wafaamagazine مجلة وفاء
نظم “مركز الأبحاث في العلوم الاجتماعية ـ مختبر علم اجتماع التربية”، ندوة علمية من بعد عبر منصة CRSS-UL – MS Teams مع عميد المعهد الأسبق البروفسور يوسف كفروني بعنوان “المنهج التجريبي، استخداماته وتطبيقاته في علم اجتماع التربية”، في حضور عميدة معهد العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية البروفسورة مارلين حيدر، ومشاركة رئيس مركز الأبحاث في المعهد البروفسور حسين أبو رضا، والأساتذة والطلاب.
قدمت للندوة وأدارتها عضو المختبر الدكتورة هويدا الصليبي.
وتطرق رئيس مركز الأبحاث إلى رؤية المركز المعرفية وأهدافها الواسعة، وبين حاجته إلى “دراسات معمقة للمناهج العلمية والحقول المعرفية في ميادين علم الاجتماع كافة”، وأضاف: “أعتقد هنا أن المقولة حول ان علم الاجتماع هو العلم الذي يستعمل الكثير من المناهج العلمية، لكن يصل الى القليل من الحقائق غير دقيقة، فالمطلوب سبل استعمال المناهج العلمية للوصول الى حقائق واضحة، ذات قيمة علمية واضحة”.
وأكد أبو رضا “أن المطلوب معرفة سبل استعمال المناهج العلمية للوصول إلى حقائق واضحة وقيمة”، واعتبر “أن المنهج التجريبي من المناهج الرائدة في هذا الشأن، وإن كان ثمة إشكاليات طرحها بعض العلماء عن أغراض هذا المنهج بالتعميمات وعمله داخل المختبرات البحثية، بهدف عزل المتحولات والتأثيرات الفردية”.
وأضاف: “نحن هنا يجب الا نتفاجأ إذا ما أثارت نظرية اجتماعية، أو مقاربة منهجية ردات فعل حامية، وغالبا متناقضة، ويجب الا نندهش من النزاعات السوسيولوجية إذا ما اتخذت طابعا متعارضا وفظا أحيانا، خاصة إذا ما احتطنا للرهانات الفلسفية الثقافية والسياسية والاجتماعية المتنوعة والمتعددة التي هي في الواقع مسار هذه النزاعات”.
وأشار إلى أن “المدرسة التجريبية تركز على المنهجية العلمية المتفلتة من المسألة التاريخية وآخذة في الاعتبار الواقع الحديث. وكذلك الأمر بالنسبة إلى العلوم الاجتماعية، فالوقائع الخاضعة للتجربة من الفكرة التي تمتلكها عن الواقع ونجعلها تخضع لحقلها التجريبي بإدخال متغيرات جديدة في عملية التحليل والفهم، وهو ما ينسب وبالآلية نفسها إلى علم الاجتماع التجريبي”.
سلام
وبينت منسقة مختبر علم اجتماع التربية د. هيفاء سلام من جهتها، السعي في هذا المختبر إلى “تطوير الأبحاث التي تدور في فلك الاجتماع التربوي لإدراكنا أنها الوسيلة الأنجح والأمثل للعبور إلى مجتمع المعرفة والارتقاء بمجتمعنا، وهذا يمر حتما من بوابة ميدان علم اجتماع التربية”. وتطرقت إلى التنمية البشرية المستدامة تقوم “أساسا على تحسين عملية التعلم والتعليم وتطوير البحث العلمي الذي يضمن الوصول إلى الهدف المنشود وهو تحقيق رفاهية الإنسان والمجتمعات”.
وأوضحت “إن اختيارنا لموضوع هذه الندوة حول المنهج التجريبي هو خير دليل على اهتمامنا بتفعيل الدراسات الاجتماعية التربوية بغية الارتقاء إلى مستوى المجتمعات المتقدمة علميا ومعرفيا”.
كفروني
وأشار البروفسور يوسف كفروني من جهته، إلى أن “الثورة العلمية التي انطلقت في القرن السابع عشر تعود الى المنهج التجريبي الذي يعطينا الدليل الملموس من خلال إعادة التجربة، ويعطينا الدليل على العلاقة السببية بين المتغير المستقل والمتغير التابع”، معلنا أن “المنهج التجريبي هو منهج البحث الوحيد الذي يمكن أن يستخدم لاستثمار خاص بالفرضيات من نوع سبب ونتيجة”.
وأضاف “في الدراسات التجريبية يتحكم الباحث عادة في واحد أو أكثر من المتغيرات المستقلة ويعمل على ضبط تأثير المتغيرات الأخرى ذات الصلة، ليرى تأثير ذلك على المتغير التابع”، وبين كفروني إمكان التحكم في المتغير المستقل، وأن “هذه الصفة الرئيسية التي تميز المنهج التجريبي عن غيره من مناهج البحث الأخرى”.
وعن دخول المنهج التجريبي الى المجال الاجتماعي، ذهب كفروني إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام 1960، عندما دخل هذا المنهج “كجزء من النقاش حول فوائد نظام الحماية الاجتماعية، ودفعت أموالا طائلة لذلك. ومن ثم انتشر في كندا، وبريطانيا، واستراليا ففرنسا”.
واعتبر كفروني أن “يجب النظر الى المنهج التجريبي في أوروبا على خلفية السياسة الاجتماعية الأوروبية. ثمة مشكلات اجتماعية كبيرة تدفع الدولة للتأكد من السبب والنتيجة لاختيار سياساتها الاجتماعية (الاندماج الاجتماعي، الهجرة، سوق العمل، لدى الفئات المحرومة المستهدفة…)”.
وعن تميز المنهج التجريبي ذكر العميد كفروني أنه يسمح للباحث أن “يتدخل في الظاهرة وله علاقة في الابتكار، ووضع المعالجة، وابتكار المتغير السببي، كما يمكن للباحث أن يبدأ بتحديد مشكلة البحث أو يرى مشكلة، وهذه المشكلة هي التي توجهه الى الملاحظة. فبدون المشكلة كما وذكر كفروني بأن المشكلة تسبق الملاحظة، وفي ضوء الملاحظة يضع الباحث الفرضية، وفي ضوء الفرضية يقوم بالتجربة أو الاختبار”.
وأضاف: “من خلال عملي، تابعت ابحاثا في المنهج التجريبي بمجالي الهندسة والطب، وأتت نتائجهما مميزة. أما في علم اجتماع التربية، فثمة نموذج مهم عن تطبيق المنهج التجريبي للدكتور عباس حمادي، تناول فيه تجربة على التفكير الناقد والتفكير الابتكاري، وطبقها على مجموعة من الطلاب الذكور والاناث. كما رأى مستوى التحصيل قبل وبعد على المجموعة التجريبية والمجموعة الضابطة”.
وختم: “المنهج التجريبي هو الوحيد الذي يعطينا علاقة سببية، من هنا أهمية تطبيقه عند الإمكان، شرط ضبط المتغيرات”.
الوكالة الوطنية للاعلام