الثلاثاء 19 تشرين الثاني 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
تلبس الازمة كل يوم وجهاً جديداً، يكون اصعب وأكثر تعقيداً من سابقه، وعلى نحو يوحي وكأنّ هذه الازمة تسير في تدرّج انحداري نحو رسم واقع معقّد لم تكتمل عناصره بعد. الشارع ما زال يتفاعل، ويعبّر عن نفسه بتحركات متواصلة في أكثر من مكان، وتحت العناوين والمطالب نفسها من سلطة تعاني أشدّ لحظات إرباكها، مع شارع منتفض في وجهها منذ أكثر من شهر، من دون ان تتمكن من تنفيس غضبه بأي إجراء يلبّي ولو الحد الأدنى ممّا يطالب به منذ 17 تشرين الاول، ومع حال التفكك الذي بدأ ينخر جسمها، وتوزّع مكوناتها، او ما باتوا يسمون، شركاء الامس فيها، بين متاريس متواجهة بعضها مع البعض الآخر، كما آل اليه الحال بين الشريكين الاساسيين في التسوية السياسية القائمة منذ ثلاث سنوات، أي «التيار الوطني الحر» وتيار «المستقبل».
ومع هذه المواجهة المحتدمة بين شريكي التسوية السياسية ـ الرئاسية، يمكن القول انّ الواقع السياسي بدأ يسلك منعطفاً حاداً نحو اصطفافات أكثر حدة، تعيد الى الاذهان صورة الانقسام الشديد الذي ساد عام 2005، حينما علّق البلد على حبل النزاع العنيف بين اصطفافي 8 و14 آذار. وهذا معناه وضع لبنان بين نارين مشتعلتين:
ـ نار الأزمة الاقتصادية والمالية، التي يزداد لهيبها يوماً بعد يوم، وتزيدها اضطراماً التصنيفات الائتمانية الشديدة السلبية للبنان، الصادرة عن الوكالات الدولية، والحبل هنا على جرار التخفيض الاضافي في قابل الايام على حد ما يجمع الخبراء الاقتصاديون…
ـ نار الأزمة السياسية التي تنذر بتصعيد يضع البلد في مهب احتمالات وسيناريوهات ارباكية للواقع اللبناني في شتى مفاصله وعلى كل المستويات.
سباق…
وسط هذا الجو، يبدو البلد حالياً في سباق على حلبة التصعيد، فاستشارات التكليف معلقة حتى إشعار آخر، وتحديد موعدها رهن بالتوافق المُسبق على اسم الشخصية التي سترأس الحكومة الجديدة، الامر المتعذّر حتى الآن، أولاً لعدم وجود هذه الشخصية التي يفترض أن تحظى بتوافق سياسي عليها، وثانياً لإصرار رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري على شرط تمكينه من تشكيل حكومة اختصاصيين لا سياسية. وهو الأمر الذي يلقى معارضة شديدة لدى فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و«التيار الوطني الحر»، وكذلك لدى حركة «أمل» و«حزب الله» اللذين ما يزالان، وعلى رغم من تفجّر الاشتباك بين التيارين البرتقالي والازرق، يراهنان على بروز ليونة حريرية في أيّ لحظة، تفضي الى تشكيل حكومة تكنوسياسية قريباً.
الاستشارات
على انّ اللافت هو الميل الرئاسي الواضح الى تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة في الايام القليلة المقبلة، حتى ولو لم يتم الاتفاق على اسم الشخصية السنية التي ستكلّف تشكيل الحكومة بناء على هذه الاستشارات. ومَرد هذا الميل هو الشعور بأنّ الوقت يضيع في المماطلة والتمييع، وهذا ما يزيد الازمة تعقيداً، علماً أنّ الميل الرئاسي لتحديد موعد الاستشارات، يُعبّر عنه في الاتصالات الجارية على اكثر من مستوى سياسي، ويقابَل بالدعوة الى التريّث أكثر، وعدم اللجوء الى اي خطوة من شأنها أن تفتح البلد على مواجهة في الشارع، وكذلك على مواجهة سياسية صعبة بأبعاد طائفية ومذهبية، وربما أبعد من ذلك.
عون…
وأكدت مصادر عاملة على خط الاتصالات لـ«الجمهورية» انّ رئيس الجمهورية لم يعد قادراً على الانتظار طويلاً، وبالتالي لا بد من حسم المواقف والخيارات نهائياً في الساعات المقبلة. لأنّ بقاء الوضع على ما هو عليه حالياً، قد تترتّب عليه تداعيات تهدد بانفلات هذا الوضع من أيدي الجميع، وتصبح إعادة لملمته صعبة جداً، فضلاً عن انّ الوضع الاقتصادي والمالي بات على حافة الانهيار الكامل، والمعاناة هنا، كما أثبتت وقائع الشهر المنصرم، سبقت هذا الانهيار وعبرت كل الطوائف والمناطق.
وبحسب المصادر نفسها، فإنّ رئيس الجمهورية ما زال يعتبر انّ الكرة في ملعب الحريري لكي يحسم خياره في الاتجاه الذي يساعد على تجاوز هذه الازمة، وفي شراكة الجميع في عملية الانقاذ التي باتت اكثر من ملحّة، وتتطلّب الحد الأعلى من تحمّل المسؤولية.
الحريري…
وقالت مصادر قريبة من الحريري لـ«الجمهورية» إنّ «على الجميع ان يدركوا أنه لم يطلق موقفه الرافض تشكيل حكومة تكنوسياسية، ليعود ويتراجع عنه، بل هو ثابت على هذا الرفض، وقراره ان لا يكرر التجارب السابقة التي ثبت فشلها كلها وأدّت الى ما وصلنا اليه اليوم، وخصوصاً جرّاء المداخلات غير الواقعية، التي كان يقدم عليها البعض بتجاوز كل الصلاحيات والاعتبارات».
واشارت المصادر الى «انّ هناك من يصرّ على عدم رؤية ما حصل منذ نزول اللبنانيين الى الشوارع، ويصرّ أيضاً على البقاء في الدوران داخل الحلقة نفسها التي أدّت الى تفاقم المشكلة».
ولفتت الى «انّ الحريري لا يهرب من المسؤولية، كما يحلو للبعض ان يقول، بل هو كان وما يزال يؤكد استعداده لتحمّل المسؤولية بما يخدم لبنان ومصلحة اللبنانيين، وبالتأكيد هو ليس مستعداً لتحمّل مسؤولية ما قد يؤدي الى الإضرار بالبلد، وإبقاء الازمة بتفاقمها على ما هي عليه. وتبعاً لذلك، فإنّ طرحه تشكيل حكومة اختصاصيين يراه السبيل الأسلم لوضع البلد على سكة الانقاذ، الذي يقول الجميع انهم يريدونه. وهو بهذا الطرح لا يلبّي فقط مطالب الحراك الشعبي، بل يلبّي بالدرجة الاولى مطلب الشريحة الواسعة من اللبنانيين التوّاقين للخروج من الأزمة».
ومن هنا، تضيف المصادر، فإنّ الكرة ليست أبداً في ملعب الحريري، بل هي في ملعب من يريد إبقاء الاوضاع على ما هي عليه». وعن مستقبل العلاقة بين «التيارين الازرق والبرتقالي، قالت المصادر القريبة من الحريري: «في الاساس لم يكن هدف الحريري سوى الوقوف على علاقة جيدة مع الجميع بلا استثناء، الّا انّ الوضع مع «التيار الوطني الحر» ورئيسه فاق حد الاحتمال، ومن هنا جاء البيان الأخير الصادر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري ليضع النقاط على الحروف».
التيار…
وفي المقابل، أكدت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انّ العلاقة بين «التيارين» يمكن توصيفها حالياً بأنها «متدهورة جداً». وبَدا ذلك جلياً في السجال الحاد بينهما عبر بيانَي الحريري والتيار، علماً انّ بيان الحريري تضمّن مغالطات كثيرة لم يكن ممكناً السكوت عليها.
الّا انّ مصادر مطلعة على العلاقة بين هذين التيارين أوضحت لـ«الجمهورية» انّ ما استجدّ فيها «لا يمكن اعتباره كسراً للعلاقة بين التيارين بمقدار ما هو أصلاً كسر للعلاقة بين الحريري والوزير جبران باسيل على وجه التحديد».
وقالت: «انّ السجال الحاد، في حقيقته، هو تعبير عن فشل المفاوضات بين الحريري وباسيل، حتى انّ الاسباب الحقيقية لهذا الفشل ما زالت مجهولة عند تيار «المستقبل»، وايضاً عند «التيار الوطني الحر»، فأيّ مستوى في «التيارين»، من دون الحريري او باسيل، في التراتبية الحزبية، لا يعرف لماذا تقاربا أصلاً في السنوات الاخيرة، ولماذا «فرطت» العلاقة بينهما بعد استقالة الحريري، ولماذا تحولت العلاقة بينهما غراماً وعشقاً الى انتقام وخصام، ولا أحد يعرف ما كان يجري بينهما في الغرف المغلقة، كذلك لا يعرف أحد سرّ التنافر بينهما الى حد الهجوم العلني المباشر بلغة كتابَي «الابراء المستحيل»، و«الافتراء في كتاب الابراء» التي كانت سائدة بُعَيد العام 2005.
في أي حال، تقول المصادر إنّ «الاشتباك البياني» بينهما، يعكس في وضوح انّ كلّاً منهما تَموضع خلف متراسه على ضفّتي أزمة خطيرة ومفتوحة على هجمات متبادلة تحت أكثر من عنوان.
عين التينة
على أنّ الصورة في عين التينة مَشوبة بحذر شديد، لأنّ ما طرأ في الايام الاخيرة، وخصوصاً لجهة سقوط اسم الوزير السابق محمد الصفدي كمرشح بديل للحريري، وكذلك الاشتباك السياسي العنيف بين التيارين الازرق والبرتقالي، أحاطَ الاستحقاق الحكومي بأجواء ضبابية داكنة تزيد من مستوى التشاؤم في إمكان كسر الجمود السلبي الذي دخلت فيه «مفاوضات التكليف والتأليف»، التي كانت جارية في الايام الاخيرة.
وعلى رغم من كل الاسماء التي تم تداولها في الايام الاخيرة لمرشحين محتملين لرئاسة الحكومة، الّا انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري ما زال يشدّد على اسم الحريري بصفته الشخصية الضرورية لترؤس الحكومة الجديدة.
شركاء في الجريمة…
ويتقاطع تشديد بري على ضرورة عودة الحريري الى رئاسة الحكومة، مع ما حذّر منه مرجع مسؤول عبر «الجمهورية»، حيث قال: «جميع الاطراف مُدانون سلفاً اذا استمروا على هذا المنوال التعطيلي الذي يبدأ من «الدلع السخيف»، ولا ينتهي «بالكَيد والفوقية المقيتة»، فيما هم يغمضون العين عمّا يجري في الشارع، وعمّا بلغته الازمة من مخاطر وتعقيدات. ولمرة أخيرة نقول، صار الامساك بالوضع صعباً جداً، إلّا انه ليس مستحيلاً، ما زال هناك إمكانيات وسبل للمعالجة، البلد لم يعد يتحمّل لا دلعاً أعمى من هنا، ولا سياسة كيد من هناك، وآن لهم ان يعرفوا انّ جريمة كبرى تُرتكب بحق لبنان واللبنانيين، وهم شركاء فيها، لا أقول شركاء عن غير قصد، بل أقول إنهم شركاء عن قصد وعن سابق تصوّر وتصميم، خصوصاً انّ الوضع الاقتصادي لا يتحمل أياماً».
برِّي…
ووسط هذه الاجواء يُطرح سؤال حول سبل الخروج من المأزق السياسي المستجد، وقبله المأزق الاقتصادي والمالي المتفاقم.
حول الشق الاقتصادي والمالي، يؤكد بري «انّ أولى خطوات تجاوز المأزق الاقتصادي والمالي تكون عبر المسارعة الى تشكيل حكومة إنقاذية مطعّمة من اختصاصيين وعدد محدود من سياسيين، تأخذ على عاتقها تنفيذ أجندة عمل إصلاحية فورية وتلبّي مطالب الحراك الشعبي وهي مطالب جميع اللبنانيين ونتبنّاها بكاملها.
وعلى خط مواز لذلك، تتوقف بعض الجهات المصرفية عن إجراءاتها التي تفاقم الازمة وتزيدها تعقيداً عبر الاقفال المريب للمصارف، فيما المطلوب منها التخفيف من وطأة الأزمة لا ان تكون شريكة في مفاقمتها، والذهاب فوراً الى فتح أبوابها امام الناس، وتُبادر الى وضع برنامج تَعاط جديد مع المودعين، بما يمنحهم جزءاً من ودائعهم، بنسَب معينة يُتفق عليها بين الجانبين، لا أن تذهب الى الاقفال وتُبقي المودعين مُربكين وقلقين، فيما كثيرون منهم بات في أمسّ الحاجة الى بعض من ماله المحبوس في المصارف.
خيارات…
وأمّا في ما يتعلق بالمأزق السياسي، فقالت مصادر معينة بالمفاوضات مع الحريري لـ«الجمهورية»: «خلاصة الصورة حالياً هي مراوحة شديدة السلبية ضمن مأزق سياسي ـ حكومي شديد التعقيد، وتسببت بها لعبة عض الاصابع، خصوصاً بين الحريري وفريق رئيس الجمهورية».
وفَصّلت المصادر صورة المأزق قائلة انّ 3 خيارات كانت ماثلة على خط التكليف:
– الخيار الاول: إعادة تكليف الحريري، وتشكيل حكومة «تكنوسياسية»، الّا انّ هذا الخيار سقط ووصل الى حائط مسدود، نتيجة رفض الحريري وإصراره على تشكيل حكومة لا سياسية يحصر التمثيل فيها على اختصاصيين.
– الخيار الثاني: تكليف شخصية غير الحريري تشكيل حكومة «تكنوسياسية» تحظى بقبوله ويوفّر لها التغطية السياسية والسنية، وقد فشل هذا الخيار ايضاً عبر سلسلة الاسماء التي تم طرحها، وكلها لم تكن جدية، وآخرها اسم الصفدي. وكما هو واضح، سقط خيار الشخصية البديلة ايضاً.
وتجدر الاشارة هنا، الى انّ خيار الصفدي – والكلام للمصادر – كان ما أحاط بطرح اسمه، أشبَه بـ»مسرحية هزلية»، بمشاهد إيجابية عَكَسَ انّ الحظ ابتسم لساعات قليلة للصفدي، ووضعه على مسافة خطوات من رئاسة الحكومة، الّا انّ سفينة الحظ هذه اصطدمت في نهاية المسرحية، بلعبة معقدة أشعلت الشارع، وأرجعت العلاقة بين التيارين الازرق والبرتقالي الى الماضي الخلافي الحاد بينهما، وجرفَ «التياران» اسم الصفدي وأخرجاه بعيداً من نادي المرشحين لتوَلّي المنصب الثالث في الدولة، مُحلّاً بديلاً منه شكوكاً في إمكان ملء الفراغ في قمة الرئاسة الثالثة في المدى المنظور.
علماً، تضيف المصادر، انّ الحريري أوصى في اللقاء الاخير مع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، بأنه مصرّ على الصفدي، وأنه شخصياً لم يعد في وارد العودة الى رئاسة الحكومة.
وفي الحديث معهما، وافقَ على ان تشكّل حكومة تكنوسياسية وأن يشارك تيار «المستقبل» فيها، وأن يؤمّن لها التغطية السنية، وتحديداً من دار الفتوى، وصولاً الى حد القول بالاستعداد لأن يتم الاعلان عن هذا الاتفاق من «بيت الوسط»، واستتبع النقاش مع «الخليلين» وشَمل نوع الحكومة وحجمها، وكذلك الحديث في الوزارات والحقائب، وقانون الانتخابات النيابية والصلاحيات، والبيان الوزاري للحكومة المقبلة، بحيث تمّ الوصول الى تفاهم حول 5 نقاط ، إلّا انّ كل ذلك نُسف فوراً، وجفّ حبر التفاهم بعد خروج «الخليلين» من «بيت الوسط»، وقبل أن يبلغا الى بري والسيد حسن نصرالله ما تم التفاهم عليه.
وفي الخلاصة، طار خيار الصفدي، من دون ان يعرف لماذا وكيف ومن أوحى بذلك؟
– الخيار الثالث، وبعد احتراق الخيارين الاول والثاني، يبقى خيار تشكيل حكومة من لون واحد. الّا انّ هذا الخيار لا يبدو متاحاً، لسببين رئيسين:
– الاول: عدم رغبة جميع الاطراف بالذهاب الى حكومة مواجهة، إذ انّ حكومة اللون الواحد تعتبر الوصفة الملائمة لدخول البلد في مواجهة على كل المستويات، قد لا يكون في مقدور أحد ان يمنع تمدّد شراراتها في كل الاتجاهات.
– الثاني: لا توجد أكثرية نيابية لتكليف شخصية تشكّل مثل هذه الحكومة، فهناك اكثرية مانعة لتشكيل حكومة لون واحد، أو بالأحرى حكومة مواجهة، يتصدرها بري الذي يصرّ على عودة الحريري بالاضافة الى مجموعة كتل نيابية: تيار «المستقبل»، القوات اللبنانية، الحزب التقدمي الاشتراكي، حزب الكتائب، كتلة الرئيس نجيب ميقاتي ومجموعة نواب آخرين، تضاف الى كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها بري، ويشكل هؤلاء ما يزيد عن السبعين نائباً.
إلزام الحريري بالتكليف!
الى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ بعض الجهات المعنية مباشرة بملف الاستشارات النيابية الملزمة، عرضت على خط التفاوض فكرة ان يُبادر رئيس الجمهورية الى تحديد موعد هذه الاستشارات، وليسمّ الحريري فيها لتشكيل الحكومة، الّا انّ هذه الفكرة لم تُعمّر طويلاً وسقطت لسبب أساسي، وهو انّ الحريري بلا تكليف ورفع السقف الى مدى بعيد، فكيف اذا حصل ومُنح التكليف؟ عندها سيرفع شروطه الى مدى أبعد من البعيد متسلّحاً بالتحصين الاضافي لموقفه الذي يمنحه إيّاه التكليف على طبق من ذهب.
أمام هذا الواقع المسدود، تتوقع المصادر المعنية بحركة المفاوضات «أن يدخل البلد في مراوحة، يُخشى معها ان تتحدد المخارج لها وتُصاغ من خلال تحركات تصعيدية في الشارع، ليس في الامكان تحديد أثمانها من الآن».
النصاب
من جهة ثانية، يفترض ان يعقد المجلس النيابي اليوم جلستين نيابيتين، الاولى انتخابية، لانتخاب أعضاء اللجان النيابية، وتليها عند الأولى بعد الظهر جلسة تشريعية لدرس وإقرار جدول أعمال، يتضمن جملة من البنود الاصلاحية، الى جانب اقتراح القانون المتعلق بالعفو العام. وإذا كانت الجلسة الانتخابية لا تحوطها اي مشكلات لانعقادها، وخصوصاً انها تقنية تتعلق بإعادة تكوين المطبخ التشريعي للمجلس النيابي، وبما يمكن من إحالة مشروع موازنة 2020 الى لجنة المال والموازنة لدرسه وإقراره وتجهيزه للهيئة العامة للمجلس النيابي، الّا انّ التباسات ما زالت تحوم حول الجلسة التشريعية، التي تحوط بها اعتراضات شديدة من مجموعة من القوى السياسية، وخصوصاً حول اقتراح قانون العفو العام، وهو الأمر الذي يجعل هذه الجلسة عرضة للتطيير مجدداً بعدم توفير النصاب لعقدها، مع إعلان عدد من الكتل النيابية انها لن تشارك فيها.
وسألت «الجمهورية» بري عن هذه الجلسة، فقال: «الهم الأساس بالنسبة إلي هو عقد الجلسة الانتخابية لانتخاب اللجان وإحالة مشروع الموازنة الى لجنة المال لدرسه، وامّا في ما خص الجلسة التشريعية فهي في موعدها». ورداً على سؤال عما اذا كانت الحكومة ستغيب عن الجلسة، قال بري: «يكفي أن يحضر وزير واحد، لنشرّع. علماً انّ كثيراً من المجالس النيابية في العالم تشرّع في غياب الحكومة».
وعن ميثاقية الجلسة في حال غابت عنها مكونات مسيحية أو سنية، قال: «نصاب انعقاد الجلسة هو 65 نائباً. ويكفي لعقدها ان يكون من بين هؤلاء نواب من كل الطوائف».
واشنطن تتهم موسكو
من جهة ثانية أعلنت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية مورغان أورتاغوس، عبر «تويتر»، «أنّ الحكومة الروسية سعت للتشكيك في مطلب الشعب اللبناني بإنهاء الفساد المستشري، مُحاولةً تصوير إرادته على أنها «مؤامرة» أميركية».
وقالت: «نقف بكل فخر مع الشعب اللبناني». وأضافت: «إنّ الشعب اللبناني اتحد في الأسابيع الماضية، في تصميم منه على إنهاء ما تعانيه بلاده من فساد وسعياً إلى الإصلاح، إلّا أنّ روسيا اتهمت واشنطن بتأجيج هذه الحركات، وبكل بساطة فهذا غير صحيح».
واعتبرت «انّ هذا الاتهام معيب بحق الشعب اللبناني الذي يسعى لإبعاد زعماء فاسدين». وأوضحت «أنّ أميركا لطالما وقفت إلى جانب لبنان بكل أزماته وقدّمت له يد العون، وشجّعت على نهوضه سياسياً واقتصادياً».
الجمهورية