مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة ” النهار ” :
لعل كلام رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل امس ، مسارعا الى افتتاح ثاني أيام السنة الجديدة باثارة الغبار السياسي في اتجاهات متعددة ، لم يحجب احدى تداعيات الفوضى التي تعيشها البلاد والتي تمثلت امس في ما شهده مطار بيروت في ثاني أيام العام 2022 من زحمة خانقة في شبه غياب تام لإجراءات التباعد، أو إجراءات كورونا الاحترازية، وقد اكتفت القوى الأمنية بفتح ثلاث منصات للتفتيش وأبقت المنصات الباقية خارج الخدمة، بحيث ازدحمت صالات المغادرة بالمسافرين منتظرين ساعات طويلة في ظل فوضى واسعة وهرج ومرج.
ومع ذلك فان الكلمة التلفزيونية “الماراتونية” لباسيل لمدة ناهزت الساعة الكاملة في افتتاحية مواقفه لهذه السنة المصيرية بالنسبة الى العهد وتياره وبالنسبة اليه شخصيا جاءت اكثر من كل مرة حمالة أوجه ولو انه رفع سقف الانتقادات لحليفه وشريكه في تفاهم مار مخايل “حزب الله ” . ذلك ان مغالاة باسيل في الحديث عن الاثمان التي تكبدها تياره في مقابل تغطية الحزب وصلت الى حدود وصفتها أوساط وثيقة الصلة بالثنائي الشيعي بانها ابتزاز مكشوف من خلال تخيير الحزب بين منع انهيار تفاهم مار مخايل والتحالف الوثيق بين الحزب ورئيس مجلس النواب نبيه بري . هذا الخط الأحمر الذي يعرف باسيل قبل سواه انه غير قابل للمس استعمله امس ليبرر أيضا كل طموحاته في تصفية الحسابات مع خصومه من غير الشيعة فاذا به يحيد تماما الموقف من المقاومة ومن الارتباط الإقليمي لحليفه ويحصر انتقاداته العلنية بمسالة محاصرة العهد وشل الحكومة تحت ستار مشروع بناء الدولة . ولو كان باسيل راغبا فعلا في ما لمح اليه من تمزيق التفاهم لما كان أيضا رفع لواء تحالفه المتجدد مع بشار الأسد معلنا استعداده لزيارة دمشق قريبا وكأنه يقول للحزب الحليف انه قادر على اللعب على التحالفات إياها التي تربطهما . ولذا ستتجه الأنظار اليوم الى ثلاثية ردود وتعليقات أساسية متوقعة على باسيل من الرئيس بري عبر معاونه السياسي النائب علي حسن خليل والأمين العام ل” حزب الله ” السيد حسن نصرالله في كلمته المقررة مساء و”القوات اللبنانية” التي اطلق باسيل مجددا اتهاماته المقذعة في اتجاهها بما يرسم مزيدا من علامات الريبة والشكوك في مضامين مواقفه واتجاهاته .
ومما قال باسيل “اخترنا تفاهم مارمخايل مع حزب الله على الفتنة، واتفقنا على أنّ السلاح فقط لحماية لبنان”، مؤكداً أنّ “محاولات العزل والحصار لن تنتهي، ويجب أن نقتنع أنّ قوّتنا من بعضنا، والوحدة الشيعية مهمّة ولكن ليس على حساب البلد”.
وسأل باسيل: “أين تُرجِمَت مارمخايل في بناء الدولة؟ بتغطية الفساد والمسايرة بشلّ الرئيس وعهده؟ بضرب المجلس الدستوري؟ أين الاستراتيجية الدفاعية بلا مضمون فعليّ “. وأضاف: “حاولنا تطوير وثيقة التفاهم في “الغرف المغلقة”، فنحن لا نريد إلغاءها، لكنّها لم تعد تجيب عن تحدياتنا، ويجب أن تبقى المقاومة فوق الدولة وفي كنفها”، وقال: “نحن بحاجة لحوار جدّي مع (حزب الله)، ولن نربح أصواتاً انتخابية إضافية في حال فكّ التفاهم، ونحن نختار أن نربح نفسنا وصدقيتنا على أن نخسر الحزب والوطن”.
وقال: “دعمنا المقاومة ضد إسرائيل وداعش، دعمناها سياسياً لا بالمال ولا بالسلاح ولا بالارواح، وحصلنا منها على دعم سياسي لثتبيت الحقوق بالشراكة والتوازن الوطني”. واعتبر أنّه “لم يعد لدينا مبرّراً لعدم زيارة سوريا، وأنا على استعداد لزيارتها قبيل الانتخابات”.
وشنّ باسيل هجوماً على الرئيس بري، وقال: “اذا بدّو يمشي شي قانون فالتصويت على ذوق رئيس المجلس النيابي لأنّو مانع التصويت الالكتروني”، ونحن رضينا بدستورنا ولا نريد تطييره بل تطويره وفق وثيقة الوفاق الوطني وبالتوافق.
وأضاف: “نريد “التغيير الكبير” بالحوار تلبيةً لدعوة رئيس الجمهورية ومن يعتقد أنه قادر على كسر غيره بالقوّة ومن خارج الحوار فأدعوه لمراجعة تجربة الآخرين”.
وتابع قائلاً: “نظامنا الأساسي معطّل لأنّه عندما عقد الطائف كان هدفه أن يظل لبنان محكوما من الخارج”، مضيفاً أنّ “هذه الدولة المركزية التي تسلب رئيس الجمهورية صلاحياته بالقوة من قبل مجلس النواب والمجلس الدستوري وتسلب بقية الطوائف حقها بالمداورة بوزارتي المالية والداخلية وهذا الامر لم نعد نريده. هذه الدولة المركزية فاشلة بقيادتكم وبسبب منظومتكم ونحن لا نريد العيش بدولة فاشلة والدولة المركزية نريدها مدنية علمانية”.
وعن الانهيار المالي قال: “حاكم مصرف لبنان المحمي من المنظومة السياسية قام بأكبر عملية سطو على أموال الناس، ويتمرّد على قرار مجلس الوزراء ويمنع التدقيق الجنائي ويتلاعب بالنقد الوطني”.
وفي هجومه على “القوات ” قال :” اخترنا مار مخايل على الطيّونة لأننا نعرف انّ جعجع أداة للخارج ساعة لإسرائيل وساعة لأميركا وهو تواطأ مع سوريا في الـ 90 لكن هي رفضته وحالياً هو معروف على أي Payroll ومطلوب منه الفتنة والطيّونة “اجته شحمة على فطيرة”.
واضاف: أولويّتنا الدولة واصلاحها وهم أولويّتهم المقاومة والدفاع عنها وقلنا انه يمكننا الحفاظ على الاثنين و”مش غلط” لكن تبقى المقاومة تحت الدولة وفي كنفها وليس فوقها ولا يمكن أن نخسر الدولة من أجل المقاومة لكن نستطيع أن نربح الأمرين”. وشدّد على أنّ ”من غير المقبول أن نوضع امام معادلة الاختيار بين الدولة والسلم الأهلي، وبين الاصلاح والاستقرار، أي عندما نتكلم عن الاصلاح يصبح الاستقرار مهدداً، “والجواب نجّونا من الفتنة الشيعية – الشيعية”، مضيفاً: “نحنا عملنا تفاهم مع حزب الله مش مع حركة امل، لمّا منكتشف انّو الطرف الآخر يلّي صار بيقرّر مقابلنا بالتفاهم هو حركة امل بيصير من حقنا نعيد النظر”.
وتابع: “بصراحة، التصرّف هيك بالحكومة والقضاء والطيّونة والمجلس الدستوري والمنتشرين ما بيمرق! خبرية المقايضة ومسرحية افشال الحل والعرض الأخير المرفوض يلّي اجاني آخر دقيقة، ما بتمرق! عمليّة المس بصلاحيّات ميثاقيّة لرئيس الجمهورية بعهد ميشال عون ما بتمرق”. وأضاف: “التعهّد لنا والنكث فيه والاستخفاف بنا وبما نمثل والتعاطي معنا بأقل من شراكة كاملة “ما بيمرق” و”ساعتها وأفضلّنا نكون وحدنا ولو اضعف بس منكون بكرامتنا” .وختم باسيل: “ارجعوا الى مار مخايل بتلاقونا موجودين، وتذكروا الامام موسى الصدر: ان مسيحيي الشرق هم الأمناء على قدسهم العربية”.
ومن المقرر ان يعقد النائب علي حسن خليل، مؤتمراً صحافياً ظهر اليوم الإثنين في مقر قيادة حركة “أمل” – بئر حسن يتوقع ان يتطرق فيه الى الرد على باسيل .
وعلق عضو كتلة الجمهورية القوية النائب عماد واكيم على باسيل قائلا “استلّ جبران لسانه، وانتقى يوم أحد في مطلع العام، واطلق العنان لاضاليله وخططه. لم ينسَ بالطبع صلاحيات الرئيس وحقوق المسيحيين والحق على الكل الا التيار. نسي فقط ان الناس اصبحت تعرف انه من سلالة “بينوكيو” وانها لم تعد تستمع لكلامه وتحكم سلفاً بأنه يكذب. حلّك تعرف”.
كما اصدرغياث يزبك مرشح “القوات اللبنانية” في قضاء البترون بيانا اعتبر فيه ان “الخطاب الذي ينتهجه التيار والممزوج بالتحريف وقلب الوقائع وتحريك الغرائز بات هو العدو الاول للحالة العونية. وان ادعاء باسيل بأنه اختار مار مخايل بديلا من الطيونة يهين حزب الله ويثير القرف لدى ابناء عين الرمانة واستطرادا كل المسيحيين لأنه لم يكن يوما الا في مار مخايل وفي كل مكان يؤمن له مقعدا نيابيا او وزاريا او حظوة او كرسيا رئاسيا وقد اخذه هذا الحلم، وقبله عمه وراعيه، في مسارات ادت الى قتل المسيحيين ولبنان ودمرت الدولة حتى انتهى به الامر ملوث الجبين على عتبات الأسد وبلاد الفرس”.
واكد “إن التطاول على القوات اللبنانية بحثا عن اعلاء موقعه في عيون الحزب والمسيحيين في آن هو قمة الضياع والانفصام إذ اسقطه في السابق وسيعمق سقوطه الاخلاقي والسياسي والوطني حيث يظهر تكرارا بأنه لا يمكن ان يكون حليفا موثوقا به ولا خصما شريفا، وهذه الصفات السلبية اسقطت امما وقامات كبيرة فكيف بالحالة الباسيلية.” . وردت عليه بعنف هيئة “التيار الوطني الحر” في البترون .