مجلة وفاء wafaamagazine
وجه الممثلون القانونيون للمتضررين لدى المحكمة الخاصة بلبنان في قضية عياش (STL-18-10) أو القضايا المتلازمة، المحامون الرئيسون: الدكتور أنطونيوس أبو كسم (الاعتداء على الشهيد جورج حاوي)، نضال الجردي (الاعتداء على السيد مروان حمادة) وعادل نصار (الاعتداء على السيد الياس المر)، كتابا إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وإلى أعضاء مجلس الأمن وسفراء الدول المانحة، وذلك بمثابة “نداء طارىء من المتضررين لمطالبتهم بذل الجهود اللازمة لتوفير ما يكفي من الأموال لاستمرار عمل المحكمة، بما يتوافق مع واجب المجتمع الدولي وضع حد للافلات من العدالة وتحقيق العدالة للمتضررين”.
وجاء في نص الكتاب:
“نداء عاجل من المتضررين التماسا للمساعدة في تأمين التمويل للمحكمة الخاصة بلبنان، نيابة عن المتضررين المشاركين، ينتهز الممثلون القانونيون للمتضررين المشاركين في المحكمة الخاصة بلبنان (المحكمة) في قضية المدعي العام ضد عياش، القضية STL-18-10، هذه المناسبة لإيصال صوت المتضررين المشاركين ونقل طلبهم العاجل لتوفير ما يكفي من الأموال لاستمرار عمل المحكمة، بما يتوافق مع واجب المجتمع الدولي وضع حد للافلات من العقاب وتحقيق العدالة للمتضررين.
لقد انتظر المتضررون المشاركون أكثر من خمسة عشر عاما منذ وقوع سلسلة من الاعتداءات الإرهابية كي تتاح لهم فرصة الوصول إلى العدالة من خلال القضية القائمة أمام المحكمة، وهي المؤسسة القضائية الوحيدة القادرة على الاستماع إلى شواغل المتضررين ومعالجتها على نحو مستقل وملائم، وكي يتسنى لهم بلوغ مسعاهم إلى العدالة والحقيقة والتعويض.
في 25 شباط/فبراير 2021، مددت ولاية المحكمة لمدة سنتين إضافيتين اعتبارا من 1 آذار/مارس 2021، أو إلى حين انتهاء القضيتين القائمتين أمامها إذا حصل ذلك قبل انتهاء فترة التمديد، أو إلى حين نفاد الأموال المتوافرة إذا حصل ذلك قبل انتهاء فترة التمديد. وفي 26 آذار/مارس 2021، أقرت اللجنة الخامسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة مشروع قرار خصصت فيه نحو 15,5 مليون دولار للمحكمة بشكل إعانة مالية، غير أن المبلغ الموافق عليه لم يكن كافيا لضمان استمرار أعمال المحكمة وإنجاز ولايتها.
وإذا لم تؤمن الأموال للمحكمة وأنهيت القضية STL-18-10 على نحو فجائي، سيبعث ذلك رسالة سلبية للمتضررين الذين ينتظرون تحقيق العدالة والمساءلة منذ فترة طويلة جدا. وسيكون ذلك أيضا بمثابة رسالة تشجيع للفاعلين لارتكاب المزيد من الاعتداءات الإرهابية بلا رادع أو خوف. فإنهاء الإجراءات في المحكمة سيبدد آخر أمل بتحقيق سيادة القانون والعدالة في لبنان وبالتزام المجتمع الدولي بذلك.
وحرصا على مصالح المتضررين المشاركين، نحن الموقعين أدناه نتقدم بهذا الطلب العاجل لضمان قدرة المحكمة على إكمال أعمالها، وكفالة ودعم حق المتضررين في الوصول إلى الحقيقة والعدالة.
وقد أرفقت بهذا الطلب عرائض من المتضررين المشاركين في القضية STL-18-10، تعبر عن طلبهم العاجل.
ألف- المدعي العام ضد عياش (القضية STL-18-10)
منح 31 متضررا صفة متضرر مشارك في إجراءات قضية المدعي العام ضد عياش (القضية STL-18-10)، ويمثل هؤلاء المتضررين الممثلون القانونيون الثلاثة الموقعون أدناه. وتشمل القضية ثلاثة اعتداءات تبين أنها متلازمة مع الاعتداء على معالي رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في 14 شباط/فبراير 2005، وهي الاعتداءات التي استهدفت السيد مروان حماده، والراحل الشهيد جورج حاوي، والسيد الياس المر. وفضلا عن اغتيال السيد جورج حاوي الذي كان الهدف الرئيسي والمباشر، أدت هذه الاعتداءات إلى عدة إصابات وخسائر في الأرواح، بما يشمل مقتل السيد غازي أبو كروم، والسيد خالد مورا.
ولا تزال الإجراءات في القضية STL-18-10 في المرحلة التمهيدية. ومن المتوقع أن تبدأ المحاكمة في 16 حزيران/يونيو 2021. ويأتي ذلك عقب إجراءات تمهيدية دامت أكثر من سنة وتعززت فيها آمال المتضررين المشاركين بأن تسمع أصواتهم أخيرا.
وفي هذا السياق، نلفت انتباهكم، حضرة الأمين العام، إلى أن بعض التحضيرات للمحاكمة معلقة الآن على ضوء الوضع المالي المبهم.
باء- حق المتضررين في معرفة الحقيقة والوصول إلى العدالة
إن حق المتضررين في معرفة الحقيقة والوصول إلى العدالة يقعان في صلب عمل المحكمة الخاصة بلبنان. وهو حق أقر به المجتمع الدولي والأمم المتحدة في أي عملية انتقال مجتمعي نحو سيادة القانون والديمقراطية وحقوق الإنسان.
وعلى سبيل المثال، ينص “إعلان مبادىء العدل الأساسية المتعلقة بضحايا الإجرام والتعسف في استعمال السلطة” على حق المتضررين في “الوصول إلى آليات العدالة والحصول على الإنصاف”، بحيث تتيح الآليات القضائية والإدارية للمتضررين “الحصول على الانتصاف من خلال الإجراءات الرسمية أو غير الرسمية العاجلة والعادلة وغير المكلفة وسهلة المنال”.
وقد شدد المتضررون المشاركون على الحاجة إلى وجود محكمة، وانتظروا أكثر من خمسة عشر عاما منذ وقوع الاعتداءات قبل أن يؤذن لهم أخيرا بالمشاركة في الإجراءات عام 2020، ومن حقهم معرفة الحقيقة بشأن الاعتداءات.
لقد عبر جميع المتضررين المشاركين عن الشواغل نفسها: إذا لم تتمكن المحكمة من إنجاز ولايتها قبل إصدار الحكم النهائي في القضية STL-18-10، لن يتمكن المتضررون من الوصول إلى العدالة ولن تكشف الحقيقة بشأن الاعتداءات.
وهنا نشير، حضرة الأمين العام، بكل احترام إلى قرار مجلس الأمن 1664 الذي صيغ “إدراكا […] لما يطالب به الشعب اللبناني من تحديد لهوية جميع المسؤولين عن التفجير الإرهابي الذي أدى إلى مقتل رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري وآخرين، وتقديمهم إلى العدالة”.
جيم- وضع حد للافلات من العقاب
لقد أعرب جميع المتضررين المشاركين في القضية STL-18-10 عن أهمية وجود المحكمة وعملها للمساهمة في وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب في لبنان. ولا ترمز الإجراءات القائمة في المحكمة إلى الأمل فحسب، بل إن قيامها شرط أساسي لتحقيق العدالة.
وكما ذكرنا آنفا، من المتوقع أن تبدأ المحاكمة في 16 حزيران/يونيو 2021. وإنهاء الإجراءات على نحو فجائي بسبب نقص التمويل يمثل انتهاكا لحقوق المتضررين المشاركين، ويؤدي إلى استمرار ثقافة الإفلات من العقاب في لبنان.
فالإنهاء الفجائي لقضية جارية يبعث رسالة سلبية للمجتمع الدولي بأن لا ضرورة لتعزيز سيادة القانون، وبأن الإفلات من العقاب سيغلب على المساءلة والعدالة. وستؤدي هذه الفوضى إلى وضع خطر حيث قد تقرر الدول أن توقف تقديم المساهمات للمؤسسات القضائية الدولية ولا يساق مرتكبو الجرائم النكراء إلى القضاء. وفي لبنان والشرق الأوسط، قد يؤدي ذلك إلى تشجيع الفاعلين على ارتكاب المزيد من الأعمال الإرهابية.
إن المحكمة الخاصة بلبنان مؤسسة تدعم الديمقراطية وحرية التعبير في العالم العربي. وإرث المحكمة لا يخص لبنان وحده، فهو إرث الدول المساهمة والمجتمع الدولي. ووقف العمل والجهود التي بذلتها المحكمة والمجتمع الدولي حتى الآن من أجل وضع حد للافلات من العقاب لن يكون مهينا لسيادة القانون فحسب إنما أيضا لإرث مؤسسة أنشئت وأبصرت النور بفضل الجهود المشتركة للدول المساهمة.
لذا نقدم، نحن الموقعين أدناه، هذا الطلب العاجل إلى حضرتكم حرصا على أن تتمكن المحكمة من مواصلة عملها، ومن الدفاع عن حقوق المتضررين المشاركين، ومن ثم وضع حد للافلات من العقاب في لبنان.
دال- المساواة بين جميع المتضررين
يجب أن يمنح جميع المتضررين حقوقا متساوية ويعاملوا على قدم المساواة في المؤسسات القضائية الدولية، بما يشمل المحكمة الخاصة بلبنان. وقضية المدعي العام ضد عياش وآخرين (القضية STL-11-01 المتعلقة بالاعتداء على معالي الرئيس رفيق الحريري) قد بلغت مرحلة الاستئناف في نهاية عام 2020.
ومن غير العادل للمتضررين المشاركين – الذين انتظروا أكثر من خمسة عشر عاما – في القضية STL-18-10 أن تتوقف الإجراءات بسبب نقص التمويل. فجميع الإجراءات بحاجة إلى نتيجة حاسمة لكي تتحقق العدالة للمتضررين، وهو حق ينص القانون الدولي على حمايته، مثلما شددنا أعلاه.
وفي القضية STL-11-01، سجلت الأضرار التي عاناها المتضررون المشاركون في تلك القضية والأدلة التي قدمها المتضررون المشاركون، في الحكم الصادر عن غرفة الدرجة الأولى. وشكل ذلك إنجازا للمتضررين المشاركين وللعدالة الدولية بوضع حد للافلات من العقاب. ورفض المستوى نفسه من المشاركة للمتضررين في القضية STL-18-10 سيكون مجحفا ومتنافيا مع مفهوم المساواة في القانون الدولي.
هاء- الخلاصة والطلب
إن هذا الطلب العاجل للحصول على تمويل كاف يتسق مع ما أبداه مجلس الأمن في الأمم المتحدة من استعداد – وفقا لما ينص عليه القرار 1757 – “للاستمرار في مساعدة لبنان في البحث عن الحقيقة ومحاسبة جميع المتورطين في هذا العمل الإرهابي على جريمتهم، [مؤكدا] من جديد تصميمه على دعم لبنان في جهوده الرامية إلى تقديم مرتكبي عملية الاغتيال هذه وغيرها من عمليات الاغتيال ومنظميها ورعاتها إلى العدالة”.
إن حقوق المتضررين، بما يشمل حقهم في عرض آرائهم وشواغلهم وحقهم في الوصول إلى الآليات القضائية، يجب أن تصان وفقا لأعلى المعايير في المؤسسات القضائية الدولية. ولضمان استمرار الإجراءات في المحكمة وفقا لمعايير عالية في القضية STL-18-10، يجب أن يكون التمويل كافيا لتغطية جميع مراحل الإجراءات.
لذلك، يلتمس المتضررون المشاركون وممثلوهم القانونيون في القضية STL-18-10 بكل احترام دعمكم الكامل لتأمين التمويل اللازم من أجل ضمان استمرار الإجراءات في المحكمة الخاصة بلبنان حتى نهايتها.
وكما ذكرنا آنفا، نرفق طيا عرائض المتضررين المشاركين في القضية STL-18-10 لحث المجتمع الدولي على دعم استمرار المحكمة الخاصة بلبنان والحرص على أن تكون قادرة ماليا على متابعة الإجراءات حتى نهايتها”.