مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”: غداة تطورات شديدة السلبية أرخت بظلالها على مجمل الوضع الداخلي والازمة الحكومية خصوصاً عقب المواقف المتفجرة التي اطلقها رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل واعتبرت استهدافا “قاتلا” لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، يكتسب استكشاف “النهار” امس لموقف الرئيس بري أهمية مضاعفة لتلمس أفق ما بعد هذا التصعيد الخطير.
ذلك ان الرئيس بري يقول ان مبادرته او مساعيه لتأليف الحكومة لا تزال قائمة، ولن يتراجع الا بتوافر مبادرة اخرى مقبولة، وهو متمسك بالرئيس المكلف سعد الحريري لانه يحظى بتأييد جمهور طائفته ودار الفتوى ونادي رؤساء الحكومات السابقين، وهو حظي بتأييد النواب في الاستشارات، “هم لا يريدونه ونحن للاسباب الانفة الذكر نتمسك به”. ويعتبر انه في مقابل لا حكومة، لا اعتذار.
ورداً على سؤال “النهار” عن ان الرئيس المكلف قد يُقدم على الاعتذار بناء لإشارة من بري تفيد بموت مبادرته، اجاب رئيس المجلس “الانتظار سيطول”. لكن بري يؤكد ان البلد لا يحتمل التأخير، ولا يحتمل إنتظار انتخابات نيابية ولو مبكرة، لانها لا يمكن ان تحصل قبل ثلاثة او اربعة اشهر، والبلد قد يشهد انهياراً كاملاً خلالها، “اذا اعتذر الحريري سيكون انهيار تام، واخاف من الناحية الامنية”، يقول. ويعتبر ان اسقاط حكومة الحريري ذات يوم فيما كان يهمّ بدخول البيت الابيض كان خطأ “وجل من لا يخطىء”.
واذ يؤكد ان الحريري تجاوب مع مبادرته برفع عدد الوزراء الى 24 والقبول بآلية للتسمية، يلفت الى ان اجتماعين او اكثر ما بين القصر الجمهوري والبياضة افضت الى تجاوب النائب باسيل مع بنودها، قبل ان يعلن انه غير مطلع عليها.
ويرفض بري الكلام عن المثالثة اذ يرى ان الرئيس ميشال عون الوحيد الذي سيحصل على ثمانية واكثر، فيما ان وزراء الشيعة خمسة فقط، ومقاعد الحلفاء تخص هؤلاء. واكد انه لا يجوز لاي طرف الحصول على ثلث “معطّل”.
ورداً على سؤال عن ضمانات الاصلاح لاستعادة الثقة بلبنان التي يتمسك بها ويشدد عليها، فيما “حزب الله” ومن حوله يرفضون اللجوء الى صندوق النقد الدولي، يجيب ان المهم انهم ارتضوا بالمبادرة الفرنسية وهي اصلاحية. ويعتبر ان الثقة تجذب المليارات كما نقل اليه اكثر من موفد دولي. ولا يعلق بري على لجوء النائب باسيل الى السيد حسن نصرالله الا بقوله “بتعقّد” مع ابتسامة من دون ان يضيف كلمة.
ترقب الأوروبيين
في أي حال بدا المشهد الحكومي امس وكأنه أصيب تكراراً بالشلل فيما اتجهت الانظار الى الاتحاد الاوروبي حيث يبدو شبه مؤكد ان آلية العقوبات على مسؤولين وسياسيين لبنانيين وضعت على نار النقاش، وسيناقشها الاتحاد جدياً في ضوء ما نقله الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي لشؤون الخارجية والأمن جوزف بوريل من معطيات الى اجتماع وزراء الخارجية الذي بدأ اجتماعاته امس في لوكسمبور، اذ ذكرت معلومات انه قدم تقريراً قاتماً للغاية في ظل انطباعاته عن زيارته للبنان و بعدما اطّلع من كثب على الواقع اللبناني القاتم و” تناحر اهل الحكم” على الحصص والاحجام فيما البلاد تنهار. وكان بوريل اعتبر “أن لبنان يحتاج لقيادة لعبور الأزمة، ونحثهم على تشكيل الحكومة”. وقال “ان لبنان على حافة الانهيار المالي ولا يمكننا الانتظار لإنقاذه”.
وعلى رغم المعطيات المتشائمة والسودواية التي سادت البلاد حيال الملف الحكومي عقب المواقف التعطيلية الجديدة التي اطلقها باسيل، لوحظ ان رئيس الجمهورية ميشال عون حاول التخفيف من حدة هذا الواقع التعطيلي والتصعيدي علما انها ليست المرة الأولى التي تظهر فيها معالم توزيع الأدوار بين عون وباسيل. وفي هذا السياق نقل النائب جميل السيد بعد زيارته بعبدا امس عن عون قوله انه “على رغم كل ما يجري فإنه لم ييأس من وصول المبادرات الى حل مع وجود العقلاء، شرط عدم المساس بالدستور وبالصلاحيات التي ناطها الى السلطات الدستورية وعلى رأسها مقام رئاسة الجمهورية”.
رد على “التفعيل”
ووسط الغليان السياسي المتجدد عاودت رئاسة حكومة تصريف الاعمال الرد على الداعين الى “تفعيل” الحكومة المستقيلة فأصدرت بيانا مسهباً اعتبرت فيه انه “لا يمكن عاقلا الاقتناع والتسليم بهذا العجز السياسي وبانقطاع الحوار المجدي بين المعنيين وبتعطيل كل المخارج التي تؤدي إلى إيجاد تسوية لتشكيل حكومة فاعلة ولديها صلاحيات التعامل مع الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية الحادة، بحيث توقف مسلسل الانهيارات المتدحرجة في البلد “. وأشارت الى “إن الأزمة الخطيرة التي بلغها البلد، تستوجب من الجميع وقفة ضمير تستدرك الانهيار ..لكن بعض هذا العجز السياسي يحاول الاختباء خلف قنابل دخانية ويرمي أثقال عجزه على حكومة تصريف الأعمال، عبر عناوين “التعويم” و”التفعيل”، ودفعها لمخالفة الدستور”. وذكرت “أن الاولوية تبقى دائما وأبدا، لتشكيل حكومة جديدة تنهي الانقسام السياسي الذي يدفع البلد نحو الاصطدام المدمر على كل المستويات” .
الازمات تتفاقم
وفي سياق متصل بدا أمس ان الازمات المتعلقة ببعض القطاعات ولا سيما منها ازمة فقدان عشرات أنواع الادوية مقبلة على تفاقم خطير جداً اذا طالت الازمة كثيراً ولا تزال معالم معالجتها مفقودة فيما تتصاعد تداعيات بالغة الخطورة لفقدان الكثير من الادوية. كما ان ازمة المحروقات ليست افضل حالاً اذ لا تزال طوابير السيارات امام المحطات وفي الشوارع تطبع مشهد العاصمة والمدن والبلدات اللبنانية وسط مخاوف من عدم تراجع معالم الازمة بل وتفاقمها باطراد.
وتعليقا على هذا الواقع، قال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع “إنها لمأساة يتسبب بها رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال بتركهما الناس معلقين بين السماء والأرض، لا يعرفون ماذا يحدث او ماذا سيكون غدهم. هم لا يعرفون إذا كان البنزين مؤمنا والمازوت متوفرا أم لا؟ ولا يعرفون ما مصير الأدوية التي هم بحاجة إليها وما إذا كانت مؤمنة ام غير موجودة” “اضاف: “فخامة رئيس الجمهورية، دولة رئيس حكومة تصريف الأعمال، إما أن تتدبرا أمركما في توفير الموازنات اللازمة للاستمرار بالدعم، طبعا من خارج الاحتياط الالزامي وبعد ترشيده وحصره فقط بالعائلات المحتاجة، وإما عليكما صراحة وجهاراً رفع الدعم لكي يعرف اللبنانيون ماذا عليهم ان يفعلوا. عليكما اتخاذ قرار سريع وفوري لأن التاريخ سيحاسبكما”.