الرئيسية / آخر الأخبار / هل جميعنا يحب أن يسمع القصص الجنسية؟

هل جميعنا يحب أن يسمع القصص الجنسية؟

مجلة وفاء wafaamagazine

بمجرد وجود كلمة «جنسية» في عنوان هذا المقال، فوراً الكثير منكم سيبدأ بقراءته، فكما ذكر المحلل النفسي «فرويد»، هناك موضوعان يجذبان الإنسان ومن دون منازع: الموت والجنس. وطبعاً ليس معيباً أن يهتم الإنسان بالعملية الجنسية، لأنّها موجودة في طبيعته الغرائزية. ولكن دورنا في هذا المجمتع هو تهذيب هذه الغريزة التي يمكن أن تنحرف إذا لم يستطع الإنسان السيطرة عليها.

وبسبب هذا الإنحراف الغرائزي، تظهر اشكال متعددة من «الظواهر الجنسية غير الطبيعية» الموجودة في كل المجتمعات ومنها «عشق القصص الجنسية». فما هو هذا النوع من العشق؟ وما هي ميزاته؟ وكيف للإنسان السيطرة على التعلق الشبقي بالقصص الجنسية؟ وهل من علاج؟ وهل كل إنسان عاشق للقصص الجنسية؟

 

الناراتوفيلي Narratophilia أو ما يُعرف بعشق القصص الجنسية، هي حالة التي يكون فيها الشخص تحت تأثير قصة قرأها أو سمعها وشعر بتهيّج جنسي بسبب أحداثها. غير الطبيعي في ذلك، بأنّ هذا الشخص لن يشعر بأنّ مشاعر الإستثارة الجنسية ليست سوى من خلال سماع أو قراءة القصص الجنسية. والجدير بالذكر، أنّ التعلق الشبقي بالقصص والروايات الجنسية يمكن أن يصل إلى حدّ التحرّش بحياة الرفاق والأقارب في حياتهم الجنسية.

 

عشق القصص الجنسية في يومياتنا

 

تواجدت القصص الإباحية منذ العصور البعيدة. فكثير من العلماء يكتشفون قصصاً لها طابع جنسي في الآثار المكتشفة. وتُعتبر القصص الجنسية واحدة من أنواع الكتابة ولديها قراؤها الذين يتهافتون لقراءة هذا النوع من «الأدب». ونشطت القصص ذات الطابع الجنسي، قبل إختراع الكهرباء وإضاءة المدن وتفعيل دور السينما، حيث إنتقل الكتاب الجنسي إلى الأفلام الجنسية. ولكن ظلت القصص الجنسية تستهوي الكثير من الأشخاص الذين يرغبون بسماع القصص الجنسية وقراءتها وتخيّلها، من خلال التماهي بأبطال القصص. ويمكن أن يفسّر التحليل النفسي هذا النوع من الإنحراف، حيث لا يستطيع عاشق القصص الجنسية وسماعها أن يؤدي بشكل كامل الآداء الجنسي، بسبب إستسلامه المطلق لهذه القصص. كما في بعض الأحيان وبسبب هذا الإستسلام، يقوم هذا الشخص بتطبيق ما يقرأه على شريكه الجنسي. ويمكن أن يصل إلى تطبيقات غريبة-عجيبة ومنحرفة بشكل فاضح. كما نجد عند الكثير من الأزواج، وبسبب عدم الإستثارة الجنسية الكاملة من الزوجة، يلجأون إلى المحادثات الجنسية والقراءات عن موضوع الأعضاء التناسلية أو الوضعيات الجنسية وحياة الممثلين الإباحيين، كتعويض عن الحاجة الجنسية لديهم.

 

التفسير التحليلي للقصص الجنسية

 

مما لا شك فيه، أنّ «عاشق القصص الجنسية» يستمتع بسماع وقراءة و»تركيب» قصص لها طابع جنسي. ولكن هذا الإستمتاع يتخطّى الحدود حينما يصبح هذا النشاط متعة جنسية ضرورية للرعشة الجنسية. يفسّر التحليل النفسي، بأنّ القصص الجنسية، لها تأثير واضح على إحباط وتخفيف الشعور باللذة الطبيعية وبعدم الوصول إلى النشوة الجنسية مع الشريك في الكثير من الأحيان، كما تضعف على الصعيد الآداء الجنسي والإنتصاب لديه، عندما تصبح عادة ملحّة له لا يستطيع الإستغناء عنها. فطبعاً، الإنسان بحاجة لـ»تحفيزات خارجية» لتساعده في عمليته الجنسية، ولكن لا يمكن أن تصبح هذه التحفيزات، ومنها القصص الجنسية، سبباً وحيداً لإستثارته الجسدية.

 

وعندما يتحوّل الشخص إلى مدمن على سماع أو قراءة القصص الجنسية، ويطرح الأسئلة أو يتحدث عن حياته الجنسية، وبالتالي يطلب من الآخر أن يتحدث عنها أيضاً، ويقضي معظم وقته، حتى في الأماكن التي لا تستثير أي أفكار جنسية، بالتفكير عن هذا الموضوع لا سواه… هذا الشخص بحاجة لمساعدة، لإستبدال الفكرة المسيطرة على عقله. ويمكن أن نفسّر هذا التصرف من خلال مبدأ اللذة ومبدأ الحياة وقلق الموت الذي يدفعه للتشبث بالحياة بطريقة ما… ويجد الشخص بأنّ «مبدأ اللذة الجنسية» هو طريقة مناسبة لإستبدال هذا القلق. كما لا يمكن استبعاد أهمية مرحلة الطفولة ومواقفها التي يمكن أن تحفز وبطريقة لاواعية بعض الإضطرابات الجنسية. لذا، لا يمكن إعتبار قراءة القصص الجنسية والتوغل فيها، مجرد تسلية لتمضية الوقت، أو حتى حشرية، بل هي حالة مرضية قد تتطلب أحياناً مساعدة نفسية خصوصاً عندما تتحوّل إلى نوع من أنواع الإدمان. فقراءة القصص الإباحية وبشكل مفرط ويومي هي كتعاطي المخدرات، حيث خلال المشاهدة، يفرز الجسم كميات من الدوبامين والتستوستيرون والاكسيتوسين التي تمنح شعوراً بالنشوة، وما ان يعتد الجسم على كمية ما، فإنّه يطالب بكميات أكبر. وبالتالي تصبح أحاديث وسلوكيات «عاشق القصص الجنسية» كلها تنكّب ناحية موضوع واحد وهو الجنس.

 

أخيراً، الجنس مهمّ جداً للإنسان، ولكن لا يمكن أن يصبح الحديث الوحيد والأوحد له وأن تدور كل نشاطاته وسلوكياته حوله. فالجميع من دون إستثناء يمكن أن يهتم بالقصص الجنسية وسماعها، ويمكن أن نعتبر أيضاً بأنّ النكات ذات الطابع الجنسي جزء لا يتجزأ من القصص الجنسية، ولكن لا يمكن أن تصبح المحور الوحيد لإهتمامات الإنسان.

 

وهل هناك معالجة نفسية؟

 

تحوّل القصص الجنسية وسماعها الشخص إلى إنسان له خيال جنسي واسع وسارد لقصص فيها فقط علاقات وهمية، ويصبح الشريك وسيلة تُستعمل فقط للجنس. ولتجنّب هذا النوع من الإنحراف الجنسي، يجب إتباع بعض الخطوات التي قد تساعدك في التخلّص من هذا الإدمان الذي يؤذي النفس والجسد:

 

– تفادي البقاء منفرداً في السرير أو في غرفة، كي لا تبدأ الأفكار الجنسية تسيطر على ذهنك، والتي تدفع لقراءة القصص الجنسية ثم تطبيق محتواها على الشريك.

– الإعتراف بأنّ هذه القصص لا تفيد العملية الجنسية. فالصراحة مع النفس تساعد في قبول المشكلة وحلها.

 

– مساعدة الذات من خلال القرار بعدم قراءة أو سرد أو كتابة كل ما له علاقة بالقصص الجنسية… والإخلاص للشريك الحقيقي وليس لشريك وهمي وبطلة قصة خرافية. عند الإقتناع، يتحوّل المدمن لهذه القصص من عبد إلى شخص يحترم جسده ونفسه.

– الفراغ وعدم ملء الوقت بنشاطات مختلفة يمكن أن تؤدي إلى اللجوء إلى هذا النوع من القصص. الرياضة كالجري أو السباحة أو غيرها من النشاطات كالرسم والرقص … يمكن أن تساعد في السيطرة على الوضع، وتمنح الإستقرار النفسي.

– يمكن أن تتمّ عملية الإقلاع تدريجياً، أي إذا كان الشخص يحضّ يومياً، يمكن في بادئ الأمر تقليل القراءة حتى الوصول إلى إلغائها نهائياً من حياته.

 

– تحديد الأوقات مثلاً في الليل والأماكن في غرفة النوم، أو المناسبات، مثلاً خروج الأهل من البيت، كل ذلك يمكن أن يدفع الشخص للتفكير في هذه القصص. فيجب تجنّب أي موقف يساعد في تعزيز فكرة القراءة للقصص الجنسية.

– حجب جميع المواقع الإباحية من الحاسوب أو من الهاتف الخليوي، والتي تحتوي على هذا النوع من القصص.

 

– وأخيراً، بعد المحاولة مراراً وتكراراً والوصول إلى الفشل، يمكن طلب المساعدة من أخصائي نفسي- جنسي أو أخصائي نفسي أو طبيب نفسي، للمساعدة في تجاوز هذه المشكلة.

 

 

 

الجمهورية

 

عن Z H