الرئيسية / آخر الأخبار / إنفرجت خليجياً وعاد السفراء.. “الكابيتال” إلى النفاذ.. وشروط الصندوق معبر إلزامي

إنفرجت خليجياً وعاد السفراء.. “الكابيتال” إلى النفاذ.. وشروط الصندوق معبر إلزامي

مجلة وفاء wafaamagazine

سؤال يفرض نفسه في موازاة كرة «الايجابيات» التي تدحرجت على المشهد الداخلي في الساعات الأخيرة: هل ستُكمل هذه الكرة مسارها في الاتجاه الي يتوق اليه اللبنانيون بالخروج من نفق الازمة والدخول في نفق الحلول؟ أم أنها رمية مؤقتة في الهواء لن يكون لها أي تأثير يحدّ من الانزلاق الخطير في المسار الانحداري الذي يسلكه لبنان منذ أكثر من سنتين؟

 

من جهة ثانية، استقبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع السابق الياس المر في دارته في الرابية ظهر امس، السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا، التي قدمت تعازيها في ذكرى وفاة نائب رئيس مجلس النواب ونائب رئيس مجلس الوزراء الراحل ميشال المر.

بعيداً عن التفسيرات، والمبالغات التي قد تقارب هذه الايجابيات، التي أطلّت عبر فتح النافذة الدولية امام رفد لبنان بمساعدة مشروطة من صندوق النقد الدولي، وكذلك عبر اعادة فتح النافذة الخليجية تجاه لبنان، بإعادة السفراء، في إجراء يقطع القطيعة الديبلوماسية مع لبنان، فإنّ هذه التطورات الايجابية تسقط حتماً في يد الجانب اللبناني، للعمل بما تقتضيه من اجراءات سريعة، وملحّة تشكّل عامل جَذب جدي وقوي لمليارات صندوق النقد، وتبني في المقابل جسر الانفتاح الخليجي العملي نحو لبنان، ووضع هذا البلد فعلاً في قلب الحضن العربي والخليجي على وجه الخصوص.

 

قوة دفع… ولكن

 

عملياً، منحت هذه الايجابيات فرصة جدية للحكومة اللبنانية، للاستفادة من الوقت المتاح امامها، ولو كان قصيراً، بحكم اقتراب موعد اجراء الانتخابات النيابية بعد 36 يوما. وعلى ما تؤكد مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية» فإنّ هذه الايجابيات زَوّدت الحكومة بقوة دفع معنوية كبيرة، وبالتالي فإن في إمكان هذه الحكومة، وحتى ولو بقي من عمرها يوم واحد، أن تبني على هذه الانعطافة الدولية والخليجية تجاه لبنان، وتتخذ قرارات وخطوات تُثَمّر هذه الايجابيات على النحو الذي يساهم في تواليها أكثر، وفي نقل لبنان من ضفة الازمة الخانقة التي تعصف به، الى سكة الخروج من هذه الازمة، ولو كان هذا الخروج يتطلب وقتا طويلا وصبرا أكبر، وحكمة حكومية وحكنة غير مسبوقة في ادارة مرحلة الخروج.

 

الفشل ممنوع

 

واذا كانت الاجواء الحكومية عابقة بارتياح يُقارب الزهو مما تعتبره انجازا نوعيا لحكومة نجيب ميقاتي، تجلّى في عودة لبنان الى موقعه في حضن الاصدقاء والاشقاء، فإن الاجواء السياسية الموازية للاجواء الحكومية ترى ان هذا الارتياح الحكومي فعل طبيعي امام الايجابيات الدولية والخليجية التي كانت حتى الامس القريب صعبة المنال على لبنان، الا ان هذه الايجابيات أدخلت حكومة ميقاتي في امتحان، الفشل فيه ممنوع هذه المرّة، بل أكثر من ذلك، فإنّ الفشل فيه سيرتّب عواقب أكثر ضررا وسوءًا مما هي عليه الحال في هذه الايام.

 

خريطة طريق

 

وفي هذا السياق، أبلغت مصادر واسعة الاطلاع الى «الجمهورية» قولها ان ما استجَدّ خلال اليومين الماضيين، وضَع امام الحكومة أجندة عمل صعبة، وبمعنى أدق خريطة طريق، لا مفر امام هذه الحكومة من أن تسلكها على نحو مغاير للعقلية التي دفع لبنان ثمن عبثيتها، وانايتها وكيديتها وتعطيلها المتعمّد لكل مسارات الحلول والمخارج للازمة المتفاعلة.

 

فعلى المستوى الخليجي، تضيف المصادر، إن الموقفين السعودي والكويتي بإعادة السفيرين تلبية لِما طرحه الرئيس ميقاتي، واللذين ستتبعهما حتماً مواقف وخطوات مماثلة من سائر دول مجلس التعاون الخليجي، فإنّ كل ذلك، في ظاهره قد يشكّل، بشكل مباشر او غير مباشر، إعلاناً للثقة، ولو متأخرة بحكومة ميقاتي، الا انه في جوهره، وتبعاً للبيانات الخليجية، يشبه فترة سماح منحت للحكومة للايفاء بالتزاماتها على النحو الذي يريح دول الخليج، ولا يسمح بتكرار الاسباب التي دفعت تلك الدول الى القطيعة مع لبنان.

 

والاساس في هذا الجانب، تضيف المصادر عينها، ان تُرفد الحكومة داخليا، ليس فقط بتفعيل الاجهزة اللبنانية على اختلافها امنية وعسكرية وادارية، في مجال التشدد والرقابة على المرافق والمعابر ومنع التهريب، وتسريب ما قد يخلّ بالامن الاجتماعي لتلك الدول، بل بقرار سياسي جامع ومُلزم لكل الاطراف من دون استثناء، ورافض ومانع لجعل لبنان منصّة استهداف لدول الخليج، بالهجوم السيالسي عليها، او بأي خطوات تعتبر تدخلاً في شؤونها الداخلية. ومسؤولية الحكومة اللبنانية كبيرة وحساسة امام الالتزامات التي قطعها رئيسها لدول الخليج، إضافة الى انّ المسؤولية الاكبر تقع على «حزب الله» في مراعاة هذه الايجابيات، والنظر لِما يخدم مصلحة لبنان، وعلاقاته مع أشقائه العرب.

 

العودة

 

يُشار في هذا السياق الى انه غداة اعلان السعودية والكويت إرسال سفيرَيهما من جديد الى لبنان، وصل الى بيروت امس السفير السعودي وليد بخاري ونظيره الكويتي عبد العال القناعي، كما أعلن اليمن عن عودة سفيره لممارسة مهامه الدبلوماسية في بيروت، وذلك استجابة لإعلان الحكومة اللبنانية التزامها وقف كل الأنشطة والممارسات والتدخلات العدوانية المسيئة للدول العربية، وتماشياً مع الجهود المبذولة لعودة لبنان لعمقه العربي». وعبّرت وزارة الخارجية اليمنية في بيان لها عن تطلعها لتعزيز العلاقات مع الجمهورية اللبنانية، وبما ينسجم مع العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، مُجدّدة تأكيد موقف اليمن الداعم لكل ما من شأنه الحفاظ على أمن الجمهورية اللبنانية واستقرارها.

 

وكان البخاري قد نشر صورة تجمع علمَي لبنان والسعودية، عبر حسابه على «إنستغرام»، في خطوة لافتة تؤكد العودة الخليجية إلى بيروت.

 

هنا يكمن المحك!

 

أمّا على المستوى الآخر المرتبط بالاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، فهنا يكمن المحك، على ما تؤكد لـ«الجمهورية» مصادر اقتصادية مواكِبة لحركة التواصل والتفاوض بين لبنان وصندوق النقد وصولاً الى الاتفاق المبدئي بينهما الذي جرى اعلانه امس الاول.

 

وقالت المصادر: ان لبنان مع هذا التطور، بات امام فرصة ثمينة جدا وقد لا تتكرر فيما لو جرى تفويتها. فالتجاوب المبدئي الذي لَقيه لبنان من صندوق النقد، اعطاه اشارة بالغة الدلالة، والواضح أن هذا البلد الذي كان افق ازمته مظلما ومسدودا، لاحَ في هذا النفق ضوء على ثغرة مفتوحة في آخره على حلول ومخارج لهذه الازمة.

 

ولكن، تضيف المصادر، ليس امام الجانب اللبناني تَرف إضاعة الوقت في الغوص في تقييم وتشريح شروط صندوق النقد الدولي، والدخول في بازار سياسي حولها من باب التشويش او السعي الى التعطيل، فلبنان مَسموم ماليا واقتصاديا واجتماعيا، وصندوق النقد الدولي يقدّم له الترياق، ولبنان في هذه الحالة امام خيارين لا ثالث لهما، إما ان يبقى مسموما فيتفاعل السم ويفتك بكل الجسم اللبناني، واما الترياق الذي لا خلاص الّا من خلاله، فله متطلباته وشروطه، خصوصاً ان التجارب مع لبنان ليست مشجعة، وبالتالي لا مجال امامه سوى ان يختار الترياق حتى ولو كانت شروطه صعبة، او موجِعة على حد ما توصف سياسياً.

 

واذ اشارت المصادر الى ان ابواباً قائمة امام الحكومة لا بد لها من ولوجها تلبية لمتطلبات صندوق النقد الدولي، بدءًا بموضوع «الكابيتال كونترول» الذي يبدو انه يسلك طريقه الى التصديق عليه في وقت قريب في مجلس النواب بعد اقراره في اللجان النيابية المشتركة التي أحالَ رئيس المجلس النيابي نبيه بري المشروع اليها، لم تستبعد مصادر مجلسية ان يُصار الى عقد جلسة تشريعية عامة قبل نهاية الشهر لإقرار الكابيتال كونترول في حال أنجَزته اللجان المشتركة في جلستها المقبلة، التي قد تعقد يوم الاربعاء المقبل.

 

ولفتت المصادر الى انّ متطلبات الصندوق ومهما كانت صعوبتها الا انها تبقى افضل من الوضع المُنحدر الى الأسوأ في لبنان، ومن هنا لا يحتمل الوضع اي مزايدات سياسية وحزبية. ووفق معلومات المصادر عينها، فإنّ الحكومة تسعى الى إنجازات سريعة في هذا المجال، وهذه هي توجيهات رئيسها.

 

إجماع على الحل

 

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: ان الفأس دخل في الرأس، وكل الاطراف باتت تدرك انّ وضع لبنان في منتهى الخطورة، وليس في مقدوره ان يخرج من أزمته الّا بمساعدة الاصدقاء، وصندوق النقد مَدّ يده، والمطلوب ان نُحسن التقاط هذه اليد لإنقاذ البلد، وبالتأكيد صندوق النقد له متطلباته، وهذا حاله مع كل الدول المتعثرة، فكيف مع دولة كلبنان تقترب من ان تفقد كل مقوماتها. فالوضع يتطلب شراكة الجميع في التجاوب مع صندوق النقد، خصوصاً انّ شروطه هي معبر الزامي نحو الحل، وبالتالي الوضع لا يحتمل لا مناورات ولا مزايدات من اي نوع كان.

 

لبنان ليس مفلساً

 

في هذه الاجواء، نقلت مصادر في الهيئات الاقتصادية أجواء تفيد بأنها لمست لدى رئيس الحكومة توجّهاً حاسماً في هذه الفترة لإدخال لبنان في مدار الحلول لأزمته. وهو أبلغَ الى وفد الهيئات كلاما مطمئنا حيال مستقبل البلد.

 

وفي موازاة تأكيده على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، وتعويله على المساعدات العربية والدولية سريعاً للبنان، فإنّ الرئيس ميقاتي، وبحسب مصادر الهيئات، خالفَ كل القائلين والمروّجين بأنّ لبنان اصبح مفلساً، كما انه خالفَ بشكل قاطع كل ما يقال عن لبنان بأنه ينكل بالتزاماته، حيث كشف ميقاتي انّ المرة الوحيدة التي تخلّف فيها لبنان عن دفع مستحقات وديون كانت عندما اعلنت حكومة الرئيس حسان دياب تعليق دفع سندات اليوروبوندز في آذار من العام 2020، اما بالنسبة الى ما يتعلق بكل الاستحقاقات الاخرى فإنّ لبنان قد سدّدها كلّها بالكامل وفي مواعيدها، وهذا معناه انه يحترم كلمته والتزاماته.

 

الحاكم للتعاون مع الصندوق

 

الى ذلك، أعربَ حاكم مصرف لبنان رياض سلامه عن أمله في «تلبية الشروط المسبقة التي يحدّدها صندوق النقد الدولي في اتفاق على مستوى الخبراء مع لبنان من أجل الحصول على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على برنامج».

 

وقال سلامة لوكالة «رويترز»: الاتفاق مع صندوق النقد حدث إيجابي للبنان، وسيساهم في توحيد سعر الصرف. مشيراً الى انّ المصرف المركزي تعاونَ مع الصندوق وسهّل مهمّته.

 

حجم الاحتياط

 

من جهة ثانية، أكّد سلامة «أنّ احتياط الذهب لدى البنك بلغت قيمته 17.547 مليار دولار أميركي حتى نهاية شهر شباط الماضي، ليحافظ لبنان على موقعه كصاحب ثاني أكبر احتياط من الذهب في المنطقة العربية بثروة تقدّر بحوالى 286 طنا من الذهب».

 

وقال سلامة في تصريح لـ»مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط» في لبنان «إن إجمالي الاحتياط النقدي من العملات الأجنبية بلغ 12 مليارا و748 مليون دولار حتى نهاية شهر شباط الماضي». أضاف: «انّ حجم محفظة الأوراق المالية المملوكة لمصرف لبنان بلغت حتى نهاية شهر شباط الماضي 4 مليارات و197 مليون دولار والتي تشمل سندات اليورو بزيادة طفيفة عن شهر كانون الثاني الماضي». وأوضح «أن تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج بلغت حوالى 6 مليارات و400 مليون دولار خلال عام 2021».

 

وأشار إلى «أنّ ما أصاب القطاع المالي بلبنان هو قيد المعالجة في خطة التعافي التي يتم إعدادها من قبل الحكومة اللبنانية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي»، مشيداً بـ«الاتفاق المبدئي الذي تحقّق بين الحكومة اللبنانية والصندوق أمس». وشدد على «أن ما تم تداوله حول إفلاس المصرف المركزي غير صحيح»، مؤكداً «أن المصرف يمارس دوره الموكَل إليه بموجب المادة 70 من قانون النقد والتسليف وسوف يستمر في ذلك، على الرغم من الخسائر التي أصابت القطاع المالي في لبنان».

 

المصارف ترحّب… ولكن؟

 

من جهتها، رحّبت جمعية مصارف لبنان، في بيان امس، «بتوقيع الاتفاق المبدئي مع صندوق النقد الدولي الذي يشكّل خطوة أولى في مسار تطبيق برنامج الصندوق»، وأعلنت أن «العمل الجدي بدأ اليوم والعِبرة تكمن في امكانية تطبيق كافة الإصلاحات الطموحة المحدّدة في الاتفاقية والتي تَرقى إلى درجة عالية من الأهمية، علماً أن القطاع المصرفي من جهته يبقى على أتمّ الاستعداد لدعم الحكومة للوصول إلى حلٍّ عادلٍ يضمن مستقبلاً مزدهراً للبنان».

 

إعلان اللوائح

 

على الصعيد الانتخابي، توالى الاعلان عن اللوائح الانتخابية في اكثر من دائرة، في وقت كان هذا الامر محلّ بحث بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والبطريرك الماروني مار بشارة الراعي الذي اكد انّ «الاقتراع واجب دستوري وإذا اراد اللبنانيون فعلاً التغيير فيجب أن يصوّتوا للأشخاص الذين يعتبرون أنّهم سيقومون بالتغيير ويُلبّونهم بصرختهم، والتغيير يبدأ في صناديق الاقتراع». وأشار الراعي إلى أن «الولاء يجب أن يكون للبنان وهكذا يُمكن خلق الوحدة الوطنية ولطالما انتقدتُ حكومات الوحدة الوطنية عندما يجتمع الأضداد على نفس الطاولة».

 

المستقبل

 

الى ذلك، اكد تيار المستقبل انّ الاخبار عن تدخّل مزعوم له دعماً للوائح معينة او محاربة للوائح اخرى هي اخبار ملفقة».

 

واشار في بيان امس الى انّ «تيار المستقبل»، وعملاً بتوجيهات الرئيس سعد الحريري القاضية بتعليق كل اشكال العمل السياسي والانتخابي، يؤكد ان هذه الاخبار الملفقة لا اساس لها من الصحة، ولا تعدو محاولة من مُطلقيها لاستباق نتائج الانتخابات التي باتوا يتوقعون هم أنفسهم انها ستكشف الاوهام التي سَوّقوا لها داخل لبنان وخارجه بأنهم سيقلبون المعادلات في المجلس النيابي ويكتسحون المناطق والمقاعد».

 

ودعا «مطلقي هذه الاشاعات الكاذبة» الى «بعض التواضع ومصارحة الناس والاقلاع عن هذه الاساليب الرخيصة، وهو على يقين انّ هذه الالاعيب المَمجوجة لن تنطلي على اهلنا في لبنان او اشقائنا في العالم العربي، كما انها لن تغيّر شيئاً في موقف الرئيس الحريري وتيار المستقبل».

 

 

 

 

الجمهورية