السبت 19 تشرين الأول 2019
كتبت أسرار شبارو في جريدة النهار:
من جميع المناطق في الضاحية نزلوا الى الشارع للتعبير عن رفضهم واحتجاجهم على الاوضاع المعيشية، أحرقوا الإطارات المشتعلة، رفعوا شعارات مناهضة للطبقة الحاكمة، مطالبين بمحاكمة كل المسؤولين، ومؤكدين ان لا تراجع عن الثورة التي كان يجب ان تقوم منذ سنين.
صرخة قهر
متحمس للانتفاضة من مقلب الى مقلب في الشارع في منطقة المشرفية كان يتنقل، واضعا قناعاً على وجهه، صارخاً معلنا الانتفاضة، هو علي (17 سنة) ابن بلدة المالكية، الذي اكد انه “يضع القناع كي لا تلتقط صور له”. وعن دوافع نزوله الى الشارع،قال: “انا ولد اضطررت للعمل في فرن مقابل 50 الف ليرة في الاسبوع، وذلك من أجل اكمال تعليمي، نجحت سنة اولى في المعهد في ميكانيك الاليات، لكن في السنة الثانية لم اتمكن من جمع مبلغ التسجيل، وجدت نفسي من دون علم وعمل”. واضاف “لديّ شقيقتان وأخ يبلغ من العمر ستة اشهر، والدي يعمل في بيع السمك، اكتفينا من الفقر والذل، نريد ان نعيش بكرامة وان نؤمن ادنى حاجياتنا”، داعياً جميع المواطنين للنزول الى الشوارع، والانتفاضة في وجه الظلم، مؤكداً: “اليوم جميعنا يد واحدة، سني، شيعي، درزي، مسيحي، وسنبقى في الشارع الى حين تحقيق مطالبنا”.
“كفانا فقراً”
على الرصيف جلست زينب رسلان من القصيبة مع مجموعة من النساء، عبّرت عن وجعها الذي كان خلف نزولها الى الشارع بالقول “عمري 65 سنة وما زلت مضطرة للعمل في الخياطة في مبرة الامام الخوئي، نصف دوام براتب 350 الف ليرة، اولادي من دون عمل، وزوجي متوف منذ زمن، لا بطاقة صحية لدي، بيتي ايجاره قديم، اليس من حقي ان استريح بعد طول معاناة”؟ تقاطعها جارتها ابنة سلعة و(60 سنة) قائلة: “لا معيل لي غير الله، اعمل في طبخ الكبب وورق العريش على الطلب، اسكن وحدي في منزل اهلي القديم، فلم يكتب الله لي الزواج وانجاب اولاد، اقول اليوم اننا مللنا من الطبقة الحاكمة ونريد التغيير اكتفينا فقر وتعتير”.
ليرحلوا جميعاً
لم يحل كبر سنها من نزولها الى الشارع، بكل همّة وقفت مع المحتجين، هي الهام محسن (75 سنة) من النميرية، التي قالت: “نحن نضحي من اجل نوابنا الاوادم فقط، اما الفاسدون فليحاكموا على سرقاتهم”، مطالبة المتظاهرين التوقف عن احراق الاطارات التي تضر بصحة المواطنين. في حين قالت زهراء شهاب (25 سنة) من دير عامص، سكان الضاحية، التي نزلت برفقة ابنة عمها ديانا: “انظلمنا كثيرا في هذا البلد، احلامنا ضاعت، درست حضانة اطفال من دون ان اجد وظيفة، حالي كحال شقيقاتي الثلاث وشقيقي، والدي يعمل في وظفيتين ولا يصل مدخوله الى المليون ليرة، ادويته تكلف في الشهر 300 الف ليرة، لذلك نزلنا اليوم لتصل صرختنا الى جميع المسؤولين فلترحلوا جميعاً”. في حين قالت ديانا (21 سنة): “انا اليوم هنا لاني واشقائي من دون عمل، نحن ستة ابناء في المنزل، اثنان منهما في المدرسة، والدي متقاعد في الجيش، راتبه لا يكفينا سوى لايام، نعم هو مع “حزب الله” لكن وصلنا الى مرحلة فقدنا ثقتنا بجميع الاطراف”.
“الى مزبلة التاريخ”
تدفع ابنها من ذوي الهمم في عربته، وتسير مع ابنتيها، مصرة على ارسال صوتها، كانت ندى من زفتا – النبطية، سكان المريجة، مع المتظاهرين، للتعبير عن احتجاجهن، حيث قالت: “ولدي لا يأخذ شيئاً من حقوقه في هذا البلد، ابنتي في الجامعة تحتاج الى مصاريف وزوجي سائق في احدى الشركات راتبه لا يكفينا، نطلب من السياسيين ان يرحمونا باستقالتهم”. واضافت “اطلب من السيد حسن نصرالله ان يقف الى جانبنا، وانا متأكده انه لا يعارض نزولنا الى الشارع”. على مقربة منها كان يقف الرجل الستيني خليل خليل الذي لم يؤيد يوماً زعيماً كما قال، غصته انه بلا عمل، لديه ثلاثة اولاد، احدهم يعمل سائق سيارة اجرة، والثاني في مطعم والثالث بلا عمل، معتبراً ان “كل السياسيين يجب ان يذهبوا الى مزبلة التاريخ، فلم يشعروا بالتخمة على الرغم من كل المليارات التي سرقوها”.