الرئيسية / آخر الأخبار / تيّار واشنطن يستردّ نفَسه: «التطهير» لدُعاة التسوية

تيّار واشنطن يستردّ نفَسه: «التطهير» لدُعاة التسوية

مجلة وفاء wafaamagazine

كشفت التطوّرات الأخيرة وجود انقسام واضح في صفوف «مجلس سوريا الديموقراطية»

أيهم مرعي 

الحسكة | في وقت كان يتصاعد فيه زخم عمليات التسوية التي تقودها الجهات الأمنية والعسكرية الرسمية في المناطق الخاضعة لسيطرة «قسد»، شمّر الأميركيون عن سواعدهم في سبيل إفشال هذه الخطوات. ومن هنا، عقد مندوبو واشنطن اجتماعَين منفصلَين مع أهالي ريف دير الزور الشرقي في حويجة ذيبان والباغوز، رشحت عنهما معلومات تفيد بأن الأميركيين أسدوا «نصيحة» لسكّان المنطقة مفادها: «عدم الوثوق بالنظام»، والابتعاد عن أيّ مصالحة معه، إلى حين إنجاز اتفاق سياسي نهائي للأزمة في البلاد. وما بدا لافتاً، للمرّة الأولى منذ وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض، هو تأكيد المندوبين الأميركيّين أن بلادهم باقية عسكرياً في الشرق السوري. وفي السياق نفسه، دفعت الولايات المتحدة، «الإدارة المدنيّة والعسكرية» التابعة لـ«الإدارة الذاتية» في دير الزور، إلى إصدار تعاميم تنصّ على «الفصل النهائي بحقّ كلّ شخص يعمل ضمن الإدارة المدنية وقام بإجراء مصالحة مع النظام، ولا يحقّ له العمل بأيّ مفصل من مفاصل الإدارة أو المنظّمات المحليّة العاملة ضمن مناطق الإدارة المحلية في دير الزور». وترافق ذلك مع اتهامات لـ«الإدارة المدنية» بتحريض السكّان على اعتراض الرّتل الروسي الذي دخل ريف دير الزور الشمالي، حيث تعرّض لإطلاق رصاص مباشر في نقطة دوّار المعامل عند مدخل مدينة دير الزور.

وكشفت تلك التطوّرات وجود انقسام واضح في صفوف «مجلس سوريا الديموقراطية»، كما وجود محاولات من «مجلس دير الزور العسكري» و«الإدارة المدنية في دير الزور» للتمرّد على قيادة «مسد» و«قسد»، والتي تعمل على إنشاء نقاط جديدة للروس في دير الزور، ضمن سلسلة خطوات متّفق عليها لتجنيب مناطق أخرى متاخمة للحدود التركية، هجمات تركية جديدة. وفي هذا الإطار، يؤكّد مصدر مطّلع على مسار التسوية في دير الزور، لـ«الأخبار»، أن «نجاح الجهود الحكومية الروسية المشتركة في التسوية الشاملة في دير الزور، وتوافد المئات بينهم قيادات في قسد ومسد لتسوية أوضاعهم، أربك الأميركيين وقسد»، معتبراً أن ما حصل مع «الدورية الروسية لا يعكس المزاج الشعبي المشجّع لعودة الدولة السورية إلى كامل جغرافية دير الزور، بدليل الإقبال الكبير على التسوية»، مضيفاً أن «الاحتلال الأميركي لن يكون موجوداً بشكل دائم… وأن الدولة السورية ستُعيد سيادتها على كامل جغرافية المحافظة، عندما تتوفّر الظروف المناسبة لذلك».

كذلك، أظهرت زيارة نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، إيثان غولديريتش، إلى المنطقة ولقاؤه مسؤولين من «مسد» و«قسد»، حالة تنشيط للجهود الأميركية الهادفة إلى مواجهة النفوذ الروسي في الشرق السوري. وفي هذا الصدد، يكشف مصدر مقرّب من «مسد»، لـ«الأخبار»، أن «الوفد الأميركي طالب قسد بعدم القبول بأيّ اتفاق غير عادل مع الحكومة السورية، وعدم الخضوع للضغوطات الروسية، مع التشجيع على العمل مع أطراف المعارضة بشقَّيها العربي والكردي، لتشكيل الرأي العام السوري»، مضيفاً أن «الأميركيين أبلغوا الكرد بأنهم طلبوا من الروس التعامل بجدّية وشفافية مع مطالب قسد، في ملفّ الحوار مع الحكومة السورية». ويفيد المصدر بأن «الاجتماع تضمّن أيضاً تأكيداً على الاستمرار في خفض التصعيد، مع مطالبات كردية بضرورة الضغط على الأتراك لمنع شنّ أيّ عدوان جديد على المنطقة»، لافتاً إلى أن «الكرد تلقّوا وعوداً أميركية بالعمل على زيادة الدعم الإنساني والاقتصادي، مع الاستمرار في دعم قسد، حتى لا يتمكّن داعش من العودة مجدّداً إلى المنطقة»، متابعاً أن «الوعود تضمّنت أيضاً السعي لاتّخاذ مزيد من الخطوات لاستثناء شمال وشرق سوريا من قانون قيصر، مع الطلب من الأكراد تشجيع العرب والكرد المعارضين للإدارة الذاتية على خوض الانتخابات المقرَّرة في مناطق سيطرة قسد».
بالنتيجة، يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة تريد إبعاد «قسد» عن أيّ تقارب مع الحكومة السورية والروس، من خلال إعطاء تطمينات لـ«الإدارة الذاتية» باستمرار الوجود الأميركي في الحسكة ودير الزور، وإطلاق وعود لإثبات هذا التوجّه، واستبعاد تكرار ما حصل في عام 2019. مع هذا، يظهر أن الأكراد لا يزالون يريدون الحفاظ على علاقات جيّدة مع موسكو، وذلك لكسب الوقت، واستثمار وجود الروس في الشرق السوري للتخفيف من أثر أيّ طعنة أميركية مفاجئة، في حال انسحاب واشنطن من المنطقة.

 

 

 

 

 

 

 

 

الاخبار