالباً بالعودة عن «هذا الخطأ في أقرب جلسة عامة، وبالتالي استكمال الاعتمادات لهذا القرار، علماً أنّه من الممكن أن تبقى العقود سارية المفعول، إلّا أنّ المتعهدين يريدون أموالهم لاستكمال العمل».

وقال روكز لـ«الجمهورية» انّ «الرئيس الحريري يعتبر أنّ هذه الأموال تؤخَذ من الداخل اللبناني بفوائد عالية، بينما المشاريع الأخرى التي أقرّت فتؤخَذ من الخارج بفوائد أقلّ».

وتعليقاً على الاصطفاف الذي حصل، قال: «من الطبيعي أن يكون لنواب المناطق، الذين أوقفوا مشاريعهم، موقف مشترك للدفاع عن مناطقهم».

في نيويورك

وفي نيويورك، التقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وشدّدا على تعزيز التعاون بين لبنان وفرنسا، والتزام توطيد العلاقات وتَفعيل «سيدر». وإذ أكّد عون «أنّ لبنان ماضٍ في الإصلاحات البنيوية لاعتبارات وطنية»، جَدّد ماكرون في المقابل التزامَ بلاده دعم لبنان في المجالات كافة، واعداً بتلبية دعوة الرئيس عون بزيارة دولة للبنان عام 2020 لمناسبة الاحتفال بمئوية لبنان الكبير.

عون وملك الأردن

والتقى عون العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وأفادت المعلومات أنهما عرضا للتجربة التي يعيشها لبنان والاردن على مستوى ملف النازحين واللاجئين السوريين، وطريقة تعاطي المجتمع الدولي مع هذه القضية، والعوائق التي حالت الى اليوم دون العودة الى مناطق سوريّة واسعة طالما انّ الدولة بَسَطت سلطاتها على مساحات واسعة من أراضيها.

وتم الإتفاق على تنسيق المواقف لمواكبة التطورات الدولية، والسعي لكسب التأييد المطلوب لتسهيل برامج العودة وتدارك مخاطر النزوح على البلدين. كذلك تم التفاهم على أهمية بَذل الجهود لضَمّ كلّ من العراق وتركيا الى هذه الجهود المشتركة، في اعتبارهما من دول الجوار السوري ومَعنيّان بكل ما يجري على اراضيهما، نتيجة الوضع في سوريا والتطورات العسكرية والسياسية المتقلبة رغم فقدان الأمل باقتراب الحلول السياسية.

وقبل القمة اللبنانية ـ الأردنية عُقد اجتماع وزاري رباعي ضَمّ وزراء خارجية العراق، الاردن، لبنان وتركيا، بناء على مبادرة مشتركة لوزيرَي خارجية لبنان وتركيا، وتمّ الاتفاق على تشكيل لجنة خبراء مهمتها إعداد ورقة عمل مشتركة ‏ليبحثها الوزراء، وليتشاوروا في شأنها مع الدول والجهات المعنية بملف النازحين السوريين، وكان الاتفاق تامّاً على مبدأ العودة كحل نهائي وحيد لهذه الأزمة.

المحكمة

من جهة ثانية، أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس قراراً باللجوء إلى طريقة بديلة، بما فيها الإعلان العام، لتبليغ قرار اتهام المسؤول في «حزب الله» سليم عياش، في اعتداءات عدة، الى جانب محاكمته غيابيّاً بتهمة المشاركة في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وذكر موقع المحكمة الإلكتروني أنّ هذا القرار «يأتي عقب استنتاج رئيسة المحكمة بأنّ السلطات قامت بمحاولات معقولة لتبليغ المتهم في هذه القضية تبليغاً شخصيّاً، وأنّ هذه المحاولات لم تنجح حتى الآن».

ووفق الموقع، دعت المحكمة عيّاش إلى تسليم نفسه، وانّ رئيستها

القاضية إيفانا هردليشكوفا أوعَزَت إلى السلطات اللبنانية «أن تَخطو كل الخطوات المعقولة لإعلام الجمهور العام بوجود قرار الاتهام».

وقال الموقع إنّ «المطلوب من السلطات اللبنانية ورئيس قلم المحكمة أو كليهما الإبلاغ بنتائج جهودهما».

تَململ وقلق

وعلى صعيد الاوضاع الاقتصادية والمالية، وفي خطوة وصفت بأنها «بالغة الأهمية تهدف الى كسر الجمود القائم في أسواق النقد الأجنبي»، على ما قالت مصادر مصرفية لـ«الجمهورية»، أكّد مصرف لبنان، في بيان له أمس، أنه سيُصدر تعميماً الثلاثاء المقبل ينظّم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الاميركي، وذلك بعد مراجعة رئيس الجمهورية فور عودته نهاية الأسبوع ورئيس الحكومة والوزراء المختصّين.

وتأتي هذه المبادرة، في وقت بدأت حالات التَململ في القطاع الخاص حيال هذه الاوضاع تَطفو الى السطح. وارتفعت صرخات الاحتجاج، بل الاستغاثة لدى قطاعات تُحذّر من الأعظم.

في هذا السياق، حذّرت الهيئات الاقتصادية، بعد اجتماع طارئ برئاسة الوزير محمد شقير، «من الانهيار الذي يدقّ الأبواب». ودعت «السلطة السياسية لأن تكون لديها الجرأة في الدخول الى الملفات الأساسية ذات التأثير السلبي الكبير على الوضعين المالي والاقتصادي، واتّخاذ إجراءات جذرية لمعالجتها».

وشدّدت على أنّ «العلاج الحقيقي يكمن في إعادة هيكلة القطاع العام وخفض نفقاته، وهذا الموضوع يجب أن يكون على رأس أولويات السلطة، فضلاً عن وقف التهريب، وإنهاء الاقتصاد غير الشرعي ومعالجة ملف الكهرباء ومكافحة الفساد».

وأكدت أنّ «حجم القطاع العام هو أصل البلاء، وأنّ إزالة الوَرم فيه هو أمر لا مفرّ منه».

في هذا السياق، أوضح نائب رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان محمد لمع لـ«الجمهورية»، انه «لا يجوز بعد اليوم التغاضي عن إعادة هيكلة القطاع العام أو معالجة الكهرباء أو وقف الهدر…».

وذَكّر بأنّ «الهيئات سَبق لها وحذّرت مراراً من عواقب إقرار سلسلة الرتب والرواتب، تجنّباً للأوضاع التي وصلنا اليها اليوم». وكشف «أنّ رئيس الهيئات الإقتصادية راجَعَ حاكم مصرف لبنان في وضع السوق وأزمة الدولار والنقص في السيولة، وقد نقل عن سلامة تخوّفه من استنزاف العملة الصعبة إذا ما أفرج عن احتياطاته، على غرار ما حصل في الثمانينات».

أزمة طحين

في سياق متصل، ودائماً بسبب أزمة شح الدولار، كشف تجمّع المطاحن في لبنان أنّ فارق أسعار الصرف، بين السوق الرسمي والسوق السوداء، بدأ يؤثر سلباً على استمرار عمل المطاحن التي تبيع نتاجها من الطحين بالليرة اللبنانية.

الجمهورية

عن WB