مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار”
تطورات اكتسب بعضها طابعاً غير محسوب برزت عشية خميس الاستشارات النيابية الملزمة غدا في قصر بعبدا، زادت مشهد الاستعدادات النيابية لحسم المواقف من تكليف رئيس الحكومة العتيدة تزداد حماوة خصوصا مع بدء اتضاح معادلة هي اقرب الى معركة سياسية بات يتوقف عليها تقرير من سيكلف تأليف الحكومة الأخيرة في عهد الرئيس ميشال عون. هذه المعادلة لم تبدأ بالاتضاح الا في الساعات الأخيرة بحيث راحت من جهة اسهم تزكية السفير السابق والعضو الحالي في محكمة العدل الدولية نواف سلام ترتفع بشكل ملحوظ مع تبني كل من الكتلتين الاشتراكية والكتائبية والنواب التغييريين الـ13 لترشيحه، وسط انتظار الكلمة الفاصلة لكتلة “القوات اللبنانية” اليوم التي من شأنها ان ترجح كفة اصطفاف عريض لمجمل القوى المعارضة وراء ترشيح سلام او بروز تطور اخر. ومن جهة أخرى، بدت تزكية إعادة تكليف الرئيس نجيب ميقاتي امام تطور جديد لمصلحته تمثل في تجمع اكثر من 13 نائبا سنيا معظمهم محسوب على المناخ الحريري وراء تسميته بما ابقى حظوظه متقدمة. هذه المعادلة التي كادت ترسخ ما أوردته “النهار” امس من امكان حصر الخيارات النيابية بين ميقاتي ونواف سلام، لم تكتسب الطابع الثابت لسببين: أولهما أولا التحسب لطرح أسماء مفاجئة أخرى في الساعات المقبلة بقصد الضغط لتسوية ما تسبق الاستشارات، وثانيهما المعطيات التي تحمل تلويحا من جانب فريق 8 اذار بإمكان تلغيم الاستشارات بـ”مرشح مواجهة” ثالث في حال استشعر هذا الفريق ان القوى السيادية والتغييريين ماضون نحو تزكية نواف سلام لترسيخ الأكثرية المنتخبة وكسر تحكم 8 بالأكثرية. ومع ذلك فان المعطيات التي برزت اشارت الى عدم اكتمال عقد المعارضين وراء ترشيح سلام وسط ترجيح عدم تبني “القوات اللبنانية” لهذا الترشيح وفي حال قررت “القوات” عدم تسمية أي مرشح فان تكليف ميقاتي سيمر بأكثرية هشة.
واللافت في هذا السياق، ان ثمة معطيات افادت ان قوى معارضة بلغتها مؤشرات مؤكّدة من أن فريق 8 آذار لن يختار تزكية الرئيس ميقاتي إذا تبين له أن السياديين سيتوحّدون حول مرشح واحد آخر، ولا يستمرّ ميقاتي في السباق الرئاسي كمرشح مسمّى من الكتل، والحال هذه. وعندها يتكتّل “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحرّ” نحو اختيار مرشّح مواجهة واحد. واستوقفت مراقبون من الأوساط السياسية المختلفة في هذا السياق الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الأسبق حسان دياب إلى عين التينة في الأيام الماضية، والتي لم تكن محض صدفة، لجهة أن التجربة قد تستعاد مع إسم مشابه له إذا لم يكن من خلاله شخصياً. وهنا، دارت علامات استفهام في مجالس سياسية حول الظروف التي أدّت بوزير الاقتصاد أمين سلام إلى طرح نفسه مرشحاً لرئاسة الحكومة في التوقيت الحالي.
مواقف الكتل
وفي أي حال فان “الخروج من الغموض” بدأ وبشكل مرشح للاتساع في الساعات المقبلة من خلال اجتماعات الكتل الكبيرة التي دشنها اجتماع كتلة “اللقاء الديموقراطي” عصر امس في كليمنصو بحضور رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الكتلة النائب تيمور جنبلاط . حيث جرى عرض مختلف الملفات الراهنة وفي مقدمها الاستشارات النيابية الملزمة، وأفاد بيان عن الاجتماع انه “كان نقاش في نتائج الاتصالات الجارية على هذا المستوى بما يؤكد ضرورة إتمام هذا الاستحقاق الدستوري لتشكيل حكومة إنتاج وإصلاح قادرة على معالجة مختلف الأزمات بأسرع وقت. وأعلنت الكتلة انها سوف تسمّي السفير السابق نواف سلام لتكليفه تشكيل الحكومة، مع تأكيدها خيار عدم المشاركة بالحكومة العتيدة مع الحرص الكامل على القناعة بأن يتم التأليف دون أي إبطاء أو تعطيل للتفرغ للمهمات الصعبة الملقاة على عاتقها.”
وسط ترجيح كفة تسمية النواب التغييريين الـ13 ترشيح نواف سلام، يحدد تكتل “الجمهورية القوية” خياره في اجتماع يعقده عند الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في معراب. اما الكتائب، فدعت “إلى الالتفاف حول تسمية السفير نواف سلام لرئاسة الحكومة المقبلة انسجاما مع الضرورة الملحّة لإيصال شخصية مستقلة قادرة على إخراج لبنان من عزلته العربية والدولية وإنقاذه من النهج المدمر السائد”. وكرّر الحزب “مناشدة كل الكتل النيابية التي تنادي بالتغيير الذهاب إلى الاستشارات موحّدة الرأي، فالبلد أمام محطة خطيرة لا تحتمل تضييع الفرص، ونتائج يوم الاستشارات ستحمل تداعيات مصيرية تحدّد مستقبل البلد، فإما أن تكون للبنان حكومة متحرّرة من المصالح الشخصية ومن هيمنة حزب الله وقادرة على اتخاذ الإجراءات الفورية للجم التدهور وإلا سيبقى القديم على قدمه وسندخل في فوضى غير محسوبة النتائج”.
من جانبه، اعلن النائب اشرف ريفي “انني لن أسمي ميقاتي لرئاسة الحكومة لأنه من المنظومة الحالية ولا نواف سلام لانه عاش فترة زمنية خارج البلاد وخيارنا أشرس وأمتن في المواجهة لكننا لم نحسم خيارنا حول الإسم”. واعلن النائب نبيل بدر انه سيسمي الرئيس نجيب ميقاتي في الاستشارات النيابية الملزمة الى جانب 13 نائبًا .
حركة بخاري
وفيما العين على اجتماعات الكتل الكبرى التي تحدد مواقفها خلال الساعات المقبلة، بقيت حركة السفير السعودي وليد البخاري تستقطب الاهتمامات وهو زار امس عين التينة والتقى رئيس مجلس النواب نبيه بري وغادر من دون تصريح وذكرت هذه الحركة بحركة السفير البخاري عشية الانتخابات النيابية التي افضت نتيجتها الى تأمين رفع مشاركة سنية في الاستحقاق ولو بنسبة معينة آنذاك .
يشار الى ان موقفا سعوديا ـ مصريا صدر امس شدد على “أهمية مواصلة جهود الحفاظ على عروبة لبنان وأمنه واستقراره، كما دعم الإصلاحات في لبنان لتجاوز أزمته وألا يكون منطلقاً لأي أعمال إرهابية”.وجاء ذلك في البيان الختامي المشترك بعد زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى القاهرة، ولقائه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وأصدرت المديرية العامة لرئاسة الجمهورية ظهر امس، التوزيع النهائي لمواعيد الاستشارات النيابية الملزمة وذلك بعد تعديلات طفيفة أدخلت على الجدول الأول الذي كان وزع قبل أيام وبرز مجددا عدم انتظام النواب التغييريين في وفد واحد كما تردد سابقا اذ ابقيت المواعيد المحددة لهم منفصلة .
فرنسا
في سياق اخر واصل امس الممثل المقيم الجديد لصندوق النقد الدولي في بيروت فريديريكو ليما جولته إثر تعيينه في منصبه الجديد، وزار سفيرة فرنسا في لبنان آن غريو التي رحّبت “بتعيين ليما في هذا المنصب بعد عشر سنوات من شغوره، خصوصاً أن هذه الخطوة تؤكد التزام صندوق النقد الدولي تجاه لبنان والشعب اللبناني”. وأكّدت أن “فرنسا، شأنها شأن المجتمع الدولي بأسره، ما زالت عازمة على مواكبة اللبنانيين في تنفيذ التدابير الطارئة والإصلاحات البنيويّة الضرورية للنهوض بالبلاد، كما تمّ التفاوض بشأنها في شهر نيسان الماضي”. وذكّرت بأنّ “فرنسا ستواصل حشد كلّ طاقاتها من أجل الحرص على احترام الاستحقاقات التي نصّ الاتفاق عليها، أي قرارات الحكومة والمصرف المركزي حول إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوحيد أسعار الصرف، والتصويت في مجلس النواب على القوانين الأربعة التي جرى تحديدها بوصفها خطوات مسبقة (موازنة 2022 والكابيتال كونترول ورفع السريّة المصرفية وإعادة هيكلة القطاع المصرفي) ثم موافقة مجلس إدارة صندوق النقد الدولي على البرنامج، مما سيتيح إجراء الدفعات الأولى من القروض”.