مجلة وفاء wafaamagazine
مهما بلغت درجة الاتفاق بين أي زوجين، لا بد وأن هناك بعض الأشياء التي يختلفان فيها، ومع الوقت تصبح هذه الاختلافات أوضح وتقبلها أصعب، ويلجأ بعض الأزواج إلى انتقاد شركائهم واختلافاتهم، والحكم على تصرفاتهم، ومحاولة السيطرة عليهم للقيام بالأشياء بالطريقة “الصحيحة” من وجهة نظرهم.
والأمر ليس مجرد تعليق سلبي أو سخيف يتلقاه شريك حياتك ويمر، فالانتقاد هو السلوك الأكثر تدميرا للعلاقات ضمن 4 أنماط اتصال سلبية شائعة، حددها طبيب النفس الأميركي الشهير جون غوتمان وأسماها “الفرسان الأربعة” وهي: الانتقاد، الازدراء، الدفاعية، المماطلة. ويتنبأ وجودها في العلاقات أنها ستنتهي بالطلاق.
مهاجمة شخصية
يقول المعالج النفسي الأميركي المختص في العلاقات الزوجية زاك بريتل لموقع “هافينغتون بوست” (HuffPost) إن “النقد هو التعبير عن الشكوى بأنها عيب في شخصية الآخر”.
على سبيل المثال، قد ينزعج الزوج من تأخر زوجته في التجهيز عند الخروج، فيقول لها “أنت مهملة ولا تحترمي الوقت والمواعيد” وهذا هجوم شخصي، يمكن بدلا عنها الإشارة إلى التصرف السلبي بقول “أشعر بالتوتر والانزعاج عندما نتأخر، وسيكون من الأفضل أن نستعد مبكرا للوصول في موعدنا”.
الفرق بين الشكوى والنقد
وللتفرقة بين الشكوى البناءة والانتقاد المدمر، يمكن التركيز في اللغة المستخدمة، فغالبا ما يتضمن الانتقاد هذه السمات:
يستخدم المنتقد عبارات مطلقة مثل “أنت دائما تفعل” أو “أنت لا تفعل أبدا”.
يتضمن الانتقاد كلمات قاسية، ويهاجم الشخص ذاته، بدلا من السلوك السلبي.
ملئ باللوم والاتهامات.
لا يركز على كيفية تحسين السلوك.
يركز المنتقد على “طريقة صحيحة” واحدة فقط للقيام بالأشياء.
يقلل من قيمة الآخر.
يوحي الانتقاد بالسيطرة على الآخر، في حين تحترم الشكوى البناءة الاستقلالية.
مدمر العلاقات
إذا كنت كثير الانتقاد لشريكك، فهذه بعض التأثيرات السلبية التي قد تسببها كلماتك لشريكك وعلاقتكما:
يضعف احترام شريكك لذاته
تؤثر كلمات الانتقاد المتكررة على المتلقي بشكل عميق، وتؤدي إلى زعزعة ثقته بنفسه، وتشككه في قدراته على فعل الأشياء بشكل صحيح.
ويشير المعالج النفسي كورت سميث إلى مدى سوء تأثير الانتقاد عندما يأتي من شريك الحياة، ويقول “يمكن أن يجعلنا الانتقاد نشكك في قيمتنا، خاصة عندما يأتي من شخص من المفترض أنه يحبنا، فنبدأ في الاعتقاد أن ما يقولونه هو حقيقة بالفعل لأنهم أكثر من يهتمون لأمرنا”.
يدمر الحميمية
يوسع النقد الفجوة العاطفية بينك وبين شريك حياتك بمرور الوقت، والمشاعر الدافئة والإيجابية التي شاركتها ذات يوم تتضاءل وتحل محلها مشاعر الاستياء والعداء.
يقلل من شأن شريكك
يشعر الطرف الذي يوجه الانتقادات طوال الوقت بأنه متفوق، ويقول ستيفن ستوسني، عالم النفس بواشنطن “يميل النقد إلى التقليل من القيمة المتلقي، مما يوحي أن الشريك الذي ينتقد هو أذكى وأكثر مهارة وأخلاقا ومتفوقا بطريقة ما عن شريكه”.
بلا جدوى
يقول ستوسني في مقاله بموقع “سيكولوجي توداي” (Psychologytoday) “النقد فشل ذريع في إحداث تغيير إيجابي في السلوك، وأي مكسب قصير المدى قد تحصل عليه سيؤدي لزيادة الاستياء في المستقبل”.
فإذا كان هدفك لفت نظر شريكك لتغيير سلوكه، فالانتقاد ليس طريقا فعالا أبدا، بل أنه يؤدي إلى اتخاذ المتلقي لموقف دفاعي لحماية نفسه، ويصبح رافضا لما تقوله.
التواصل الصحي
لا يعني التوقف عن الانتقاد أن تقبل ما يزعجك في شريكك، ولكن هناك طرق أكثر فاعلية أخرى للتعبير عن مشاعرك السلبية دون تدمير علاقتكما، وهذه بعضها:
ركز على ما تريده
بدلا من التعبير عما تريده في شكل انتقاد للتصرف المعاكس، يمكنك ببساطة التعبير عن رغبتك مباشرة، فبدلا من القول “أنت شخص غير مسؤول لأنك لا تجلس مع أولادك” يمكن القول “ما رأيك في قضاء المزيد من الوقت مع الأولاد فهم يحتاجونك”.
ويمكن استخدام كلمة “أتمنى” للتعبير عما تريده أيضا وتوضيح الأثر الإيجابي المترتب على الفعل، مثل قول “أتمنى أن تساعدني في رعاية الأطفال، سيخفف ذلك الضغط عني”.
أشعر وأحتاج
إذا كنت تجد صعوبة في التعبير عن مشاعرك واحتياجاتك، يمكنك استخدام هذه الصياغة التي ينصح غوتمان لمناقشة ما يزعجك “أشعر بـ_____ حيال ____، وأحتاج ____”.
والتعبير عن الشعور بصيغة “أنا أشعر” وليس “أنت تجعلني أشعر” حتى لا يشعر الطرف الآخر بالهجوم ويصبح دفاعيا.
تخلص من السيطرة
حتى باستخدام الشكوى البناءة، عليك أن تدرك أن هناك بعض الأشياء التي لا تحتاج الانتقاد ولا الشكوى ويمكن تقبلها كما هي، فليس كل شيء يحتاج أن يكون كما ترغب.
ضع نفسك مكان الآخر
إذا كنت كثير الانتقاد ولا تدرك مدى فظاعة كلماتك وتعتبر أنها مجرد تعليقات، يمكنك تسجيل ما تقوله لشريكك وتقوم بسماعه حتى تضع نفسك في الطرف الآخر، وستتفاجأ مما ستشعر به.
افتقار للأسلوب الصحي
إذا كنت الطرف المعرض للنقد، فمن المفهوم أن كلمات شريكك القاسية تؤثر عليك وتؤذي مشاعرك، وقد تشعر أنك أيضا تريد أن تهاجمه وتنتقده، ولكن لا تسلك دربه، وانظر إلى انتقادات شريكك على أنها افتقاره للتعبير بشكل صحي.
وقد يمكنك ذلك من التفهم ومعرفة الطلب المحجب الذي يريده شريكك، وهنا يمكن الإشارة إلى الطلب ومناقشة الطرف الآخر في إمكانية التعبير عن شعوره ورغبته بشكل إيجابي ومباشر بدلا من الانتقاد.