الرئيسية / سياسة / “جلسة التفاح” تغطِّي عجز السلطة… وتُحمِّل الإعلام مسؤولية الأزمة

“جلسة التفاح” تغطِّي عجز السلطة… وتُحمِّل الإعلام مسؤولية الأزمة

الجمعة 04 تشرين الأول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

لم تجد السلطة أفضل من التفاح لستر عورة تقصيرها وعجزها عن معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية والمعيشية، حيث استحضرت صناديق التفاح الى طاولة مجلس الوزراء بغية الترويج لهذه الفاكهة، كون موسمها مهدّد بالكساد والفساد كما حصل في السنة الفائتة وما قبلها، حين عجزت الحكومات السابقة عن تأمين أسواق عربية وأجنبية لتصدير التفاح اللبناني إليها. لكنّ «جلسة التفاح» هذه، إذا جاز التعبير، لم تُثمن ولم تغنِ من جوع، فجاءت نتائجها تصويباً على الاعلام وتحميله المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية والمالية…

على عكس التوقعات التي سبقت جلسة مجلس الوزراء من أنها ستشهد فتوراً بين مكونات الحكومة، خصوصاً بعد كلام رئيس الجمهورية ميشال عون عن أنّ «الحكومة كانت غائبة عن الوعي» خلال زيارته إلى نيويورك الاسبوع الماضي، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» انّ رئيس الحكومة والوزراء لم يتناولوا هذه التصريحات خلال الجلسة، وانّ رئيس الجمهورية شَدّد خلالها على «حرية التعبير»، قائلاً: «حرية التعبير على راسنا كما اننا نؤيّد حرية التظاهر ولا مشكلة في ذلك، لكن غبنا كم يوم لْقِينا البلد مشَربَك ومشَوّش، صحيح أنّ الازمة الإقتصادية كبيرة والتظاهر مسموح، لكنّ أعمال الشغب غير مسموحة».

وأضاف: «تعرّضتُ في حياتي لانتقادات جارحة كثيرة ولم أكن أهتم للأمر، لكنني اليوم رئيس الدولة وأمثّل هَيبتها. النقد لا يساوي الشتيمة، فإذا كان النقد خاطئ يجب إحالته الى محكمة المطبوعات، وأمّا الشتيمة فتعالج بقانون العقوبات، وهذا الامر مسموح وكل بلدان العالم تسعى إلى تنظيم هذا الامر، وليس مقبولاً مهاجمة الليرة أو إطلاق شائعات في حق المصارف، لأنّ هذا الامر أدّى سابقاً إلى انهيار بنك «أنترا». لذلك، هناك مسؤولية علينا ولا نقبل ان تهدد الشائعات الاستقرار الداخلي».

وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ عون سأل أين أصبح قانون ديوان المحاسبة بالتدقيق بقطوعات الحساب؟»، فأجابه وزير المال علي حسن خليل: «في موازنة 2019، تمّ السماح لديوان المحاسبة بملء الشواغر والاستعانة بشركات تدقيق محليّة ودولية، للاسراع في التدقيق».

وطلبَ عون من وزير الداخلية ريا الحسن تقريراً عمّا حصل الأحد الفائت، لافتاً الى أنّ الأجهزة الأمنية لم تبلغه شيئاً، وقال: «كان من المفروض أن تعلمنا، لذلك أنتظر منك تقريراً مفصّلاً».

كذلك تحدث الحريري (الذي بَدا في مزاج جيّد) عن القضية التي رفعتها الفنانة العالمية مادونا في حق صحيفة بريطانية بتهمة «القدح والذم»، وقد ربحتها، وكان التعويض بملايين الدولارات ما أدّى إلى إفلاس الصحيفة وإقفالها. وهنا تدخّل وزير الصناعة وائل أبو فاعور مُمازحاً، فقال: «إن شاء الله بتصير قيمِة الحكومة قد قيمِة مادونا دولة الرئيس».

ومن جهته قال الحريري: «إنّ وضع الإعلام بحاجة الى معالجة، وقانون المطبوعات بحاجة الى تطوير»، فتدخّل وزير الاعلام، وقال: «هناك قانون في لجنة الإدارة والعدل، وقد تكلّف فريق عمل بوضع صيغة لتحديد من هو إعلامي ومن هو غير إعلامي، والتشديد على احترام أصول المهنة وآدابها».

وردّ رئيس الجمهورية: «الصحف والمجلات يطبّق عليها قانون المطبوعات، لكنّ المرئي والمسموع يحتاج الى قوانين، وكذلك التواصل الاجتماعي».

وقالت الوزيرة شدياق: «اذا كان هناك من تعديل للقانون، فنحن نتحفّظ عن حرية الصحافة، ونتحفّظ عن كلّ إجراء ضدّ الحريات».

وإذ رفض الوزير ريشار قيومجيان «المَساس بهيبة الرئاسة»، مُعترضاً على «الشتم وأعمال الشغب وتلفيق الأخبار، ولكن مع ضمان حقّ التظاهر ضمن القوانين».

رفض وزير المال علي حسن خليل، بدوره، «أي تعرّض لشخص رئيس الجمهورية»، وقال: «جميعنا منخرطون في معركة واحدة عهداً وحكماً وحكومة لمواجهة التحديات». وأضاف: «هناك من يسعى إلى ضرب أركان النظام اللبناني، عبر شَنّ حملة على الدولة، وهذا أمر يمسّ بالاستقرار، ومن غير المسموح السكوت عنه».

وبدوره، قال الوزير جبران باسيل: «لا مساس بحرية الاعلام، لكننا ندعو الى معالجة ما حصل بجديّة». وانتقد الشائعات التي أثّرت سلباً على الاستقرار المالي والنقدي، وشدّد على أهمية الاصلاحات في الموازنة، داعياً الى تضمين مشروع الموازنة إصلاحات بنيوية، ومصارحة اللبنانيين بما يجري، وتقديم موازنة يرتاحون اليها. وقال: «نحن نشترط أن تقرّ الاصلاحات والكهرباء مع الموازنة».

«مسرحية» شقير!

ووجد وزير الاتصالات محمد شقير فرصة للكلام في مجلس الوزراء، ليردّ على «لجنة الاتصالات النيابيّة» التي لا يحضر اجتماعاتها وتهاجم فريقه السياسي، مطالباً مجلس الوزراء بـ»مَد يد العون» لإيقاف اجتماعات اللجنة، التي وصفها بـ«المسرحيّة».

وأشار إلى أنّ «عمر هذه اللجنة 3 أشهر، وصارت تستدعي العاملين في شركتي «أم تي سي» و«ألفا» لتوجّه اليهم الإهانات و«تُبَهدلهم» وتدخل معهم في تفاصيل كموضوع التردّدات، وهي أساساً لا تدخل ضمن صلاحيتها، بدلاً من تحسين أوضاع المؤسسات»، متسائلاً: «هل انّ هاتين المؤسستين تجنيان المال الذي تجنيه المؤسسات في البلدان الأخرى، والذي لا يعد بالمليارات، كـ«أوراسكوم للاتصالات» مثلاً؟».

وردّ رئيس الجمهوريّة مؤكداً أنّ «هذا الموضوع ليس من صلاحيّات مجلس الوزراء، خصوصاً أنّ لدى مجلس النوّاب حصانة ونحن لا نستطيع الضغط عليه».

التعامل بالليرة

ثمّ بدأ النقاش بجدول أعمال مجلس الوزراء، وأقرّ مجلس الوزراء جدول أعماله كاملاً باستثناء البند 14، وهو اقتراح قانون حول السلطة القضائية في اعتبار أنّ وزير العدل مكلّف بإعداد مشروع قانون حول السلطة القضائية.

وأثار رئيس الجمهورية ضرورة البحث في مسألة التعامل بالليرة اللبنانية وفق ما تنصّ عليه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء، فتحدّث وزير الاقتصاد منصور بطيش لافتاً الى أنّ النصوص القانونية تُلزم بالتداول بالعملة اللبنانية، وأنّ المادة 192 من قانون النقد والتسليف تنصّ على فرض عقوبات على من يمتنع عن قبول العملة اللبنانية.

ودعا شركتي «ألفا» و«تاتش» الى إصدار الفواتير بالليرة اللبنانية، وأن تكون تسعيرة البطاقات المسبقة الدفع بالليرة اللبنانية أيضاً، منعاً لأيّ استغلال. وتقرر درس طلب عون وإيضاحات بطيش في اللجنة الوزارية التي تتولى درس مشروع موازنة 2020.

وقبَيل انتهاء الجلسة، قال عون: «مهمتنا تقوية ثقة الشعب بدولته وليس إضعافها، حتى نستطيع أن نواجه التحديات التي تنتظرنا». وفي المقابل شدّد الحريري على انّ «الاصلاحات ضرورية، وفي الأمس ناقشنا قانون الجمارك وعلينا اتخاذ قرارات دقيقة ومهمة بلا تردد أو خوف».

إصلاحات «القوات»

وبعد ساعات على انتهاء جلسة مجلس الوزراء، بدأ النقاش في ورقة «القوّات اللبنانية» خلال الجلسة التي عقدتها أمس لجنة الإصلاحات، المولَجة درس الخطوات الواجب اتّخاذها بالتوازي مع مناقشة الموازنة. وقالت مصادر «القوات» لـ»الجمهورية» انه «تمّ الأخذ ببعض البنود التي طُرحت، وأبرزها:

السكانر في الجمارك، إلتزام وزارة الطاقة إرسال تقارير دورية حول تطبيق خطة الكهرباء، إقرار لائحة من السلع التي لا تُصنّع في لبنان. كذلك تمّ الاتفاق على بعض القوانين، حيثُ ستتمّ إحالة ما اتُّفق عليه إلى مجلس الوزراء للبَت به، وقد بقيت بعض البنود شائكة، مثل: طبيعة العقود، إلغاء التوظيفات غير القانونية، إعتماد آلية تشكيل الهيئة الناظمة لضمان معايير النزاهة والشفافية في اختيار الأعضاء، تَشابك الصلاحيات في المجلس الأعلى للجمارك. كذلك ستخضع بعض البنود للدرس المعمّق، مثل البند المتعلّق بسُبل إغلاق المعابر غير الشرعية.

وأشارت المصادر نفسها الى «انّ البنود التي لم تُطرح من ورقة «القوات» سيتمّ استكمال درسها في جلسةٍ تُعقد اليوم، حيثُ اعتبرت مصادر «القوات اللبنانية» أنّ «ما حصل هو خطوة أولى جيّدة، مع تسجيلها عدم الاتّفاق حتى اللحظة على عدد من البنود المهمّة»، مؤكّدة «أنّ الموقف النهائي من تأييد الموازنة سيُتّخذ بناءً على ما تمّ إقراره من خطوات تنفيذية وإصلاحات في الموازنة».

الاقتصاد والمال

وفي غضون ذلك ظل الوضع المالي والاقتصادي مراوحاً مكانه أمس، على رغم من الضجيج الذي تحاول السلطة التنفيذية أن تثيره، سواء من خلال بيانات التطمين، أو «فَرمانات» التحذير، أو اجتماعات اللجان المتخصصة لاقتراح الاصلاحات والخطوات الانقاذية، أو حتى من خلال محاولات إلقاء اللوم بما يجري على الإعلام.

أزمة الدولار مستمرة

وفي موضوع أزمة شح الدولار وولادة سوق رديفة لا تلتزم بالتسعيرة الرسمية لليرة، تبيّن أمس انّ هذه السوق ستستمر وتتفاعل مع الوضع الاقتصادي. ووفق أحد الخبراء، فإنّ السوق الرديفة تحوّلت بارومتراً يقيس حال الاقتصاد. كلما ساء الوضع ارتفع سعر الدولار في سوق الصيارفة، وكلما تحسّن تراجع السعر واقترب من التسعيرة الرسمية التي يعلنها مصرف لبنان. وقد عاد الطلب على الدولار الى الارتفاع أمس، وبلغ سعره في بعض المرات 1600 ليرة.

لكنّ الخبير الاقتصادي أعربَ لـ«الجمهورية» عن تخوّفه من ان يتحوّل سوق الصيارفة مع الوقت مقدمة تؤدّي الى تحرير سعر صرف الليرة. وهذا الأمر حصل في مصر على سبيل المثال، إذ استمر وجود سوق سوداء تُسَعّر الجنيه بعيداً من التسعيرة الرسمية التي يحدّدها المصرف المركزي المصري، ومع الوقت أصبحت السوق السوداء هي الاساس، في حين اكتفَت الدولة المصرية بدعم بعض المواد الاساسية وفق التسعيرة الرسمية للجنيه. ولاحقاً، تم تحرير سعر صرف الجنيه، وصارت هناك سوقاً واحدة.

وفي السياق، كرّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ما سبق وأعلنه عن عدم تدخّل المصرف في تسعيرة الدولار لدى الصرّافين. وقال: «إذا ما عدنا في التاريخ، يتبيّن لنا أنّ هذا الفارق لطالما كان قائماً، ففي بعض الأحيان كان السعر لدى الصيارفة أقل من السعر لدى المصارف، وأحياناً أخرى أكثر. وسَبب هذا الارتفاع أو التراجع، هو أنّ أسواق الصيارفة والأوراق النقدية بالدولار، هي أسواق لا يتدخّل فيها مصرف لبنان إلّا من ناحية التنظيم. فالصرّاف لا يملك حسابات في مصرف لبنان، وبالكاد يملك حسابات في المصارف، وهو يتعاطى بالأوراق النقدية بموجب كل الخصوصيات التي يملكها».

أزمة محروقات

وفي موضوع التعميم المتعلّق بفتح اعتمادات بالدولار لتأمين استيراد المحروقات والقمح والدواء، كشف حاكم مصرف لبنان انّ الضوابط التي وردت في التعميم تهدف الى تنظيم آلية الحصول على الدولار بالسعر الرسمي. إذ «لن نسمح بأن يستفيد مَن يستورد الدولار من مصرف لبنان ويُبقي في المقابل سيولته في المصارف، لتلقّي الفوائد».

وكشف انّه «اعتباراً من حزيران تضاعفت قيمة شحن الأوراق النقدية التي يستخدمها الصرّافون نتيجة زيادة الاستيراد لبعض المواد، التي لا نعلم ما إذا كانت للاستهلاك المحلي أم لا».

بين السيّد والجرّاح

وفي جديد السجالات الداخلية المتنقلة، غرّد النائب جميل السيّد متوجّهاً الى وزير الاتصالات جمال الجرّاح، مُعلقاً على قوله بعد مجلس الوزراء أمس انّ «بعض النواب والوزراء والإعلام يؤذون الوضع المالي والإقتصادي»! فقال: «الحكي عن المرض ما بيعمل المَرض، مَرضكم هو الفساد، وهو مِنكم وفيكم! وبالمناسبة، بعدما سمعنا شركات الخلوي عن زمانك بوزارة الإتصالات، لو فيه ربع دولة بلبنان، كان لازم تتَختِخ بالحَبس! ولجنة التحقيق جايي…».

وردّ الجراح على السيّد مغرّداً: «يا جميل لَمّا قِلت السيارة ما بتحمل حمارَين، عندما جبت المتفجرات من سوريا، كان مَعك حق ما بتحمل حمارَين، كانت حاملِة حمار ومجرم. الحمار بالحبس والمجرم بمجلس النواب. الحبس للمجرمين أمثالك، ولو في نِص ربع دولة كنت أكيد بعدَك بالحبس».

الجمهورية

عن WB