مجلة وفاء wafaamagazine
لم يخيّب منتخب لبنان لكرة السلة آمال الجمهور اللبناني الكبير الذي تابعه خلال النافذة الثالثة من التصفيات المؤهلة إلى بطولة آسيا، المقرّرة في العاصمة الأندونيسية جاكرتا بين 16 و28 آب المقبل. لبنان حقق فوزين كبيرين على كل من البحرين والهند (102 ـ 87) و (99 ـ 71) توالياً خلال نهاية الأسبوع الماضي، ليؤكّد أنه رغم كل الصعوبات والمشاكل التي تمرّ بها البلاد، يبقى اللاعب اللبناني الرقم الصعب، ولا يجب حرمانه من البطولة والنشاط السلوي
بغياب أبرز عناصره وعلى رأسهم وائل عرقجي وعلي حيدر، إضافة إلى اللاعب المجنس آتير ماجوك، عاد المنتخب اللبناني لكرة السلة من العاصمة البحرينية المنامة بالعلامة الكاملة بعد فوزين كبيرين، شكلاً ومضموناً، على المنتخبين الهندي والبحريني. لبنان قبل خوضه النافذة الثالثة كان قد ضمن تأهله إلى النهائيات الآسيوية، إلا أنّه وبعد آخر فوزين، يكون قد ضمن صدارة المجموعة بستة انتصارات من ست مباريات مع 12 نقطة.
حقق لبنان المطلوب، وكسب لاعبين مميزين خلال هذه النافذة أبرزهم جيرارد حديديان، الذي قدم مستوى أكثر من مميّز تحت السلة، وأثبت أنه على قدر الثقة التي أعطاه إياها المدرب جو مجاعص، في وقت غاب حيدر وماجوك. ومن اللاعبين المميزين أيضاً الذين تركوا بصمة كبيرة خلال هذه النافذة هم سيرجيو الدرويش وجوزيف الشرتوني وعلي منصور وكريم عز الدين…
ما هو مهم، أن المنتخب اللبناني حقق هذا الإنجاز في وقت تعيش كرة السلة اللبنانية أسوأ أيامها. صحيح أن المنافسين ليسا على مستوى عالٍ فنيّاً، وأن لبنان لطالما نافس كبار القارة الصفراء كالصين وكوريا الجنوبية، إلا أن واقع كرة السلة في لبنان اليوم، يجعل ما تحقق إنجازاً لا يجب الاستهانة به، بل ويجب البناء عليه في المستقبل القريب جداً.
توقف دوري كرة السلة في لبنان بعد أحداث السابع عشر من تشرين الأول عام 2019، وتحديداً في التاسع عشر من ذلك الشهر. طوال هذه الفترة لم تُلعب مباريات محلّية، فيما شارك لبنان بمباريات التصفيات الآسيوية. لعب المنتخب مباراته الأولى خلال التصفيات، مع العراق في 21 شباط/ فبراير عام 2020، فيما كانت مباراته الأخيرة قبل ثلاثة أيام أمام الهند. ست مباريات حقّق خلال العلامة الكاملة، وخاضها بلاعبين غالبيتهم لم يشاركوا في أي تمارين مع أنديتهم طوال سنة ونصف تقريباً.
واقع كرة السلة في لبنان اليوم يجعل ما تحقّق إنجازاً لا يجب الاستهانة به
التظاهرات الشعبية، وبعدها الأحداث الأمنية والتطورات الميدانية أوقفت الدوري اللبناني لكرة السلة، ثم جاءت بعدها الأزمة الاقتصادية والنقدية والمصرفية، وأخيراً جائحة كورونا، لتقضي على ما تبقى من أمل لعودة المنافسات.
الاتحاد اللبناني للعبة حاول مراراً إعادة إطلاق النشاط، إلا أن الأزمة كانت كبيرة، خاصة على الأندية التي واجهت ضائقة مالية هائلة. اتُّخِذَ القرار بعدها بوقف التعاقد مع لاعبين أجانب، بسبب عدم توفر الدولار الأميركي، وبعدها لجأت الأندية إلى تخفيض أجور لاعبيها المحليين، إلا أن كل هذا لم يشفع لإعادة إطلاق الدوري. كان الموعد الأول لانطلاق البطولة في 15 تشرين الثاني 2020، ومن ثم تأجل إلى 16 كانون الثاني 2021، وبعدها تم تمديد هذا الموعد إلى 7 شباط، ولكن الإقفال العام بسبب تفشي فيروس كورونا، جعل الموعد الجديد لانطلاق الدوري في الخامس من آذار المقبل.
اللاعبون اللبنانيون يمنّون النفس بانطلاق البطولة من أجل العودة إلى الملاعب. كثيرون تركوا كرة السلة إلى غير رجعة، بينهم شارل تابت ودانيال فارس وإيلي شمعون… إلا أن العدد الأكبر يريد العودة إلى الملاعب حتى ولو براتب أقلّ بكثير مما كان يتقاضاه سابقاً. وائل عرقجي وعلي حيدر وآتر ماجوك وعدد قليل آخر من اللاعبين تمكّنوا من التوقيع مع أندية خارج لبنان، سواء في الخليج أو شمال أفريقيا، إلا أن العدد الأكبر من اللاعبين الشباب يتدربون منفردين بانتظار عودة المنافسات. هؤلاء هم الذين قادوا المنتخب إلى إنجازه الأخير بمعدّل أعمار بلغ 24 سنة، رغم أنهم لم يتدرّبوا سوى 4 أيام قبل السفر إلى المنامة. اللاعب اللبناني أكد مجدّداً أنه من الأفضل في آسيا. ليس سهلاً أبداً على لاعبين لم يشاركوا في أي مباراة منذ سنة ونصف أن يتصدّروا مجموعة في التصفيات الآسيوية بلا أيّ هزيمة، وأمام منتخبات تضمّ لاعبين يشاركون في بطولاتهم المحلية مع أنديتهم، كما أن هذه المنتخبات تضم لاعباً مجنساً أيضاً.
الاتحاد اللبناني لكرة السلة أكد أن تاريخ 5 آذار هو النهائي لانطلاق البطولة، خاصة أن المنتخب تنتظره النهائيات الآسيوية الصيف المقبل، وبالتالي يجب أن يكون جميع اللاعبين على جهوزية فنيّة وبدنيّة.
بعثة المنتخب وصلت مساء أمس إلى لبنان. لاعبون صغار السن، وجهاز فني لبناني يضم المدرب جو مجاعص ومساعده جاد الحاج. إنجاز مهم لكرة السلة اللبنانية، ورسائل وُجّهت إلى كل من يعنيه الأمر، أن كرة السلة اللبنانية لا يجب أن تموت، وينبغي حماية اللاعب اللبناني كونه هو أساس اللعبة، والمستقبل يبقى للاعبين اللبنانيين الذين يجب الاهتمام بهم، لإعادة لبنان إلى الواجهة الآسيوية. لبنان الذي هزم كبار القارة وعلى رأسهم الصين، كما شارك في بطولات كأس العالم للكرة البرتقالية أعوام 2002 ـ 2006 و2010، لا يجب أن يبقى من دون كرة سلة، كما أن لاعبيه صغار السن لا يجب أن يبقوا من دون تدريبات، حتى لا يلجأوا إلى ترك الملاعب المقفلة، كما فعل زملاؤهم الذين وجدوا أنفسهم بعد سنوات من العطاء «عاطلين عن اللعب»، وبالتالي عاطلين عن العمل.
الاخبار