مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”
تقول: على رغم الجمود السياسي الذي طبع المشهد الداخلي أمس، فإنّ الانطباعات التي تراكمت حول الأوضاع بشقيها السياسي والاقتصادي – المالي بدت تحت وطأة قتامة تصاعدية لا سيما لجهة التدهور الآخذ في التفاقم في الاوضاع المعيشية. ذلك أنّ أيّ تطوّر إيجابي لم يُسجَّل في شأن الانسداد الحاصل حيال استحقاق انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه وهيئة مكتب المجلس في ظلّ شلل تام في الاتصالات والمشاورات السياسية وتصلّب مختلف المجموعات النيابية الجديدة والقديمة بمواقفها من ترشيح الرئيس نبيه بري منفرداً من دون أيّ منافس شيعي له. وإذ بدأت تتردّد على نطاق واسع نغمة أنّ مهلة الأسبوعين المحدَّدين في نظام المجلس بعد بدء ولاية المجلس المنتخب للدعوة التي يوجهها رئيس السنّ لانتخاب رئيس المجلس، هي مهلة حثّ وليس مهلة إسقاط، بدا واضحاً أنّ ذلك قد يُمهّد لاحتمال تجاوز الرئيس بري المهلة وعدم توجيهها ضمن المهلة إذا اقتضى الأمر مزيداً من التريّث سعياً إمّا إلى تسوية ما وإمّا إلى توفير ظروف مخفَّفة للمواجهة التي سيدشّن المجلس عمله بها.
ولذلك يبدو مستبعداً في الأيام الفاصلة عن مطلع الأسبوع المقبل أن تتبلور الأمور خصوصاً أنّ ثمة شقَّين من التعقيدات لم يتم حسم أي منهما بعد، الأول حالة الاعتراض الواسعة على إعادة انتخاب الرئيس بري الذي لا بديل منه، والثاني عدم بلورة أي توافق على اسم نائب رئيس المجلس بين المطروحين للمنصب غسان حاصباني والياس بو صعب وملحم خلف، وتردّد أنّ أسماء أخرى بدأت تُطرَح في بعض الكواليس.
وفي الملف الحكومي، أشار النائب جورج عدوان إلى أنّ “خطة التعافي التي أُقرِّت مخالفة للدستور لأنها تمس بالأملاك الخاصة أي أموال المودعين وليس المهم إرضاء صندوق النقد الدولي بل البحث عن طريقة لإحداث نمو في البلد”، داعياً لـ”إنشاء صندوق سيادي يتم إيفاء ديون الدولة من خلاله”. وأضاف عدوان: “من شبه المستحيل أن تُكلّف الأكثرية الحالية حكومة الرئيس نجيب ميقاتي من جديد بعد كل ما فعلته. ونحن بحاجة لخطة تعاف جديدة تضعها حكومة الأكثرية الجديدة“.
في غضون ذلك، بدا المشهد الاقتصادي والمالي والاجتماعي متّجهاً نحو مزيد من التأزم الخطير في ظلّ القفزات القياسية التي يسجلها سعر الدولار في السوق السوداء بحيث بات يقترب من سقف الـ40 ألف ليرة بعدما تجاوز في الساعات الأخيرة الـ35 ألف ليرة. وكما الدولار، فإنّ أسعار المحروقات ماضية نحو سقوف قياسية، إذ يُتوقَّع أن تُسجَّل زيادات جديدة على أسعارها اليوم مع إصدار الجدول الجديد لتركيب الأسعار لأنّه لم يصدر أمس بسبب العطلة. واذا كان سعر صفيحة البنزين اقترب قبل يومين من سقف الـ600 ألف ليرة، فإنّ الخشية لدى تجاوزه اليوم هذا السقف أن تغدو البلاد أمام واقع محفوف بتوترات اجتماعية كبيرة، فيما بدا لافتاً تخوّف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، الذي يقوم بزيارة رسمية إلى واشنطن، من تحوّل الاضطرابات الاجتماعية الى توتر أمني.
وقد أعلن متحدث باسم الخارجية الأميركية لقناة “الحرة”، أنّ مسؤولاً أميركيّاً التقى بمدير عام الأمن العام اللبناني، في العاصمة واشنطن، يوم الإثنين. وأكد المتحدث أنّ المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن، روجر كارستينز، التقى اللواء عباس إبراهيم، لمناقشة قضية المواطنين الأميركيين المفقودين أو المحتجزين في سوريا. ولم تتضح تفاصيل الاجتماع، وفيما لو كانت له علاقة بلقاء الرئيس الأميركي، جو بايدن، في وقت سابق في أيار الجاري، والدي المصوّر الصحافي المخضرم، أوستن تايس، الذي اختطف في سوريا قبل 10 سنوات، بعد مطالبات مكررة بإعادته إلى الولايات المتحدة.
وبالعودة إلى الداخل اللبناني، تخشى أوساط معنية بالاستحقاقات الدستورية المتعاقبة من أن تتّجه البلاد نحو كباش وشدّ حبال تستعصي معه التسويات التي تفتح الطريق لتشكيل سريع للحكومة الجديدة، لأنّه في حال التمادي في تأخُّر انطلاقة عمل ونشاط المجلس النيابي المنتخب، فإنّ ذلك سينعكس سلباً على الاستحقاق الحكومي تكليفاً وتأليفاً، فيما الأوضاع الآخذة في التدهور معيشيّاً وماليّاً تُنذر بأفدح العواقب على كل المستويات.
وقد برز أمس موقف دولي جديد من لبنان، إذ دعا أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر، في إعلان تبنّوه بالإجماع، إلى الإسراع في تشكيل حكومة شاملة جديدة في لبنان بعد الانتخابات التشريعية، وتطبيق إصلاحات من بينها إقرار موازنة 2022.
كما دعا الاعضاء إلى تشكيل حكومة تسمح بالتوصّل السريع لاتفاق مع صندوق النقد الدولي، بحسب الإعلان الذي صاغته فرنسا.
وأكد النص على الحاجة إلى التدابير المتوقعة لتعزيز المشاركة والتمثيل السياسي الكامل والكبير وبالمساواة للمرأة بما في ذلك في الحكومة الجديدة.
وذكّر مجلس الأمن بضرورة الانتهاء السريع من تحقيق مستقل ونزيه ومعمق وشفاف في انفجار الرابع من آب 2020 في بيروت وهو أمر ضروري لتلبية التطلعات المشروعة للشعب اللبناني في المساءلة والعدالة.
وفي سياق التداعيات للوضع المأزوم داخلياَ، أعلن نقيب الاطباء الدكتور شرف أبو شرف، أمس، أنّ الاضراب الذي دعت إليه نقابتا أطباء لبنان في بيروت والشمال ونقابة اصحاب المستشفيات اليوم وغدا هو لرفض سياسات مصرف لبنان والمصارف بحق المودعين عموماً والقطاع الصحي خصوصاً بسبب الوضع المتأزم في القطاع الطبي والصحي. وأكد أنه لا يمكن الاستمرار على هذا الحال، فالأطباء والممرضات اضطروا الى الهجرة حيث هاجر ما لا يقل عن 3000 طبيب من ذوي الاختصاصات والكفاءات العالية عدا عن ان المستشفيات التي لم يعد لها القدرة على الاستمرار وتأمين التقديمات للمرضى. وشدّد على أنّ “القطاع الصحي خط أحمر لأنه يتعلق بصحة الناس التي يجب ان تكون اولوية ولذلك سنقوم بالوقفة التضامنية ضد المسؤولين عن وضعنا اي الدولة والمصارف ومصرف لبنان، واذا لم نر تجاوباً سنقوم بتحركات تصعيدية وسنقوم بوقفة تضامنية مع كل نقابات المهن الحرة لتصويب الامور ونأمل الوصول الى نتيجة قبل ان تتفاقم الازمة ونصبح امام كارثة اجتماعية كبيرة“.
وأطلّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، مساء أمس، عبر شاشة قناة “المنار”، متحدّثاً لمناسبة “ذكرى المقاومة والتحرير”، معتبراً أنّ “هذا اليوم هو الأكثر سعادة وسط ما حصل ويحصل”، مميّزاً بين اللبنانيين “الذين شعروا بالسعادة وبين أولئك الذين هربوا باتجاه فلسطين المحتلة“.
ووصف “الانجاز الذي تحقق في العام 2000” بأنّه “الانجاز الأهم في تاريخ لبنان، وهو كان انتصارا لبنانيا وعربيا وعلى مدى العالم الاسلامي”. وعرض لأهمية “هذه الانجازات من تحرير للأرض، وتحرير الاسرى، وثبات الصمود، وكسر هيبة جيش العدو، وكسر مشروع اسرائيل الكبرى، وتفكيك مشروع العدو الذي كان يقضي بالانسحاب وتسليم الشريط الى جيش لحد، وأيضا تثبيت معادلة الردع والحماية والذي تكرس بعد العام 2000”. وأضاف: “كان انتصار العام 2000 من أهم عوامل انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية بعدها بقليل، وكل ما رأيناه لاحقاً حيث أدى ذلك الى الانحدار البياني لهيبة العدو“.
واعتبرنصر الله أنّ “المقاومة تحمي في ظل الانقسام وتؤمن حماية لبنان بالمعادلة الذهبية وهذه الحماية أسس لها الانتصار عام 2000”. وقال: “حلّوا أزمات البلد ليبقى جيش وتبقى دولة وبعدها تعالوا لنناقش الاستراتيجية الدفاعية وإن أردتم مناقشة كل شيء سويّاً فتفضلوا “. كما ألمح نصرالله إلى انفجار إقليمي، قائلاً إنّه “خلال أيام قد تحدث أمور في المنطقة قد تؤدي لانفجار المنطقة”. وقال: “لا يحلّ مشكلة لبنان إلّا النفط والغاز في المياه الاقليمية وتفضلوا لنرى كيف نستخرج هذه الثروة ونحميها وهذا يحتاج إلى القليل من الجرأة“.