مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”
وضع الاتفاق الاولي الذي اعلن الأسبوع الماضي بين لبنان وصندوق النقد الدولي، الحكومة ومجلس النواب امام مفارقة زمنية صعبة اذ ان الالتزامات التي يرتبها الاتفاق على لبنان لا تحتمل انتظارا وتريثا طويلين بحجة تمرير استحقاق الانتخابات النيابية أولا، بل يتوجب على السلطتين التنفيذية والتشريعية الشروع فوراً بمعزل عن أي اعتبار في الإيفاء بهذه الالتزامات لئلا يرتب مزيد من التأخير تداعيات سلبية إضافية على تنفيذ الاتفاق. تبعاً لذلك سيشهد اليوم تجربتين أساسيتين في سياق اظهار الحكومة والمجلس الجدية اللازمة لملاقاة ترجمة البنود التي نص عليها الاتفاق مع صندوق النقد . التجربة الأولى عبر إحالة مشروع قانون الكابيتال كونترول الذي اقرته الحكومة معدلا على اللجان النيابية المشتركة وسط استعجال رئيس مجلس النواب نبيه بري هذه الإحالة اظهارا منه لجدية التزام المجلس ما يطلب منه لتسهيل تنفيذ الالتزامات حيال الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ولكن شروع اللجان في درس المشروع لا يكفل التوصل بالسرعة الحاسمة الى اقراره تمهيدا لاحالته على جدول اعمال الجلسة التشريعية الأخيرة للمجلس الحالي والتي يرجح ان يعقدها بهيئته العامة قبل نهاية نيسان الجاري وهو الامر الذي سيضغط بقوة على اللجان والكتل النيابية لكي تكثف جهودها لاخراج هذا المشروع الحيوي وتجنب اسقاطه للمرة الثالثة بعد تجربتين سابقتين انتهتا الى الإخفاق. وثمة مؤشرات هذه المرة الى ان ضغوطا كثيفة ستبذل من اجل توصل اللجان الى صيغة نهائية للكابيتال كونترول لان ترف الاختباء وراء بدء “الاجازة الانتخابية” بمعنى التهرب من إقرار المشروع ولو بتعديلات إضافية على التعديلات الحكومية التي أدخلت عليه، سيشكل علامة سلبية للغاية في خانة المجلس بما يتعين معه ترقب مساع استثنائية اليوم للدفع نحو التعمق في درس المشروع واقراره ولو اقتضى الامر جلسات لاحقة سريعة.
يشار في هذا السياق الى ان جمعية المودعين ورابطة المودعين عقدتا مؤتمرا صحافيا مشتركا حذرتا فيه من “مغبة إقدام السلطة السياسية على إقرار قانون الكابيتال كونترول بصيغته الحالية، والذي يعتبر صك براءة للمصارف والمركزي”، واعتبرتا انه “لا يمكن إقرار قانون كهذا من دون تحديد المسؤوليات وتوحيد سعر الصرف وإعادة هيكلة المصارف”. ووجهتا دعوة الى “المودعين للنزول قريبا إلى الشارع وإعلان الإضراب الاسبوع المقبل من قبل نقابات المهن الحرة”.
اما التجربة الثانية ذات الصلة بتنفيذ التزامات لبنان حيال الاتفاق الأولي مع صندوق النقد الدولي، فتتمثل بمعلومات عن احتمال طرح اخر نسخة أنجزت عن خطة التعافي الاقتصادي الكاملة للحكومة ومن ضمنها خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي في جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد غدا في السرايا الحكومية.
وعشية جلسة اللجان النيابية المشتركة التي ستناقش الكابيتال كونترول، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون ان “علينا جميعا ان نتجند من اجل الصعود من قعر الهاوية التي نحن فيها، نتيجة قتل الإنتاج في اقتصادنا”، مشددا على “ان القطاع الصناعي هو في طليعة القطاعات التي نعول عليها للتعافي.” وأمل عون خلال استقباله امس وزير الصناعة جورج بوشكيان يرافقه وفد من أعضاء مجلس الادارة الجديد لجمعية الصناعيين برئاسة سليم زعني، في “ان يكون هناك ازدهار للمنتجات الصناعية، الامر الذي من شأنه ان يساهم في عودة الازدهار”، مشيرا الى ان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي من شأنه ان يدفع قدما في هذا الاتجاه، وكاشفا “ان قطار الإصلاحات سينطلق لكي يبدأ تنفيذ الاتفاق، ويبدأ الصندوق في مساعدتنا، حيث تعود الدورة الاقتصادية الى الدوران من جديد.” وشدد على أهمية تنفيذ قانون الكابيتال كونترول، إضافة الى التدقيق الجنائي، مذكرا “بالعوائق التي وضعت في طريقهما وكيف عمل على تذليلها،” واعتبر انه “لو تم اعتمادهما منذ نحو سنتين لكنا في افضل من الواقع الحالي.”
وفي السياق نفسه عقدت لجنة المال والموازنة النيابية جلسة امس لاستكمال درس مواد مشروع قانون موازنة 2022. وطالبت اللجنة الحكومة باحالة الضرائب بقانون شامل منفصل عن قانون الموازنة، وفق رؤية مالية واجتماعية واضحة، بحسب المادة 81 من الدستور. وقررت اللجنة دعوة الحكومة الى اجتماع مخصص لسعر الصرف المعتمد في الموازنة، لمعالجة الاختلالات الحاصلة في بنية موازنة 2022. وفي هذا السياق، لفت رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان إلى أن “مخالفة الحكومات الدستور مستمرة في قوانين الموازنة منذ التسعينات، وحان الوقت أن تتوقف هذه الممارسة، والتي دفع ثمنها الشعب اللبناني غاليا”.
بخاري في بعبدا؟
في غضون ذلك أفيد بأن السفير السعودي وليد بخاري سيزور قصر بعبدا اليوم على أن يستكمل أيضا زياراته للرئاستين الثانية والثالثة. والتقى بخاري امس وزير الداخلية بسام مولوي الذي اعلن على الاثر ان “على لبنان واللبنانيين الالتزام بضميرهم ومصلحة بلدهم وعروبتهم وأمن وأمان مجتمعات أشقائهم وأمن السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليج”. وأضاف “ملتزمون بمنع أي أذى لفظي أو عملي بحقّ دول الخليج وما نقوم به ينطلق من قناعاتنا ومرتبط بوجودنا في مواقعنا لنخدم شعبنا وأمتنا ومستمرون في ما نقوم به انطلاقًا من إيماننا بالدولة اللبنانية ولاستقرار لبنان والدول العربية باعتبار أن الأمن العربي هو أمن مشترك”. واقام بخاري امس إفطارا لعدد من الوزراء السابقين والشخصيات السياسية.
كما برز تحرك للسفير الكويتي عبد العال القناعي الذي تمنى بعد لقائه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان “أن يعم الاستقرار والازدهار في لبنان وان تحل أزماته”. كما زار القناعي وزير الخارجية عبدالله بوحبيب.وعلى خط العودة الخليجية، تسلّم الوزير بو حبيب أوراق اعتماد سفير دولة قطر الجديد ابراهيم بن عبد العزيز محمد صالح السهلاوي تمهيدا لتقديمها في وقت لاحق الى رئيس الجمهورية.
المشهد الانتخابي
في المشهد السياسي – الانتخابي ووسط احتدام الخطاب السياسي الذي طبع الأيام الأخيرة ، صعد امس رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع هجماته العنيفة بشكل لافت على “المجموعة الحاكمة”. وقال “لا يمكن لأحد ان يهددكم او يمننكم او يفرض عليكم اي شي، بل على العكس، قراركم يهدد اكبر مشروع اجرامي اخذ لبنان الى جهنم الذي نتخبّط به ويعدّ اقوى من تفاهم المافيا والميليشيا وكل المحسوبيات والتهديدات بالتوظيفات ولقمة العيش والتجريح بالكرامات “.واضاف: “ما قاموا به هو وضع يدهم على مؤسسات الدولة وابتزاز الناس ورشوتهم تارة بالمازوت واخرى بالمال او التوظيفات، فافرغوا خزينة الدولة وهذا الأمر الوحيد الذي نجحوا فيه، وفقّروا الناس وجوّعونا، وهم يستمّرون حتى اليوم بالرشاوي والابتزاز واستغلال النفوذ والتنفيعات والسمسرات والصفقات “. وشددعلى “أننا لن نقبل بعد اليوم ان تتحكم هذه المجموعة الحاكمة في مصيرنا ومستقبلنا ويومياتنا ولقمة عيشنا، ولن نسمح لها بعد اليوم ان تسرق خزينة الدولة، محاولة شرائنا بكم ليتر مازوت او مساعدة مالية، لن نقبل بعد اليوم بهذه المنظومة التي حرمت المواطن الصالح من حقوقه وأعطت الحرية المطلقة للفاسد والمجرم”.