مجلة وفاء wafaamagazine
من أكثر الأسئلة التي يمكن أن تُطرح على معالج نفسي أو طبيب نفسي هي «ما هو نوع شخصيتي؟». وللإجابة عن هذا السؤال، هناك حاجة لاختبارات نفسية متخصصة لدراسة الشخصية. وطبعاً هذا السؤال القديم – الحديث – المتكرر، درسه علماء النفس وأطباؤه وأهمهم «سيغموند فرويد»، الذي اعتبر الشخصية تنظيماً ثلاثي المكونات، وهي الأنا والأنا الأعلى والهُو. وكل واحدة منها لها خصائصها الذاتية. بينما لم يعتمد علماء آخرون على التحليل النفسي، بل اعتبروا أنّ الشخصية تتكوّن بفضل «مفهوم الذاتي» للإنسان، أو تدخّلات ما بين التربية الصالحة وغير السوية. وينتج من هذه التفسيرات، أكانت تحليلية فرويدية أو نفسية- تربوية، الشخصية وعناصرها. فما هي الشخصية؟ وما هي أنواعها؟
لفهم شخصية الإنسان، يجب التعرف على أنماط سلوكياته وهي ما تُسمّى بالسمات. ويجب التمييز ما بين السمات و»حالة» الإنسان التي هي «إستجابات تحدث الآن» للإنسان وستختفي بإختفاء الحادث. بينما السمات لا تختفي ولا تولد، بل هي موجودة وتكوّنت جراء التربية والمعاملة ونظرة الأهل للطفل وغيرها من الأمور التي «صنعت» الشخصية. والجدير بالذكر أنّ الإنسان يتألف من سمات عدة وليس من سمة واحدة. أي إذا انوجدت سمة واحدة في الشخصية، لا يعني أنّ هذه الأخيرة إصتبغت بالسمة هذه.
سمات الشخصية
تُعتبر السمات تعبيرات ظاهرة للإنسان تجاه عالمه الخارجي. وتتكون هذه السمات بفضل العديد من التجارب التي يعيشها الإنسان ويفهمها ويدركها خلال طفولته. وللمعشر والأصدقاء وغيرها من الأساليب النفسية، كغسل الدماغ وتكرار الأفكار، طبعاً تأثير على شخصية الإنسان. على سبيل المثال، شاب يُكَرَّرْ «فوق رأسه» أفكاراً معينة… في نهاية المطاف سيؤمن هذا الشاب بتلك الأفكار، حتى لو لم تكن ضمن تكوينه النفسي والشخصي، وسيصبح «عبداً» لها، لأنّها أصبحت جزءاً من سماته.
هناك العديد من أنواع السمات عند الإنسان، كسمات الدافع، والتي تدفع الإنسان للقيام بسلوكيات معينة، وسمات القدرة، والتي تشير إلى أنواع الأهداف التي يتجّه نحوها السلوك، وسمات القدرة التي تتجّه نحو القدرات والمهارات العامة والخاصة، والسمات المزاجية كالتفاؤل أو الإكتئاب، والسمات الأسلوبية (أساليب التفكير).
ومن أنواع السمات تندرج صفات الإنسان المختلفة: الخجول أو العدواني أو الخانع أو الكسول أو المكتئب أو سهل المعشر…
ما هو نوع شخصيتي؟
عالمان أساسيان نظّما مبادئ شخصية الإنسان وهما «ألبورت»، وهو واضع نظريات السمات، و»كاتل»، وهو منظّم ومخطّط سمات الشخصية. ولكي يدرسا «الإنسان» إلتجأ هذان العالِمان إلى طرق الملاحظة ودراسة السلوكيات، مع تحليل معاملات الإرتباط، وهي عملية إحصائية تقوم بربط مختلف السمات لتحديد الشخصية. وظهرت الإختبارات النفسية التي تؤكّد نوع شخصية كل إنسان في العالم أجمع. ومن أهم ما قام به «كاتل» هو عرض «عناصر السمات» وظهرت فيه عشرة أساسية عند الإنسان الراشد، التي تكون عنده سمات شخصيته بشكل كامل وهي التالية:
- الشخصية المتكيّفة، وهي شخصية مرنة، تقبل بالتغيير، وترضى بالحلول الوسط. تقابل هذه الشخصية، واحدة أخرى هي «الشخصية الجامدة»، حيث لا تتكيّف بسهولة مع طرق التفكير. وترتبك هذه الشخصية إذا تغيّر أسلوبها الروتيني في الحياة.
- الشخصية الإنفعالية، هي سريعة القابلية للإستثارة، تصرخ وتضحك كثيراً، كما تبدي الحب والغضب وكل الإنفعالات بشكل زائد. تقابلها الشخصية الهادئة، هي شخصية متزنة، تحتفظ بهدوئها، وتستجيب بصورة أوفى من المطلوب في المناقشة أو مواقف الخطر أو الضغوط الإجتماعية وغيرها.
- الشخصية «الضمير الحي»، هي شخصية أمينة، تعرف واجباتها، لا تكذب أو تخدع الآخرين. تقابلها شخصية «عدم الضمير»، حيث إنّها مجردة إلى حدّ ما من المبادئ الأخلاقية، لا تراعي كثيراً مبادئ الصواب والخطأ عندما تتدخل الرغبات الشخصية، تخدع وتكذب ولا تحترم ملكية الغير.
- الشخصية المتمسكة بالعرف، وبالقواعد المقبولة وطرق السلوك والتفكير والملبس وغيرها. تقابلها الشخصية اللامبالية بالعرف، حيث تكون غريبة الأطوار، سلوكياتها مختلفة عن سلوكيات الآخرين، لها إهتمامات وإتجاهات.
- الشخصية الغيورة أو التي تحسد الآخرين على إنجازاتهم، تشعر بالغيرة إذا تلقّى الغير إهتماماً، سريعة الإمتعاض إذا وجدت أنّ الإهتمام موجّه لغيرها. تقابلها الشخصية غير الغيورة، فهي تحب الغير حتى من هم أحسن منها، لا تتضايق عندما يتلقّى الغير إهتماماً، بل تشارك في الثناء.
- الشخصية الحذرة-المؤدبة، هي تراعي حاجات الغير وتحترم مشاعرهم، وتقابلها الشخصية المتهورة وتتمثل بشخص متغطرس، متحدٍّ، وقح ولا يراعي مشاعر الآخرين، يعطي إنطباعاً بأنه يخرج من صوابه فيصبح فظاً.
- الشخصية المستسلمة وهي عادة تكون مهمِلة، تعمل بشكل متقطع، وهي سهلة التشتت وتبتعد عن أهدافها، وتقابلها الشخصية المصممة، وهي شخصية مثابرة وتحقق كل أهدافها رغم الصعوبات أو الإغراءات، وتكون قوية الإرادة.
- الشخصية الرقيقة والودية العطوفة والحساسة لمشاعر الآخرين. تقابل هذه الشخصية، شخصية مناقضة، وهي الشخصية العنيدة الجامدة غير الودودة، لا يهمها إن كرهها الآخرون إذا كان هذا هو ما يجب أن تفعله لمصلحتها الشخصية.
- الشخصية المتواضعة، لا تحب المدح خصوصاً على إنجازاتها، ولا تبدو أنّها تفكر في نفسها كشيء هام جداً أو جدير بالإهتمام. تقابل هذه الشخصية، الشخصية المغرورة، حيث تؤنب الآخرين كلما حدث صراع، كثيرة التباهي خصوصاً بنفسها.
- الشخصية الوهنة التي تمثل شخصاً يشعر بالإجهاد وهو بطيء بالتصرفات وبالعمل وبالكلام. كما يفتقر إلى النشاط، ويكون غامضاً. وتقابله الشخصية النشطة، سريعة العمل وقوية وفعّالة وحاسمة ومليئة بالحيوية والنشاط والشجاعة.
الجمهورية