مجلة وفاء wafaamagazine
رأى الرئيس فؤاد السنيورة في حوار عن التطورات الراهنة، مع الإعلامية جيزيل خوري ضمن برنامجها “مع جيزيل” عبر محطة “سكاي نيوز عربية”، أن “مبادرة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بتحييد لبنان، ليست دعوة الى التدويل، بل فكرة طرحها لعقد مؤتمر من أجل لبنان”، معتبرا أن “الأجدر بنا حل مشاكنا بين بعضنا البعض والاستغناء عن مثل هذا المؤتمر”، وقال: “على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري أن يقتنعا بأن ليس هناك من خيار ثالث، فإما أن تتألف حكومة يتم فيها إرضاء اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي أو أن تتألف كما يطالب بها عدد من السياسيين”.
وعن زيارته للبطريرك الراعي مع وفد من لقاء ألازهر منذ يومين مؤيدا للمبادرة، لفت السنيورة الى أن “هذا الوفد يتألف من مجموعة من الناشطين المهتمين بالشأن العام من مختلف الطوائف، وهو قد تألف قبل عدة سنوات وشارك في التحضير لمؤتمرات الازهر التي عقدت في القاهرة والتي شارك فيها البطريرك الراعي وعقد مؤتمرات أخرى هنا في لبنان من أجل متابعة بيانات الأزهر ووثيقة الاخوة الإنسانية. ولقد شارك عدد من أعضاء هذه المجموعة في التحضير لصدور وثيقة الاخوة الإنسانية. وهذه الزيارة الثانية لهذه المجموعة لغبطة البطريرك. إذ كانت الزيارة الاولى في التاسع من تموز الماضي في العام 2020 لتأييد البطريرك عندما أطلق مبادرته من أجل تحييد لبنان عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية. وهذه المرة جئناه أيضا لنشد على يده ونقف الى جانبه بشأن تحييد لبنان والعمل من أجل إنقاذه، ولنؤكد له أن حماية لبنان تكون بحماية وثيقة وفاقه الوطني، ودستوره وبالحفاظ على نظامه الديموقراطي البرلماني، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بسيادته ودولته. وان هذه هي ثلاثية خلاصنا الوطني لمن يريد الخلاص. والحقيقة أن البطريرك كان قد أطلق منذ أسبوعين مبادرة إنقاذية جديدة، بالإضافة إلى موضوع تحييد لبنان على شكل الدعوة لعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان”.
وعن المبادرة الفرنسية وامكانية عقد مؤتمر دولي لمناقشة حياد لبنان وإنقاذ صيغته؟ قال: “يجب أن ننظر الى الأمور من زاوية ما، العمل الذي يجب أن يتم من أجل إنقاذ لبنان، لا سيما بسبب استمرار حال الاستعصاء الذي يعاني منه اللبنانيون ويعاني منه لبنان بسبب عدم التمكن من تأليف الحكومة الجديدة على الأسس التي طالب بها اللبنانيون بداية وعمل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على صياغة فكرة حكومة المهمة الإنقاذية، بعد ان استمع الى اللبنانيين، وايضا الى الممثلين الحزبيين. وبالتالي، فقد طرح الرئيس ماكرون أن تتألف حكومة إنقاذية من مجموعة من الاختصاصيين غير الحزبيين والمستقلين الذين بإمكانهم ان يؤلفوا فريق عمل متجانس ومتضامن من أجل إنقاذ لبنان”.
أضاف: “الحقيقة أن هذا الطرح أيده السياسيون اللبنانيون باستثناء محمد رعد من حزب الله الذي قال إننا نوافق على 90% مما قاله الرئيس ماكرون، وبالتالي بادر الرئيس ماكرون إلى سؤال محمد رعد: وما هي الـ10% الباقية. قال رعد: نحن لا نوافق على الدعوة لانتخابات نيابية مسرعة ولا إلى تعديل قانون الانتخاب. قال له الرئيس ماكرون: إذا أنت توافق على كل الطروحات الأخرى. قال له: نعم. المشكلة أنه، وبعد ذلك، تنكر معظم السياسيين لتلك الطروحات، لا سيما رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحزب الله. هم تنكروا لما كانوا قد وافقوا عليه. والحقيقة أن هذا الطرح هو الطرح الوحيد الذي يمكن أن يحظى بثقة اللبنانيين من جهة وثقة المجتمعين العربي والدولي من جهة أخرى”.
وتابع: “الفكرة الأساسية بشأن ما طرحه غبطة البطريرك أنه ليس دعوة للتدويل. هو فقط فكرة من أجل أن يعقد مؤتمر من أجل لبنان. أليس الأجدر بنا ألا نذهب إلى حضور مثل هذا المؤتمر إذا كنا نستطيع أن نحل مشكلاتنا بين بعضنا بعضا. أي أننا نعمل من أجل إخراج لبنان من هذا المأزق الكبير الذي تحدثت عنه أنت. وهو بالفعل كارثة كبيرة تحل على لبنان واللبنانيين نتيجة الانهيار الكبير والكامل في الثقة، والذي انعكس بعد ذلك في هذا الانهيار الاقتصادي والمالي، وبالتالي النقدي وأيضا المعيشي، والذي أصبح يهدد بالانهيار الأمني على صعيد نشوب الفوضى العارمة”.
وعن السبب في انهيار الليرة بشكل سريع في اليومين الأخيرين، قال: “لا شك أن علينا أن نسلط الضوء فعليا على جوهر المشكلة، جوهر المشكلة هو في الانهيار في الثقة. إذ أنه عندما تنهار الثقة يسارع الناس إلى محاولة التفتيش عن حلول لمشكلة انهيار الثقة بالدولة وبرئيس الجمهورية والحكومة والسياسيين، وكذلك بالعملة اللبنانية وهو ما يؤدي إلى انهيار العملة. المشكلة أن اللبنانيين عندما يقومون بذلك، فإنهم يسهمون بتهافتهم على تفاقم المشكلة. من دون أدنى شك أن هناك مشكلة مالية ونقدية وانهيارا في الثقة، والتي تؤدي الحال النفسية (الدولار النفسي) إلى مزيد من الانهيار. إلا أنه وفي كل الحالات المشابهة في معظم دول العالم التي تحصل لديها مثل هذه الانهيارات، فإن هناك من يدخل على الخط من المضاربين الذين يحاولون الاستفادة، وبالتالي يزيدون من حدة مشكلة الانهيار، وهذا ما يحصل الآن في لبنان. لكن كيف تكون المعالجة؟ لا تكون المعالجة بما يسمى استعمال العصا أو استعمال القوة، الثقة لا تستعاد بالقوة ولا بالإجراءات المكتبية ولا بالتصريحات الجوفاء. الثقة تستعاد بالمسارعة إلى إيجاد الحلول الحقيقية لجوهر المشكلات وليس لمظاهرها.
لقد مضى علينا نحن في لبنان فترة طويلة، ونحن في حالة إنكار لمشكلاتنا ونتقاعس عن مواجهة مشكلاتنا بصدق وشجاعة، وبالتالي نحاول أن نعالج مظاهر الأمور أو بعض جوانبها. وهذه الطريق لا تؤدي إلى حل على الإطلاق، أعود وأكرر، المشكلة كيف يمكن لنا استعادة الثقة. ويكون ذلك بأن نعمل من أجل استعادة الدولة اللبنانية، أن نستعيد الدولة بحضورها وبدورها وبسلطتها، هذا المسار هو الذي يؤدي الى معالجة المشكلات التي نحن في خضمها”.
وعن كيفية اعادة الثقة، قال: “لا يوجد شيء اسمه حلول سحرية، ولا هناك إمكانية في التحول الفجائي من الظلام الدامس إلى الضياء الكامل. هناك مسار، وذلك يبدأ بأن يضع لبنان نفسه على المسارات الصحيحة، أن تكون بوصلته صحيحة. وذلك بداية بأن تتألف حكومة من الاختصاصيين المستقلين غير الحزبيين الذين يستطيعوا أن يؤلفوا فيما بينهم فريق عمل متجانس. وأن يضعوا البيان الوزاري الذي يجب أن يحدد الأشياء التي بإمكانها أن تسهم في إنقاذ لبنان وتستطيع أن تحظى بثقة اللبنانيين وثقة المجتمعين العربي والدولي الذي يريد أن يساعد لبنان. الناس تريد أن ترى أن هناك تقدما يحصل سنتمتر وراء سنتمتر، وان لبنان بعمله هذا يستحق التقدم التدريجي على هذا المسار. وبالتالي عندما نلتزم بهذا المسار تأكدي أن هذا الأمر سوف ينعكس بشكل مباشر باستعادة الثقة تدريجيا، أكان ذلك من قبل اللبنانيين ام كان ذلك من قبل المؤسسات الدولية والأصدقاء والأشقاء في العالم”.
اضاف: “ما هي العملية؟ هي ليست عملية سحرية. هو فعليا أن تقول الحكومة بأنها تريد أن تستعيد الدولة اللبنانية، وتؤكد على احترام الشرعية الدولية، ولاسيما القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، واحترام الشرعية العربية، واحترام استقلالية القضاء، واحترام الدولة بسلطتها الكاملة على جميع أراضيها ومرافقها، وأنها سوف تلتزم في احترام وتنفيذ القوانين اللبنانية. كل هذه الأمور هي مؤشرات حقيقية نحو التوجه باتجاه الحلول الصحيحة والالتزام بها. وليس من خلال إطلاق تصريحات جوفاء لا معنى لها مثلما جرى يوم الإثنين الماضي عند رئيس الجمهورية. فلقد صدر عن هذا الاجتماع عدد من المقررات وهي بالتالي لم تلق أي تقبل لدى الناس الذين لم يشعروا أنها صادقة وأنها يمكن فعليا أن تتجه بلبنان نحو الاتجاه الصحيح. الأمور في لبنان لم يعد بالإمكان معالجتها باستعمال المراهم. هناك سياسات وإجراءات حقيقية ينبغي أن يصار إلى التقيد بها، ومن ضمن ذلك أن يكون هناك رأي بالذهاب مباشرة للتفاوض مع صندوق النقد الدولي مباشرة. هذه الأمور كلها تؤدي فعليا إلى شعور المواطنين بأن غدا سوف يكون أفضل من اليوم. وهذا بحد ذاته يقلل من العوامل النفسية التي تدفع إلى المزيد من الانهيارات وكلما تم التقدم على هذه المسارات الحقيقية كلما أدى ذلك إلى مزيد من الاطمئنان، وبالتالي إلى انخفاض سعر صرف الدولار الأميركي”.
وعن المعرقل، قال: “لتكن الأمور واضحة. لدى لبنان خياران على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يقتنعا بأن ليس هناك من خيار ثالث. إما أن تتألف حكومة يتم فيها إرضاء اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي اللذين يريدان مساعدة لبنان أو أن تتألف الحكومة كما يطالب عدد من السياسيين، لا سيما التيار الوطني الحر وحزب الله، أي أن تتألف حكومة من السياسيين الذين يريدون أن يتقاسموا السلطة في ما بينهم. هذه الحكومة يمكن أن تتألف لكنها ستولد ميتة ولا تستطيع أن تقدم شيئا على الإطلاق للبنانيين. سؤالك الآن من يقف وراء هذا الاستعصاء؟ هناك طرفان يقفان وراء هذا الاستعصاء ويمنعان تأليف الحكومة: الطرف الأول، وهو رئيس الجمهورية ومن خلفه الطرف الثاني الذي هو حزب الله. رئيس الجمهورية همه وكما يبدو حتى الآن ليس مجرد أنه يريد حكومة، أنه يريد حكومة تستطيع أن تلبي رغبته في الإمساك بالسلطة وتلبي طموح صهره، وعينهما الآن هي على الانتخابات الرئاسية القادمة ومن سيتولى رئاسة الجمهورية، وأن رئيس الجمهورية يحاول إنقاذ صهره من المستنقع الذي أصبح فيه بعد إعلان العقوبات الأميركية عليه. أما بالنسبة لحزب الله، فهو يتلطى وراء رئيس الجمهورية ولا يريد تأليف حكومة الآن. لماذا؟ لأنه يريد أن يحتفظ بهذه الرهينة الذي هو الشعب اللبناني ولبنان، وذلك لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية كي تضمهما إيران إلى الرهائن الأخرى التي تحاول الاحتفاظ بها إن كان ذلك في العراق أم في سوريا أم في اليمن وبالتالي من أجل تحسين أو تعزيز القدرة التفاوضية للجمهورية الإسلامية الإيرانية في مفاوضاتها المرتقبة مع الولايات المتحدة. هذا هو جوهر المشكلة التي يعاني منها لبنان، لبنان أصبح رهينة”.
سئل: أنت تحبذ ان يقدم سعد الحريري استقالته، يعني ان يتراجع عن تكليفه، لماذا لا إذا لم يكن هناك حكومة منذ اشهر؟ اجاب: “لا اعتقد أن اعتذار الحريري أمر مفيد، لنكن واضحين، إذا قدم سعد الحريري اعتذاره، فإن السؤال: من سيستطيع عندها أن يؤلف الحكومة؟ وهل ستتألف؟ لقد قلت لك أن الخيارين أصبحا واضحين، وبالتالي لا تذاكي على الناس بعد الآن. هناك خياران على رئيس الجمهورية والرئيس المكلف أن يختار واحدا منهما. ان كان الاختيار أن تتألف حكومة لا ترضي اللبنانيين ولا ترضي المجتمعين العربي والدولي، فإن ذلك هو إعلان كامل عن الانهيار الكامل والارتطام الكبير للبنان. هذا هو جوهر المشكلة. طبعا ليس حلا بقاء سعد الحريري من دون تأليف الحكومة، لكن بقاءه الآن هكذا وعلى الأقل، فإن هناك أملا أن تتألف الحكومة في وقت قريب. أما عدم وجوده فستكون ربما حكومة إن تألفت، ولكنها لن تقدم شيئا، وبالتالي سيكون من نتيجته المزيد من الانهيار الكامل”.
وعن التصعيد في الشارع وتصريح قائد الجيش العماد جوزاف عون وردة الفعل الشعبية، اعتبر السنيورة أن “صرخة الاستغاثة التي أطلقها قائد الجيش، تأتي بعد صرخة الاستغاثة التي أطلقها البطريرك الراعي قبل أسبوعين. قائد الجيش بمسؤوليته عن جنوده وهو يعبر أيضا عن كل القوى الأمنية والعسكرية. إذ قال إننا لا نستطيع أن نستمر في حال المراوحة هذه. علما أنه قد أبدى موقفه الكامل وبشكل واضح بأنه ملتزم بالحفاظ على الامن والنظام في لبنان وانه حريص كذلك على الا يصار إلى وضع الجيش في مواجهة المواطنين والمتظاهرين. هذا الامر أكد عليه قائد الجيش، وهو حسنا فعل. لكن المشكلة الآن، أن هذه الاستغاثة التي أطلقها البطريرك وقائد الجيش لم تلق بعد أي أذنا صاغية من قبل رئيس الجمهورية. بداية، على رئيس الجمهورية ان يقف الآن ويراجع نفسه ويحاسب نفسه إلى أين أنا أذهب بلبنان؟ كيف سيذكرني التاريخ بعد ذلك؟ ماذا قدمت للبنان ماذا فعلت بلبنان؟ كيف استلمته وكيف سأسلمه الان؟ رئيس الجمهورية هو المؤتمن على الدستور، وهو الذي ينبغي أن يكون، وحسب الدستور هو رمز وحدة الوطن، وهو الحكم بين اللبنانيين وبين الفرقاء السياسيين المتصارعين، وليس مع فريق ضد آخر. في المقابل، نجد أن رئيس الجمهورية همه الآن كيف يحظى بحقائب وزارية معينة وبمناصب معينة. ليس هذا هو رئيس الجمهورية كما ينص عليه الدستور، وهو الذي في العام 2008 كان يعارض في أن يكون لرئيس الجمهورية حقائب وزارية. المطلوب الآن من رئيس الجمهورية ان يتصرف كرئيس للجمهورية”.
وردا على سؤال قال: “من ضد رئيس الجمهورية في التحقيق الجنائي واسترداد الاموال المنهوبة؟ قبل خمسة عشر عاما قدمت حكومتي التي كنت ارأسها مشروع قانون أرسل الى مجلس النواب والقاضي بإخضاع جميع مؤسسات وادارات الدولة ووزراتها وكل ما يتعلق بالمال العام ليصار الى التدقيق به وبشكل دائم، إضافة إلى عمل ديوان المحاسبة والتفتيش المركزي، أي إخضاع كل ما له علاقة بالمال العام من أجل أن تدقق فيه شركات تدقيق دولية، وذلك لاستعادة الثقة بالمالية العامة. هذا القانون الذي يطالب به رئيس الجمهورية الآن كان موجودا منذ خمسة عشر سنة في مجلس النواب. لماذا لا يطبق هذا القانون. لا أحد ضد ما يسمى التدقيق الجنائي. لم يعد من المجدي الاستمرار في إيجاد تبريرات عبثية من هنا أو من هناك. اللبنانيون يريدون ان تكون هناك حوكمة صحيحة في الدولة وشفافية وإفصاح من اجل التأكد من سلامة الإدارات ونزاهتها، وان الأموال العامة تستعمل في مكانها الصحيح. هذا هو الامر، اما ان يحاول ان يجد أسبابا لخلط الأمور من هنا وهناك من اجل ان يحرف الأنظار ويلهي الناس عن المطالب الحقيقية فهذا لا يفيد. يجب ان نعود الى المبادئ الأساسية وهي تأكيد احترام الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني والشرعيتين العربية والدولية، واستعادة الدولة لسلطتها الكاملة على الأراضي اللبنانية. ما عاد ممكنا ان يكون هناك ربانين في سفينة واحدة. هذه السفينة اللبنانية مشرفة على الغرق ولا يمكن انقاذها الا باستعادة الدور الحقيقي والسلطة الحقيقية للدولة اللبنانية”.
وعن سؤال آخر، قال السنيورة: “المؤسف أن هذا الاستعصاء لدى رئيس الجمهورية غير مفيد لا للبنان ولا له. هو قد أبلغ المجتمعين في القصر الجمهوري الاثنين الماضي بأنه عنيد، ولا يغير رأيه. هذا العناد لا يؤدي إلا إلى تدمير البلد. العماد عون فعاليا استعصى في القصر الجمهوري في العام 1989، وأصر على البقاء هناك. وهو فعليا في العام 1989، اضطر الى الخروج من القصر الجمهوري رغما عن أنفه. هذا الامر لا يعالج هكذا. في الحقيقة، رئيس الجمهورية يجب أن يكون للجميع. عليه ان يتصرف هكذا من اجل اخراج البلد من هذه المآزق المتكاثرة عليه. عليه أن يتبصر بشأن كيف سوف يذكره التاريخ. هل بأنه أنقذ لبنان أم أنه يأخذ البلد وكما أجاب مرة على سؤال صحافي أننا ذاهبون الى جهنم. هل هذا هو ما يعد به اللبنانيين؟ هل هذا هو دور رئيس الجمهورية؟. أنا حتى الان لا أتوقع منه شيئا. لكن ما أتمنى عليه أن يتبصر ويتخذ القرار الصحيح”.
وعن الوضع اللبناني، قال: “اعتقد أنه في الملمات يجب ان يعود الانسان، وكذلك تعود البلاد الى الأصول. والأصول هي في احترام الدستور واحترام ما يمليه علينا دستورنا. ولقد أصبح واضحا ما ينص عليه الدستور اللبناني ويجب أن تتوقف عمليات تفسير الدستور كل على هواه. رئيس الجمهورية يوقع مع رئيس الحكومة مرسوم تشكيل الحكومة. لكن الذي يتحمل مسؤولية الحكومة هو رئيس الحكومة التي يؤلفها ورئيس الحكومة هو الذي يذهب بها الى مجلس النواب ورئيس الحكومة الذي لا يحسب الأمور في عملية التأليف بشكل صحيح، فإنه لا يحصل فيها على الثقة، وعندما لا يحصل على ثقة مجلس النواب يعود رئيس الحكومة المكلف الى بيته وينتهي سياسيا. هذا يجب ان يكون واضحا. رئيس الجمهورية لا يحاسب على هذا الامر هو يوقع مع رئيس الحكومة ويشترك معه في ابداء رايه بكل وزير وليس بالوزراء المسحيين فقط، ولكن بالنهاية يجب أن يحظى هذا التأليف بما يطلبه ويريده اللبنانيون من أن تكون حكومة مهمة محددة، وبالتالي لديها هذه الصفات. رئيس الجمهورية مازال يعاند وهذا الامر لا يؤدي الى نتيجة. سيؤدي الأمر به بالتالي إلى غرقه مع كل اللبنانيين. هذه هي المصيبة، إذ أنه لا يقدر الى اين يأخذ اللبنانيين. هو يظن انه يحاول ان يأخذ حقيبة من هنا وحقيبة من هناك ويمسك بالسلطة، يظن انه بهذه الطريقة يسترجع دور رئيس الجمهورية، بالعكس هو يدمر دور رئيس الجمهورية. رئيس الجمهورية هو في الحقيقة فوق كل السلطات وفوق كل الخلافات بين الفرقاء السياسيين. هو الحكم بين الجميع. هو المرجع لهم وليس بأن تكون وزارة إضافية من هنا ومن هناك من حصته. الدستور منع على رئيس الجمهورية بأن يشترك في التصويت داخل مجلس الوزراء وهو لا يحق له أن يصوت على القرارات. وبالتالي لا يجب ان يكون منتميا الى أي فريق محدد. لقد وضعه الدستور فوق الكل. إذا كان رئيس الجمهورية لا يستطيع ان يصوت مباشرة داخل مجلس الوزراء بمعنى آخر، فإنه لا يستطيع التصويت بالوكالة. هذه الأمور هي الحقيقة الساطعة ورئيس الجمهورية يحاول الآن أن يلهي الناس بطروحات من هنا وهناك”.
وردا على سؤال قال: “أنا أعرف وأدرك أن الناس في حالة غضب شديد ومصابون بحالة ذعر. وبسبب هذا الغضب والذعر يحاولون ان يعبروا عن أنفسهم بوسائل اعتراضية وأحيانا سلبية. لكن الدولار لا ينخفض بالعصا ولا بالمظاهرات ولا بالتكسير ولا بالفوضى اطلاقا. هذه الأمور كلها تؤدي الى عكس المراد، ما يسمى كالمستجير من الرمضاء بالنار، لان هذه التصرفات لا توصلنا أو توصل لبنان إلى أي نتيجة ولا تسهم في خفض الدولار ولا في تحسن الأمور ولا تخلق رغيف خبز إضافي، ليكن ذلك واضحا”.
اضاف: “الامر الثاني، ان الجيش اللبناني والقوى الأمنية بإمرة السلطة السياسية ويجب ان تبقى كذلك. ان واجب قائد الجيش والقوى الأمنية أيضا وقوى الامن الداخلي وكل القوى العسكرية والأمنية ان تكون بأمرة السلطة السياسية وتحافظ على الامن وتصون الأملاك الخاصة والعامة، وأيضا ان تسمع صوتها بشكل واضح لرئيس الجمهورية الذي يستعصي على تأليف الحكومة. اما ان يصار الى ما يسمى اقحام الجيش في السياسة فهذا غلط. أنا اعتقد انه كفانا ما جرى في العديد من الدول العربية من أنظمة عسكرية وكفانا ما جرى لنا نحن في لبنان من تجارب في هذا الصدد. أنا أعتقد أن على الجيش والقوى الأمنية أن تعود الى مسؤولياتها الأمنية والعسكرية، لا ان تتدخل في السياسة لان هذا الباب إذا دخلنا منه لا نستطيع الخروج منه بعد ذلك. ولذا يجب ان نحافظ على نظامنا الديموقراطي البرلماني”.
ورأى أن “بداية الحل هو “إن الله لا يغير ما في قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”. هذا الامر الذي أراه هو أن العقدة الحقيقة هي لدى رئيس الجمهورية وأيضا لدى حزب الله. وبالتالي كل من يستطيع ان يبذل جهدا يؤدي بهما الى ان يعودا وينظرا الى المخاطر من أجل إدراك حقيقة ما وصلت إليه الأمور. في الحقيقة، تقع عليهم هذه المخاطر كما ستقع على رئيس الجمهورية بالذات. ماذا سيذكر التاريخ عن رئيس الجمهورية؟ وخلال كل هذه التجربة التي أن العهد قد مضى حتى الآن معظمه وها قد أصبحنا في نصف السنة ما قبل الأخيرة من عهده. ماذا قدم للبنانيين؟ ماذا فعل؟ وماذا أنتج لهم؟ هل هذا معقول ان رئيس الجمهورية يبحث عن شيء انجزه لا يستطيع ان يقدم فكرة واحدة وهي ليست له قدم فكرة التدقيق الجنائي. هل هذا هو الإنجاز العظيم الذي انجزه؟ الان عند رئيس الجمهورية الفرصة في أن يبادر. أنا اناشده ان يعود الى رشده وإلى ما يمليه عليه الدستور والى ما يراه فيه المصلحة الحقيقية للبنانيين جميعا، وما فيه مصلحة لاسمه وسمعته، وما سيذكره التاريخ بعد ذلك”.
اضاف: “أنا أرى أن عليه أن يوقع على هذه التشكيلة، وهي التشكيلة التي يتحمل مسؤوليتها الرئيس المكلف. أنا أسألك: أليس لديهم الأكثرية في مجلس النواب، فليوقع رئيس الجمهورية التشكيلة ولينزل عندها الرئيس المكلف إلى مجلس النواب ولا يعطوه الثقة. تنتهي عندها العملية وينتهي رئيس الحكومة المكلف. لماذا كل هذه العقد وكل هذا الاستعصاء؟ سعد الحريري قدم له اللائحة لو فيها أي اسم عليه أي شائبة او مشكلة الا يكون لديهم الأسباب لرفضها. هم لم يتكلموا عن أي اسم في هذه اللائحة بأنها أسماء غير جيدة من الأسماء التي سربت. لا أحد يستطيع ان يقول انها ليست جيدة. أنا اعتقد ان الوضع أصبح مقلقا وخطيرا للغاية البلاد، ونحن على شفا ما يسمى الارتطام”.
وتابع: “نحن في صلب الانهيار وبدون أي حبال نجاة تشدنا ولا أحد يسأل علينا. كلنا نعرف ان العالم كله مشغول في حاله. عندهم مشاكلهم الخاصة. لقد ملوا وشعروا فعليا ان السياسيين اللبنانيين المرفوضين من الناس هم الذين يتحكمون ويصروا على موقفهم. يؤسفني القول إن هناك شخصا يقول، اما ان أكون موجودا في الحكومة او لا اسمح بوجودها، ذكرني هذا الموقف بمثل لبناني قديم يقول: “تخرب بشوري ولا تعمر بشور غيري”. يعني أنه لا يريد ان تعمر وان يجري تخليص لبنان. تصوري ما هي حجم الجريمة التي يرتكبها هؤلاء السياسيون وتحديدا الذين سميتهم. هذا الامر ما عاد ممكن ان يستمر، وبالتالي يجب ان يرجع كل شخص ويرى اين هو وماذا يجب عليه أن يكون موقعه، ماذا سيذكر عنهم التاريخ خصوصا انه بقي من عهد رئيس الجمهورية 18 شهرا، ولا يستطيع ان يستمر اللبنانيون ولا لبنان على هذا الحال”.