الرئيسية / آخر الأخبار / التأليف رهن بحسم «المعايير».. ميقاتي: الخلاص قريب.. الدولة تتبرأ من «المسيّرات»

التأليف رهن بحسم «المعايير».. ميقاتي: الخلاص قريب.. الدولة تتبرأ من «المسيّرات»

مجلة وفاء wafaamagazine

الموقعة الليلية بين الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي و«التيار الوطني الحر»، الذي يتطابق موقفه مع موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، تعكس بلا أدنى شك، عمق الهوة الكامنة في مسار التأليف، وحدّة الانفعال من التشكيلة التي قدّمها الرئيس المكلّف، والاعتراض على انتزاعها وزارة الطاقة من يد التيار.

إصراران متناقضان!

ومع هذه الموقعة، بحدّة التخاطب التي تخلّلتها، دخل الحديث عن تأليف حكومة في دائرة الاحتمال الأضعف، حيث لم يعد خافيًا انّ وزارة الطاقة، باتت العقدة التي يبدو أن لا طاقة متوفرة لدى أي طرف لحلّها، وبالتالي تشكّل العبوة السياسية الناسفة لإمكانية توليد حكومة، وتبعًا لذلك بات مسار التأليف محكومًا بإصرارين:

 

الأول، إصرار واضح من قِبل الفريق الرئاسي على فرض المعايير الرئاسية وبالتالي البرتقالية على التشكيلة الحكومية الجديدة، ويندرج في صدارتها إبقاء وزارة الطاقة في يده، عبر وزير يسمّيه هو ويزكّيه رئيس الجمهورية.

 

الثاني، إصرار في المقابل من قِبل الرئيس المكلّف على رفض إسناد هذه الوزارة الى التيار بصورة مباشرة او غير مباشرة، لأسباب عديدة، غالبيتها مرتبطة بما آل إليه حال الكهرباء، وبأداء التيار في هذه الوزارة طيلة الفترة التي تناوب فيها وزراؤه على تولّيها، وبعضها مرتبط بسبب رئيسي، وهو انّ التيار لم يسمِّ ميقاتي في الاستشارات الملزمة، كما انّه أعلن انّه لن يشارك في الحكومة، وبحسب ما نُمي إلى الرئيس المكلّف، فإنّه لن يمنح الحكومة الثقة، فكيف والحالة هذه أن يكون له الحق في أن يطرح شروطًا ومعايير ويتمسّك بوزارة الطاقة؟

 

التأليف على الرفّ!

عمليًا أُدخل التأليف في ذات النفق الذي سبق أن أُدخلت فيه كل الحكومات التي تشكّلت في عهد الرئيس ميشال عون، ولكن بفارق انّه في السابق لم تكن ثمة استحقاقات تضغط، وباب المماحكات والمماطلات والمناورات، كان يُفتح على مصراعيه على حلبة صراع أحجام وشروط ومعايير، إلى أن تتشكّل الحكومة بشق النفس، ولو بعد أشهر، لم يكن للوقت قيمة آنذاك، خلافًا للمرحلة الحالية، حيث أنّ الاستحقاق الرئاسي صار على مرمى اربعة أشهر، وكلّ المعنيين بملف التأليف أمام خيار من إثنين: إمّا تأليف حكومة الآن، وإما لا حكومة. وخصوصًا انّ عامل الوقت يضغط، وكلّ دقيقة يُحسب حسابها، وهامش المناورة انعدم إلى حدّ أنّ احدًا لا يملك قدرة جرّ الآخرين إلى ملهاته، ولا أوراق قوّة يُملي من خلالها إرادته على الآخرين.

 

التشكيلة هي الاساس!

وسط هذه الأجواء المتشنجة، ووفق معلومات «الجمهورية»، فإنّ الطريق بين القصر الجمهوري والسرايا الحكومية ما زالت سالكة حتى الآن، وأجواء القصر الجمهوري لا تشي بانسداد أفق التأليف، بل تشير إلى انّ رئيس الجمهورية ما زال ينتظر ردّ الرئيس المكلّف على الملاحظات التي أبداها على تشكيلة ميقاتي في لقائهما الأخير يوم الجمعة الماضي. والجو السائد على الضفة الرئاسية يفيد بأنّ انعقاد اللقاء المقبل بين الرئيسين عون وميقاتي او عدمه، رهن باستجابة الرئيس المكلّف، أو عدمها، لملاحظات رئيس الجمهورية.

 

وأجواء عدم الانسداد نفسها سائدة في أوساط الرئيس المكلّف، حيث يؤكّد المقرّبون منه لـ«الجمهورية»، انّ «ميقاتي، ورغم كل المنطق الهجومي الذي يستهدفه، لم يقفل الباب على تشكيل حكومة اليوم قبل الغد، وهو اعلن بالأمس انّه سيقوم بزيارة رئيس الجمهورية خلال «هاليومين».

 

وبحسب هؤلاء المقرّبين، فإنّ الرئيس المكلّف «يعمل في اتجاه ولادة سريعة للحكومة، وقراره تجاوز ايّ عراقيل مفتعلة من قِبل أي طرف، والتشكيلة التي قدّمها ما زالت تشكّل الأساس الصالح لكي تُبنى عليه الحكومة الجديدة. ولا بدّ هنا من التأكيد، انّ الأولوية هي لتأليف الحكومة دون أي تأثر بمداخلات تعطيلية، وبالتالي فإنّ لعبة الإحراج للإخراج، إن كانت في ذهن أحد، فهي بالتأكيد لا في زمانها ولا في مكانها، ولن يتأتى منها سوى تضييع الوقت لا أكثر».

 

إفتراق جوهري!

وإذا كان الرئيس المكلّف قد أبقى اللقاء المقبل مع رئيس الجمهورية دون ان يعيّن موعدًا محددًا لزيارته، فإنّ ذلك في رأي مصادر مسؤولة مواكبة لملف التأليف، مؤشّر إلى أنّ الامور ما زالت في حاجة إلى إنضاج، وقد لا تنضج بسهولة، بالنظر الى الافتراق الجوهري بين تشكيلة ميقاتي وملاحظات الرئيس عون التي تنسفها، علماً انّ الرئيس المكلّف اكّد انفتاحه على النقاش الجدّي في ملاحظات موضوعيّة على تشكيلته، وليس ملاحظات وتعديلات تعطى صفة الإلزام، تحت مسمّى «معايير» تحاكي فقط ما يريده طرف سياسي قدّم نفسه على انّه متعفّف لا يريد شيئًا، فيما هو يريد كلّ شيء ضمنًا».

 

هل تعطّل التأليف؟

وفيما بدا من أجواء لقاء الجمعة الماضي بين عون وميقاتي، انّ تأليف الحكومة بات مركونًا على «رفّ المعايير»، يقارب مرجع سياسي مسؤول ملف التأليف بتشاؤم بالغ، معيدًا ذلك إلى «توجّه بعض الأطراف إلى إدخال التأليف في بازار، وخنقه بمداخلات في صلاحيات الشريكين حصرًا في تأليف الحكومة، وباشتراطات تعطّل هذا الاستحقاق، وتعطّل معه البلد».

 

وقال المرجع لـ«الجمهورية»: «السقف الأبعد لتأليف الحكومة يجب الاّ يتجاوز عشرة ايام تلي التكليف، ومضي هذه الفترة بلا حكومة، يعني لا حكومة».

 

أضاف: «كلنا نرى حال البلد، والانهيار المتسارع فيه يبدو انّه لن يقف عند حدود، بمعنى أوضح «راح البلد». نبالغ كثيرًا إن قلنا انّ تأليف الحكومة سيقلب الميزان الداخلي ويخلق حلولًا فورية للأزمة ومصاعبها التي نعيشها، بل يؤمل منه ان يشكّل فرصة لولادة حكومة تبطئ الانحدار نحو الكارثة التي تنتظرنا، وتؤسس لإجراءات وخطوات تفرملها. وهو ما يستوجب بالحدّ الأدنى تنازلات متبادلة من اجل البلد قبل أي أمر آخر او أي اعتبارات ومعايير. الّا انّ المشكلة المستعصية تكمن في بعض الذهنيات المصرّة على ان تبقي نفسها محصورة ضمن نطاق مصالحها السياسية وحساباتها الحزبية، وهو الامر الذي يجعلنا ننعى إمكان تأليف حكومة في المدى المنظور».

 

الخطر الأكبر!

 

وإذا كانت ضرورات الأزمة توجب وجود حكومة تواجهها، إلّا انّ موجباً آخر يحتّم وجود حكومة قبل انتهاء ولاية رئيس الجمهوريّة في 31 تشرين الاول المقبل، وذلك تداركًا لعدم الوقوع في ما يصفه مرجع دستوري «الخطر الأكبر».

 

وأبلغ المرجع إلى «الجمهورية» قوله: «الوضع التنفيذي في لبنان، في ظل حكومة مستقيلة لا قدرة لها على الحكم واتخاذ القرارات، وفي غياب حكومة كاملة الصلاحيات، هو وضع شاذ يتطلب ضبطه في المسار الطبيعي عبر المبادرة السريعة إلى تأليف حكومة. وهذا الضّبط ممكن في هذه المرحلة مع وجود رئيس للجمهورية، ما يعني انّ الامور ما زالت تحت السيطرة، وثمة إمكانية متاحة لإصلاح هذا الوضع الشاذ، وبالتالي المطلوب عدم التراخي او التلكؤ في هذا الاتجاه».

 

ويحذّر المرجع عينه من «ان يعمّر الوضع الشاذ أكثر، وينسحب إلى ما بعد 31 تشرين الاول، على ان يصل الوضع في لبنان إلى لحظة يصطدم فيها الجميع بفقدان السيطرة على البلد»، ويقول: «الاستحقاق الرئاسي صار قاب قوسين او أدنى، والنص الدستوري يوجب انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية خلال مهلة الستين يومًا السابقة لانتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي، أي ما بين اول ايلول وآخر تشرين الاول المقبلين، وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات حول ما إذا كان الرئيس عون سيسلّم إلى رئيس جديد او إلى الفراغ».

 

ويلفت المرجع الى «انّ تسليم الرئيس عون الأمانة الرئاسية إلى رئيس جديد للجمهورية، يكون من حظ البلد، بحيث لا تعود هناك مشكلة، لأنّ مع وجود الرئيس الجديد تسهل إعادة انتظام الدولة والحياة السياسية في لبنان. الّا انّ انتهاء ولاية رئيس الجمهورية دون التمكّن من انتخاب رئيس جديد قبلها، يعني الوقوع في محظور يتهدّد مستقبل النظام السياسي القائم».

 

ويشير المرجع، إلى «انّ الدستور، وفي حالة شغور سدّة الرئاسة الاولى لأي سبب كان، ينيط صلاحيات رئيس الجمهورية بمجلس الوزراء مجتمعًا، وقصد المشترع في هذه الحالة حكومة كاملة الصلاحيات، وليس حكومة مستقيلة منزوعة الصلاحيات وتصرّف الاعمال في حدودها الضيّقة. وهذا الشغور إن حصل في حالة لبنان الراهنة، يشكّل من جهة، السابقة الأولى من نوعها التي يتزامن فيها استحقاق رئاسي مع حكومة تصريف أعمال لا تُجيّر لها الصلاحيات الرئاسية. ويعني من جهة ثانية انّ لبنان في هذه الحالة سيكون امام أمر واقع جديد عنوانه التعطيل الكامل وربما أزمة نظام: لا رئيس جمهورية، ولا رئيس مكلّف، حيث ينتهي التكليف مع نهاية ولاية رئيس الجمهورية، ولا حكومة تدير شؤون الدولة والناس، ومجلس النواب لا يستطيع ان يحلّ لا محلّ رئيس الجمهوريّة ولا محلّ السلطة الإجرائيّة اي الحكومة، يعني لا دولة، وساعتئذ يجب ان نتوقع احتمالات سلبية على كل المستويات».

 

ميقاتي يزور عودة

إلى ذلك، وفي سياق متصل بالتأليف، قام الرئيس المكلّف بزيارة إلى متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم الارثوذكس المطران الياس عودة، حيث قال ميقاتي بعد اللقاء: «تشرفت بلقاء صاحب السيادة، ومن الطبيعي عندما نلتقي أن نتحدث عن الأوضاع الراهنة، وقد تشاورت معه في كل الأمور. وقد نقل صاحب السيادة هواجس الناس وآلامهم خصوصًا في المواضيع الاستشفائية، والتربوية، والمعيشية، وقال إنّه يتحسس بها يوميًا، إضافة إلى موضوع مدخرات المواطنين اللبنانيين في المصارف. وشرحت بإسهاب كل هذه المواضيع، وأعتقد انّه كان مطمئنًا لأنّه بارك كل الأعمال».

 

وردًا على سؤال قال انّه سيزور الرئيس عون خلال هذين اليومين، مضيفًا: «طالما نعمل بصدق وانتماء ووطنية فبإذن الله سيكون الخلاص قريبًا».

 

أمل

في الإطار نفسه، وجّهت حركة «امل» دعوة الى اللبنانيين إلى «ضرورة الالتقاء على القواسم الوطنية والمشتركات التي تحفظ الوطن وتصون حقوقه في البحر والبر والجو، وإخراج عناصر منعتنا من سوق المزايدات والخلافات الطائفية و«الزواربيّة» الضيّقة.

 

واكّدت الحركة في بيان لمكتبها السياسي أمس «انّ احتياط لبنان من الوقت قد نفد، وعليه لم يعد من متسعٍ للنكد والحرد السياسي والتلكؤ بتشكيل حكومة جديدة تتحمّل المسؤولية الكاملة، وتعمل على متابعة القضايا الحياتية الضاغطة وتنفيذ آليات خطة نهوض اقتصادي ونقدي، بعد ما أطبقت الدوائر على اللبنانيين من كل اتجاه وفي القضايا الحياتية كافة. ومن جهة أخرى التشديد على معالجة الإضراب في القطاع العام وانعكاسه تعطيلاً لكل الدوائر ومؤسسات الدولة وأمور الناس في معاملاتهم ومصالحهم».

 

ومن جهة ثانية، شدّدت على «التمسّك بوحدة الموقف اللبناني تجاه قضية ترسيم الحدود البحرية وحماية ثرواته، والإصرار على الاستفادة الكاملة منها في مقابل المحاولات الإسرائيلية المستمرة للاعتداء عليها وتوظيف كل عناصر القوة من أجل هذا الأمر. وتجدّد الحركة المطالبة بالإسراع بالبدء في عمليات التنقيب في البلوك رقم 9، والضغط على الشركات الملتزمة بهذا الاتجاه، وتجاوز الضغوطات المعطلة لهذه العملية».

 

لبنان يتبرأ من المسيّرات

من جهة ثانية، وفي الوقت الذي دخل فيه موضوع إطلاق «حزب الله» لمجموعة من المسيّرات فوق حقل «كاريش» دائرة التفاعل، وخصوصًا من قِبل الجانب الاميركي الذي أرسل إشارات مباشرة إلى المسؤولين اللبنانيين تُدرج هذا العمل في خانة تعطيل الجهود الرامية إلى بلوغ تفاهمات بين الجانبين اللبناني والاسرائيلي على ترسيم الحدود البحرية، وكذلك من جانب العدو الاسرائيلي، الذي أتبع ارسال المسيّرات بسلسلة تهديدات في اتجاه لبنان، برز موقف لبنان الرسمي الذي بدا انّه يتبرأ من هذه المسيّرات، وجدّد تأكيده دعم جهود الوسيط الاميركي لبلوغ حل يحفظ حقوق لبنان.

 

وجاء ذلك بعد اجتماع عُقد امس في السرايا الحكومية بين الرئيس ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال عبدالله بو حبيب، الذي تلا بعد الاجتماع بيانًا مكتوبًا قال فيه: «انّ البحث تطرّق الى الوضع في الجنوب وموضوع المسيّرات الثلاث التي أُطلقت في محيط المنطقة البحرية المتنازع عليها، وما أثارته من ردود فعل عن جدوى هذه العملية التي جرت خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي، خصوصًا أنّ المفاوضات الجارية بمساعٍ من الوسيط الأميركي أموس هوكشتاين قد بلغت مراحل متقدّمة».

 

اضاف: «وفي هذا الاطار، فإنّ لبنان يجدّد دعمه مساعي الوسيط الأميركي للتوصل إلى حل يحفظ كامل الحقوق اللبنانية بوضوح تام، والمطالبة في الإسراع في وتيرة المفاوضات. كما أنّ لبنان يعوّل على استمرار المساعي الأميركية لدعمه وحفظ حقوقه في ثروته المائية، ولاستعادة عافيته الاقتصادية والاجتماعية».

 

ولفت إلى «انّ لبنان يعتبر أنّ اي عمل خارج إطار مسؤولية الدولة والسياق الديبلوماسي الذي تجري المفاوضات في اطاره، غير مقبول ويعرّضه لمخاطر هو في غنى عنها. من هنا نهيب بجميع الاطراف التحلّي بروح المسؤولية الوطنية العالية، والالتزام بما سبق وأُعلن بأنّ الجميع من دون استثناء هم وراء الدولة في عملية التفاوض. كما أنّ لبنان يجدّد المطالبة بوقف الانتهاكات الاسرائيلية المستمرة لسيادته بحرًا وبرًا وجوًا».

 

«القوات»

وفي بيان لدائرتها الاعلامية حول المسيّرات، أعلنت «القوات اللبنانية»، أنّه «من جديد يتبين أنّ «حزب الله» مصرّ على مصادرة القرار الاستراتيجي والأمني والعسكري للدولة اللبنانية، ممّا يضرب صدقية هذه الدولة أكثر مما هي مضروبة، ويضرّ بمصالح الشعب اللبناني، وكل ذلك خدمة لمصالح أخرى واستراتيجيات أخرى لا علاقة للبنان ومصالح الشعب اللبناني بها».

 

 

 

 

الجمهورية