الرئيسية / سياسة / “الطريق إلى لبنان الحضاري ” … وفاء بيضون

“الطريق إلى لبنان الحضاري ” … وفاء بيضون

الاربعاء 23 تشرين الاول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

وفاء بيضون

إن الحراك العفوي الذي انفجر إثر اقتراح ضريبة على “الواتساب “هو في جوهره ليس مشكلة الضريبة المقترحة بل جاء ننتيجة تراكم تاريخي لأزمات متتابعة تولد نفسها وتعيد انتاج نفسها على الدوام منذ فجر الاستقلال حتى يومنا هذا ، والسبب الجوهري يعود إلى تركيبة النظام السياسي القائم للأسف على المحاصصة الطائفية والتي جعلت من البلد بؤرة فساد سياسي واقتصادي كبير للطبقة الحاكمة مما سمح لدوائر الفساد بالتوسع والانتشار حتى عمت وشملت المؤسسات الحكومية كافة التي بدورها اختلست المال العام لحسابات شخصية تحت كثير من العناوين المزيفة ، هكذا نظام سياسي لا يمكن إصلاحه بطرق ترقيعية هنا وتجميلية هناك لأن أقطاب النظام الحاكم تحت مسمى المحاصصة الطائفية يروق لهم تلك التركيبة التي تسمح لهم بوضع اليد على المال العام وحرمان المواطن من أبسط حقوقه المشروعة مثل : ” التعليم ، الطبابة ، ضمان الشيخوخة ، الحد الأدنى من مقومات العيش …. ”
إن وجه لبنان الآخر الحضاري الذي نريده وهو مطلب شعبي عام وعابر للطوائف هو انتاج نظام سياسي ذي هوية متقدمة متطورة يكون وطنًا لكل أبنائه واسمه لبنان الوطن والمواطنة وليس لبنان الطوائف والطائفية ولبلوغ هذه الغاية وهي مطلب شعبي ملح وحق طبيعي للبلد ومواطنيه، لا بد من أخذ خيارات حاسمة في هذا الاتجاه وذلك بالعمل على دولة علمانية يكون الأساس فيها فصل الدين عن الدولة وأيضا جعل القضاء مستقلًا تماما عن السلطات كي يكون له سلطة وقدرة على محاسبة كائن من كان إذ يتساوى أمام القضاء والقانون أعلى هرم في السلطة مرورًا بأبسط مواطن عادي ، هذا الطرح ومعاييره يحتاج إلى إعادة صياغة الدستور والقوانين والتشريعات التابعة له وتلك مسؤولية أهل الاختصاص
ولكن أكثر وضوحًا لبنان يجب أن يكون دائرة انتخابية واحدة ليس كما هو حاصل اليوم القانون الانتخابي على مقاس زعماء الطوائف نحن في القرن الواحد والعشرين ولسنا في القرون الوسطى نحن في عصر غزو الفضاء وعصر المعلومات والعلم والمعرفة المتقدمة جدًا وعلى كل الصعد والميادين كافة

إذ ليس صعبًا على الأصلاب والأرحام اللبنانية التي أنجبت عباقرة وعلماء كبار وهم الآن أسماء لامعة في كافة العواصم العالمية ، ليس صعبًا عليها الآن أن تنجب للبنان تلك النخب وتكون رائدة في مجال السياسة والاقتصاد ، والاجتماع ، الطب ، الصحة والعلوم إلى آخر السطر
إن اللبنانيين أثبتوا براعتهم أينما حلوا وأثمروا وأنتجوا إلا في لبنان فشلوا أو يفشلون وذلك بسبب تركيبة النظام السياسي الذي لا يسمح لذوي العقول أن تأتي ثمارها ، ولهذا وجوب التمسك بإلغاء النظام الطائفي وانتهاج نظام علماني معاصر واللبنانيون قادرون على القفز من تحت الرماد إلى بناء وطن نموذجي يعطي لبنان الوجه الحضاري المتقدم عن صدق وحقيقة وليس عن شعر أو كلام نسمعه عبر الفضائيات كله مزيف ولا يساوي قيمة الوقت المهدور معه أو الحبر الذي تخطه الأقلام المأجورة

المصدر: خاص مجلة وفاء