مجلة وفاء wafaamagazine
عشر سنوات مرّت على إقرار قانون اللّعب المالي النظيف في عالم كرة القدم. عشر سنوات شغل خلالها القانون «الإصلاحي» الوسط الرياضي في أكثر من مناسبة، كان آخرها إثر تداعيات فيروس كورونا. كان للـ«FFP» مواقف صارمة في الكثير من الأحيان، أسفرت عن عقوباتٍ صارمة بحقّ المخالفين، فهل كُتب له النجاح خلال عقده الأول؟ وماذا عن المستقبل؟
عرفت كرة القدم منعرجات كثيرة منذ ظهورها، وقد لجأت الأندية في بعض الأحيان إلى أساليب «ملتوية» بهدف الاستمرار. اعتمد الملاك الأغنياء على مواردهم الهائلة ما أدّى إلى اتّساع الهوّة بين الأندية الغنيّة ونظيراتها متوسطة الدخل. هكذا، ساد الاعتقاد في الوسط الرياضي بعدم العدل والمساواة، إلى أن قام الاتحاد الأوروبي لكرة القدم بإقرار قانون اللّعب المالي النظيف، أو ما يُعرف بـThe UEFA Financial Fair Play Regulations (FFP).
يستهدف القانون معادلة إيرادات ومدفوعات جميع الأندية المشاركة في البطولات القاريّة «لليويفا»، على ألّا يكون في ميزانيّتها أي نوعٍ من أنواع العجز المالي. قدّمت اللجنة التنفيذية في «يويفا» عام 2009 مشروع القانون لضمان إنفاق الأندية في حدود إمكانياتها، وتم تنفيذ القواعد من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عام 2011. أراد الاتحاد الأوروبي من ذلك تشجيع الأندية على التحلّي بالحكمة المالية، مهدداً إياها بعقوبات متفاوتة قد تصل للمنع من المشاركة في المسابقات في حال المخالفة.
لم تكن الطريق معبّدة أمام نجاح القانون في ظل النفوذ السياسي والغناء الفاحش للعديد من ملاك الأندية، ما خوّلهم التلاعب بالحسابات في أكثر من مناسبة. ورغم التحديات الكبيرة، كان «يويفا»، غالباً، في المرصاد. يعكس ذلك انخفاض نسبة صافي الخسائر خلال العقد المنصرم.
بلغ صافي الخسائر لعام 2019 في كرة القدم الأوروبية 125 مليون يورو فقط
بحلول عام 2009، بلغ صافي الخسائر في جميع أنحاء أوروبا 1.6 مليار يورو (بزيادة 33% عن عام 2008)، وفي المتوسط، كانت الأندية تنفق 64% من دخلها على أجور اللاعبين. الأرقام «المهولة» انخفضت بعد مرور 10 سنوات على إقرار القانون، حيث بلغ صافي الخسائر لعام 2019 في كرة القدم الأوروبية 125 مليون يورو فقط (انخفاض بنسبة 92% عن عام 2009)، بحسب مقال نشره موقع «The Conversation». يُعزى تقلّص النسبة إلى النمو في الدخل الذي زاد بسبب إدخال القواعد الجديدة، إضافةً لاتفاقيات الرعاية والعلامات التجارية التي حلّت محل القروض المعتمدة سابقاً لتمويل عمليات النادي.
عقبة كورونا
انخفض الدخل بشكل كبير مع عدم تمكّن المشجّعين من حضور المباريات بسبب فيروس كورونا. لذلك، «تساهل» الاتحاد الأوروبي لكرة القدم عبر تراجعه عن التخطيط المالي الدقيق في العامين الماضيَين.
لم يكن قانون FFP قادراً على كبح تضخم الأجور المرتفعة ورسوم التحويل، الأمر الذي هدّد استقرار الأندية المالي. كانت هناك تقارير تُشير إلى أن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يتطلّع إلى استبدال FFP بحد أقصى للراتب ووضع ضريبة على التحويلات، لكن الاتحاد رفض فكرة الإلغاء مشيراً إلى أن «التكيّف» هو الوجهة المقبلة. عقد المسؤولون داخل الاتحاد الأوروبي اجتماعاً واستقرّوا على تغيير بعض مواد قانون اللّعب المالي النظيف، على أن يمنح التغيير نظاماً جديداً يوفّر للأندية المزيد من الحرية في قدرتها على الإنفاق، في ظل الأزمة المالية التي خلّفتها جائحة كورونا.
«الالتفاف» على القانون
في ظل ضرورة الموازنة بين إيرادات الأندية ومدفوعاتها، ووضع الكثير من العوائق أمام نوع الإيرادات وكيفية الصرف، اتجهت بعض الأندية لأساليب مختلفة بهدف الاستمرار في النسق العالي والامتثال للقانون في آنٍ معاً، مثل بيع اللاعبين من أجل الربح. على سبيل المثال، حقّق تشيلسي الإنكليزي أرباحاً بقيمة 94 مليون جنيه إسترليني في السنوات التسع التي سبقت FFP، مقابل تحقيقه 623 مليون جنيه إسترليني في نفس الفترة الزمنية بعد ذلك، وفقاً لبيانات النادي الخاصة. منعت القوانين الجديدة مالك النادي، الميلياردير الروسي رومان أبراموفيتش تمويل النادي بشكلٍ مباشر من ماله الخاص، لذلك قام النادي بتبنّي نموذج يقضي بشراء اللاعبين الشباب وإرسالهم على سبيل الإعارة لاكتساب الخبرة، ثم بيعهم مقابل رسوم انتقال كبيرة.
على الجهة المقابلة، اتجهت العديد من الأندية إلى استغلال انتهاء عقد اللاعبين، فقامت بإقناعهم بعدم التجديد مع أنديتهم والانتقال مقابل رواتب ضخمة. برز من تلك الأندية باريس سان جيرمان الفرنسي الذي وقّع في الصيف مع 4 لاعبين من الصف الأول بشكلٍ مجاني، أبرزهم الأرجنتيني ليونيل ميسي مقابل راتب سنوي يبلغ 35 مليون يورو. في هذا الصدد، يدرس «يويفا» برئاسة السلوفيني ألكسندر تشيفرين تعديل نظامه الحالي عبر وضع سقفٍ للرواتب، بحيث لا تزيد الميزانية عن 70% من إيرادات كل نادٍ، على أن يدفع المخالفين ضرائب ضخمة.
الاخبار