مجلة وفاء wafaamagazine
اعتبر ماجد التركي، رئيس مركز الإعلام والدراسات العربية الروسية وخبير العلاقات السعودية الروسية، أن أوكرانيا أصبحت ساحة للمواجهة الروسية الأمريكية
وقال إن واشنطن كانت في حاجة إلى حدث دولي ضخم وهذا ما أشار إليه كثير من العسكريين الأمريكيين حتى تخرج من عدة أزمات ومنها ديونها الدولية، والانفكاك من بعض الروابط الدولية التي أصبحت خارج دائرة الاهتمام الأمريكي حتى في أوروبا، لتعيد تحريك مؤشرات الشطرنج.
وأوضح أن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي لا ينتمي للعرق السلافي الأوكراني، الذي يمثل العرق الإثني في الجغرافيا السياسية لأوكرانيا وامتداداته الروسية أو العكس، بل ينتمي للعرق اليهودي، لذلك يتماهى كثيرا مع الأجندة الغربية على حساب المصلحة الوطنية، مشددا على أن القضية فيها محركات دينية حقيقية.
وأفاد التركي بأن استمرار الصراع الروسي الأوكراني يحقق للغرب والولايات المتحدة عدة مكاسب، منها إشغال روسيا اقتصاديا وعسكريا، ومعرفة ما لدى الروس من تقنيات وقدرات عسكرية.
وأكد في حوار مع صحيفة “سبق” أن السعودية وقفت في موقف اعتدال وطني قوي، ومتكئ على مصالح دولية وكسبت الموقف السياسي الدولي الروسي والأمريكي، والأمم المتحدة، وخاصة في الملف اليمني.
وأوضح أن الإشارات من البيت الأبيض تعطي لمحات عن أن واشنطن تأمل في استمرار الصراع في أوكرانيا لأمد طويل واستخدام الفوضى لصالح مصنعي الأسلحة الأمريكيين، وبالذات السياسيين والمستشارين الأمريكان الذين يقولون إن الإمداد العسكري الأمريكي لأوكرانيا هو بمثابة المساعدة على قتل آخر رجل أوكراني لأنه لا يمكن لأوكرانيا أن تنتصر، ولكن سيمكنها الاستمرار في الحرب.
وبين أن بريطانيا تتفق مع واشنطن إلى حد كبير جدا، أما بقية الدول بالذات فرنسا وألمانيا فهي ضد الحرب بصورة مباشرة، فالقضية ليست مجرد قضية النفط والغاز بل أمور كثيرة جدا منها تدفق اللاجئين، والإثارة الشعبية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، ثم الإشكالية الاستراتيجية، وهذا يقود إلى تحولات سريعة.
وأشار التركي إلى أن الدول الغربية خارج إطار الولايات المتحدة وبريطانيا ستكون في معزل عن تشكيل النظام الدولي الجديد، وخاضعة لأطراف التشكل الدولي الجديد.
وردا على سؤال بشأن أن إشغال روسيا في هذه الحرب، يدخلها في أزمات اقتصادية، أكد الخبير السعودي أن هذا كان تصور الجانب الأمريكي، وهو غير صحيح بالنظر للوقائع.
وتابع قائلا: “يبدو أن الروس مستعدون بشكل جيد، ولديهم وعي مسبق بالمسارات التي قد تأخذها الجوانب الاقتصادية لذلك عملوا على الدفع بالروبل، والتعاون الثنائي بالعملات الثنائية مع الهند والصين ودول مجموعة “بريكس”، وإلى الآن ومع وجود ضغط اقتصادي على روسيا إلا أنها تكسب، وأكبر مؤشر في الكسب أن الروبل تجاوز 120 مقابل الدولار، ثم رجع إلى السعر الأقل مقابل الدولار”.
وأردف قائلا: “لذا استدرك الجانب الأمريكي مسألة خروج الشركات الأمريكية من روسيا، وصرح البيت الأبيض قائلا إننا لم نطالب الشركات الأمريكية بالخروج من السوق الروسي وذلك بعد مغادرة 850 فرع “ماكدونالدز” وغيرها، بالإضافة إلى “نيتفلكس” التي خسرت أكثر من 40% من قيمة أسهمها، وخسرت أكثر من 700 ألف مشترك.. لا توجد مكاسب حتى الآن، الخسائر تعم الجميع”.
وبخصوص تصريحات الرئيس الأمريكي الذي قال إن الرئيس بوتين لن ينتصر في الحرب، بينما أكد الرئيس الروسي أن بلاده ستخرج أقوى، صرح الخبير السعودي بأن المعطيات الحالية تؤكد أنه حتى الآن لا يوجد منتصر، والوقت لا يزال مبكرا للحكم، وإن كانت روسيا قد حققت جزءا من أهدافها، وأوكرانيا لم تجد حلا فاصلا لأزمتها مع روسيا من خلال الجانب الأمريكي أو دول الاتحاد الأوروبي بل وجدت دعما جزئيا يبقيها في المواجهة، ومن المستحيل أن يصلها دعم عسكري يجعل كفتها أقوى من كفة روسيا لأن هذا يعني المواجهة الروسية الأوروبية، والجانب الأمريكي سيبذل جهدا كاملا لاستنزاف روسيا.
وأفاد بأن موسكو إذا استطاعت أن تغلق الملف دون أن تطيل أمده خلال 6 أشهر بكامل تفاصيله، ستكون الكاسب الأكبر على المدى الاستراتيجي سواء في الهيبة أو في ردة الفعل الدولية، أما إذا زادت المدة ستدخل روسيا في مرحلة استنزاف.
صحيفة “سبق” السعودية