مجلة وفاء wafaamagazine
يواجه الأطفال الذين يعانون الرفض أو العزلة عن أقرانهم معاناة كبيرة، لذلك من المهم اكتشاف الأسباب الأكثر شيوعاً، والعمل على مساعدة طفلك في تكوين صداقات.
تقول الكاتبة إلينا سانز، في تقرير نشرته مجلة «لامنتي إس مارافيوسا» (lamente es maravillosa) الإسبانية، إنّ الاستقلال العاطفي هو أحد أكثر الدروس قيمة التي يمكن تعليمها لأطفالنا، بمعنى أنّهم يجب أن تكون عواطفهم متوازنة وألّا يطوروا تبعيات أو ارتباطات ضارّة، لأنّ البشر كائنات اجتماعية ونحن بحاجة إلى الآخرين. لذلك، إذا لم يكن لطفلك أصدقاء، فمن المهم أن تحدّدي الأسباب وتساعديه في تجاوز هذا الوضع.
وبيّنت الكاتبة، أنّ الأصدقاء هم عوامل مهمة للتنشئة الاجتماعية في مرحلة الطفولة والمراهقة خصوصاً، فلأننا جزء من مجموعة، فإنّ الشعور بالاندماج وتنمية الشعور بالانتماء أمر ضروري للنمو النفسي السليم.
وللسبب ذاته، فإنّ الطفل الذي يعيش في عزلة، ويعاني الرفض أو اللامبالاة من أقرانه، سيكون عرضة للإصابة بجروح عاطفية خطرة. ولمنع حدوث ذلك، من الضروري منحه أدوات شخصية تسمح له بالتواصل الصحيح.
لماذا لا يملك طفلي أصدقاء؟
هناك أسباب مختلفة تجعل الطفل أو المراهق يجد نفسه من دون أصدقاء. إنّ وصف الطفل بالوحيد يمكن أن يؤذيه كثيراً، خصوصاً عندما يكون غير راغب بذلك.
الخجل
يعدّ الخجل أحد الأسباب الرئيسة لإخفاق الأطفال في تكوين صداقات. فقد يولد بعض الأطفال بمزاج أكثر كبتاً، يمنعهم من أخذ زمام المبادرة، ويتسبب في انسحابهم وتحفظهم على الاتصال بالغرباء.
ومن ثم، فإذا كان الطفل لا يشعر بالثقة في المجموعة، فقد يميل إلى التزام الصمت وعدم التفاعل مع البقية، وهو عامل من شأنه أن يثقل كاهل مبادراتهم للتواصل الاجتماعي.
نقص المهارات الاجتماعية
الارتباط بالآخرين هو مهارة نكتسبها في السنوات الأولى من الحياة ونعمل على إتقانها، وللسبب ذاته، إذا كان الطفل يفتقر إلى المهارات الاجتماعية مقارنة بمجموعته المعيارية، فقد يتعرّض للرفض من قِبل الآخرين. لذلك، يجب أن تتذكري أنّ أفضل مجال لتحسين وضعه في هذا الصدد هو البيئة الاجتماعية نفسها.
في هذا السياق، يُعدّ بدء المحادثات واحترام دور المتحدث وتعديل نبرة الصوت والاستماع إلى الآخرين أو التعبير عن آرائهم، من التحدّيات التي يجب على الأطفال الشروع في إتقانها شيئاً فشيئاً، لأنّ العجز في هذا البعد يمكن أن يحول دون تطوره، ويفسح المجال لدائرة من العزلة و»الحماقة الاجتماعية» التي تتعزز ذاتياً.
تجارب الماضي السيئة
التجارب السابقة لها تأثير كبير في الموقف الذي يتبنّاه الأطفال عند مواجهة تفاعلات اجتماعية جديدة، لذلك، فعندما يواجهون مواقف من الرفض أو العزلة، يصبح إنشاء علاقات مع الآخرين أكثر صعوبة. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ الدور الذي يشغله الطفل في الأسرة، والمعاملة التي يتلقاها من المقرّبين منه، ونتائج المحاولات السابقة للتواصل الاجتماعي، كلها عوامل تميّز التفاعلات اللاحقة إلى حدّ معيّن.
تدني احترام الذات
قد يشعر القصّر الذين لم يتمكنوا من تطوير تقدير جيد لذاتهم، بعدم الأمان والضعف، عندما يتعلق الأمر بالترابط، والشعور بعدم الكفاية أو عدم الأحقية، يمنعهم من التصرف بتلقائية والشعور بالراحة في الأوساط الاجتماعية، ومن ثم لا يشعرون أنّ أداءهم هو الأمثل.
المواقف غير الملائمة
أوضحت الكاتبة سانز، أنّه لا يمكننا تجاهل أنّ هناك مواقف معينة يمكن أن تنفّر الآخرين من طفلك. إذا لم يكن لديه أصدقاء، فقد يكون ذلك لأنّه لا يخاطب الآخرين باحترام أو تعاطف أو لطف، فالطفل الحسود أو المستبد أو العدواني سوف ترفضه بيئته عاجلاً أم آجلاً.
ماذا يمكنك أن تفعلي إذا لم يكن لطفلك أصدقاء؟
بوجه عام، يمكن القول إنّ مفاتيح مساعدة الطفل الذي ليس لديه أصدقاء تستند استناداً مباشراً إلى الأسباب التي أدّت إلى هذا الوضع. ومن ثم، بناءً على الحالة، يمكنك تطبيق الإجراءات الآتية:
– بناء احترام طفلك لذاته وتعزيز ثقته بنفسه: من المهم جداً أن يواجه العالم بفكرة أنّ حبك له غير مشروط؛ دعيه يشعر أنّه في مواجهة أخطائه، فأنتِ أول من يراهن على مساعدته في اتخاذ موقف بنّاء.
– احرصي على تعزيز المهارات الاجتماعية: من المهم تشجيعه على التفاعل في سياقات مختلفة، ليس فقط في تلك التي يشعر فيها الطفل بالأمان التام، فعندما يظهر نزاع ما، حاولي أن تجعليه يتحدث عنه ليصفه بالكلمات؛ حقيقة بناء قصة لما حدث ستجعله بالفعل أكثر ذكاء على المستوى الاجتماعي، كما ستمنحه الفرصة للتدخّل بمزيد من الدقة. وإذا لم يُظهر هذا النزاع فيمكنك طرح مواقف افتراضية ومناقشة الخيارات المختلفة.
– اطلبي مساعدة متخصّص إذا لزم الأمر: إذا كانت الصعوبات التي يواجهها طفلك في تكوين صداقات ملحوظة وواضحة، فقد يكون لديه رهاب اجتماعي، وفي هذه الحالة سيكون من المهم استشارة طبيب نفساني. فيمكن أن يساعد العلاج أيضاً في تحسين المهارات الاجتماعية وإدارة آلام التجارب السلبية السابقة.
في الختام، يُعدّ الافتقار إلى العلاقات الاجتماعية موقفاً مؤلماً ولكنه قابل للحل. لذلك، ساعدي طفلك في اكتساب الأدوات التي يحتاج إليها، لتحسين أدائه الاجتماعي وتعزيز الثقة بنفسه. ولكن الأهم من كل ذلك أن تعبّري عن تفهمك له ودعمك وتشجيعك طوال الوقت؛ وسيسمح له ذلك بإجراء التغييرات اللازمة.