مجلة وفاء wafaamagazine
يواصل «مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة» للفصل الأول من سنة 2021 هبوطه، مشيراً الى «عمق الأزمة التي تعيشها البلاد، والى الخسائر الفادحة التي تتكبّدها كافة القطاعات الإقتصادية، لا سيما التجارية منها».
جاء في «مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة»، أنّه «لم يشهد الفصل الأول من هذه السنة أي حلحلة في شؤون البلاد السياسية، ولا أية بوادر في إمكانية تشكيل حكومة.. لا بل إزدادت العـُـقد، وتواجهت الطروحات لإنقاذ البلاد، وتعدّدت الوساطات المحلية والإقليمية والدولية، دون نفع أو جدوى…
تركّز استهلاك الأُسر على شراء الدواء والسلع الغذائية الأساسية، لا سيما تلك الأُسر التي طالتها البطالة المتزايدة. وكان الترشيد في المصروف هو الوسيلة الوحيدة لمكافحة الإنخفاض الحاد في القدرة الشرائية، وسط الإحساس بإرتفاع إضافي في الأسعار من جرّاء تدنّي قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وهو الأمر الذي انعكس في الأرقام الصاروخية التى سجّلها مؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة والتي تـُـصدرها إدارة الإحصاء المركزي.
أما مالية الدولة، فلم تنجو طبعاً من حالة الركود هذه. وتتالت الأرقام الرسمية السيئة لتشير الى تدهور في المؤشرات الرسمية، من ميزان مدفوعات يتفاقم العجز فيه (وقد بات يقارب الـ 5 مليارات دولار، وهو رقم قياسي منذ إنشاء الدولة، ورغم تخفيض العجز التجاري بما يقارب الـ 60% من دون أن يكون لهذا التخفيض أي تأثير على حدّ تدهور ميزان المدفوعات)، الى ناتج قائم يشهد تقلّصاً حادّاً (حيث هبط الى ما دون الـ 20 مليار دولار سنة 2020 بعد أن كان قد تجاوز الـ 50 مليار دولار في الثلاث سنوات السابقة لها، وبذلك بات حجم الدين العام – الذى وصل الى أكثر من 150 بالمئة من الناتج الاجمالي، من أعلى معدلات المديونية في العالم) … وصولاً الى ما تمّ إعلانه أخيراً بأنّ عائدات الدولة من شركتي الخليوي تشكّل أكثر من 70% من إجمالي إيرادات الدولة!
أما إحتياطي العملات الأجنبية المتبقـّي، فقد شهد تقلّصاً دراماتيكياً، وبات يلامس حدود الإحتياطي الإلزامي في البنك المركزي، ذلك نتيجة لعوامل كثيرة، ولا سيما قيام الدولة بتطبيق برنامج دعم للسلع الإستراتيجية التى تتضمّن المحروقات والدواء والطحين وحوالى 360 صنفاً من المواد الغذائية، ما أدّى الى هدر مليارات الدولارات على دعم سلع يتمّ تهريب جزء كبير منها الى بلدان الجوار.
وليس مستغرباً أيضاً أن يكون مؤشر غلاء المعيشة الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي (CPI) قد واصل إرتفاعه، حيث بلغ نسبة +157.86% ما بين الفصل الأول لسنة 2020 والفصل الأول لسنة 2021 (بعد أن كانت قد سجّلت +145.84% في الفصل السابق)، في حين بلغت هذه النسبة +16.52% ما بين الفصل الأخير لسنة 2020 والفصل الأول لسنة 2021 (بعد أن كانت قد سجّلت +12.94% في الفصل السابق له)، وبذلك تكون قد سجّلت مرة أخرى إستمراراً، لا بل تسارعاً، في إرتفاع الأسعار.
قبل النظر في نسبة التضخم في أهم القطاعات، تجدر الإشارة الى أنّ سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في نهاية الفصل الأول من سنة 2020 كان قد بلغ 2,800 ل.ل. مقابل ملامسته الـ 15,000 في نهاية الفصل الأول من سنة 2021، أي انخفاض حقيقي في قيمة الليرة اللبنانية بلغ ما يقارب 450%.
ولو نظرنا الى معدّلات نسبة التضخّم في كل قطاع على حدة، نلحظ من أبرزها:
• ما بين الفصل الأول لسنة 2020 والفصل الأول لسنة 2021
زادت الاسعار في قطاع المطاعم والفنادق بنسبة 721.81%، في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية 693.04%، و546.61% في قطاع الألبسة والأحذية، 437.39% في قطاع المشروبات الروحية والتبغ، 394.81% في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غير الروحية، 249.34% في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة، 234.28% في قطاع النقل، و104.87% في قطاع الإتصالات.
• أما بين الفصل الأخير لسنة 2020 والفصل الأول لسنة 2021، فقد تمّ تسجيل المعدّلات التالية:
زيادة بنسبة 37.29% في قطاع المطاعم والفنادق، 23.51% في قطاع الأثاث والتجهيزات المنزلية، 26.83% في قطاع الألبسة والأحذية، 26.83% في قطاع المواد الغذائية والمشروبات غيرالروحية، 26.69% في قطاع الإتصالات، 25.75% في قطاع المشروبات الروحية والتبغ، 24.05% في قطاع النقل، و13.98% في قطاع الإستجمام والتسلية والثقافة.
وعليه، وبعد التدقيق في أرقام الأعمال المجمعة الحقيقية لقطاعات تجارة التجزئة (أي بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصل الأول من 2020 والفصل الأول من 2021) يتبيّن أنّ تلك الأرقام شهدت خلال الفصل الأول من سنة 2021 إستمراراً للإنحدار الحاصل في الأسواق، وذلك بالمقارنة مع أرقام الفصل الأول لسنة 2020. وقد بلغت نسبة هذا الإنخفاض -93.33% (مع الزيادة في إرتفاع مؤشر الغلاء والذي بلغ نسبة 157.86% بعد نسبة 145.84% التي سجّلها في الفصل السابق له)، و-88.05% بعد إستثناء قطاع المحروقات (الذي شهد إرتفاعاً من حيث الكميات يناهز 18.65% بالمقارنة مع مستويات الفصل الأول لسنة 2020).
وبالنظر الى أرقام الفصل الأول من هذه السنة بالتفصيل، يتبيـّن أنّ أرقام أعمال تجارة التجزئة خلال هذا الفصل شهدت كلها هبوطاً حاداً بإستثناء قطاع معدّات البناء، حيث كان الهبوط معتدلاً (-7.43%)، وبإستثناء قطاعات الأجهزة الطبية والمحروقات التي لحظت إرتفاعاً في أرقامها (+31.28% للأول و +18.65% من حيث الكميات للثاني).
مؤشر الغلاء
من جهة أخرى، عاود مؤشر غلاء المعيشة الفصلي إرتفاعه، حيث بلغ ما بين الفصلين الرابع لسنة 2020 والأول لسنة 2021 نسبة + 16.52% (وهي أكثر من التي شهدناها في الفصل السابق)، ولم يكن هنالك سوى قطاعات الأجهزة الطبية والمحروقات التى سجّلت أرقامها تحسّناً في الفصل الأول من 2021 (+60.22% و +5.12% على التوالي)، في حين شهدت كل القطاعات الأخرى، ولا سيما تلك المصنّفة بالضرورية، إنخفاضاً كان حاداً في معظم الأحيان، عاكسةً إستمرار الركود الحاد في الحركة الإستهلاكية.
وعليه، جاءت النتائج المجمعّة لكافة قطاعات تجارة التجزئة لتسجـّـل – مقارنة بمبيعات الفصل الرابع لسنة 2020 (التي كانت هي الأخرى متدنية جداً أصلاً)، تراجعاً إضافياً في أرقام الأعمال الحقيقية المجمعّة، بلغ نسبة 34.81% بعد إستثناء قطاعي الأجهزة الطبية والمحروقات.
وفي ما يلي نسب التراجع الحقيقي الفصلي في بعض قطاعات تجارة التجزئة:
الأجهزة المنزلية الكهربائية، والراديو والتلفزيون (-66.77%)، المشروبات الروحية (-59.03%) الأحذية والسلع الجلدية (-57.80%)، اللعب والألعاب (-53.64%)، معدّات البناء (-52.97%)، الساعات والمجوهرات (-52.84%)، العطور ومستحضرات التجميل (-51.04%)، المجمعّات التجارية (-50.15%) الملبوسات (-47.79%).
في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أنّ المؤشر الأساس (100) الذي قد تمّ تبنـّيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأنّ تضخم الأسعار خلال الفصل الأول من سنة 2021، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 16.52%.
إشارة الى أنّ «مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة» هو: 4.94 للفصل الأول من سنة 2021 مقابل 5.36 في الفصل الرابع من السنة الماضية.
الجمهورية