مجلة وفاء wafaamagazine
اجتاز عبد الحميد دبيبة عقبة تشكيل حكومته بعد مخاض اعترضته اشتراطاتٌ متضادّة، لكن عقبات أخرى بدأت تظهر أمامه في مرحلة انتزاع الشرعية لتشكيلته المُقدّمة أمس إلى رئيس البرلمان، وخصوصاً في ظلّ الخلافات المستمرّة على مكان انعقاد جلسة الثقة
سَلّم رئيس الوزراء الليبي الجديد، عبد الحميد دبيبة، قائمة حكومته المرتقبة إلى رئيس مجلس النوّاب، عقيلة صالح، في خطوة تندرج في إطار المسار الأممي الأوّلي الذي يُفترض بموجبه أن تحصل الحكومة الجديدة على ثقة البرلمان. جاء ذلك في وقت دعا فيه صالح، مجلس النوّاب، إلى الانعقاد في مدينة سرت يوم الاثنين المقبل، في جلسة تواجه اعتراضات كثيرة، سواء من معارضي صالح الراغبين في انعقاد البرلمان في طرابلس، أو معارضي دبيبة الداعين إلى انتظار التقرير الأممي حول شبهات رشى في انتخابات «ملتقى الحوار السياسي» ــــ الذي أوصل الرجل إلى رئاسة الحكومة ــــ، والمفترض صدوره يوم 15 آذار/ مارس الجاري، للتأكُّد من عدم تورّط دبيبة في دفع رشى للناخبين من أجل التصويت لقائمته، الأمر الذي لم يلقَ اهتماماً كبيراً، ولا سيما في ظلّ السعي الأممي إلى استكمال خريطة الطريق. ولا تُحبّذ البعثة الأممية انتظار التقرير المتعلّق بشبهات دفع مبالغ مالية تراوحت بين 200 ألف و500 ألف دولار للصوت الواحد في «ملتقى الحوار» من أجل التصويت لقائمة دبيبة الانتخابية في الجولتَين الأولى والثانية. وكان رئيس الوزراء المكلّف، ومعه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، قد دعَوَا الأمم المتحدة إلى الإسراع في كشف نتائج التحقيقات، متوعّدَين بمحاسبة كلّ مَن يَثبت تورُّطه في مخالفات فساد بعد تسلّمهما مقاليد السلطة.
وبعد يوم واحد من زيارة صالح للقاهرة للقاء مسؤولين في المخابرات المصرية وأجهزة سيادية أخرى معنيّة بالوضع في ليبيا، استقبل رئيس البرلمان الليبي، رئيس الوزراء المكلّف، الذي سَلّمه قائمة بالأسماء المقترحة لتولّي الحقائب الوزارية، والتي سيطلب من النوّاب التصويت عليها، وسط دعم أممي لانعقاد جلسة البرلمان في موعدها، والتغاضي عن أيّ عوائق محتملة تواجه ذلك. ولم يتّضح، بشكل نهائي، ما إذا كانت اللجنة العسكرية «5 + 5» قد أكدت قدرتها على تأمين انعقاد الجلسة في موعدها من عدمه. وبينما يدعو العديد من النوّاب إلى طرح مسألة سحب الثقة من رئيس البرلمان خلال الجلسة، يدفع صالح في اتّجاه الالتزام بجدول الأعمال المتّفق عليه فحسب. كذلك، تواجه السلطة الجديدة عقبات من جانب حكومة «الوفاق»، بدءاً من رئيسها فايز السراج الذي دعا الجهات الرسمية إلى عدم التعاون مع الحكومة المُكلَّفة إلى حين تسلُّمها السلطة، مروراً بنائب رئيس المجلس الرئاسي المنتهية ولايته أحمد معتيق الساعي إلى إعلان توحيد مؤسّسات الدولة، وصولاً إلى وزير الداخلية فتحي باشاغا الذي يحاول البقاء لأطول وقت ممكن في السلطة بعد خسارته منصب رئيس الحكومة في الانتخابات لمصلحة دبيبة.
وصلت إلى طرابلس طليعة فريق المراقبين الدوليين والتي تضمّ 10 مدنيين غير مسلّحين
في المقابل، وفي إطار الدعم الدولي للمسار السياسي، زار المبعوث الأممي إلى ليبيا، يان كوبيتش، موسكو، أمس، حيث التقى وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وعدداً من مساعديه، حاصداً دعماً روسياً لجلسة مجلس النواب الليبي المرتقبة. كما ناقش كوبيتش مع المسؤولين الروس سبل التعاون خلال الفترة المقبلة في ما يتعلّق بالمسار العسكري، وهو ما يُمثّل جوهر زيارته التي تُختَتم اليوم. في هذا الوقت، وصلت إلى طرابلس طليعة فريق المراقبين الدوليين، والتي تضمّ 10 أشخاص مدنيين غير مسلّحين (بحسب قرار إرسالهم الذي وافق عليه مجلس الأمن الشهر الماضي) يُفترض أن يبدأوا مهمّة الإشراف على وقف إطلاق النار، على أن تصل دفعة أخرى منهم قريباً. واستُهلّت المهمّة بلقاء أعضاء اللجنة العسكرية في طرابلس، لمناقشة آلية عملهم ومواقع وجودهم، بما يضمن التأكُّد من الوقف الكامل لإطلاق النار، والالتزام ببنود الاتفاق المُوقّع في جنيف في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وهو ما يُتوقَّع أن يؤدّي إلى وقف الخروقات، وفتح الطرق المغلقة أمام المواطنين في مختلف أنحاء ليبيا. كذلك، يُفترض أن تقوم طليعة المراقبين بزيارة سرت ومصراتة وبنغازي خلال الأيام المقبلة، في جولة تستمرّ نحو شهر، من أجل تحديد آليات العمل ومواقع المراقبين وأماكن وجودهم وغيرها من التفاصيل. وسيكون المراقبون معنيّين، أيضاً، بإيجاد آلية لإخراج المرتزقة من ليبيا (قدّرت الأمم المتحدة أعداد هؤلاء بأكثر من 20 ألفاً)، وتطبيقها في أسرع وقت ممكن، ولا سيما مع انتهاء مهلة إخراجهم المتّفق عليها في اتفاق وقف إطلاق النار، والعدول عن قرار تمديدها.
على خطّ موازٍ، وبينما يُعوَّل على الحكومة الجديدة لتحسين الخدمات والمرافق، أعربت مجموعة العمل الاقتصادية المعنيّة بليبيا، والتي تضمّ مصر والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، أمس، عن قلقها من وضع قطاع الكهرباء بسبب غياب الإصلاحات العاجلة، والذي يجعل البلاد أمام كارثة حقيقية مع بداية الصيف المقبل، فضلاً عن غياب المخصَّصات المالية لمجالات ملحّة، في مقدّمتها مواجهة تبعات جائحة كورونا، بالإضافة إلى سداد مرتّبات الموظفين، وتأمين التمويل اللازم لاستمرار المؤسّسة الوطنية للنفط في العمل.
الاخبار