الرئيسية / سياسة / الشعب يُجبر السياسيين على “خطّة إنقاذيّة”

الشعب يُجبر السياسيين على “خطّة إنقاذيّة”

الإثنين 21 تشرين الأول 2019

جريدة”النهار”:

بدا المشهد السياسي متبدلاً أمس، وانقشع بعض الغيوم، قبل انقضاء مدة الساعات الـ 72 التي حددها الرئيس سعد الحريري مهلة للحل، وربطها بقراره الاستقالة من رئاسة الوزراء، بعد أن يكون استنفد طاقته على محاولة العلاج والاصلاح تجنباً لانهيار مالي واقتصادي كبير.

وظهر ليل أمس، كأن الشارع الذي أحرق معظم الطبقة السياسية حقق غايته، وان لم يبلغ حد اقالة الحكومة واسقاطها في الشارع، وهو أمر له تداعياته السلبية حالياً، فإنه فرض على القوى السياسية تبني خطة يمكن القول انها اصلاحية، واقرارها اليوم في جلسة لمجلس الوزراء تعقد ظهراً، ويخرج منها الدخان الابيض لاقناع المتظاهرين في كل المناطق والساحات بأن النية جدية لتحقيق المطالب وإن على دفعات، وهي نية تبدو جدية أمام الواقع الجديد الذي رسمه الحراك الشعبي والذي صار من غير الممكن تجاوزه، أو التسبب بتكراره في فترة قصيرة، لان التحرك التالي سيكون أشد غضباً وأكثر عنفاً ويتسبب بمزيد من الخسائر على كل المستويات.

في حصيلة اتصالات أمس، أبلغت القوى السياسية الرئيسية الرئيس سعد الحريري موافقتها على “خطة إنقاذية” إقترحها لحل الأزمة الاقتصادية. وقال مصدر في رئاسة الوزراء لـ”وكالة الصحافة الفرنسية”، إن “الرئيس الحريري اقترح ورقة على القوى السياسية للقبول بها كاملة أو رفضها، وأرسلها إلى الأفرقاء كافة”.
وأضاف: “تلقى (أمس) موافقة عليها، تحديداً من التيار الوطني الحر وحزب الله، على أن يذهب اليوم إلى مجلس الوزراء لإقرارها”.

وينعقد مجلس الوزراء ظهراً في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون للبحث في الخطة، على وقع تصاعد الاحتجاجات المطالبة برحيل العهد والحكومة معاً واجراء انتخابات نيابية مبكرة.

وأوضح المصدر أن هدف “الورقة المقترحة ليس إخراج الناس من الشارع، لكنها عبارة عن خطة إنقاذية تتضمن رؤية الرئيس الحريري لحلّ الأزمة الاقتصادية، إلا أن ما حدث في الشارع عجّل في اقرارها”. وتقترح الخطة سلسلة اجراءات “يُتوقع أن تحدث صدمة بمضمونها”، استناداً إلى المصدر، بينها “إلتزام عدم فرض ضرائب على الناس وخصخصة بعض القطاعات”.

ولا تشمل القرارات الاصلاحية أي ضرائب أو رسوم على الشعب، كما تتضمن خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين بنسبة 50 في المئة ومساهمة المصرف المركزي والمصارف اللبنانية بنحو خمسة آلاف مليار ليرة لبنانية أي ما يعادل 3.3 مليارات دولار.

وفي المعطيات المتوافرة ان الخطة تتضمن خصخصة قطاع الاتصالات وإصلاحاً شاملاً لقطاع الكهرباء وهما مطلبان حاسمان من المانحين الأجانب للإفراج عن 11 مليار دولار كما أفادت وكالة “رويترز”.

وتتضمن الخطة أيضاً إلغاء مجالس حكومية ووزارات كوزارة الاعلام ووزارات الدولة، وخفض النفقات الاستثمارية في وزارات الاشغال والطاقة وغيرها، وصندوق المهجرين، ومجلس الانماء والاعمار. الى خفض عجز الكهرباء وتفعيل الجمارك ومحاولة منع التهرب الضريبي وإشراك القطاع الخاص في قطاعات الهاتف الخليوي وطيران الشرق الوسط وكازينو لبنان وشركة “انترا” ومرفأ بيروت ومنشآت النفط، واقرار قانون استعادة الأموال المنهوبة، قانون حماية كاشفي الفساد، الهيئة الوطنية لمكافحة لفساد، وقانون ضمان الشيخوخة، وتحويل مبلغ 200 مليار ليرة للقروض السكنية.

“القوات” والتقدمي
واذا كانت التوترات الأخيرة في الشارع، اضافة الى استياء سابق ومتراكم، دفعت حزب “القوات اللبنانية” الى أن يطلب من وزرائه الأربعة الاستقالة من الحكومة، فإن الحزب التقدمي الاشتراكي ربط بقاءه فيها بورقة اصلاحية قدمها وأعلن عنها في مؤتمر صحافي الوزير وائل ابو فاعور مساء أمس. لكن موقفاً مفاجئاً لرئيس الحزب وليد جنبلاط بدد التفاؤل اذ تحدث مساء أمس الى قناة “الجزيرة” قائلاً: “إن بعض الوزراء يجب أن يتنحوا ولا يمكننا البقاء معهم في الحكومة”. وسمّى جنبلاط وزير الخارجية جبران باسيل، معتبراً أنه “يجب أن يتنحى أيضاً”. وأعلن رفضه الورقة الإقتصادية لرئيس الوزراء، داعياً الى إجراء انتخابات نيابية على قاعدة نظام انتخابي جديد.

وقال مصدر في الاشتراكي لـ”النهار” إن “ورقتنا لا تتقاطع كثيراً مع الورقة المسماة انقاذية لأنها قائمة على الخصخصة وليس على الاصلاح، ونحن كحزب نعارض تاريخياً الخصخصة لانها قد تأتي على حساب الناس”. وأضاف: “لا يمكن ورقة ان تستوعب مطالب كل الناس، وسيناقش وزراؤنا الامر في مجلس الوزراء”.

الخارجية الاميركية
وفي موقف لافت من الحراك المدني، تحدث مسؤول في الخارجية الاميركية الى قناة “الحرة”، فرأى “ان الشعب اللبناني محبط بسبب عجز حكومته عن إعطاء الأولوية للإصلاح وندعم حق هذا الشعب في التظاهر السلمي”.

وقال إن “عقوداً من الخيارات السيئة وضعت لبنان على حافة الانهيار الاقتصادي ونأمل أن تدفع هذه التظاهرات بيروت للتحرك نحو الإصلاح الاقتصادي”. وخلص إلى أن “تطبيق لبنان الإصلاح يفتح الباب أمام الدعم المالي الدولي”.