مجلة وفاء wafaamagazine
أعرب وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى عن ثقته بأن “خط الإبداع الذي سلكه الأشخاص من ذوي الأعاقة، سيسير بنا إلى محطة الوطن الفضلى، ليشير إلى الوجهة الحقيقية التي نأمل من خلالها في أن ينتصر لبنان بوحدته وتكاتف أبنائه وطوائفه على كل ألوان الإعاقة السياسية. وعلى كل أولئك الذين أضاعوا البوصلة وكانوا السبب في تدمير الكثير من مدامك هذا الكيان”.
كلام الوزير المرتضى جاء في حفل اعلان نتائج “مسابقة ابداعات السنوية للاشخاص ذوي الإعاقة” في قصر الاونيسكو برعاية وزارتي الثقافة والشؤون الاجتماعية بالتعاون مع جمعية Nya Hopp السويدية.
وقال في مستهل كلمته: “في رحلة الإنسان في الحياة مشقّات ومتاعب وتجارب يسقط عندها الكثيرون، وينجح فيها المجتهدون الذين أرادوا الدخول إلى عمق الحياة وصميمها، فمشوا بدائهم ما مشى بهم، وساروا مع الأيام سيرا هيناً ليّناً على طريقة الإمام علي في كلمته المختصرة الرائعة: (تخففوا تلحقوا”.. ولذلك رأينا من سار مع الركب ومن تجاوز الركب، وكذلك من تخلى عنه تحت ضغط المتاعب ورفض التحليق في دنيا المبدعين ربما لأن رئته لا تحتمل الطيران صعودا حيث تحلّق النسور”.
وشدد على قوة العزيمة في مواجهة الحياة لمن عانى من إعاقة :”وهنا أجدني أنحني تواضعا وخجلا أمام هذه النماذج من أبنائنا وأهلنا.. الذين انتصروا على ضغط الذات قبل أن ينتصروا على ضغط المواقع، والذين سبروا أغوار محيطهم فلم يذهبوا إلى ما ذهب إليه الشاعر الذي يقول:
أنا مالي وللمحيط فكم يجني على فكرتي ويقسو عليا
بل اندفعوا إلى قلب هذا المحيط، وواجهوا ضربات التيار، فكان عقلهم هو المزلاج الذي تخطو به تلك الأمواج العاتية حتى وصلوا إلى شاطئ الأمان حاملين مشعل النجاح الذي أضاء لمن تخلّفوا عنهم وسيضيء لمن يأتي بعدهم”.
واضاف: “هكذا نحن نكبر بكم أيها المبدعون.. يا من جعلتم من الإعاقة الجسدية سلما تصعدون منه إلى فضاءات الإبداع، وسبيلا تسلكون به طريق النجاح لتثبتوا لمن ينظر إليهم الناس بأنهم أصحاء أنكم أكثر صحة ونشاطا منهم، وأن وعاء الجسد حين يعجز عن حمل ما فيه فإن وعاء العلم والعقل لن يعجز إذا توفرت الإرادة وآزرها الموقف الحاسم، وابتعد عنها التردد، وفي الكلمة المأثورة: “ما ضعف بدن عما قويت عليه النية”.. وفي قول الشاعر الداعي لطرد الهموم وتجاوز التردد وأخذ القرار الحاسم:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة فإن فساد الرأي أن تترددا.
وأشار إلى سبل تحويل الاعاقة الى طاقة: “قد عرفكم المجتمع ــ أيها الأحبة ــ في هذا التقحم المبدع الطارد لكل يأس، والمتجاوز لكل تردد.. وها هو نتاجكم يضج في دنيا المتعبين وينادي في ليل الحيارى والمترددين أننا صنعنا المستقبل عندما هزمنا الخوف وسلكنا سبل النجاح عندما حركنا عقولنا.. وبذلك أصبحتم القدوة لنا جميعا لا على مستوى الفوز بهذه المسابقات التي نعتز بفوزكم بها، ولكنكم بلغتم القمة في الفوز بمسابقة الحياة وفي هذه الظروف بالذات التي يتساقط فيها الكثيرون تحت وطأة الأزمات والخوف والجوع فأنتم حقا تقدمون النموذج من أنفسكم في النجاح الكبير، وتشيرون إلى الشعب اللبناني كله بأننا يمكن أن نتجاوز كل المصاعب والويلات والمآسي، وتعيدون إلينا الأمل من نافذة بصيرتكم التي انتصرت على ليل الظلم والمعاناة وقهرت سواد الجهل الذي ما زال يفترس عقول الكثيرين ممن هم في مواقع متقدمة على المستوى السياسي أو الاجتماعي وغيرهما..
إن طريق النور الذي سرتم فيه وشققتم من خلاله عباب هذا الليل الدامس في الوطن وفيما يتجاوزه يذكرني بالمقولة الرائعة للشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي الذي يقول:
لَيس الكفيف الَذي أمسى بلا بصر إني أَرى من ذوي الأبصار عميانا
واعرب عن ثقة: “بأن خط الإبداع هذا الذي سلكتموه سوف يسير بنا إلى محطة الوطن الفضلى، ليشير إلى الوجهة الحقيقية التي نأمل من خلالها أن ينتصر لبنان بوحدته وتكاتف أبنائه وطوائفه على كل ألوان الإعاقة السياسية، وعلى كل أولئك الذين أضاعوا البوصلة وكانوا السبب في تدمير الكثير من مدامك هذا الكيان، والذين يريدون بفسادهم وتحريضهم وخطابهم المدمّر أن يعيدونا إلى زمن الإعاقة السياسية والأمنية، وزمن الخضوع للمحتل ومن يسير في طريقه”.
وختم المرتضى: “مرة جديدة أقولها لكم أنتم، ومن خلال جمعيتكم الكريمة، جمعية الأمل للرعاية والتنمية الاجتماعية.. إننا نكبر بكم ونتقوى بنجاحاتكم وإبداعكم على كل من يريد بهذا البلد شرا، لنتجاوز بهذه الروح، وهذا العطاء ــ كل معوقات الطريق ونعيد البسمة للبنان والأمل لذويه”.