مجلة وفاء wafaamagazine
على مدى العقدين الماضيين، حاولت الصين تطوير دوري كرة القدم الخاص بها من خلال البذخ في استقدام اللاعبين والمدربين الأجانب، دون جدوى. وفي ظل فشل التجربة، توجّه القيّمون على القطاع الكروي للتطوير عبر تنمية الثقافة الكروية المحلية، والاستفادة من الخطط العالمية بمختلف هيكلياتها، الأمر الذي ساهم في انتشار الملّاك وشركات الرعاية الصينية في القطاع الرياضي بكثرة وفي مختلف دول العالم. الصين حاضرة بقوة، وهي تمتلك اليوم أبرز المستثمرين في عالم كرة القدم
برزت الصين خلال السنوات الأخيرة في عالم المستديرة كجزءٍ من الاستراتيجية التي وضعتها للانتشار الاقتصادي حول العالم. وبعد «تحسين» الدوري المحلي، وبعدها شراء الملّاك الصينيين أنديةً مختلفة في أوروبا، صار التركيز اليوم قائماً على حقوق الرعاية والترويج لتلعب الصين بذلك دوراً رئيسياً في تطوير كرة القدم العالمية.
ظهر ذلك جلياً عام 2018، ففي الوقت الذي تراجع فيه حماس العلامات التجارية العالمية لكأس العالم، دخلت سبع شركات صينية قائمة رعاة «المونديال»، وهي: واندا، هيسنس، منغنيو، فيفو، يادي للدراجات الكهربائية، في آر للواقع الافتراضي وديباي للملابس الرياضية. يُذكر أن شركة واندا قد أنفقت 150 مليون دولار أميركي عام 2016 للفوز بموقع الراعي من المستوى الأول في دورات كأس العالم الأربع (2018، 2022، 2026، 2030)، ما منحها جميع حقوق الإعلان وحقوق التسويق في جميع الفعاليات، أما كل من شركات هيسنس، منغنيو وفيفو، فقد حصلت على الدرجة الثانية من الرعاية، وهو ما يمثل 60 % من العدد الإجمالي للرعاة من هذا المستوى.
وفي تقريرٍ صادر عن شركة أبحاث السوق «زينيت»، تبيّن أن تكاليف إعلانات الرعاة التجاريين من مختلف البلدان في كأس العالم 2018 قد ناهزت 2.4 مليار دولار، أنفقت الشركات الصينية منها 835 مليون دولار، أي ما يعادل ضعفَي إنفاق الشركات الأميركية البالغ 400 مليون دولار وأعلى بكثير من إنفاق شركات الدولة المضيفة روسيا، البالغ 64 مليون دولار.
هكذا، ومع تشجيع الحكومة الصينية في السنوات الماضية للشركات المحلية على السفر إلى الخارج، توسّع الصينيون في مجال الرعاية والتسويق لتوقّع ثلاث شركات صينية عقود شراكة في يورو 2020 بهدف فتح أسواق جديدة بعيداً عن الاستهلاك المحلي هي: Hisense Alipay ،Vivo.
بدأت شركة Hisense بالاندفاع إلى أوروبا منذ أكثر من 10 سنوات وقالت إن لديها الآن أكثر من 8,000 موظف في القارة، ولها مكاتب في ألمانيا وإسبانيا و 20 دولة أخرى. رعت الشركة كأس العالم لكرة القدم 2018 ووقّعت صفقة لعام 2022. هذا وقد صرّح متحدّثون باسم الشركة أنّ الهدف يكمن بحلول عام 2025 في تحقيق الأسواق الخارجية نصف إجمالي الإيرادات التي تبلغ قيمتها حوالى 23.5 مليار دولار. وتدعي الشركة المصنعة للتلفزيونات والأجهزة المنزلية أنه خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، زادت مبيعاتها الأوروبية بأكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي.
انفقت الشركات الصينية 835 مليون دولار في كأس العالم 2018 مقابل 400 مليون لاميركا
بالنسبة إلى Alipay، فهي أكبر شركة للمدفوعات عبر الإنترنت ومن خلال الموبايل في العالم، وهي تابعة لشركةAnt Financial المملوكة لمجموعة Alibaba الصينية ومؤسسها الملياردير الصيني جاك ما. ويبلغ عدد مستخدمي الخدمات المالية التي تقدمها الشركة حوالى 1 مليار مستخدم معظمهم في الصين، لكنّ الشركة توفر خدماتها الآن في العديد من الدول حول العالم، كما توسّعت أخيراً في أوروبا، حيث توفر خدماتها في كل من إيطاليا والنرويج والمملكة المتحدة وآيسلندا، وهو ما دفعها لرعاية حدث رياضي كبير مثل بطولة أمم أوروبا يورو 2020. ترتبط الشركة الصينية بعقد رعاية مع اليويفا من عام 2018 حتى عام 2026 مقابل 28.8 مليون دولار سنوياً، وهو عقد يشمل مختلف بطولات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.
أمّا Vivo، فهي من أكبر الشركات الصينية المُصنّعة للهواتف الذكية، وهي من الشركات التابعة لمجموعة BBK Electronics الصينية التي تمتلك كلاً من Oppo و OnePlus. تُعد Vivo أحد رعاة يورو 2020 البارزين، الأمر الذي يوفّر للشركة الصينية رواجاً في الأسواق الأوروبية، حيث لا تزال الشركة ناشئة رغم شعبيتها الكبيرة في السوق الصيني، وتدفع 15 مليون دولار سنوياً في عقدٍ مع اليويفا يمتد من عام 2021 إلى عام 2024 ويشمل مختلف مسابقات الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، حسب KPMG.
هكذا، وضعت الصين موطئ قدم لها على خريطة كرة القدم العالمية يوازي ثقلها الصناعي والسياسي والعسكري وتأثيرها الدولي، وهي تسعى جاهدةً للانتشار أكثر بهدف الاستفادة وتجاوز التأثيرات السلبية لفيروس كورونا الذي انتشر من أراضيها.
الاخبار