مجلة وفاء wafaamagazine
تبدو المنافسة في الدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم هذا الموسم حكراً على أندية شمال إنكلترا وأندية العاصمة. هذه الأخيرة دخلت في حربٍ معلنة أكثر من أي وقتٍ مضى، فإذا كان تشلسي منافساً أقرب لمانشستر سيتي وليفربول على اللقب، فإن اقتحام وست هام لدائرة الكبار بوقوفه في المركز الرابع قبل انطلاق المرحلة الـ 17، أرسى معركةً مفتوحة بين الفرق اللندنية التي اعتادت أن تنافس على مكان بين الـ «توب 4» ومنها طبعاً مُلاحِقاه آرسنال وتوتنهام هوتسبر
تعدّت لقاءات الفرق اللندنية مسألة مواجهات «الدربي» الحساسة بينها، إذ بمجرد فوز وست هام يونايتد على تشلسي (3-2) أخيراً، بدا وكأن لكلٍّ من فرق العاصمة طموحاتها التي تتخطى هذا الموسم مسألة الفوز على أحد الجيران.
وست هام فعلها بروعة أمام «البلوز»، فكان الأمر غير مريح بالنسبة إلى أي فريقٍ يريد المنافسة على مركزٍ متقدّم، وذلك على غرار مانشستر يونايتد مثلاً، والذي اعتقد أنه ارتاح من فورة توتنهام هوتسبر بعد تراجع الأخير، حتى ظهر «الهامرز» بجودة لعبٍ وعقلية فائزة ليقف أمامه بين الأربعة الأوائل.
ومع تقدّمه على آرسنال بفارق نقطتين وعلى توتنهام بفارق ثلاث نقاط، يبدو وست هام مستعداً لأي معركة للحفاظ على مكانه، وهو ما يخلق متعةً إضافيةً في «البريمير ليغ»، حيث هناك على ما يبدو دوري خاص بين الجيران، وهو يرتبط بالأندية اللندنية دون سواها، والتي باتت لا تكتفي بمجرد تحدي أندية الشمال أمثال قطبَي مانشستر وليفربول، بل إن جمهورها يقوم أسبوعياً بحسابات مناطقية ترتكز على النقاط التي حصدها مما أسماها أيضاً البعض بدوري رباعي الأطراف بين الفرق المذكورة سلفاً.
ما يحصل الآن في الدوري الإنكليزي يتخطى ما عرفته لندن في مواسم خلت، فباتت أي مباراة بين جارين محط اهتمام كل متابعي الكرة في البلاد، إذ سابقاً طغت نجومية آرسنال فغاب تشلسي وتوتنهام، ومن ثم ظهر «البلوز» بحلّة البطل فكان الفريقان الآخران عاجزين عن مجاراته، قبل أن يحلّ توتنهام في مركزٍ متقدّم ومنافسٍ عنيد للكبار وسط تراجع هذا الفريق أو ذاك. أما وست هام فكان غالباً بعيداً عن كل هذه الضجة، مكتفياً بتقديم نجمٍ من هنا وآخر من هناك، عملت الأندية القريبة على محاولة استقطابه سريعاً بهدف إضعاف أي آمالٍ للفريق «النبيذي» لمزاحمتها، والدليل ما قيل دائماً بأنه لو بقي فرانك لامبارد معه ولم ينتقل إلى تشلسي لكان قد وضع الأسس لفريقٍ بطل خسر أيضاً في فترةٍ متقاربة في بداية الألفية الجديدة نجماً آخر لمصلحة تشلسي هو جو كول، وأيضاً مدافعاً كبيراً لمصلحة مانشستر يونايتد هو الغني عن التعريف ريو فرديناند.
اليوم يبدو الوضع مختلفاً تماماً، أقلّه قبل «الميركاتو» الشتوي الذي قد يشهد ضغط أحدهم لإضعاف قوة ضرب «المطارق» مجدداً، وذلك عبر استقطابه لنجومه الذي يتمسّك بهم المدرب الإسكتلندي ديفيد مويز، وعلى رأسهم الجزائري سعيد بن رحمة، وهدّاف الفريق الجامايكي ميشال أنطونيو (6 أهداف).
«دربي» لندني آخر
الليلة (الساعة 22.00 بتوقيت بيروت)، ستتظهّر أكثر الحرب المشتعلة بين الفرق اللندنية على مركزٍ في الـ «توب 4»، وسط معركةٍ جديدة تجمع هذه المرّة بين آرسنال وضيفه وست هام.
هذا اللقاء لا يقلّ تاريخياً شأناً عن لقاءات العداوة الكروية بين «الغانرز» و«البلوز» أو لقاءات الكراهية المطلقة بينهم وبين «السبرز»، فهو أصلاً من العناوين التقليدية في الدوري الإنكليزي، كونه يفرز أحداثاً شيّقة تماماً على صورة آخر لقاءٍ جمعهما وانتهى بالتعادل 3-3 في آذار الماضي.
مواجهة حساسة بكل ما للكلمة من معنى بين فريقٍ يجتهد للعودة إلى دائرة الكبار وهو آرسنال، وبين آخرٍ يريد أن يخرج من ظل جيرانه الذين اعتبروه دائماً ممراً نحو الانتصارات ومنصات التتويج.
واللافت أنه بإمكان وست هام تغيير الصورة في لندن عامةً على اعتبار أنه في هذا الموسم بدا أكثر ثباتاً من آرسنال وتوتنهام، وذلك بفعل عدم تبديل مويز لأفكاره أو ما يناسب تشكيلة الأسماء التي يملكها، فبقي وفياً لاستراتيجية 4-2-3-1 التي تركها آرسنال مفضّلاً اللجوء إلى 4-4-1-1 بعدما اعتمد نفس الأولى في مواجهة جاره في آخر نزالٍ بينهما.
حسابات مناطقية في العاصمة الإنكليزية لتحديد هُوية بطل الدوري الخاص
والتغيير لن يحصل في هذه الأمسية لأن آرسنال يبدو راضياً تكتيكياً بعد خروجه بانتصارٍ بثلاثيةٍ نظيفة أمام ساوثمبتون في نهاية الأسبوع، ما يعني أنه لن يبدّل من نهجه، وما يعني أيضاً أن كل فريق سيكون بمثابة الكتاب المفتوح بالنسبة إلى خصمه مع إسقاط طبعاً عامل النتائج السابقة وحتى الأرقام لأسبابٍ عدة.
هو أمر يمكن لمسه من آخر مباراة لعبها «المدفعجية»، إذ إن النتيجة لا تعكس حقيقة الواقع، فهو يجب أن يشكر الحارس أرون رامسدايل لإنقاذه في مناسباتٍ عدة، وذلك وسط استمرار معاناته دفاعياً والدليل أنه تلقّى 22 هدفاً أي أكثر بهدفٍ ممّا سجّل في 16 مباراة خاضها هذا الموسم في الدوري.
ومشاكل آرسنال لا تتوقف عند الناحية الدفاعية، إذ هناك مشكلة هجومية كما تشير الأرقام، فعندما لا يكون الغابوني بيار – إيميريك أوباميانغ صاحب الـ 4 أهداف الهدّاف الأول للفريق كما جرت العادة، يعني أن الفريق في أزمةٍ هجومية، وهو ما ينطبق أيضاً على تراجع المستوى التهديفي للفرنسي الكسندر لاكازيت الذي اكتفى بهدفين فقط، ليكون الأفضل تهديفياً وبشكلٍ مفاجئ لاعب الوسط الشاب إميل سميث – روو الذي سجّل 5 أهدافٍ.
في المقابل، لا يعاني وست هام نسبياً من هذه المعضلة بعدما هزّ الشباك في 28 مناسبة ولو أنه عجز عن كسر التعادل السلبي أمام بيرنلي في المرحلة الماضية. لكنّ الواضح أن «الهامرز» ليسوا في أفضل حالاتهم الدفاعية أخيراً فهم قبل هذا اللقاء، ودّعوا مسابقة «يوروبا ليغ» بسقوطهم أمام دينامو زغرب الكرواتي بهدفٍ وحيد في لقاءٍ كشف عن ثغرات دفاعية خطيرة في خط الظهر الذي احتاج إلى تعديلات سريعة.
الواقع أن وست هام تخلّص من عقدة الكبار، وهو أمر ثبُت بتغلبه على ليفربول وتشلسي توالياً، وبالتالي لن يجد مشكلةً في إلحاق آرسنال بلائحة ضحاياه، مرتكزاً طبعاً على نقطةٍ أساسية يتفوّق فيها على مضيفه، وهي أنه يجيد الاستحواذ بشكلٍ أكبر، وهي مسألة تضرّ بمفاتيح آرسنال الساعين دائماً إلى تسلّم الكرة ،وأوّلهم بوكايو ساكا الذي مرّر ثلاث كرات حاسمة، وثانيهم النروجي مارتن أوديغارد الذي يلعب دور المهاجم المساند القادر على تلقّي الكرة من خلال خط التمرير المفتوح بهدف صناعة الخطورة، وقد نجح بهذا الدور بالفعل بتسجيله 4 أهدافٍ.
هي مواجهة حذرة بلا شك فآرسنال يزداد قوةً في ملعبه الذي لم يفز بعيداً منه سوى مرتين هذا الموسم من أصل 8 انتصاراتٍ حقّقها، بينما باتت هواية وست هام معاقبة من تفوّق عليه تاريخياً، وذلك إلى جانب هدفٍ واضح، هو فرض سطوته على جميع جيرانه اللندنيين والخروج في نهاية الموسم بلقبٍ افتراضي عنوانه «بطل لندن».