مجلة وفاء wafaamagazine
أدى نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب الصلاة في مقر المجلس، والقى خطبة الجمعة، تحدث فيها عن أهمية الصلاة وذكر الله بشكل دائم، وقال: ” إن الاسلام ومن وجهة النظر القرآنية لا يتحدث عن الحياة الدنيا بمعزل عن الحياة الاخرى وهو لب دعوة الاديان الالهية ولذلك لا يمكن الفصل في الحديث بينهما، واقتصاره على احدهما دون الآخر. ومن هنا كان التعرض لاحكام الدين في الاقتصاد او السياسية او الاجتماع او حتى على المستوى النفسي ومحاكمتها من دون اخذ البعد الاخروي لا يتسم بالموضوعية والنزاهة، وهي ميزة يمتاز بها الاسلام عن كل الانظمة الاجتماعية بل حتى عن كل الاديان التي سبقته لخلوها إما عن عدم وجود شريعة أصلا واقتصارها على احكام اخلاقية مع التسامح في التعبير بالاحكام او اقتصارها على شريعة لا ترقى الى مستوى ان تشكل نظاما متكاملا للحياة، وبعبارة اخرى اننا حينما نريد ان نتعرض للنظام الاسلامي واحكامه لا بد من الالتفات الى ثلاثة ابعاد فيه: البعد العقائدي والبعد الدنيوي من المصالح والمفاسد والبعد الاخروي ، ومدى تأثير هذه الابعاد في خلق العامل النفسي الذي يدفع نحو تحقيق الغاية والنتيجة المتوخاة لهذا النظام واحكامه وخلق الربط بينها والتكامل في الأداء”.
وأضاف: “ذكر الله هو الضمانة والدليل والمرشد للبقاء على الخط الذي يوصل الى الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، وبخاصة حين تدلهم الخطوب وتختلط الامور وتتشعب الدروب، فالحق احق ان يتبع وليس الهدى سوى رؤية الحق واتباعه وهو ما لن يحصل من دون ان يكون الله حاضرا في عقلك وقلبك، ويستوعب كل كيانك فينير لك الطريق الذي يجب أن تسلك في احرج اللحظات حتى ولو كلفك ذلك ان تضحي بكل شيء حتى بأعز ما لديك، حين يدعوك الحق للتضحية بمالك او ولدك او حتى بنفسك فأنت وما تملك ملك الحق الذي اهتديت اليه بنور البصيرة التي أنارها ذكر الله، طالما كان الحاضر دوما في عقلك وقلبك، ومن دونه سيحل الظلام محل النور والوهم محل اليقين ولن تهتدي الطريق ابدا”.
وقال: “إن الظلم والعدوان والبخل والحرص والخيانة إحدى خصائص الظلام الذي يملأ النفس حين تفتقد النور الذي يحدثه ذكر الله فيها، اما من ملأ قلبه ذكر الله ولم يترك للغفلة أن تتسلل إليه فهو يرى نهاية الطريق كما يرى بدايته، ولذلك سيغيب عنه الشعور بالألم والنقص وهو لا يرى انه يفتقد شيئا حين يدعوه الواجب للبذل، بل يرى العوض الذي وعده لله، فإن كان البذل عطاء المال فهو يسمع كلام الله، وان كان نفسا بذلها شهادة ونصرة للحق فإن وعد الله يملأ كيانه”.
وتابع: “بالحديث عن اوضاعنا في لبنان والمنطقة، فاننا لا نزال نواجه حربا إعلامية شعواء تخوضها الغرف السوداء المرتبطة بالاستعمار الجديد الذي يستهدف هويتنا الايمانية وقيمنا الدينية والوطنية من خلال استخدام القوة الناعمة بعدما أسقطت قوى المقاومة العسكرية والسياسية مشاريعه التخريبية وافشلت مخططاته التقسيمية واحبطت عدوانه على بلادنا بدءا بالحروب التي شنت على فلسطين والعراق وسوريا ولبنان وما يتعرض له اليمن وصولا الى الحصار الجائر على الجمهورية الاسلامية الايرانية، فكل هذه الحروب وتلك الوسائل العدوانية هدفها الاول والاخير دعم الكيان الغاصب ليظل خنجرا استعماريا في خاصرة بلادنا ومركزا لنسج المؤامرات وبث الفتن. ونحن نرى مظاهر الحرب الجديدة في مشاهد التجويع والتحريض والفتن المتنقلة التي تنسجها الادوات المرتهنة في اكثر من بلد، والتي تبدو جلية في لبنان من خلال الحرب على قوى المقاومة والصاق التهم والافتراءات بها فيما هي براء مما يفترون، وهي الحريصة على شعبها وتوفير الاستقرار الامني بعدما حررت الارض وصانت العرض وحفظت الكرامة والعزة، ونؤكد ان كل الفتن وتزييف الحقائق والتضليل الاعلامي لتشويه صورة المقاومة والتحريض عليها بما فيها استخدام القضاء واثارة النعرات الطائفية وتلبيس الخلاف السياسي الرداء الطائفي محاولات فاشلة لن تثني اهل الحق من التشبث بحقوقهم ولن تخضع اراداتهم في التصدي والصمود وعدم الاذعان للمشروع الصهيو اميركي، وما يشهده لبنان اليوم من طوابير الذل امام المصارف فصل جديد مستنسخ من مشاهد طوابير الذل التي شهدها اللبنانيون امام محطات البنزين، فيما المطلوب قرار حكومي جريء يضع حدا لتعنت القاضي البيطار في حرف المسار القضائي بما ينهي هذه الازمة ويعيد للحكومة دورها ومسؤوليتها في التصدي للازمات المعيشية ولجم الانهيار الاقتصادي الذي تجاوزت تداعياته المالية حدود المعقول ليضرب النظام الاجتماعي في استقراره ويزيد من اندفاعة اللبنانيين الى الهجرة من وطنهم، وهنا نسأل من جديد عن كشف المسؤولين عن الانهيار الاقتصادي ومحاسبة الفاسدين ولصوص المال العام”.
وقال: “نحن اذ نؤكد موقفنا ومطالبتنا باجراء الانتخابات النيابية كاستحقاق وطني ينبغي حصوله في مواعيده الدستورية، فاننا نحذر من استغلال أوجاع الناس وجوعهم في البازار الانتخابي، فلا يجوز ان يبيع الانسان ضميره وقناعاته مقابل حفنة من المال، وليعلم الجميع ان اختيارهم لممثليهم يحملهم المسؤولية في تقرير مصيرهم وتحديد مسارهم السياسي، من هنا فاننا ندعو الى اختيار المرشح الاكثر نزاهة ووطنية وكفاية الذي يشهد تاريخه على انجازاته، ونعتبر ان الخروج من النظام الطائفي المسؤول عن معظم ازماتنا يكون بتطبيق اتفاق الطائف واقرار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي وانشاء مجلس شيوخ، ونحذر من المس بالميثاقية الدستورية التي نعتبرها ضمانة العيش المشترك وتعزيز الشراكة الوطنية، ونأمل ان تحقق الانتخابات القادمة المزيد من الاستقرار السياسي بانتاج طبقة سياسية تتحمل المسؤولية في حل الازمات المتراكمة. ونؤكد من جديد موقفنا ورؤيتنا التي حملناها الامين العام للامم المتحدة بضرورة اجراء الاصلاحات في النظام السياسي التي من دونها سيعاد انتاج الازمات السياسية الداخلية وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية على الشعب وزيادة حدة الاصطفاف الطائفي، ونعتبر ان كل دعوة الى حياد لبنان انفصام عن الواقع، وتعريض له للارهاب الصهيوني وتحميل لبنان تبعات هذا الارهاب من توطين لللاجئين الفلسطينين وعدم عودة النازحين السوريين الى بلادهم”.
وختم الخطيب: “ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك انت الوهاب، ربنا واجعلنا مسلمينِ لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا. إنك أنت التواب الرحيم”.