الرئيسية / آخر الأخبار / رالف رانغنيك «يُرعب» إنكلترا… رهانٌ كبير على «العرّاب»

رالف رانغنيك «يُرعب» إنكلترا… رهانٌ كبير على «العرّاب»

مجلة وفاء wafaamagazine

تولّى الألماني رالف رانغنيك رسمياً مهمة تدريب مانشستر يونايتد الإنكليزي حتى نهاية الموسم، في محاولةٍ لانتشال الفريق خلال المرحلة الانتقالية المقبلة. خبرة رانغنيك وإنجازاته «النّوعية» جعلت منافسي «الشياطين الحمر» ينظرون إليه بكثير من القلق، فهل يُعيد الاستقرار ويحقّق النجاح في مسرح الأحلام؟

لم يعرف مانشستر يونايتد التطوّر والنجاح منذ تنحّي المدرب الأسبق السير أليكس فيرغسون عن منصبه كمدرّب للفريق عام 2013. ورغم اعتلاء الفريق بعض منصات الألقاب «الثانوية»، ظلّت الألقاب «الكبيرة» عصيّة على خزائن الشياطين الحمر.

اختلفت قيمة المدرّبين الذين تعاقبوا على «أولد ترافورد» بعد تنحّي السير فيرغسون، لكن أياً منهم لم يعرف النجاح المطلوب، حيث فشل صديق فيرغيسون المدرّب ديفيد مويس من الحفاظ على توازن الفريق، في حين لم يتمكّن الهولندي لويس فان خال من السيطرة على زمام الأمور، أما جوزيه مورينيو، ورغم تحقيقه ثلاثة ألقاب رفقة النادي، فقد كانت مشاكله أكثر من الإيجابيات.
هكذا، ظلّ النادي في حالة تخبّط إلى أن استلم النرويجي أولي غونار سولشاير زمام الأمور. سرعان ما خلق المدرّب الشاب، الهدوء داخل الفريق، متفوّقاً على أسلافه الذين خلفوا السير، لكنّه فشل في التفوّق على نفسه، إذ لم يتمكّن من التعويل على بدايته القويّة. فبعد أن قام بتهدئة غرفة الملابس وتدعيم المنظومة ببعض الأسماء اللّامعة، فشل سولشاير من تحقيق نتائج إيجابية عندما أصبح «مطالباً» بذلك، وأدّت النتائج المتخبّطة إلى إقالته في نهاية المطاف.
هنا، وقفت الإدارة أمام مفترق طرق. لا خبرة بعض المدرّبين المحنّكين نجحت، ولا البذخ جاء بثماره، أما أساطير النادي فلم يتمكّنوا سوى من تهدئة العاصفة ولو بصورة مؤقّتة. لذا، وفي ظل «الخراب» الهائل، ارتأت الإدارة تعيين الألماني رالف رانغنيك على رأس العارضة الفنيّة للفريق، لقيادته في هذه المرحلة، على أن يتولّى الإشراف الفنّي كمدرب حتى نهاية الموسم ومن ثم الحصول على دور استشاري مع النادي لعامين إضافيّين.
أعلن ظهر يوم أمس عن التعاقد رسمياً مع المدرّب الألماني بعد صدور تصريح العمل الخاص به. رانغنيك سيُغادر فريق لوكوموتيف موسكو حيث يعمل كرئيس للتنمية والرياضة ليلتحق بفريق «الشياطين الحمر». تعيينٌ أثار فرحة جماهير مانشستر يونايتد مقابل قلق الجماهير الأخرى، فمن هو المدرّب الجديد الذي شغل الوسط الرياضي أخيراً؟

مسيرة حافلة
بدأ رانغنيك مسيرته التدريبيّة في الأقسام الدنيا من كرة القدم الألمانية لعدد من السنوات، قبل أن يتمكّن من بناء اسم له في كرة القدم المعاصرة. تجربته الأولى في التدريب كانت في سنواته الأخيرة كلاعب، حيث كُلّف بتدريب فريق الشباب في فيكتوريا باكنانغ عام 1983، ثمّ قام بتدريب رديف شتوتغارت قبل أن يتنقّل في أكثر من فريق منذ عام 1987 وحتى عودته لتدريب الفريق الأول في شتوتغارت عام 1999، حين استطاع إنقاذ النادي من الهبوط.
استمرّ مع الفريق في الموسم التالي واستطاع إنهاء الموسم في المركز الثامن، لكنّه عانى في موسمه الأخير من صعوباتٍ عديدة بالكاد نجا بسببها من الهبوط.
في موسم 2001/2002 انتقل رانغنيك لتدريب هانوفر 96 في دوري الدرجة الثانية الألماني واستطاع احتلال الصدارة والصعود بالفريق لدوري الدرجة الأولى. وفي الموسم التالي أبقى هانوفر في دوري الدرجة الأولى لكنّه أُقيل في موسمه الثالث حيث كان الفريق يُصارع في مناطق الهبوط محتلّاً المركز الخامس عشر.
كان رانغنيك قريباً من استلام منصب في المنتخب الألماني لكن ذلك لم يحدث، فعيّنه نادي شالكه مدرّباً للفريق مستغلاً إتاحته في السوق. بدأ رانغنيك موسمه الثاني مع شالكه بشكلٍ رائع بعد فوزه بلقب كأس الدوري الألماني، إلّا أن عدم قدرته على تجاوز دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا عجّلت بإقالته. بعد ذلك، اتّخذ رانغنيك قراراً جريئاً بقبول تدريب نادي هوفنهايم الذي كان ينشط في دوري الدرجة الثالثة موسم 2006 /2007، واستطاع قيادته للصعود إلى دوري الدرجة الثانية ثم دوري الدرجة الأولى في موسمين متتاليين، مساهماً بشكل كبير في بروز النادي على الخارطة الألمانية.

في إحدى المقالات الألمانية وُصف رانغنيك بأنّه مدرّب «شيوعي» لا يعترف بالنجوم أو بأفضلية لاعب على حساب آخر

وبعد 4 مواسم، عاد رانغنيك لتدريب شالكه خلال سنة 2010 /2011 واستطاع تحقيق لقب كأس ألمانيا والوصول إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا. بدأ موسمه التالي مع شالكه بالفوز بلقب كأس السوبر الألماني على حساب دورتموند، إلّا أنّه قدّم استقالته بعد مرور 6 جولاتٍ فقط قائلاً لإدارة النادي بأنه بات «مُرهقاً وغير قادر على النجاح وتطوير الفريق».
عام 2012، تم تعيين رانغنيك مديراً رياضياً في كل من ناديَي لايبزك الألماني وسالزبورغ النمساوي، تخلّل ذلك قيادته للايبزك في فترتين منفصلتين إحداها موسم 2015 /2016 حين كان الفريق يلعب في دوري الدرجة الثانية، والأخرى موسم 2018 /2019 حين نافس على لقب الدوري الألماني وحلّ ثالثاً. يُنسب إليه الفضل في بروز لايبزك محلياً وأوروبياً إضافةً لتنمية لاعبين غير معروفين وتحويلهم إلى نجوم داخل وخارج النادي، حيث تركّزَ عمله على أحدث أساليب التدريب والبيانات وإستراتيجية التعاقدات. وبعد تجربةٍ ناجحة في ألمانيا، غادر رانغنيك الفريق في العام الماضي لينضم إلى إدارة لوكوموتيف موسكو في الصيف.

عرّاب الكرة الألمانية
يُعرف رانغنيك بـ«أستاذ كرة القدم الألمانية» وعرابها ويُنسب إليه الفضل في التأثير على المدرّبين الألمان المعاصرين أمثال يورغن كلوب وتوماس توخيل وجوليان ناغيلسمان. وفي تصريحٍ سابق، أشار رانغنيك بأنه له الفضل في بدايات يورغن كلوب وتوخيل التدريبية موضحاً: «كان توخيل لاعباً تحت قيادتي في فريق «UIm» لكنه تعرّض لإصابةٍ أنهت مسيرته باكراً. عمل بعدها في حانة ولم يفكّر حتّى بأن يصبح مدرباً إلى أن عرضت عليه فرصة التدريب في فريق تحت 15 عاماً. بالنسبة لكلوب، هزمت فريقه بوروسيا دورتموند عندما كنت مدرباً لهوفنهايم بنتيجة (4-1). بعد تلك الهزيمة، قال كلوب بأنه يريد لفريقه اللعب بأسلوب هوفنهايم، وقام في العامين اللاحقين ببناء أسلوب مماثل».
لعب رانغنيك دوراً رئيسياً في إنشاء تكتيك للضغط العالي حيث يقاتل الفريق على الفور لاستعادة الكرة بعد خسارة الاستحواذ بدلاً من الارتداد للعمق، وهي فلسفة تقضي بضرورة استعادة الكرة خلال 8 ثوانٍ بعد خسارتها مع محاولة التسديد على مرمى الخصم في مدة لا تتجاوز الـ10 ثوانٍ عند الاستحواذ.

اختبار صعب في مانشستر
رغم التفاؤل الكبير بين جماهير مانشستر يونايتد، تبقى المهمة صعبة أمام رانغنيك. يُنظر للصفقة المرتقبة على أنها «مثالية» غير أن تجاربه السابقة وشخصيته الصلبة تجعل الصورة ضبابية.
في إحدى المقالات الألمانية، وُصف رانغنيك بأنه مدرب «شيوعي» لا يعترف بالنجوم أو بأفضلية لاعب على حساب آخر، بل إنه يفضّل المساواة بين الجميع. من المعروف أن رانغنيك يتحلّى بشخصية قويّة وهذا شيء إيجابي، ولكن هل هذه الشخصية هي المطلوبة حالياً في ظل كوكبة النجوم الموجودة في مانشستر يونايتد؟ ليس فقط كريستيانو رونالدو، هناك لاعبون مثل بول بوغبا وهاري ماغوايير يشغلون الصحافة دائماً في حال ظلّوا على مقاعد البدلاء نظراً للمبالغ الكبيرة التي جاؤوا من خلالها إلى «أولد ترافورد»، وهو ما يُثير الترقّب حول الأسلوب المعتمد من قبل رانغنيك في حال استلم زمام الأمور.
من ناحية أخرى، اتصفّت أغلب الأندية التي نجح معها رانغنيك بغنى ملاكها، على غرار لايبزيك وهوفنهايم، وهي أندية لا تعرف شعبية كبيرة حتى بعد وصولها إلى القمة، فما هو الوضع المتوقّع في الأولد ترافورد؟ وهل سيتمكن رانغنيك من التكيّف مع متطلّبات النادي والجماهير وسط الضغوطات الإعلامية الكبيرة على أحد أكبر الأندية في إنكلترا؟