الرئيسية / سياسة / رسائل ترهيب ليلية لفرض واقع جديد

رسائل ترهيب ليلية لفرض واقع جديد

الإثنين 25 تشرين الثاني 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “النهار” تقول: طرأ ليلا ما لم يكن في الحسبان، في التوقيت وليس في التصرف وردة الفعل المتوقعين، عبر اعتداء شارعي نفذه انصار “حزب الله” وحركة “امل” على المتظاهرين في وسط بيروت، هدفت من خلاله الجهتان المنفذتان الى توجيه رسائل عدة: اولها باتجاه رئيس الحكومة المستقيل بان الوقت نفذ ولا مجال بعد لتأخير الحسم في الموقف من التأليف او عدمه، وثانيها الى قيادة الجيش وقيادة قوى الامن الداخلي بان عدم انهاء هذه الحالة من قبل الامن الرسمي بتقصير وتواطؤ ضمني، انما يجد علاجه بيد قوى الامر الواقع، وثالثها للاحزاب التي يتهمها الحزب والحركة بانها تقف وراء الحراك، بانها عاجزة عن حماية المتظاهرين. ورابع الرسائل الى واشنطن وعواصم القرار بان مواجهة “حزب الله” لن تنجح عبر الحراك لانه قادر على الامساك بالشارع والتأثير فيه كما حصل في مرات سابقة خصوصا في 7 ايار 2008، وان الرهانات على الحراك في غير محله.

وقد طوت ليلة امس بمشاهدها السوداوية “ويك اند” الاستقلال السعيد، لتشرع البلاد على مرحلة جديدة من التباعد وربما التصادم في غير منطقة، من دون امكان توقع تداعياتها على مجمل الاوضاع في ظل عجز رسمي متفاقم. وعمل الجيش على اقامة حواجز فصل بين المعتدين الذين حضروا باعداد كبيرة، وبين المتظاهرين الذين وفد عدد منهم من مناطق قريبة للتضامن مع زملائهم.

انقضى عيد الاستقلال بمشهدين متناقضين، الاول حزين تمثل في العرض العسكري الخجول في باحة وزارة الدفاع، بعيداً من أعين المواطنين، ومن دون دعوات رسمية، حتى بدا الاحتفال كأنه مناسبة عزاء بنظام مهترئ ومفكك امام ضربات المنتفضين في كل ساحات لبنان.

اما المشهد الثاني المضيء والذي تمثل في العرض المدني لمناسبة الاستقلال في ساحة الشهداء، والذي مثل الحراك الشعبي في مشهد كرنفالي ضخم سحر المتابعين في انحاء العالم، على رغم بعض الانتقادات التي قوبل بها العرض من المعترضين على الانتفاضة، الذين رأوا فيه مضيعة للوقت لا تفيد في مشروع بناء وطن، وتفعيل مؤسسات.

وبين هذا وذاك، استمرت المراوحة التي توحي بأن ” لبنان بات على طريق الافيال” بين المحورين الاميركي من جهة، والروسي الايراني السوري من جهة أخرى، كما قال لـ”النهار” مصدر سياسي، مبدياً تخوفه من “بقاء لبنان طويلاً على رصيف الانتظار، اذ ان النظرة الى الحل تختلف بين الحلفاء واشنطن وباريس ولندن، وتتباعد بالطبع مع ايران وسوريا ومعهما حزب الله”. وفي رأيه ان اتهام الحراك بالارتباط بقوى خارجية، “يوحي بان السلطة لا تريد التنازل بل تبحث عن سبل لشيطنة هذا الحراك ومحاصرته، الامر لا يبشر بالخير الذي في توفير حلول قريبة والزام الشارع القبول بها”.

وفي مقابل المماطلة والتسويف في الحلول، برزت دعوات جديدة الى الاضراب العام واقفال الطرق اليوم لممارسة مزيد من الضغوط على رئيس الجمهورية ميشال عون لاطلاق عملية الاستشارات النيابية، وتكليف رئيس يتولى تأليف حكومة جديدة. وقد شهدت ساحة الشهداء في وسط بيروت وساحات طرابلس وصيدا وجونيه حشوداً كثيفة أمس وتصاعدت الدعوات الى الاضراب العام والعصيان المدني اليوم.

وفي الاطار الحكومي، تحدثت مصادر متابعة الى “النهار” عن مساع مستمرة على خط بعبدا – عين التينة – “بيت الوسط” – حارة حريك، من دون بلوغ اي نتيجة ايجابية. وأفادت المصادر ان اجتماعاً بعيداً من الاضواء انعقد الجمعة الماضي، طرح خلاله اسم الوزير السابق بهيج طبارة بديلا من الرئيس سعد الحريري اذا استمر الاخير على رفضه رئاسة حكومة تكنوسياسية، وعلم ان “الخليلين” (الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي علي الخليل) التقيا الاخير وبحثا معه في امكان قبوله المهمة، وانه استمهلهما. لكن المصادر المتابعة توقعت ان الطرح يسقط في السياسة قبل الشارع كما حصل مع تجربة الوزير السابق محمد الصفدي.

وأبلغ مصدر وزاري “النهار” ان الاتصالات لم تتقدم وان الرهان يجري على قبول الرئيس الحريري مجددا برئاسة حكومة تكنوسياسية وان طال الامر بعض الوقت، وان باريس تعمل على دفع هذا الخيار قدماً، خوفاً من انزلاق أمني، وأكثر تجنباً لانهيار اقتصادي. وأكد المصدر ان خيارات الرئيس عون باتت محدودة بين “اصرار حزب الله وأمل على تولي الحريري شخصياً الرئاسة الثالثة واصرار الاخير على شروط محددة يرفضها الثنائي الشيعي” وهو ما صرح به أيضاً النائب سليم عون.

ويزور بيروت اليوم المدير العام للشؤون السياسية في وزارة الخارجية البريطانية ريتشارد مور، وهو خبير في شؤون المنطقة وتشعباتها. ويلتقي الرؤساء الثلاثة في مهمة تبدو ايضا استطلاعية اكثر مما تحمل مبادرة جدية، لكنها تؤكد الاهتمام الاوروبي بالشأن اللبناني والاصرار على متابعته. وليس بعيداً كشفت أوساط ديبلوماسية غربية لـ”المركزية” ان فرنسا دعت مسؤولي دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في وزارتي خارجية الولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا الى اجتماع ثان يضمهما الى نظيرهما الفرنسي في الاسبوع الاول من الشهر المقبل لاستكمال البحث في الازمة اللبنانية التي ناقشوا تفاصيلها في اجتماعهما الاول مطلع الاسبوع الماضي. ولم تتمكن “النهار” من تأكيد الخبر.

واشنطن
وفي معلومات لـ”النهار” من مصادر في واشنطن ان المواقف التي أدلى بها السفير السابق جيفري فيلتمان مع عدد من الناشطين الاميركيين من أصل لبناني في الكونغرس لا يعبر عن حقيقة موقف الادارة الاميركية من تطورات الوضع في لبنان . وقد استدعى الكونغرس الذي يسعى الى ادانة الرئيس دونالد ترامب فيلتمان من مزرعته للادلاء بشهادته في شأن ما يجري في لبنان سلباً من أجل “التمريك” على البيت الابيض ووزارة الخارجية الاميركية اللذين يتفرجان على تطورات الوضع في لبنان، وهذا يعتبر تقصيراً ديبلوماسياً في السياسة الخارجية حيال لبنان، استناداً الى أعضاء في الكونغرس. وفي المعلومات أيضاً ان شهادة فيلتمان عن الجيش والسياسة المالية تناقض سياسة الادارة الاميركية الداعمة للجيش ولوحدته ولمصرف لبنان ولسياسته النقدية.

وأوضحت أن الادارة الاميركية أبلغت من يعنيهم الأمر ان الوضع النقدي اللبناني خط أحمر ممنوع المساس به “لان الجهات الدولية تعتبر ان أي انهيار نقدي ومالي واجتماعي في لبنان سيجعل من حزب الله الطرف السياسي الاغنى في لبنان اضافة الى قوته العسكرية، الأمر الذي سيسهل سيسطرته على لبنان وعلى مقدراته مالياً وعسكرياً. وأبدت المصادر تفاؤلها بأجواء ايجابية قد تظهر بوادرها تدريجا خلال الاسابيع المقبلة.

اقفال الطرق
ميدانيا، اقدم المحتجون على اقفال عدد من الطرق ليلا في بيروت- الرينغ، وفي جل الديب، وفي الزوق، وعدد من طرق البقاع والشمال. واكد المتظاهرون انهم سيستمرون في ممارسة الضغط على السلطة لتسريع الاستشارات وتأليف الحكومة.