مجلة وفاء wafaamagazine
تمّ تصنيف باريس سان جيرمان في السنوات الأخيرة بأنّه أحد أفضل الفرق الأوروبية، نظراً إلى امتلاكه كوكبة من اللاعبين المميزين. ورغم وفرة الأسماء، لم يتمكن النادي الباريسي من تحقيق أي نجاح خارج دائرته المحلية. الفريق يفشل مراراً وتكراراً أوروبياً ويثبت مدى افتقار الإدارة لمشروع طويل الأمد
لا جديد في باريس سان جيرمان. موسمٌ آخر تنفق فيه إدارة النادي مبالغ كبيرة على الصفقات والأجور لتكوّن بذلك منظومة «مرعبة» على الورق فقط. اكتساح محلي «مكرّر» يعكس أنياب الباريسيّين، التي تتحطم في الاستحقاقات الأوروبية الكبيرة.
قام الفريق بسوق انتقالات «تاريخي» في الصيف، جاء على إثره العديد من اللاعبين البارزين على رأسهم ليونيل ميسي وسيرجيو راموس. وبعد اكتمال المنظومة ومزجها بين المهارة، الحافز والخبرة، تأمّل الباريسيون بأن يرفعوا لقب دوري الأبطال لكن ذلك لم يحدث، حيث خرج الفريق أمام ريال مدريد في الدور الـ16. «لعنة» الخروج من دوري الأبطال جعلت رئيس الفريق الباريسي، ناصر الخليفي، يخرج عن طوره هذه المرة. فبحسب صحيفة «ماركا»الإسبانية، صرخ الخليفي على أحد موظفي ريال مدريد بينما كان الأخير يسجل التوتر بين الخليفي والحكام. وجاء في تقرير رسمي لحكم المباراة: «أظهر الرئيس والمدير التنفيذي لباريس سان جيرمان سلوكاً عدوانياً وحاول دخول غرفة خلع الملابس الخاصة بالحكام، وعندما طلب الحكم منه المغادرة أغلق الباب وتعمّد ضرب راية أحد المساعدين وكسرها». أسلوب «طائش» يعكس «هوس» الإدارة بتحقيق دوري الأبطال، وهو ما أشار إليه ناصر الخليفي منذ تسلمه زمام الأمور، حين صرّح بأنه يسعى جاهداً للتتويج بالبطولة الأوروبية الأهم خلال خمسة مواسم.
ضغط غير مبرّر
يكمن الفشل بالنسبة إلى الباريسيّين برهن نجاح النادي وحصره بتحقيق اللقب الأوروبي، حيث يساهم صرف مبالغ خيالية كل موسم بوضع ضغط إضافي على فريق «حديث» في البطولة، ما يجعل أي إنجاز غير تحقيق لقب دوري الأبطال هو بمثابة الإخفاق. تلعب الاختيارات الفنية والقرارات الرياضية في النادي دوراً بـ «إفشال» الفريق أيضاً. كان باريس سان جيرمان قاب قوسين أو أدنى من رفع لقب دوري الأبطال رفقة المدرب الأسبق توماس توخيل عام 2020، لكن الإدارة أقالته في الموسم اللاحق وعيّنت مكانه ماوريسيو بوكيتينو. اللافت، هو تحقيق توخيل اللقب الأوروبي مع تشيلسي خلال الموسم الماضي أما بوكيتينو فقد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الرحيل إثر عجزه عن احتواء النجوم ورغبته بالعودة للدوري الإنكليزي.
على النادي اعتماد مشروع طويل الأمد وليس تجديد الهدف كل سنة عقب الإخفاق، لأن ذلك يضع ضغطاً هائلاً على الفريق والإدارة ما يجعلهم يتخذون قرارات متسرّعة في إقالة المدرب وتغيير اللاعبين. يبدو أنّ موسم باريس سان جيرمان قد انتهى بعد الإقصاء الأوروبي. يعكس ذلك خسارة الفريق أمام موناكو بثلاثية نظيفة ضمن منافسات المرحلة التاسعة والعشرين من الدوري الفرنسي. اللاعبون فقدوا الحافز حيث إنّ الدوري ليس الهدف الأساسي بالنسبة إلى الإدارة.
في هذا الصدد، انتقد بوكيتينو أداء لاعبيه بشدة بعد مباراة موناكو وقال: «من غير المقبول أن نستهل المباراة بهذا الشكل. ثمة عار رياضي وقلة احترام للدوري المحلي»، مضيفاً: «يجب أن نتجاوز خيبة الخروج من دوري أبطال أوروبا ويتعين علينا أن نبذل أفضل ما لدينا. لقد افتقدنا إلى الروح القتالية أمام موناكو وهذا أمر غير مقبول. يجب ألا يتكرر هذا الأمر، يمكن أن نخسر مباريات من الآن وحتى نهاية الموسم لكن ما حصل اليوم يجب ألا يتكرر لأنه خطير».
من جهته، قال مبابي بعد الخسارة أمام فريقه السابق: «قد نفوز 8-0 و9-0، ولكن الناس سيفكرون في دوري الأبطال. يجب أن نبقى محترفين ونحترم المشجّعين الذين يدعموننا وعائلاتنا. ويجب أن نحترم أنفسنا».
انتهى الحلم باكراً مرة أخرى بالنسبة إلى الباريسيين. يخطو الفريق نحو نيل بطولة الدوري المحلي مرة أخرى، بعد أن خسره العام الماضي لصالح فريق ليل، إلا أنّ ذلك ليس سوى عزاء صغير أمام نكبة الأبطال. من الواضح أنّ المدرب بوكيتينيو لم يعد له مستقبل في باريس سان جيرمان. ومع انتهاء عقد مبابي مع الفريق في الصيف واحتمال انتقاله إلى ريال مدريد، يبدو أن النادي في صدد إعادة هيكلة المنظومة من جديد. هكذا، سيستمر الفريق في دائرة مفرغة من الآمال والأحلام الوردية إلى أن تدرك الإدارة بأن المال ليس الحل. دوري الأبطال قد لا يبتسم للباريسيين إلا عندما يخرجون أنفسهم من بؤرة الضغط غير المبرر، ويعملون على مشروع قوامه الحافز والانتماء مع تقدير النجاحات المحلية التي تأتي بمبالغ مقبولة.