الرئيسية / آخر الأخبار / جبهة بعبدا -بيت الوسط تشتعل مجدداً.. والمبادرة الفرنسية تترنّح إلّا اذا!

جبهة بعبدا -بيت الوسط تشتعل مجدداً.. والمبادرة الفرنسية تترنّح إلّا اذا!

مجلة وفاء wafaamagazine

نقل رئيس الجمهورية ميشال عون الاهتمام والتركيز من الحراك الديبلوماسي الناشط المصري والعربي والفرنسي في اتجاه لبنان، إلى معركة التدقيق الجنائي التي حرفت الأنظار عن أولوية الحكومة والسعي الخارجي إلى حلحلة العقد لإنهاء الفراغ الذي بات يهدد الاستقرار في لبنان، فحوّل الأولوية من حكومية إلى جنائية جاعلاً من التدقيق ممراً إلزامياً إلى التأليف، ولم يكتف بهذا المقدار، إنما شنّت دوائر القصر الجمهوري هجوماً على الرئيس المكلف سعد الحريري متهمة إياه «ببث أفكار في الخارج تؤذي لبنان» من قبيل نيّات العهد تعديل الدستور، فاشتعلت جبهة بعبدا – «بيت الوسط» مجدداً، هذه الجبهة التي بات اشتعالها هو القاعدة، فيما التبريد هو الاستثناء.

وقالت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ»الجمهورية» ان «المبادرة الفرنسية تترنح للأسف، ويبدو اننا نتجه الى مكان مجهول المعالم ومفتوح على كل الاحتمالات ما لم يتم استدراك الوضع والبناء على الإشارات الايجابية التي كانت قد ظهرت قبل ايام». واستغربت المصادر «كيف أن المختلفين لا يتحاورون ولا احد يتكلم مع الآخر»، مشددة على «ضرورة التقاط اي فرصة ممكنة للخروج من المأزق لأن تضييعها سيكون مكلفاً».

الى ذلك، لاحظت مصادر مطلعة على اجواء الاتصالات انه ما بين جبهة التدقيق الجنائي، وجبهة الدستور والصلاحيات، والاشتباك المتجدد بين قصر بعبدا و»بيت الوسط»، تمّ نسف كل المساعي الخارجية، فتبددت الآمال بتأليف الحكومة وعادت الأمور إلى ما دون الصفر، فلم يعد على جدول أعمال الديبلوماسية الفرنسية أي لقاءات مع مسؤولين لبنانيين، والقاهرة والجامعة العربية قالتا كلمتيهما ولا من يسمع التحذيرات من خطورة استمرار الفراغ، وعاد الحديث عن عقوبات أوروبية من غير المعروف بعد ما إذا كانت للتهويل أم للتنفيذ، وفي كل هذا المشهد القاتم يدفع المواطن وحده الفاتورة والثمن من لقمة عيشه التي بالكاد ما زال في استطاعته تأمينها.

ورأت هذه المصادر انه «مع تبديد الفرصة الجديدة التي لاحت في الأفق مع الحراك الفرنسي والمصري والعربي، ومع عودة السخونة إلى الجبهة الداخلية، بات من الصعب تقدير ما ينتظره لبنان من مصير في ظل انطباع انّ هناك من لا يريد عن سابق تصور وتصميم تأليف الحكومة، وإبقاء لبنان في الفراغ، إلا في حال نجح في انتزاع ما يضمن سلطته ونفوذه».

عودة التوتر

الى ذلك، وعقب كلمة عون الى اللبنانيين أمس الاول وتركيزه فيها على التدقيق الجنائي حصراً في عز الازمة الحكومية التي تعتبر معالجتها من ابرز الخطوات التي يمكن ان تؤدي الى إجراء الاصلاحات المطلوبة، أعادت البيانات والتسريبات المتبادلة بين قصر بعبدا و»بيت الوسط» أجواء التوتر بينهما.

الحريري والتدقيق

وعلّق الحريري على «رسالة التدقيق الجنائي»، مستغرباً كيف ان عون غَيّب عنها موضوع تأليف الحكومة على أهميته وحاجة البلد إلى حكومة جديدة. وقال في دردشة مع اعلاميين: «انّ التدقيق الجنائي الذي يجب أن يشمل مصرف لبنان وجميع الإدارات والوزارات هو قانونٌ أقرّه المجلس النيابي ووافقت عليه كتله السياسية جميعها، لكنّ تطبيقه على نحوٍ فعال وسليم يحتاج الى حكومة».

بعبدا تتهم الحريري

وفي رد غير مباشر عبّرت مصادر بعبدا عن استيائها من إدارة الرئيس المكلف لملف التأليف، واتهمته بالاصرار على مضمون الخطاب السياسي له بما يحمله مما يؤذي استقرار لبنان، وهو ما رشح من مصادر ديبلوماسية وسياسية وبعض السفراء العرب وهي افكار وقراءات تؤذي لبنان لمجرد الخوف على الدستور ووثيقة الوفاق الوطني». واعتبرت هذه المصادر «انّ اختلاق المخاوف غير الموجودة هو في حد ذاته ضرب لاتفاق الطائف، وانّ محاولة إقناع الدول العربية بوجود خطر على هذا الاتفاق هو في حد ذاته خطر على الدستور وعلى الميثاق، ومن شأنه أن يفتح الباب على ما هو مرفوض منّا، أي البحث في تعديل الدستور بالانتقال من المناصفة الى المثالثة» .

وفي الوقت الذي رجّحت المصادر احتمال اتخاذ رئيس الجمهورية «خطوة إجرائية» تجاه حاكم مصرف لبنان، لفتت الى ان لا وجود لأي خطة لتعديل الدستور والمس بالميثاق، وان من يردد مثل هذه الاقاويل يتحمل مسؤولية التشويش والتشكيك الناتج منه». واشارت الى «أن القادة والمسؤولين في الدول التي زارها الحريري عكسوا خوفاً زرعه الرئيس المكلّف لديهم لا أساس له من الصحة، وأخطر ما فيه أنه يضرب الأركان الدستورية للدولة من خلال المَس بصلاحية رئيس الجمهورية الذي أعطاه الدستور مفتاح تكوين السلطة من خلال توقيع مرسوم تشكيل الحكومة ومرسوم قبول استقالتها ومرسوم تكليف رئيسها». وختمت: «إذا كانت للحريري أسبابه بافتعال أزمات سياسية لتأجيل تشكيل الحكومة، فعليه أن يعلم أنّ ارتدادات ما يقوم به في الخارج خطيرة، والصورة التي يرسمها عن الوضع في لبنان مخالفة للواقع وقد تؤدي الى انقلاب السحر على الساحر».

بيت الوسط

ولاحقاً، ردّت مصادر «بيت الوسط» على مصادر قصر بعبدا وقالت انها «تحيل كاتب هذه السطور الى كلام للرئيس الحسيني قيل في وقت سابق، خصوصاً ان هذا المسار يُثبت بالوقائع أن نقطة ارتكاز الانقلاب المستدام على الدستور ‏هو ميشال عون ـ الجنرال ثم الرئيس الذي يتميز عن الآخرين، كما يختم السيّد، ‏بأنه «عدوّ معلن» لإتفاق الطائف، وإلا كان من واجبه بصفته رئيساً للجمهورية «أن يحيل ‏جبران باسيل الى النيابة العامة، وأن يزجّه في السجن بتهمة الخيانة العظمى عندما ‏وصف الدستور بـ»النتن». فرئيس الجمهورية هو الوحيد الذي يحلف اليمين على ‏الدستور وعلى الإخلاص له واحترامه، ما يشبه الحلف بالله العظيم».

الجامعة العربية

وفي اطار الحراك العربي والدولي في اتجاه لبنان، برز امس تحرك لجامعة الدول العربية حيث بدأ أمينها العام المساعد حسام زكي زيارة لبيروت، وجال امس على عون ورئيس مجلس النواب نبية بري والرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب.

ورحّب عون بـ»أي مبادرة تقوم بها جامعة الدول العربية في حلّ الأزمة اللبنانية الراهنة»، وشرح لذكي الأسباب التي حالت حتى الآن دون تأليف الحكومة والعراقيل التي وضعت في سبيلها، مؤكّداً «التزام لبنان تطبيق «اتفاق الطائف» الذي انبثق منه الدستور، والذي يجب أن يكون محترماً من الجميع». وأكّد عون أنّ «كلّ ما يُقال خلاف ذلك أو يوحي بأنّ «اتفاق الطائف» مهدّد، لا يستند الى الواقع وتروّجه جهات معروفة ومعنية بالتأليف».

وقال ذكي في تصريحات ادلى بها بعد لقاءاته «إنّ الوضع في لبنان متأزّم، فهناك أزمة سياسية وأزمة اقتصادية ضخمة، والأزمتان متلازمتان، ولا يمكن حلّ الازمة الاقتصادية من دون الوصول الى مخرج وتسوية للأزمة السياسية». وأكد «استعداد الأمين العام للجامعة للمساعدة في الاتصالات بين الأطراف الرئيسية في هذه الازمة إذا كان هناك داع للتدخّل من الجامعة العربية، وحتى إذا كان الامر يتطلّب أن يكون سقف الجامعة هو السقف المقبول من الجميع، فنحن حاضرون لذلك». وأشار الى أنّ عون «رحّب بهذا الطرح، مؤكّداً أنّ لا مشكلة لديه بذلك».

وأشار ذكي الى أنّه «استمع من الحريري الى وجهة نظره بالكامل في موضوع التأليف، وأين تكمن العقبات التي يواجهها في التأليف الآن». وقال انّ «لدى الحريري فكرة بأنّ طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري مقبول الى حدٍ كبير»، ودعا الجميع الى أن «يعلي المصلحة الوطنية فوق كلّ الاعتبارات الضيقة، سواء كانت حزبية أو غيرها». ووصف افكار بري بأنها «جيدة جداً وتحظى بتوافق عريض في الشارع السياسي اللبناني». وأشار الى أنّ «هناك حواراً مستمراً مع الرئيس بري حول أطروحته للحلّ والأفكار التي قدّمها».

عقوبات فرنسية وأوروبية

وفي هذه الاثناء، نقلت وكالة «رويترز» عن ديبلوماسيين أمس أن «الاتحاد الأوروبي وفرنسا يدرسان فرض عقوبات على ساسة لبنانيين». ولفتت إلى أنّ «فرنسا تدرس كيفية إعداد عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد الأصول على ساسة لبنان».

في هذا لاطار قال وزير الخارجية السويسري إغنازيو كاسيس بعد لقائه عون، إنّ «بلاده مستعدة لتقديم المساعدة اللازمة في كل المجالات الاجتماعية والاقتصادية والمالية». وأعرب كاسيس عن تقديره للبنانيين ولما يقومون به لمواجهة الظروف الصعبة التي تمر بها بلادهم، لافتاً إلى أن «سويسرا تعمل على تسريع الحل السياسي في سوريا وإلى عودة اللاجئين السوريين في أسرع وقت ممكن». وشدد على «اهتمام بلاده بإيجاد حل سياسي للأزمة الحكومية في لبنان والبدء بالإصلاحات الضرورية كي يتمكن المجتمع الدولي من تقديم المساعدات اللازمة للنهوض الاقتصادي».

كتلة الوفاء

وفي المواقف، اعتبرت كتلة «الوفاء للمقاومة» انّ «التأخير في تشكيل الحكومة هو مؤشر سلبي ليس في مصلحة لبنان واللبنانيين. وان دور الأصدقاء لا يصح إلا لدعم التفاهمات المحليّة والوطنيّة وإلا يصبح الأمر إخلالاً بالتوازن ومدعاةً للانقسام». وحذرت من انّ بقاء البلاد بلا حكومة سيُبقيها «معرّضة لمخاطر الفوضى والتردي على كل صعيد، وستتلاشى فيها إمكانيّة إجراء الإصلاحات مهما بلغت فصاحة المسوّقين لها». وقالت: «لذلك لا بد من الإسراع في تشكيل الحكومة ولا مفر من التفاهم الوطني حولها وفيها وعبرها، وكل خيار آخر سيكون أكثر كلفةً وضرراً على البلاد وأهلها». ونبّهت الى «أنّ إطالة أمد المخاطر وإعاقة تشكيل الحكومة التي تمثل مدخلاً للمعالجات، هي أهداف عمل ويعمل لها باستمرار البعض بهدف ابتزاز اللبنانيين واستدراجهم إلى الإذعان والخضوع لإملاءاتهم وشروطهم وصولاً إلى الالتزام بسياساتهم ومشاريعهم».

دياب الى العراق

وفيما لم يسجل اي تقدم في ملف الحكومة العالق بين التسريبات والقنابل الاختبارية والدخانية من جهة وبين تَصلّب المواقف والكباش من جهة ثانية، تتقدم الى واجهة الاهتمام عملية التفعيل المتردد لحكومة تصريف الاعمال. فإلى الاجتماعات المهمة التي تعقد في السرايا علمت «الجمهورية» ان دياب سيزور العراق في 17 و18 من الجاري على رأس وفد يضم وزراء الطاقة، الصحة، الزراعة والسياحة والصناعة، وسط تساؤلات عما اذا كانت هذه الزيارة هي رد مباشر من العيار الثقيل على التجاهل المصري للحكومة الحالية ورئيسها في زيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري الاخيرة لبيروت.

إنتفاضة المصارف

في غضون ذلك، خرجت المصارف اللبنانية عن المألوف، وردّت على كلام رئيس الجمهورية الذي تناولها أمس، في ما يشبه الانتفاضة على ما اعتبرته حملة تتعرّض لها.

ورغم ان البيان الصادر عن جمعية المصارف لم يشر الى رئيس الجمهورية، واكتفى بالاشارة الى «أهل السياسة»، الا أن توقيته ومضمونه كان واضحاً.

واعتبرت المصارف ان التهجّم عليها يهدف الى اخفاء «الحقيقة وكشف أسباب ما حلّ ويحلّ بالبلاد». وعدّدت لائحة بما اعتبرته حقائق تشير كلها الى مسؤولية السلطة السياسية عن الأزمة، ولا علاقة للمصارف بالانهيار. وذكّرت بأن «المصارف ليست هي «مَن كان يحثّ الدولة على الإستدانة المتنامية من الأموال المودعة في المصرف المركزي».

واستغربت الجمعية «أن يعمل أهل السياسة جاهدين، على دعوة العالم الى مقاطعة المصارف اللبنانية ومحاصرتها، وكأنّها تسعى الى قطع شريان التواصل المالي بين لبنان والعالم، ما يشكّل خطراً فعلياً على مصالح لبنان واللبنانيّين، ولمصلحة مَن؟». واعتبرت «انّ تحميل المصارف عبء الإنهيار هو تجنٍّ مَحض». وأكدت انها «ملتزمة، وتلتزم دوماً حقوق المودعين في الحصول على ادخاراتهم، وهي تؤكّد أنّه فور إعادة الدولة الأموال المستدانة من المصرف المركزي، سيكون في مقدورها المباشرة بإعادة الحقوق الى أصحابها».

واعتبرت مصادر مواكبة انّ رد فعل المصارف على كلام عون يعبّر عن غضب ناجم من محاولة تحويل المصارف «كبش فداء»، في حين ان المصارف تعتبر نفسها ضحية مثلها مثل المودعين، وهي تستغرب ان يقول رئيس الجمهورية ما قاله، وهو نفسه من وزّع يوماً المسؤوليات في الأزمة على اساس الترتيب التالي: السلطة السياسية اولا، ثمّ مصرف لبنان وأخيراً المصارف.

كورونا

وعلى الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 3510 إصابة جديدة (3467 محلية و43 وافدة)، ليرتفع العدد الإجمالي للإصابات منذ تفشي الوباء في شباط 2020 الى 489428.

كذلك سجل التقرير حصول 37 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 6549.

 

 

 

 

 

 

 

الجمهورية