الرئيسية / آخر الأخبار / انتخابات 2022 – الدولة مُستنفرة لتذليل العقبات وتأمين الاعــتمادات… وما بعد الانتخابات صراع أجندات

انتخابات 2022 – الدولة مُستنفرة لتذليل العقبات وتأمين الاعــتمادات… وما بعد الانتخابات صراع أجندات

مجلة وفاء wafaamagazine

أسبوعان بالتمام والكمال يفصلان عن يوم الانتخابات النيابية في 15 ايار، وعلى ما تؤشّر التحضيرات لهذا الاستحقاق، فإنّ كل المتنافسين على اختلاف مواقعهم، باتوا على جهوزية تامة لخوض معركة الصناديق التي ستحدد الوجهة السياسية التي ستحكم لبنان في السنوات الاربع المقبلة، وفقاً للخريطة النيابية الجديدة التي سترسمها صناديق الإقتراع.

المكتوب الانتخابي قُرىء من عنوانه مسبقاً، بحيث انّ النتائج المتوقعة وفق الدراسات وتقديرات الخبراء في الشأن الانتخابي والاحصائي، لن تنطوي على أي تغيير، ولو كان طفيفاً، عما هو سائد في الزمن السياسي الحالي، المتخبّط بالانقسامات والتباينات الجذرية في الرؤى والتوجهات بين قوى سياسية ترفض بعضها البعض، ووصل البلد في ظل تناوبها على السلطة، الى حيث هو، في قعر هاوية بات الخروج منها ضرباً من المستحيل.

ولقد بات من المسلّم به، أن ثبات لبنان في هذا القعر، تعزّزه شراكة المتحكمين بأمره من داخل السلطة وعلى ضفافها السياسية، في جَعل هذا البلد يتيم «المسؤول الحكيم»، الذي يُعلي مصلحة لبنان وشعبه فوق كل اعتبار، وينجّيه من لعبة الكمائن الدائمة، التي جعلت كل طرف يكمن للآخر على كوع مصالحه وحساباته الشخصية والحزبية، و«حواصله» التي اسقطت كل شعارات التغيير الفضفاضة، وهدفها فقط، رفع الرصيد النيابي في البرلمان الجديد، او الحفاظ عليه كما هو في المجلس النيابي الحالي الذي يغادر ساحة النجمة بعد 22 أيار 2022.

واذا كان لبنان متأثرا في هذه المرحلة بضجيج التحضيرات ليوم الخامس عشر من ايار، وبات كل شيء فيه ينبض بالاستعداد لمعركة صناديق الاقتراع، إلا انّ المحك الاساس للبنان يبدأ اعتباراً من اليوم الأول لبدء ولاية المجلس النيابي الجديد في الثالث والعشرين من أيار المقبل.

لا نريد الانتحار!

في هذا السياق، يقارب مرجع سياسي الاستحقاق الانتخابي وكأنّه حاصل في موعده حتماً.

وردا على سؤال لـ»الجمهورية» عما يجعله مطمئنا ومتأكدا من اجراء الانتخابات في ظل ما يُحكى عن عقبات ومحاولات تعطيل، قال: «يجب ان ننتهي من معزوفة التعطيل والتشكيك، فالانتخابات ستحصل. ومجدداً اكرر أنه لن يكون في مقدور أحد في الداخل او في الخارج أن يعطّلها».

ولفت المرجع الى «انّ هذا الكلام قلناه اكثر من مرة لديبلوماسيين وغير ديبلوماسيين، ولكل من ساوَرته شكوك او قلق على الانتخابات، وأكدنا – وهنا بيت القصيد – انّ لبنان لم يعد يقوى على تَحمّل حتى نسمة الهواء إن هبّت عليه، فكيف بالنسبة الى هزّة خطيرة مثل نسف الانتخابات، وجميع الاطراف السياسية، من دون استثناء أيّ منها، تدرك انّ تعطيل الانتخابات معناه الانتحار، ونحن لا نريد أن ننتحر.. ونقطة على السطر».

ولدى سؤاله اذا كان قلقاً من نظرة عربية ودولية سلبية الى نتائج الانتخابات إذا لم تأت بالتغيير المنشود؟ قال المرجع: «اولاً، المجتمع الدولي وكل اصدقاء لبنان واشقائه العرب يحثّون على اجراء الانتخابات في موعدها من دون اي تأخير. وثانياً، مع الاسف لدينا قانون انتخابي قاصر عن إحداث أي تغيير، ولكن ما ينبغي أن ننتبه اليه، هو انّ الاكثرية النيابية، أينما كانت، سواء في يد «حزب الله» وحلفائه، او في يد خصوم الحزب ومن يسمّون أنفسهم بالسياديين، فهذا لا يغيّر في حقيقة لا يستطيع احد الهروب منها او نكرانها، وهي انّ الجميع خاسرون امام بلد مفجوع وشعب خسر كل شيء. وانّ الخسارة ستكون قاصمة اكثر، إن لم يحسن الجميع التقاط فرصة تخليص لبنان من أزمته. والمجتمع الدولي لا يطلب منّا اكثر من ذلك، والكرة طبعاً في ملعبنا».

ويضيف: «الآن، وفي هذه المرحلة، كلّ الكلام الذي يُقال من هنا وهناك ليس عليه جمرك، وكلّه لزوم الشحن والتعبئة الانتخابية، وهذا مَداه يفترض ان ينتهي في 15 ايار. ذلك انه بعد الاستيقاظ من سكرة هذه الانتخابات، سيكون الجميع امام لحظة الحقيقة، حيث سيتبدّى امامهم الامتحان المصيري، وان يختاروا بين الشراكة في اعادة إنعاش لبنان، وبين ان يُبقوه عالقاً في دوامة الازمة واحتمالاتها المجهولة. والفشل في هذا الامتحان سيكبّر المصيبة اكثر».

سلسلة التحديات

وتشارك مصادر حكومية المرجع المسؤول في ما ذهب اليه بكلامه عن الامتحان المصيري، حيث تؤكد لـ«الجمهورية» ان الاولوية التي تفرض نفسها بعد الانتخابات مباشرة هي تشكيل حكومة جديدة، وهذا يفترض ان يحصل في اسرع وقت، وخصوصا ان امام لبنان سلسلة تحديات، ولا سيما منها ملف الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، الموازنة العامة، وترسيم الحدود البحرية، وملف تطوير العلاقات مع الاصدقاء والاشقاء، واعادة بناء ثقة المجتمع الدولي بلبنان، اذ من المعيب أن يستمر هذا التعاطي مع لبنان بعيداً عن ربّ البيت السياسي».

وبحسب المصادر «فإنّ كل تلك التحديات دقيقة وحساسة، ولبنان محكوم في ان يتجاوزها، باعتبارها تشكّل طاقة النجاة له، والسبيل الذي يوفّر العلاجات التي تمكّنه من التصدي لأزمته الاقتصادية والمالية والمعيشية الخانقة واحتوائها».

ولفتت المصادر الى ان لبنان بلغ الحدود التي لا يستطيع معها ان يكمّل في المنحى الانحداري الذي يسلكه، جرّاء المزايدات السياسية العبثية والنكد المتبادل بين مختلف القوى السياسية، وهو ما عطّل كل محاولات التقدم بوضع لبنان الى الامام وفتح مجالات التعافي امامه، وبالتالي دفع لبنان واللبنانيون جرّاء تلك المحاولات أثماناً غالية وزادت المعاناة.

واشارت المصادر الحكومية الى «انّ ثمّة بارقة أمل وحيدة تلوح مع صندوق النقد الدولي، محكوم لبنان بالاستجابة لها حتى ولو كانت تقديمات الصندوق دون المستوى المطلوب لحل الازمة. وثمة متطلبات ينبغي توفّرها سواء ما يتعلق بخطة التعافي، او غيرها من الاساسيات التي يشدد صندوق النقد على التقيّد بها. ويندرج في هذا السياق موضوع «الكابيتال كونترول»، الذي نعترف اننا قد تأخّرنا فيه كثيراً، ومع الاسف لم يقارب كما يجب بالمسؤولية التي يتطلبها، بل اننا جميعاً سمعنا ورأينا أنها محاولات تضييع ملف بهذه الاهمية في بازار المزايدات والنكايات السياسية».

وكشفت المصادر «انّ المستويات المسؤولة في لبنان، وخصوصا تلك المعنية مباشرة بملف التحضير لبرنامج التعاون مع صندوق النقد، قد تلقّت في الآونة الاخيرة اشارات سلبية من مسؤولين في الصندوق حيال التأخر في اقرار «الكابيتال كونترول»، عكست مخاوف جدية لديهم من محاولات لنسف هذا الامر، وهذا يعني منع بلوغ برنامج التعاون بين لبنان وصندوق النقد الدولي. كما عكست كلاما مباشرا لأحد كبار المسؤولين في صندوق النقد يفيد بأن ثمة مساراً محدداً يؤدي الى انطلاق برنامج التعاون مع لبنان، وان المسؤولين في لبنان التزموا هذا المسار، وعليهم ان يكملوا في الاتجاه المرسوم والاستعجال في تحقيق ما هو مطلوب من خطوات واجراءات تسرّع في توقيع الاتفاق مع لبنان».

التعنّت.. ثم التعنّت

الا انّ لدى مصادر سياسية وسطية قراءة تشاؤمية للمشهد السياسي، ولقد أكدت لـ»الجمهورية»: سنوات مضت والازمة تتفاعل في ظل السلطة الحاكمة واحزابها الحالية والسابقة، ما يعني ان الصورة هي ذاتها لم يتبدل فيها شيء على مدى سنوات. والانتخابات المقبلة لن تؤدي الى تغيير في عناصر الأزمة ومسببيها، ولا في السياسات ولا في التوجهات. وبناء عليه، فإنّ مرحلة ما بعد الانتخابات هي مرحلة «عود على بدء»، يستكمل فيها مسلسل الانقسام الداخلي بكل توتراته، حيث ان المشهد في ظل الاجواء السياسية القائمة، سيحكمه التعنّت السياسي المتبادل، والعودة الى الوراء، خصوصاً انّ اطراف الصراع الداخلي عَوّدت اللبنانيين على اشتباكاتها السياسية والمصلحية، وهذا معناه إبقاء البلد في خندق الازمة، واكثر من ذلك، حَفر خنادق جديدة تعمّق الازمة اكثر وتبقي مصير لبنان عرضة لأسوأ الاحتمالات والسيناريوهات».

الهيئات: مستقبل أسود

والصورة التشاؤمية ذاتها ترسمها مصادر مسؤولة في الهيئات الاقتصادية التي لفتت، عبر «الجمهورية»، الى «ان كلّ الدلائل والمؤشرات السياسية الداخلية تؤكد ان مستقبل لبنان اسود».

واعربت المصادر عن قلقها على مستقبل العلاقة مع صندوق النقد الدولي، في ظل التقاعس الذي يُقابَل به من الجانب اللبناني، وكذلك في ظل اللامسؤولية التي جرى التعبير عنها في حفلات المزايدات السياسية المفتعلة التي شهدنا بعضاً منها في ما أحاط جلسة اللجان النيابية المشتركة وموضوع الكابيتال كونترول». وقالت: «أكدنا للاطراف السياسية انّ الضرورة والحاجة تحتّم التعاطي مع ازمة لبنان بمنطق التضحية التي لا بد منها للعبور من هذه الازمة، وليس التعاطي معها بمنطق البازار كما هو سائد منذ سنوات».

ولفتت المصادر الى انّ «الاداء السياسي بشكل عام سواء من السلطة او خصومها، ليس مطمئنا، وذلك لِثباته على منحاه التصادمي ومجافاته لواقع حال البلد المرير. ولقد حذّرنا المسؤولين في الدولة ان الوقت ينفد، وان الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ليس مؤكّدا حتى الآن، الا بعد الالتزام بمتطلباته، وهو الامر الذي لم يحصل وقد لا يحصل».

وكشفت المصادر أنّنا قد تبلّغنا من كبار المسؤولين في المؤسسات المالية الدولية بأنّ «وقائع مفزعة» تلوح في افق الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان، بعدما تداعَت أسسه المالية والاقتصادية بالكامل». واكدت «انّ هذه «الوقائع» قد لا تتأخر كثيراً، خصوصاً ان الاطراف السياسية اثبتت ان الاجندات السياسية والحزبية اقوى من كل التحديات التي تواجه لبنان، وفي الخلاصة الاجندات تهزم التحديات».

صوت التغيير

في سياق متصل، ابلغت مصادر حراكية الى «الجمهورية» قولها انها ما زالت تعوّل على تغيير في انتخابات 15 ايار، ولا تركن للحرب النفسية التي تطلقها السلطة وحلفاؤها بأنّ الانتخابات لن تُفضي الى اي تغيير».

ورفضت المصادر وصف الحالة الحراكية بأنها «مشتتة»، مُقرّة بوجود «تنوّع لدى قوى التغيير انما الهدف واحد، وهو انتزاع لبنان من يد سلطة سرقته وجوّعته، سلطة مهانة من شعبها، ومن المجتمع الدولي بعدم ثقته بها لفسادها».

ولفتت الى «ان لا قيامة للبنان مع من أسقطوه، وهذا يفرض استمرار المعركة لإسقاط هؤلاء سواء من داخل مجلس النواب او من خارجه، وأياً كانت نتائج الانتخابات فهذا لا يعني ان الثورة قد خمدت، بل هي مستمرة»، مؤكدة في هذا السياق «انّ صوت التغيير سيكون عاليا في مجلس النواب، في المجلس النيابي الجديد».

مجلس الدفاع

وفي السياق الانتخابي، عقد المجلس الأعلى للدفاع اجتماعا امس برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وبحث في التحضيرات الامنية للانتخابات النيابية ومواضيع امنية اخرى منها ملف النازحين السوريين.

وقرر المجلس «الطلب الى كافة الإدارات العامة والأجهزة المعنية بالتحضير للانتخابات وتنسيق الجهود اللازمة من النواحي الإدارية واللوجستية والمالية والأمنية والعسكرية لإنجاح هذا الاستحقاق الدستوري. وكذلك، تقرر تكثيف الاجتماعات بين الأجهزة الأمنية لاتخاذ القرارات المناسبة في سياق التحضير للانتخابات ومواكبتها وبعدها، والاستمرار في حملات توعية المواطنين لتسهيل عملية الاقتراع، إضافةً الى تشكيل غرفة عمليات في وزارة الداخلية لمواكبة سير العملية الانتخابية من النواحي كافة. كما تم التأكيد على دور هيئة الاشراف على الانتخابات لتنفيذ مهامها المحددة في قانون الانتخابات.

وخلال الجلسة، عرض وزير الداخلية للإجراءات والتدابير المتخذة لمواكبة الانتخابات النيابية امنيا ولوجستيا واداريا، وتلاه وزير الخارجية في عرض الترتيبات الخاصة باقتراع اللبنانيين المنتشرين.

كذلك، عرض رئيس هيئة الاشراف على الانتخابات لعمل الهيئة والصعوبات التي تواجهها من الناحيتين اللوجستية والمالية. ثم توالى على الكلام قادة الأجهزة الامنية حول جهوزية القوى العسكرية والأمنية والتنسيق في ما بينها في الإجراءات لمواكبة الانتخابات.

وقد شدّد الرئيس عون على التنسيق الأمني والإداري لإنجاز الانتخابات النيابية من دون أي إشكال. ودعا «الى اعتماد قواعد لسلوك التغطية الإعلامية للانتخابات، والتعاون مع المراقبين الأجانب وهيئة الإشراف على الانتخابات».

اما الرئيس ميقاتي فأكد «على أهمية المحافظة على هيبة الدولة وكرامة المؤسسات الأمنية لضمان حماية المواطنين». وقال: «نحن مع حقوق الإنسان وحرية الرأي، لكن أي تجاوز يؤثر سلباً، ويجب أن نحصّن أنفسنا لحماية الدولة ومنع أخذ البلد الى الهاوية».

تذليل عقبات!

الى ذلك، اعلن وزير الخارجية عبدالله بو حبيب «اننا بحاجة لـ«كاش» للدفع للموظفين في الانتخابات ووزير المالية قال إنه سيؤمّن المبلغ»، مضيفاً «أوعزتُ للسفراء والقناصل في الخارج بأن يسهّلوا عمل الإعلاميين والإدلاء بالتصريحات والمقابلات بعيداً من السياسة».

اما وزير المال يوسف الخليل فقال: «نسعى إلى تأمين مبلغ ٣٨٠ مليار ليرة قبل ١٥ أيار وتأمين الموظفين الذين سيشاركون في إدارة العملية الانتخابية».

وفي السياق، أعلن وزير الطاقة وليد فياض أنّ وزير الداخلية بسام مولوي ومؤسسة كهرباء لبنان متفقان على تغذية مراكز لجان القيد الـ٢٦ الصغرى والكبرى بـ١٤ ساعة يومياً من ٥ أيار الى ١٦ أيار، والتقنين بالمراكز الـ٢٦ لا يتخطى الـ٦ ساعات متتالية وتأمين باقي الساعات من المولدات.

النازحون

وبرزت امس نبرة جديدة حيال موضوع النازحين، حيث اعلن وزير العمل مصطفى بيرم، بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلفة بحث ملف النازحين السوريين، انّ مسألة النزوح لم تعد تحتمل، ولم تعد الدولة اللبنانية قادرة على مقاربة هذا الملف، كما انها لم تعد قادرة على ضمانه بشكل كلي. ونحن لم نعد قادرين على أن نكون شرطة لدول أخرى، وسنطبّق القوانين، ومن يصدر بحقه حكم يجب أن يُرحّل الى بلده، وهذا ما تقوم به كل الدول».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الجمهورية