مجلة وفاء wafaamagazine
منذ نحو خمسة أشهر، لم تنقطع «سيرة» حليب الأطفال بعدما «انقطع» الحليب نفسه. سؤال «عندك حليب؟» أصبح روتين العائلات التي تضمّ أطفالاً. وإلى الآن، لا بوادر انفراج، ومعظم الصيدليات والمحال التجارية والتعاونيات باتت شبه خالية من هذه المادة.
أسباب «الفقدان» كثيرة. مع ذلك، يركن الصيادلة إلى السبب الأساس الذي يجعل انقطاع الحليب شبه مستمر، وهو الذي يتعلق بتأخر المعاملات في مصرف لبنان. ويشمل هذا التأخير فئتَي ما دون السنة (من صفر إلى سنة) ومن سنة إلى ثلاث سنوات، وإن كانت المشكلة أصعب ضمن الفئة الثانية التي تخضع لوزارة الاقتصاد، فيما الأولى «تخضع لنفس شروط الدواء ونستوردها مع الأدوية»، على ما يقول نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة.
المشكلة إذاً في الفئة الأكبر. إذ فقدت معظم «ماركات» الحليب لهذه الفئة العمرية في الصيدليات والمحال التجارية. ويلفت رئيس الجمعية الإسلامية للصيدلة، حمود الموسوي، إلى أنه «في الآونة الأخيرة لم يعد يتوافر أكثر الأحيان سوى ماركتين تتغيران بحسب وصول الشحنات، وذلك من أصل نحو 10 ماركات». ومن بين الشحنات التي وصلت أخيراً، يقول الموسوي إن لديه في صيدليته «سيميلاك» و«نيدو»، و«إن كنا نتشدّد في بيع النيدو لكون الكثيرين يشترونه للتجارة، إذ يبلغ سعر الـ 400 غرام منه في الصيدلية 18 ألف ليرة ويباع في السوق السوداء بحدود 40 ألف ليرة».
70 % من الكميّات توزّع في بيروت والبقيّة في بعض المدن من دون مناطق الأطراف
فقدان معظم الأصناف ضمن فئة السنة إلى ثلاث سنوات «أثّر بشكلٍ كبير على فئة الرضّع وما دون السنة، إذ بات كثيرون من الزبائن يشترون حليب الفئة الأولى للقئة الثانية، ما يولّد نقصاً في الكمية». وما يدفع هؤلاء إلى الإقبال على حليب الفئة الأولى، أنه يخضع لتسعيرة وزارة الصحة، على عكس الفئة الأخرى التي تخضع لتسعيرة وزارة الاقتصاد. وهذا الخضوع دونه عقبتان أساسيتان: أولاهما «تلاعب التجار بالأسعار واحتكار السلعة وبيعها في السوق السوداء»، على ما يقول أحد التجار. والثانية «ما يتعلق بشروط آلية الاستيراد، إذ باتت وزارة الاقتصاد تتشدّد في شروطها، كما تتأخر المعاملة لديها، قبل مكوثها الطويل في مصرف لبنان، والذي ينتهي أحياناً رفضاً لبعض المعاملات أو تخفيفاً منها».
أما ما يزيد الطين بلّة، فهو الـ«لا عدالة في التوزيع بين بيروت الكبرى والمناطق»، على ما يقول نقيب الصيادلة، غسان الأمين. إذ فيما يحظى المركز بـ 70% من الكميات الموزعة من الحليب، توزع الـ 30% الأخرى على بعض المدن من دون مناطق الأطراف، «وهذا يشكل جريمة كبرى». لذلك، يطالب الأمين بالإفراج عن المعاملات العالقة في مصرف لبنان، وخصوصاً أن المبالغ التي دفعت العام الماضي «كانت بحدود 32 مليار ليرة بعدما كانت عام 2019 بحدود 55 مليار ليرة، وذلك بعد مطالبتنا بتخفيض سعر حليب الرضع وما دون السنة من 18 ألف ليرة إلى 12 ألفاً ليتناسب مع أسعاره في الدول المجاورة». مع ذلك، لم يحل هذا التخفيض دون «المكوث الطويل» في «المركزي» وحرمان أطفالٍ كثر من أبسط حقوقهم.
الاخبار