الرئيسية / آخر الأخبار / أين أخطأ «التيار» وأين أصاب؟

أين أخطأ «التيار» وأين أصاب؟

مجلة وفاء wafaamagazine

يترقّب المعنيون بالانتخابات النيابية المقبلة مصير الطعن الذي رفعه التيار الوطني الحر الى المجلس الدستوري لإبطال بعض مواد قانون الانتخاب المعدّل. والمجلس الذي يعمل وسط بيئة سياسية مشحونة ومستنفرة سيكون أمام امتحان إثبات استقلاليته ومناعته، خصوصاً انه من بين آخر المرجعيات التي لا يزال بالإمكان الركون اليها لحماية بقايا الانتظام العام في دولة تحكمها الفوضى العارمة.

عماد مرمل

بهذا المعنى، فإن المجلس الدستوري بات تحت المجهر كذلك وليس الطعن فقط. وتبعاً لنتائج الامتحان، سيُكرم المجلس او يهان، ما يضعه أمام مسؤولية كبيرة تستوجب منه التعامل بأعلى درجات النزاهة مع الاختبار الذي يخضع له ويتوقف عليه مصير الانتخابات.

وضمن سياق استشراف الاحتمالات، يقول الرئيس السابق للمجلس الدكتور عصام سليمان ان هناك في «الطعن البرتقالي» بنوداً مخالفة للدستور وأخرى غير مخالفة له، موضحاً لـ»الجمهورية» انه لو كان ما يزال يترأس المجلس لكان قد صوّت مع إبطال المادة المتعلقة بتعديل المهل في قانون الانتخاب، «لأن صلاحية تعيين موعد الانتخابات تعود إلى وزير الداخلية بموجب مرسوم عادي موقع من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة».


ويلفت سليمان الى انّ «السلطة التشريعية عدّلت المهل عندما حددت تاريخ إجراء الانتخابات النيابية في 27 آذار المقبل، وبالتالي أحلت نفسها مكان السلطة الاجرائية، الأمر الذي لا يستقيم مع مقتضيات الدستور».
امّا طعن التيار الحر في التعديل الذي علّق المادة 16 من قانون الانتخاب المتصلة باقتراع المغتربين لاختيار ستة مقاعد في القارات، فهو يجب أن يُرد في رأي سليمان الذي يعتبر ان تلك المادة التي تم إقرارها عام 2017 هي في الأساس مخالفة للدستور، «ولو جرى الطعن بها آنذاك لكنّا قد أبطلناها بالتأكيد».


ويلفت الرئيس السابق للمجلس الدستوري الى ان المادة 24 من الدستور تنص على «توزيع المقاعد النيابية مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ونسبياً بين طوائف الديانتين، وبين المناطق»، موضحاً انّ المقصود من «المناطق» هي تلك التي تتكوّن منها الجمهورية اللبنانية، وبالتالي فإنّ استحداث دائرة مستقلة عن الدوائر الموجودة يتطلب تعديل المادة 24 وإضافة دول الانتشار اليها.

وبناء على هذه الحيثيات، يؤكد سليمان انّ ما ورد في القانون من تعليقٍ للعمل بمادة تخالف الدستور اصلاً، هو امر دستوري لا يجوز إبطاله، «ولذلك فإنني كنت سأصوّت ضد الطعن في هذا التعديل لو انني أترأس المجلس الدستوري حالياً».

ويشدد سليمان على أن تحديد الموقف من الطعن الذي قدمه التيار «يجب ان يكون متحررا من الحسابات والاصطفافات السياسية، فلا يصح ان تُقاس المسألة على قاعدة ما إذا كنت مع التيار او ضده، وإنما يجب الاستناد الى معيار أساسي ووحيد عند اتخاذ القرار وهو الانسجام مع الدستور والتقيد به».


ويدعو سليمان الأعضاء الحاليين للمجلس الدستوري الى تحمل مسؤولياتهم التي ترتّب عليهم حماية الدستور واحترامه، «وبعد ذلك ليس مهماً من سيسرّه القرار ومن سيزعجه؟ وهل سيكون متوازنا ام لا؟ مشددا على أن المجلس الدستوري ينبغي أن يكون غير معني باللعبة السياسية، ولا دخل له بها.


وبالعودة الى تجربته كرئيس للمجلس، يتوقف سليمان عند تعطيل النصاب عام 2013 نتيجة مقاطعة بعض الأعضاء لجلساته، حين كان في صدد مراجعة طعن في التمديد لمجلس النواب، كاشفاً انه وبعد تلك الواقعة «عقدنا اجتماعاً حضره جميع أعضاء المجلس الدستوري، ومن بينهم الذين قاطعوا، والتزمنا عدم مقاطعة اي جلسة واكدنا انّ عضو المجلس لا يمثل الطائفة ولا الزعيم ولا اي مسؤول وإنما يلتزم الدستور، وقد دونّا محضر ذاك الاجتماع في سجل محاضر الجلسات، بتاريخ 31 تموز 2013 ولم يحصل بعدها أن قاطعَ احد اي جلسة أخرى في ايامي».

أما في شأن الاستحقاق الذي يواجه المجلس الدستوري راهناً، فيشير سليمان الى وجوب عدم تعطيل النصاب الذي يتطلب حضور ثمانية اعضاء من أصل عشرة، «على ان يُبدي كل عضو رأيه وفق الاصول، واذا صدر قرار وخالفه أحد، يُسجَّل الاعتراض مع القرار ويُنشر في الجريدة الرسمية، واذا لم تتوافر اكثرية السبعة اصوات لاتخاذ القرار، يبادر رئيس المجلس الدستوري الى وضع محضر بالوقائع ثم يبلغه الى رئيس الجمهورية ورئيسي الحكومة ومجلس النواب، ويصبح القانون الساري نافذاً».

ولدى سؤاله هل يتوقع ان تكون تركيبة المجلس الحالي محصّنة ضد المداخلات السياسية؟ يجيب سليمان: لا أعرف.. أنا أتمنى أن تكون محصنة حرصاً على مصداقية المرجع الدستوري الاعلى، وعلينا أن ننتظر القرار ليبنى على الشيء مقتضاه».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجمهورية