مجلة وفاء wafaamagazine
اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان الاوضاع الصعبة التي يمر بها لبنان، لا يجوز ان تؤثر على المستوى التعليمي بمختلف مراحله، الذي طالما تميّز به لبنان ووضعه في مصاف الدول الكبرى من حيث مستوى مؤسساته التربوية والجامعية.
وقال الرئيس عون ان الصعوبات التي يعاني منها لبنان حالياً القت بثقلها على اوضاع المؤسسات التربوية كافة، الرسمية منها والخاصة، كما اثرت سلباً على الطلاب واهاليهم وسط تراجع قدرات الدولة على التدخل والمساعدة. من هنا، فإن اي معالجة للواقع التربوي من مختلف وجوهه، تتطلب جهداً مشتركاً من الدولة والمؤسسات التربوية والجسم التعليمي والاهل، لتكون الحلول متكاملة وواقعية لتجاوز المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان حالياً، آخذين في الاعتبار ان الظروف المعقدة التي تواجه انطلاقة العام الدراسي المقبل “لا يجب ان تثنينا عن ابتكار المخارج والحلول المناسبة لضمان دوران عجلة التعليم الذي يشكل اساس بناء المجتمع وضمانة نهوضه من المعاناة التي يرزح تحتها اللبنانيون”.
ورأى الرئيس عون ان للبنانيين المقتدرين والجهات الدولية المانحة، دوراً أساسياً في إعطاء الأولوية في خططهم للمساعدة، لدعم القطاع التربوي بشكل طارئ حماية لمستقبل لبنان واجياله الصاعدة.
كلام الرئيس عون جاء خلال استقباله قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، الأمين العام الجديد للمدارس الكاثوليكية في لبنان الاب يوسف نصر، والاخت باسمة خوري والاخت عفاف أبو سمرا، الذين عرضوا مع رئيس الجمهورية الواقع الذي تعاني منه المدارس الكاثوليكية خصوصا، وكافة المدارس الخاصة الأخرى عموما، على عتبة العام الدراسي المقبل كما وجهوا اليه دعوة لحضور المؤتمر السنوي للمدارس الكاثوليكية الذي سيعقد يومي 15 و 16 أيلول في مدرسة سيدة اللويزة.
وخلال اللقاء تحدث الاب نصر لافتا الى ان القطاع التربوي الخاص “يشعر انه وحيد في هذه المعركة الوجودية يكافح ويناضل منفردا وباللحم الحي ليحافظ على وجوده ويستمر بتأدية رسالته التربوية التي تطال 70% من تلامذة لبنان. والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية تتحمل مع الدولة وعن الدولة مسؤولية 200 الف طالب لبناني أي ما يوازي 20% من تلامذة لبنان تقريبا. ومن جملة الأمور الأساسية التي تهدد انطلاقة العام الدراسي القادم هو موضوع فقدان المحروقات ( مازوت وبنزين والارتفاع المتصاعد لاسعارها)، ما يجعل المدرسة عاجزة عن تأمين اعبائها الباهظة ان لجهة تأمين كلفة نقل المعلمين والتلامذة او لجهة تأمين عمل المولدات لتشغيل الانارة والعمل التربوي والتعليمي والإداري والتدفئة، في ظل التقنين المتزايد لساعات التغذية الكهربائية، ما يجعل الاهل عاجزين عن دفع نقل أولادهم الى المدرسة وقد فاقت هذه الكلفة اكثر من ضعف القسط المدرسي”. وأضاف : “ستواجه المدرسة في بداية السنة استحالة تطبيق البند ج من المادة 2 من القانون 515 المتعلق بتوزيع النسب بين كلفة الرواتب والأجور وملحقاتها ( اقله 65%) ومصاريف التشغيل (على الأكثر 35%)، وقد صار اكثر من نصف بنودها خاضعا لسعر صرف دولار السوق السوداء. هذا ما يضعنا امام استحالة وضع موازنات مدرسية قانونية، لا نجد حلا لها. لقد فقد راتب المعلم والاجير غالبية قيمته الشرائية، بسبب التضخم الحاصل وانخفاض قيمة الليرة اللبنانية تجاه الدولار الأميركي، وبالتالي فان المعلمين لن يقبلوا باي حال من الأحوال الإبقاء على رواتبهم دون زيادات معقولة. هذا ما يضع المدارس امام معضلة تأمين هذه الأموال في ظل عدم قدرة الاهل على دفع المتوجبات وقد صارت أعمالهم ورواتبهم لا تكفي الاكل والدواء، علما ان نسبة تحصيل الأقساط في العام الماضي لم تتخط 65%”.
وشكا الاب نصر من ان المصارف فرضت على المؤسسات التربوية شروطا تقضي بتأمين المال نقدا، لتعمل على تسليم الأساتذة والمستخدمين رواتبهم، وذلك تحت طائلة دفع غرامات تتراوح بين 10 و 15% من قيمة المال المحول من الحسابات المصرفية الخاصة بالمؤسسة او من قيمة الشك الموضوع في الحساب، في وقت لا يزال القانون 46 ( وبخاصة البند المتعلق بالست الدرجات) يشكل سيفا مسلطا على رقاب المؤسسات التربوية الخاصة، وقد بدأت المحاكم بإصدار احكام تجبر صندوق التعويضات على دفع التعويض مع احتساب الدرجات الست في أساس الراتب، مما يضع هذا الصندوق امام خطر الإفلاس”.
واقترح الاب نصر عقد اجتماع طارئ للتربية، على غرار الاجتماع الذي عقد لحل ازمة المحروقات، لدراسة تداعيات الازمة الاقتصادية على التربية واتخاذ القرارات التي تنقذ القطاع التربوي وتضمن بدء العام الدراسي بشكل سليم، على ان يشارك فيه اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة، والعمل على إيجاد حل لمشكلة القانون 515 الذي اصبح غير قابل للتطبيق بحكم الامر الواقع، عبر تعليق العمل بالبند ج من المادة الثانية مع إقرار الضوابط البديلة ( الاحتكام الى قوانين المحاسية العامة مثلا). كما طالب بتأمين المحروقات والكهرباء بسعر مدعوم للمؤسسات التربوية، وبتخصيص القطاع التربوي الخاص بجزء من الأموال المقدمة من الجهات المانحة، انطلاقا من مبدأ حرية التعليم والعدالة والمساواة بين المواطنين، وإقرار مشاريع القوانين المتعلقة بالتربية ( مشروع قانون الخمسمائة مليار ليرة لبنانية من سنتين، ومشروع المليون ليرة لبنانية، فرق سعر صرف الدولار الذي أصبح يوازي ثلاثة او أربعة ملايين ليرة لبنانية)، واعفاء المؤسسات التربوية من المتأخرات المستحقة عليها للصناديق ومن المساهمات المتوجبة عليها لمدة سنة او سنتين، والعمل على تعليق المصارف تطبيق قرارها بخصوص دفع رواتب المعلمين والمستخدمين اسوة بالجيش والقوى الأمنية، وصرف المتأخرات للمدرسة المجانية التي لم تستلم منحها منذ العام الدراسي 2017-2018.
وقد اعطى الرئيس عون توجيهاته الى الجهات المعنية لدرس المطالب، مؤكدا على ضرورة إيجاد حلول واقعية وممكنة تأخذ في الاعتبار الوضع الراهن اقتصاديا ومعيشيا في البلاد.