مجلة وفاء wafaamagazine
أكّدت فحوصات مراكز الأبحاث الحكومية السورية إصابة بذار القمح الأميركية، المُقدّمة كهدية للسوريين، بآفة «النيماتودا» الخطيرة على بنية التربة، وسط تباين الآراء بين تسبّبها بتخريب الأرض الزراعية لثلاث سنوات فقط، أو بعقم شبه دائم. وفي خضمّ ذلك الجدل، تَوجّه وزير الزراعة السوري إلى الحسكة، حيث طلب من الفلّاحين الذين تسلّموا البذار إتلافها والتخلّص منها، فيما عكفت «الإدارة الذاتية» على فحصها والتأكد من سلامتها
أيهم مرعي
الحسكة | ثبّتت الأبحاث العلمية الشبهات التي دارت حول مساعٍ أميركية لضرب الأراضي الزراعية السورية، من خلال بذار قمح مسمومة، تُوزّع على المزارعين مجاناً تحت عنوان المساعدة. وبعدما نجحت بذار القمح السوري المحسّنة في إنقاذ الحقول الأميركية من التلف، إثر حصول الأميركيين على بذور سورية ثمينة من المركز الدولي للبحوث الزراعية «إيكاردا» في غربي حلب، برزت المساعي الأميركية الجديدة لهدم ما تبقّى من القدرات الزراعية السورية، والتي لا تزال إلى الآن، على رغم كلّ ما مرّت به، تشكّل عامل أمان للسوريين، يقيهم خطر الجوع بسبب الحصار الأميركي والغربي على بلادهم. وكانت تلك المعلومات قد أكّدت دراسة نشرتها «رابطة المستهلكين العضويين» في الولايات المتحدة، أفادت بأن «بذار القمح السورية أنقذت محصول القمح الأميركي، بعد العثور على هذه البذار في مركز أبحاث سوري غربي حلب». ووفق المنظّمة، فإنه «جرى اختبار 20 ألف صنف من البذار، ووَحدها البذار السورية من نوع الدوسر، أثبتت مقاومتها للآفات والحشرات، وقدرتها على التأقلم مع ارتفاع درجات الحرارة».
ومع بدء دخول البذار الأميركية إلى محافظة الحسكة، عبر معبر سيمالكا غير الشرعي مع شمال العراق، تنبّهت الحكومة السورية إلى الأمر، وتمكّنت من الحصول على عيّنات، تمّ فحصها في مختبرات وزارة الزراعة السورية وجامعة الفرات، ليَثبُت أنها مصابة بآفة «نيماتودا ثآليل القمح»، مترافقة مع عفن السنابل البكتيري، والذي يهدّد بنية التربة الزراعية. كما ثبت في التحليل المخبري أن القمح من نوع «آضنة»، وهو من الأقماح الطريّة التي يحظر التعامل بها منذ عام 1999 في الأراضي السورية، لكونها تهدّد بخلط الأصناف الممتازة، ما يشكّل خطراً على جودة البذار. وهنا، يؤكّد وزير الزراعة السوري، محمد حسان قطنا، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «عيّنات من البذار وصلت إلى مخابر وزارة الزراعة، وتمّ فحصها، وثَبُت أن البذار صنف طريّ كان يُستخدم في دول الجوار، وتمّ استبعاد زراعته منذ سنوات، لكونه حسّاساً للإصابة بمرض الصدأ»، مضيفاً إن «البذار تحمل مرض نيماتودا الذي يؤدي إلى ضرر في التربة، وتراجع إنتاجية القمح فيها، ولا يمكن التخلّص منه إلّا بدورة زراعية تمتد لثلاث سنوات». ويوضح الوزير أن وجوده في الحسكة يستهدف «الطلب من الفلاحين ونصيحتهم بعدم التعامل مع هذه البذار أو أيّ بذار مجهولة الهوية، وإتلافها فوراً، مع تحديد طريقة الإتلاف، وتأكيد جاهزية الوحدات الإرشادية الحكومية بمساعدة الفلاحين في ذلك».
علّقت «الإدارة الذاتية» الكردية عمليات توزيع البذار الأميركية بانتظار فحص سلامتها
بدوره، يدعو رئيس «الاتحاد العام للفلاحين في سوريا»، أحمد صالح إبراهيم، في حديثه إلى «الأخبار»، المزارعين إلى «عدم التعامل مع البذار، وضرورة إتلافها وإعادة فلاحة الأراضي لكونها تحمل آفات مؤذية»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة تريد تخريب الاقتصاد السوري بالكامل، ولا تريد للبلاد أن تتعافى». ويشرح الأستاذ في اختصاص وقاية النبات في كلية الزراعة في جامعة الفرات، والمشرف على التحاليل الخاصة بالبذار، جمال العبد الله، من جهته، أنه «تمّ عرض عيّنة من 2500 حبّة في مخابر كلية الزراعة في الحسكة، وثَبُت وجود 6 حبّات مصابة بينماتودا، بالإضافة إلى العفن وتكسر القمح، ما يجعل من زراعتها كارثة كبيرة على قطاع الزراعة». ويتابع أن «وجود حبة واحدة في إجمالي البذار كافٍ لنشر هذه الدودة الشعرية بالحقول، وضمان عدم إنتاجيتها لسنوات»، مؤكداً أن «مكافحة النيماتودا موضوع مرهق مادياً ويحتاج إلى سنوات لإزالته من التربة، وإلى أكثر من دورة زراعية». وفي وقت غاب فيه أي توضيح أو بيان رسمي لـ«الإدارة الذاتية»، حول بذار القمح وصلاحيّتها للزراعة، أكّد عدد من المزارعين أن البذار وُزّعت في بلدة تل حميس الحدودية مع العراق بكمية 150 طناً، قبل أن يتمّ إيقاف توزيعها مؤقّتاً. ويؤكد ذلك رئيس هيئة الزراعة في «الإدارة الذاتية»، سلمان بارود، في حديث إلى «الأخبار»، حيث يقول إن «هيئة الزراعة تسلّمت نحو ثلاثة آلاف طن من البذار المعقّمة من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID)، وهي تحت تصرّف وحداتنا الإرشادية»، كاشفاً أنه «سيتمّ أخذ عيّنات منها وفحصها للتأكد من صلاحيتها للزراعة في المنطقة، قبل توزيعها».
الاخبار