مجلة وفاء wafaamagazine
تعزّزت آمال نيوكاسل يونايتد باستعادة أمجاده بعد الاستحواذ السعودي على ملكية النادي. جماهير «الماكبايز» باتت تحلم اليوم بثورة شاملة في صفوف الفريق، غير أنّ المشاكل على أرض ملعب «سانت جيمس بارك» تعكس صعوبة الإصلاح السريع. النادي منهك فنياً وهو بحاجة لبضع سنوات إذا ما أراد الصعود إلى القمة مجدداً
بين ليلةٍ وضحاها، ارتفع منسوب التفاؤل لدى أنصار نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي لكرة القدم. المحبّون أصبحوا يطمحون لاستقدام أفضل لاعبي العالم فور تسلّم الإدارة السعودية الجديدة زمام الأمور. ما هو أكيد، امتلاك النادي اليوم من قبل واحدة من أغنى الإدارات في عالم كرة القدم، وليس فقط في إنكلترا، لكن ذلك لا يخفي الحقيقة بأن الفريق ضمن الحلقة الأضعف في الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم.
وخلال الأيام الماضية ضجّت مواقع «السوشيال ميديا» بفرحة أنصار نيوكاسل الذين شغلوا الوسط الرياضي الإلكتروني في الأسبوعين الماضيين بعد الانتهاء من صفقة الاستحواذ السعودية البالغة 305 ملايين جنيه إسترليني والتي جعلت 80٪ من النادي مملوكاً لصندوق الاستثمارات العامة في المملكة العربية السعودية. والجدير ذكره أن السعودية تريد تلميع صورتها من خلال هذا الاستثمار، بعد اتهامها بانتهاك حقوق الإنسان في أكثر من قضية، كما أنها استعانت بالقطريّين وغيرهم للضغط على رابطة الدوري الإنكليزي لشراء النادي.
على أي حال، أيام التقشف والركود تحت حكم المالك السابق مايك آشلي ولّت الآن، في ظل وجود نظام جديد يعِد باستثمارات كبيرة داخل وخارج الملعب ويطمح لإعادة الألقاب والكرة الأوروبية إلى أحد أعرق الفرق في إنكلترا. ولكن الأمور ليست بهذه السهولة.
الملكية الجديدة لن تمحي وضع نيوكاسل الصعب في الدوري، إذ يحتل الفريق المركز التاسع عشر بـ3 تعادلات و5 خسائر (كان آخرها نهاية الأسبوع أمام توتنهام). نزيفٌ كبير في النقاط وسوء أداء فني جعل نيوكاسل يسجل أسوأ إحصائيات دفاعية في الدوري الإنكليزي الممتاز هذا الموسم، حيث تلقّت شباكه 19 هدفاً خلال 8 مباريات. مقابل ذلك، سجل الفريق 10 أهداف فقط في ثمان مباريات، مع اعتلاء المهاجمين آلان سانت ماكسيمان وكالوم ويلسون صدارة قائمة هدافي الفريق بهدفين للأول وأربعة للثاني.
يظهر جلياً سوء جودة لاعبي نيوكاسل مع تفوق طفيف لهدّافي الفريق عن باقي العناصر، وقد عانت نتائج «الماكبايز» عند عدم إتاحة الثنائي في المقدمة، بسبب الإصابة أو الغياب.
غاب ويلسون عن أربع مباريات بداعي الإصابة، ولكنه عاد وسجل في المباراة الأخيرة. لم يكن فقط هداف نيوكاسل الموسم الماضي برصيد 12 هدفاً في الدوري، بل سجل أيضاً أكبر عدد من التمريرات الحاسمة (5). من جهته، يُعد ماكسيمان اللاعب الأبرز والأكثر مهارة في الفريق، وتتجلّى أهميته في حقيقة أن نيوكاسل لم يفُز بأي من آخر 12 مباراة غاب عنها الفرنسي في جميع المسابقات.
لا يمتلك الفريق لاعبين يعوّل عليهم لتحقيق المجد، ومن المحتمل أن يكون سانت ماكسيمان وحده جديراً للبقاء إذا تم إعادة هيكلة المنظومة.
تجربة صعبة لتشيلسي والسيتي
رغم سوء جودة اللاعبين مقارنةً بالإمكانات المادية الجديدة المتاحة، من غير المرجّح أن يتمكن نيوكاسل من إبرام صفقات كبيرة في سوق الانتقالات الشتوي المقبل. سيستغرق الأمر مزيداً من الوقت والكثير من العمل الجاد لتحريك الفريق إلى القسم الأعلى من الجدول.
ترتبط قواعد الانتقالات في إنكلترا بمعدلات الربح والاستدامة، وهي صيغة معقدة تحاول منع الأندية من الإنفاق بشكل مفرط بما يتجاوز ما تكسبه من تدفقات الإيرادات التقليدية (بطاقات الملعب وبيع ملابس من متاجر النادي وعقود الرعاية…). وفي ظل الوضع الحالي، لن يتمكن نيوكاسل من البذخ خلال السوق المقبل دون التعرض لخطر عقوبة خرق قواعد اللعب المالي النظيف.
لن يتمكّن نيوكاسل من البذخ خلال السوق المقبل من دون التعرض لخطر عقوبة خرق اللعب المالي النظيف
ولكي يتجنّب نيوكاسل الخسائر الكبيرة، يجب عليه أن يأخذ العبر من تجربتي تشيلسي ومانشستر سيتي. فقد عزّز الناديان توالياً بقيادة رومان أبراموفيتش والشيخ منصور بن زايد آل نهيان إنفاقهما بشكلٍ كبير في الأيام الأولى من ملكيتهما الجديدة. أنفق كلاهما ما يزيد عن 200 مليون جنيه إسترليني على لاعبين جدد في أول موسمين من تسلمهما زمام الأمور، ليعتليا بعد ذلك سلم الترتيب بسرعة. يكمن الفارق بين هاتين التجربتين مقارنةً بنيوكاسل، أن هذا الأخير لا يمتلك مقومات النجاح بعناصره الحالية مقابل منافسة كل من تشيلسي ومانشستر سيتي أقله على مقاعد أوروبية قبل مجيء حيتان المال. إضافةً إلى ذلك، كان جذب اللاعبين أمراً سهلاً لتلك الأندية في وقتٍ لم تكن فيه اللوائح المالية مطبقة للحد من نفقات الانتقالات، وهو ما لن يخدم «الماكبايز» اليوم.
يعاني نيوكاسل من مشكلة مزدوجة تتمثل في تقييد الإنفاق، إضافةً إلى صعوبة جذب اللاعبين أصحاب الجودة العالية نظراً لعدم رغبتهم في خوض مخاطر معركة هبوط الفريق تبعاً لموقفه الحالي. وقد يستغرق الأمر من أربع إلى خمس فترات انتقالات ليصبح نيوكاسل قادراً على المنافسة من جديد.
وفي ظل عدم القدرة على البذخ هذا الموسم، سيتوجب على نيوكاسل توظيف أفضل الكشافة والمستشارين تمهيداً لاستحقاقات الموسم المقبل. من المرجّح أن يتمحور سوق الانتقالات الشتوي حول التعاقد مع لاعبين أصحاب الخبرة والجودة بأقل التكاليف الممكنة، على أن يكونوا راغبين في إنقاذ الفريق من الهبوط والمساعدة في نقله إلى المستوى التالي.
الاخبار