الرئيسية / آخر الأخبار / “الدولة” تفاوض مجتمعة وهوكشتاين يواصل مكّوكيته

“الدولة” تفاوض مجتمعة وهوكشتاين يواصل مكّوكيته

مجلة وفاء wafaamagazine

كتبت صحيفة “النهار”

نسائم إيجابيات تجمعت امس، في عيد الجيش اللبناني، لطفت حرارة التوهج الداخلي والتأزم السياسي الخانق الذي حال دون تشكيل حكومة جديدة، وتسبب بقطيعة بين اهل السلطة. واذا كان مشهد الفياضية الذي عاد معه احتفال تقليد الضباط الجدد السيوف بعد انقطاع املته جائحة كورونا، كسر معه القطيعة بين اركان الحكم وابرز صورة الرؤساء الثلاثة في الملعب الأخضر للكلية الحربية، فان التطور الأبرز الذي اتجهت اليه الأنظار واثار الاهتمامات الداخلية والخارجية، تمثل في تطورات ملف الترسيم البحري الذي ابرز ايضا لقاء موسعا نادرا في قصر بعبدا اظهر للمرة الأولى بهذه الصورة “الدولة” تفاوض الوسيط الأميركي في مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل آموس هوكشتاين حول تطورات مهمته.

وبدا واضحا ان اجتماع الرؤساء الثلاثة في بعبدا مع الوسيط الأميركي، اُريد منه ان يعكس موقفا موحدا للبنان الرسمي من هذا الملف الاساسي، بعدما اشتكى الوسيط نفسه تكرارا من عدم وحدة موقف لبنان وسماعه اراء مختلفة من المسؤولين، كما يفترض ان يحصر الموقف باركان الدولة بعدما حاول مصادرته “حزب الله”. واتخذت المعلومات التي سربت مساء امس عن عرض إسرائيلي نقله هوكشتاين قوبل برفض الجانب اللبناني، والاتفاق في المقابل على المضي في المفاوضات من خلال عودة هوكشتاين الى بيروت بعد مراجعة إسرائيل، دلالات متناقضة مع الأجواء الإيجابية التي كانت عممت عقب الاجتماع. لكن يبدو ان ثمة أمورا لم تكشف وجرى التوافق على ابقائها قيد السرية هي التي تقف وراء إصرار المسؤولين القريبين من رئيس الجمهورية على وصف الأجواء بالايجابية، علما ان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب ذهب الى الحديث عن “تقدم هائل”.

وقد اجتمع رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري وحكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، قبل ان يصل هوكشتاين وسفيرة الولايات المتحدة الاميركية في لبنان دوروثي شيا والوفد المرافق، الى القصر، حيث عُقد اجتماع موسع شارك فيه ايضا نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب والمدير العام للامن العام اللواء عباس إبرهيم .

وبعد الاجتماع الذي استمر ساعة والذي بدا من مواقف من شاركوا فيه انه كان “ايجابيا”، خرج هوكشتاين وقال انه “ممتنّ للرئيس لأنه دعا لهذا الاجتماع في حضور الرؤساء وإنه لا يزال متفائلاً بإحراز تقدم نحو اتفاق ويتطلع للعودة إلى المنطقة للتوصل إلى “ترتيب نهائي”. واكتسب تعبير “ترتيب نهائي” دلالات استوقفت المراقبين المعنيين اذ بدا واضحا ان الوسيط الأميركي الذي يعتمد مكوكية تصاعدية في مهمته، وابلغ المجتمعين في بعبدا انه سيعود قريبا الى بيروت، اظهر تصميما جازما في المضي قدما في هذه المكوكية سعيا الى التوصل لتسوية لملف الترسيم ولو من دون الإعلان بعد عن معاودة المفاوضات في الناقورة .
ومعلوم ان هوكشتاين وصل إلى بيروت الاحد حاملاً طرحاً جديداً إلى المسؤولين اللبنانيين، ينظرون إليه على أنه “خطوة إيجابية تسهم في دفع ملف ترسيم الحدود مع إسرائيل قدماً، بما يتيح للبنان التنقيب عن ثرواته البحرية”.

وأشارت مصادر رسمية إلى أن هوكشتاين أبلغ لبنان امس بعرض إسرائيلي لترسيم الحدود البحرية بمسار يعتمد الخط 23.

وأضافت المصادر ان المقترح ينطلق من إحداثيات الخط 23 وينحرف شمالا وصولا إلى خط الوسط بين لبنان وقبرص” مشيراً إلى أن المقترح الاسرائيلي يمنح لبنان كل حقل قانا مقابل حصول تل أبيب على مساحة شمال الخط 23 مع اجزاء من البلوك رقم 8 . وأفادت معلومات إعلامية مساء ان هذا المقترح رفضه رئيس الجمهورية ومعه رئيسا المجلس والحكومة واصروا على عدم التنازل عن أي من حقوق لبنان في الحقول والبلوكات، وعندها اقترح هوكشتاين ان يعود الى إسرائيل لابلاغها الموقف اللبناني وان يعود الى بيروت لاكمال المفاوضات بوتيرة سريعة وان الجانب اللبناني وافق على ذلك .

وفي تصريح تلفزيوني لاحقا رأى هوكشتاين أن جلسة امس “كانت مهمة وتمكنا من مقابلة الرؤساء الثلاثة وهناك طرف آخر في هذا الأمر لذلك لم نكن جميعًا في الغرفة نفسها” مؤكداً انه “علينا أن نناقش مع الطرف الآخر أيضًا”.

واعتبر هوكشتاين أن “الأجواء خلال الأسابيع القليلة الماضية وعند كلا الطرفين تدل على استعداد لأخذ المفاوضات على محمل الجد لمعالجة القضايا مباشرة وأتمنى ان نتمكن من تضييق الفجوات”. وقال: “أعتقد أننا قمنا بتضييق الفجوات قبل أن نصل إلى هنا وأننا حققنا بعض التقدم اليوم وآمل أن نتمكن من الاستمرار في تحقيق هذا النوع من التقدم”. وعن اتهام بري الولايات المتحدة بالتدخل في عمل شركة توتال والبلوك رقم 9، أجاب: “أنا متأكد من أن شركة توتال يمكنها اتخاذ قرارات بشأن مكان الحفر بدون الولايات المتحدة أو بدون أن يخبرها أحد بما يجب عليها القيام به فهي شركة خاصة. لا نقول لأحد أين يجب أن يقوم بالحفر أو أين لا يقوم به”.

أما عن التهديدات المتعددة التي وجهها “حزب الله” أخيراً، فقال هوكشتاين: “أعتقد أن الولايات المتحدة كانت واضحة جدًا بأن الطريقة الوحيدة للتوصل إلى حل لهذا النزاع الطويل الأمد سيكون من خلال طاولة المفاوضات ومن خلال الديبلوماسية”.

بو صعب وبو حبيب
واضفى نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب عقب الاجتماع الموسع في بعبدا أجواء مريحة اذ قال ان “الأجواء إيجابية والجميع خرجوا مرتاحين من اللقاء ولم يطرح هوكشتاين علينا تقاسم الثروات او الارباح او البلوكات مع العدو، ولبنان جدد المطالب ببلوكاته كاملةً ولم يطلب منا أحد قضم البلوكات وتمديد الانابيب”. واعتبر ان “الفجوة ضاقت والفترة الزمنية التي تفصلنا عن عودة هوكشتاين مع جواب إلى بيروت ستكون قصيرة”. وراوحت التعليقات الشديدة الاقتضاب لكل من بري وميقاتي واللواء ابرهيم بين “الاجواء إيجابية” “وكلو منيح ان شاء الله”.

وبعد بعبدا التقى هوكشتاين في الخارجية الوزير عبدالله بوحبيب الذي قال ان “الموقف اللبناني موحد بشكلٍ كبير وقد لاحظ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين هذا الأمر”. وقال:” هناك تقدم هائل والمفاوضات مستمرة ولم تنته بعد وننتظر ردة الفعل الإسرائيلية”.

الدولة في الفياضية
اما في المشهد الداخلي فاحيت المؤسسة العسكرية امس العيد الـ77 للجيش في الكلية الحربية في حضور الرؤساء عون وبري وميقاتي. وألقى عون كلمة حضر فيها الشأنان الرئاسي والحكومي وملف الترسيم ايضا فقال “نؤكد حرصنا على حقوقنا في مياهنا الإقليمية وثرواتنا الطبيعية، وهي حقوق لا يمكن التساهل فيها تحت أي اعتبار، المفاوضات غير المباشرة الجارية لترسيم الحدود الجنوبية البحرية، هدفها الأول والأخير الحفاظ على حقوق لبنان، والوصول من خلال التعاون مع الوسيط الأميركي، الى خواتيم تصون حقوقنا وثرواتنا ، وتحقق فور انتهاء المفاوضات فرصة لاعادة انتعاش الوضع الاقتصادي في البلاد”. اضاف “اني من موقعي، وانعكاساً لتحملي لمسؤولياتي الدستورية، أجدد التأكيد انني، وكما التزمت اجراء الانتخابات النيابية، سأعمل بكل ما اوتيت من قوة، من اجل توفير الظروف المؤاتية لانتخاب رئيس جديد يواصل مسيرة الإصلاح الشاقة التي بدأناها وهذا الإنجاز الوطني لا يتحقق الا اذا تحمل مجلس النواب الجديد، رئيسا واعضاءً، مسؤولياته في اختيار من يجد فيه اللبنانيون الشخصية والمواصفات الملائمة لتحمل هذه المسؤولية”. وأمل “الا يكون مصير الانتخابات الرئاسية مماثلا لمصير تشكيل الحكومة الجديدة، التي لم تتوافر لها حتى الساعة المقومات والمعايير الضرورية، لتكون حكومة فاعلة وقادرة على القيام بمسؤولياتها حاضرا ومستقبلا”. واعتبر ان “عدم تشكيل الحكومة، يعرض البلاد الى مزيد من الخضات، ويعمق الصعوبات الاقتصادية والمالية. ومسؤولية المعنيين أساسية في منع تعريض البلاد الى مزيد من التدهور والترهل”.

في بكركي
في جانب سياسي بارز اخر قام امس الرئيس فؤاد السنيورة على رأس وفد بزيارة ، البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قبل في بكركي. وضم الوفد الوزراء السابقين خالد قباني، احمد فتفت وحسن منيمنة والنائبين السابقين عمار حوري ومصطفى علوش ومحمد السماك.

وأشاد السنيورة بعد اللقاء “بخطاب البطريرك وخطاب سائر الوطنيين اللبنانيين لجهة حرصه العميق على الدستور ووثيقة الوفاق الوطني ونحن بحاجة ماسة للدور الذي تقوم به بكركي ودار الفتوى وسائر المرجعيات الدينية للتشبث باحترام الدستور”. وقال من بكركي “ندعم المسار الوطني الذي يمضي فيه البطريرك الراعي ولدينا عدد من القضايا العاجلة التي لا تحتمل التأجيل لا سيما في ظل الانهيارات”. وتابع “ثوابتنا الوطنية قائمة وواضحة وهي الدستور واتفاق الطائف واسترجاع الدولة اللبنانية المخطوفة في دورها وسلطتها على كامل الأراضي اللبنانية وقرارها الحر”. وأضاف “انتخاب رئيس الجمهورية قرار وطني وعلى الجميع أن يستخلص النتائج التي عانينا منها على مدى الـ6 سنوات الماضية”.