الرئيسية / محليات / علي الخطيب دعا الى تأليف حكومة قبل “خراب البصرة” : زيارة البابا الى العراق رسالة الى شعوب المنطقة للتعاون والتفاهم

علي الخطيب دعا الى تأليف حكومة قبل “خراب البصرة” : زيارة البابا الى العراق رسالة الى شعوب المنطقة للتعاون والتفاهم

مجلة وفاء wafaamagazine

وجه نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب رسالة الجمعة، قال فيها: {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملآئكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}.

“هذه آية من كتاب الله تعالى من جملة آيات أخرى توضح نظرة الإسلام الشمولية والاستيعابية المنفتحة وغير المحدودة أو المنغلقة، خصوصا بالنسبة لأتباع الديانات الأخرى والذي لا يقتصر على اعتبار الايمان بالأنبياء جميعا جزءا من الإيمان الإسلامي، وإنما يتعداه الى رسم العلاقة بين المسلمين وبين أتباع الديانات الأخرى بنحو إيجابي، والقرآن الكريم حينما يتحدث عنهم ويشير اليهم بتعبير أهل الكتاب، إنما يريد تحقيق أهداف متعددة منها إشعارهم بالمسؤولية التي تحملهم إياها كتبهم وأديانهم وأنبياؤهم ومنها عدم النظر الى الدين الإسلامي نظرة عدائية، وأن الأديان في حقيقتها واحدة جاءت لتتكامل وتؤدي دورا وهدفا واحدا في خدمة الإنسان وصلاحه وخيره كما جاء في آية أخرى :{ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين}، { إن الدين عند الله الإسلام }، وأن الأنبياء جميعا يؤدون وظيفة واحدة وأن محمدا هو واحد منهم يكمل ويتم ما بدأه أسلافه من الأنبياء، فليس هو بدعا من الرسل، وبالتالي لم يأت بشيء غريب عما أتى به الأنبياء الذين سبقوه، فلا يبقى أن يكون لديهم مشكلة معه او مع دينه ويتحولوا الى أعداء يواجهونه، ولأنه لم يأت لإجبارهم على الاعتقاد به، وأنه بدل مواجهته وقمعه يدعوهم الى الحوار :{ قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}، وإنما جاءت هذه الدعوة الى الحوار جوابا على ردة الفعل التي صدرت عن أتباع الديانات الأخرى واتخاذها موقف العداء من الإسلام كدعوة جديدة، فأراد أن يهدأ النفوس ويمهد الأرضية للفهم والتفاهم للوصول الى الحقائق في جو من الهدوء وعدم فسح المجال للمغرضين الذين إما تعصبا أو خوفا من تضرر مصالحهم، أرادوا أن يعبثوا بالأرض ويواجهوا الدعوة الجديدة بإثارة المخاوف والتشكيك بالنيات وإعطائها بعدا ماديا مصلحيا، وخلط الأمور بإثارة العصبيات، فالإسلام لم يكن بحاجة لإثارة الحساسيات والعصبيات وهو القادم الجديد، فليس من مصلحته أن يسلك هذا السبيل، بل العكس هو الصحيح، فهو بحاجة الى الهدوء والسكينة لكي يتمكن من التأثير في المجتمع والا يثير المخاوف والعصبيات، مما يؤدي بالتالي الى تجميع القوى المخالفة في وجهه”.

أضاف الخطيب:” ومن جملة هذه الخطوات التي اتبعها ان وجه المؤمنين به والعاملين على صعيد الدعوة اليه الى استخدام الحكمة والموعظة الحسنة، قال تعالى :{ ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين} ، ومنها أسلوب تقريب اتباعه من أهل الكتاب وعدم النظر اليهم كأعداء وعدم تحريم التعاطي معهم، قال تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين}. بل استخدم القرآن الاسلوب الذي يقرب القلوب بين المسلمين والنصارى بالأخص ” ولتجدن أكثرهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى”. وهذه الآية تدعو المسلمين والمسيحيين الى التعاون بين الفئتين.

وهذا لم يكن فقط لهدف سياسي يراد منه إدخالهم في الإسلام، بل لخلق أجواء مواتية للتعاون بين أتباع الديانتين في مواجهة العدوانية الصهيونية و لإيجاد مشاريع مشتركة بهدف الحفاظ على القيم الأخلاقية والإنسانية وتحقيق مصالح إنسانية مشتركة وعامة كمواجهة الظلم ونصرة المظلومين وتحقيق العدالة والسلام بين الشعوب والأمم ونصرة الشعوب المستضعفة لما فيه من خير وتقدم البشرية، ومن هذا المنطلق نتطلع الى بناء علاقات وثيقة بين المؤمنين من أصحاب الديانتين سواء على الصعيد الداخلي في المجتمعات المتنوعة كما في لبنان، او على صعيد العلاقات الخارجية، ونحن إذ نرى وجود جهود حثيثة وجبارة تبذل إعلامية وغير إعلامية لخلق العصبيات والانقسامات الطائفية في المجتمعات الوطنية أو بين الدول المختلفة وخصوصا ما يحدث على صعيد المنطقة العربية والإسلامية وبالأخص على صعيد لبنان، ويتعدد هذا السيناريو في فترات مختلفة ينتج عنها حروب أهلية او مشاكل اقتصادية، تحاول بعض القوى الداخلية والخارجية اعطاءها صبغة طائفية، لا نشك في وجود أيد خارجية او داخلية متآمرة مرتبطة بالخارج او غير مرتبطة، وإنما لمصالح فئوية او حزبية او شخصية تعطي الطابع الطائفي ويصاحبها إعلام يوجه السهام المغرضة للدين بهدف اضعاف العامل الديني والأخلاقي في مجتمعاتنا ليسهل على هذه القوى أن تتلاعب بالساحة لتحقيق أغراضها اللاأخلاقية الدنيئة، ولذلك فإن وظيفة القيادات الدينية تقوية اللحمة الوطنية والحفاظ على القيم الأخلاقية وعدم ترك الساحة للدخلاء الذين يجدون في هذا الفراغ فرصتهم المواتية لتحقيق مآربهم التي أدت وتؤدي الى مزيد من التفسخ الوطني الداخلي والاهتراء الاقتصادي وجعل بلداننا رهينة لمطامع الطامعين والأعداء المتربصين وعلى رأسهم العدو الإسرائيلي الذي لا يكل ولا يمل عن التخطيط لإضعاف الدول العربية والإسلامية المجاورة وبالأخص للبلدان التي تشكل خطرا وجوديا على كيانه وعلى رأسها لبنان وسوريا والعراق وايران”.

وتابع الخطيب :وإننا نود ان نرى في مبادرة البابا في زيارته للعراق الشقيق ولقائه بالمرجعية الإسلامية في النجف الاشرف المتمثلة بآية الله العظمى السيد على السيستاني اضفاء للانطباع الإيجابي على صعيد العلاقات الإسلامية المسيحية والتوافق على العمل المشترك من أجل اطلاق مبادرات تساهم في إشاعة أجواء المحبة والتعاون بين أبناء الديانتين وإشاعة أجواء السلام الدولي ومواجهة التطرف واستخدام التطرف الديني كوسيلة لتحقيق أغراض سياسية استعمارية.كما نرى في هذه الزيارة رسالة الى شعوب المنطقة وخصوصا الى اللبنانيين ومرجعياتهم الدينية الإسلامية والمسيحية، ودعوة الى التعاون والتفاهم من اجل تعزيز الوحدة الوطنية وعدم الانجرار الى مواقف سياسية متشنجة ومتطرفة وصب الزيت على النار والعمل بدلا من ذلك على اراحة الجو العام وتقريب وجهات النظر بين الأطراف السياسية المختلفة. ونحذر من بعض الخطابات التي تؤلب اللبنانيين بعضهم على بعض فتسيء عن قصد او عن غير قصد للوظيفة الدينية الموكلة اليها، كما نحذر من تبعات بعض الردود السلبية التي تستغل من بعض القوى من أجل الإساءة او اثارة الفتنة وعدم اقتناص الفرص من أجل تسجيل مواقف شعبية تسهم في اشعال الفتن المذهبية”.

ورأى الخطيب “أننا اليوم أشد حاجة للتأكيد على الوحدة بين جميع ابناء الاسر الدينية اللبنانية وبين جميع المواطنين حتى نستطيع استعادة الثقة ببعضنا البعض اولا ، والحفاظ على الوطن المهدد بالزوال طالما استمر الخطاب الديني يسير في خدمة الخطاب السياسي المثير للانقسام الوطني خدمة لمصالح فئوية او حزبية او طائفية، وهي بالطبع تفسح المجال للتدخلات الخارجية التي ستعمل انطلاقا من تحقيق مصالحها على حساب المصالح الوطنية”.
وقال:”لقد اصبحت أوضاع المواطنين تثير الشفقة نتيجة السياسات الخاطئة والمستمرة الناتجة عن الأنانية التي وصلت الى حد الاستهتار بمصير الوطن والمواطنين وما يعانيه المواطن من الفقر والمرض، وبدل ان يدفع ذلك الى التكاتف والتعاون لإيجاد الحلول المناسبة يدفع البعض الى المزيد من العناد واختراع الحجج الواهية لعدم الوصول الى تفاهمات سياسية تفضي الى تأليف حكومة وتعطي الامل للمواطنين الذين يعانون من وطأة الازمات الخانقة على كل الصعد بحل قريب مما يخفف من الامهم التي تدفعهم في حق الى التعبير عن غضبهم من هذا الاستهتار الذي هو جريمة في حقه وفي حق الوطن”.

أضاف:”واذا كان كل ذلك من الانهيار الاقتصادي والمالي والصحي بل الخوف من الانهيار الامني لم يدفع بعض السياسيين وبعض القوى السياسية الى استشعار الخطأ والعودة الى ضمائرهم ان بقي لديهم من ضمير فإن ذلك يعني الدفع بالمواطنين الى اليأس والبلاد الى الخراب ولات حين مندم. لذلك ندعو وبإلحاح الى الخروج من حال المراوحة واللعب على حافة الهاوية وقد اصبحنا في الهاوية وايجاد حل سريع يؤدي الى تأليف حكومة قبل خراب البصرة”.

وختم الشيخ الخطيب:”ونحن اذ نجدد استنكارنا جريمة تلويث البيئة في لبنان التي تضاف الى جرائم العدو الصهيوني في سرقة ثرواتنا المائية والنفطية وانتهاك السيادة الوطنية في البر والجو فإننا نطالب وزارة الخارجية بتقديم شكوى عاجلة ضد الكيان الصهيوني لارتكابه جريمة بيئية ضد ثرواتنا المائية والزامه بدفع تعويضات على الأضرار التي الحقها بالبيئة ، كما ونحيي الجهود المباركة لكل الهيئات والجمعيات التي تطوعت مشكورة لتنظيف الشاطئ اللبناني.كما، ونحذر اللبنانيين والمقيمين والوافدين من الاستهتار باتخاذ الاحتياطات الضرورية للحد من تفشي جائحة الكورونا التي أدخلت وطننا في دائرة الخطر الشديد مع استمرار ارتفاع اعداد الوفيات من فئات عمرية متعددة، وعدم انخفاض اعداد المصابين في ظل عدم قدرة مستشفيات لبنان على استيعاب هذه الاعداد الكبيرة مما ينذر بكارثة جديدة اذا استمر الاستهتار بالارشادات الطبية الوقائية، وعلى الأجهزة الرسمية التشدد في إجراءاتها الردعية للحد من تفشي الوباء ، ونحن نستنكر بشدة التعرض للجسم الطبي والتمريضي، فهؤلاء الابرار الذين يتقدمون الصفوف الامامية في معركة مكافحة جائحة الكورونا معرضين انفسهم للخطر يستحقون منا كل تقدير وتكريم ولا يجوز الإساءة اليهم والتعرض لهم”.

عن H.A