مجلة وفاء wafaamagazine
أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أنّ “المشكلة الأولى الّتي يعاني منها لبنان هي المراوغة واللامبالاة المستمرّة بموضوع تشكيل الحكومة”، مشدّدًا على أنّ “عدم تسهيل تأليف حكومة جديدة، كاملة الصّلاحيات الدّستورية، هو عمل تخريبي”.
ولفت الراعي، في عظة الأحد من الدّيمان، إلى أنّ “ترك البلد بلا حكومة في نهاية عهد وعشيّة الاستحقاق الرّئاسي، يؤدّي حتمًا إلى إضعاف الصّفة التّمثيليّة للشّرعيّة اللّبنانيّة كجهة مفاوضة مع المجتمع الدولي، فتبقى قوى الأمر الواقع تتحكّم بمصير لبنان”، مشيرًا إلى أنّ “من شأن ذلك أن يزيد انهيار الدّولة وغضب المواطنين، كما من شأنه أن يجعل صراعات المنطقة تتمّ على حسابات لبنان”.
وأعلن “أنّنا نرفض مع شعبنا، التّلاعب باستحقاق رئاسة الجمهورية. نتمسّك بضرورة احترام هذا الاستحقاق بوقته الدّستوري، وندعو لانتخاب رئيس متمرّس سياسيًّا وصاحب خبرة ومحترم وشجاع ومتجرّد، أن يكون رجل دولة حياديًّا في نزاهته، وملتزمًا في وطنيّته، ويكون فوق الاصطفافات والمحاور والأحزاب ولا يشكّل تحدّيًا لأحد”.
ورأى أنّ “هناك الكثير ممّن يتمتّعون بهذه الصّفات، يكفي أن نبحث”، مبيّنًا أنّ “ظروف البلاد تقتضي أن يتمّ انتخاب رئيس الجمهوريّة الجديد في بداية المهلة الدّستوريّة لا في نهايتها، كي يطمئنّ الشعب وتستكين النّفوس وتنتعش الآمال”.
وأوضح الراعي أنّ “المشكلة الثّانية هي متابعة المفاوضات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، ويتمكّن لبنان من استخراج الثّروات النّفطيّة والغازيّة الموعودة، من دون أي انتقاص من حقوقنا الواضحة”، مركّزًا على أنّ “نجاح هذه المفاوضات يتوقّف أساسًا على متانة وحدة الموقف اللّبناني وراء الشّرعيّة، وعلى عدم التّشويش عليها وتعريضها للفشل في ظرف دقيق للغاية”.
وأضاف “لا تستطيع الدولة أن تفاوض وآخرون يمتحنون المفاوضات عسكرياً. فرغم التطمينات الدولية التي تردنا، لا أحد يستطيع التنبؤ بما إذا كانت المنطقة عشية أحداث عسكرية أو سلمية، لكنها بالتأكيد عشية تطورات معينة. لذلك تقتضي مصلحة لبنان العليا تحييد ملف المفاوضات الحدودية عن اللعبة السياسية والاستحقاقات الداخلية والصراعات الإقليمية، إذ حان الوقت ليلتف جميع الأطراف حول مصلحة لبنان”.
وأشار الراعي إلى أن “المشكلة الثالثة، الطاقة الكهربائية، ومن الممكن تأمين إنتاج حتى عشر ساعات يوميا، قبل إنشاء معامل للإنتاج، كما نعرف من أوساط الوزارة المعنية. وهذا يقتضي ثلاثة: تأمين الفيول وبخاصة من مصر والجزائر، رفع التعرفة بما يتناسب مع الكلفة والجباية الصحيحة والشاملة. كل ذلك يحتاج إلى توافق سياسي ودعم من جميع الأطراف وبخاصة من أجل ضمانة الجباية الشاملة وعدالة التوزيع”.
وختم: “من مدعاة الرجاء والفرح أن يأتي اللبنانيون من سائر بلدان الانتشار وبأعداد كبيرة لتمضية فصل الصيف في ربوع لبنان رغم الحال الدقيقة التي يمر فيها وطننا ورغم معوقات الحياة اليومية. وهذا يدل على تعلق الشعب بوطنه في جميع الظروف الحلوة والسيئة. فنأمل أن موجة الهجرة الأخيرة ستكون مؤقتة ويعود المهاجرون الجدد إلى لبنان ما أن تتحسن الأحوال الاقتصادية ويطل قريبا فجر وطني جديد. أجل، لا بد للفجر من أن يبزغ على هذا الشعب الصابر والصامد والمتوثب لإعادة بناء وطنه. أجل، سيستعيد لبنان شمسه، وهو الذي كنا نقول عنه في ما مضى أن الشمس لا تغيب عنه بحكم انتشار بنيه في مختلف قارات الكون”.