الأخبار
الرئيسية / آخر الأخبار / بنك عوده.. بلطجة وسلبطة.. تحذيرات من فوضى مالية.. ومخاوف من حرب

بنك عوده.. بلطجة وسلبطة.. تحذيرات من فوضى مالية.. ومخاوف من حرب

مجلة وفاء wafaamagazine

المشهد الداخلي ثابت في مربّع الجمود، والنشاط الرسمي لا يعدو أكثر من محاولة لملء الوقت باستقبالات ولقاءات روتينية. فيما الحركة السياسية وإن كانت توحي بأنها متأهبة للاستحقاق الرئاسي عبر محاولات لجمع قوى سياسية ونيابية في إطار معيّن يشكّل عامل ضغط على باب هذا الاستحقاق، او لقاءات لكسر الجليد بين الاضداد على ما حصل بين الحزب التقدمي الاشتراكي و«حزب الله»، الّا انها في عمقها حركة تدور حول نفسها، لا تمتلك حتى الآن ما يبدّد الغموض الطاغي على هذا الاستحقاق والوجهة التي سيسلمها بدءاً من اول الشهر المقبل، الذي يشكّل بداية المهلة الدستورية ما بين أول ايلول وآخر تشرين الاول المقبلَين لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية.

في موازاة هذا الوضع، الذي يبدو جلياً انه سيطبع الواقع الداخلي، أقله حتى موعد الاستحقاق الرئاسي، تحرّك المشهد الداخلي في الساعات الأخيرة على وقع محاولة المودع بسّام الشيخ حسين استرداد امواله من مصرف «فيدرال بنك»، والذي لم ينته فصولاً بعد، إثر توقيف الشيخ حسين.

 

وبصرف النظر عما اذا كان يحقّ للشيخ حسين القيام بما قام به لاسترداد وديعته المحجوزة في المصرف المذكور او لا يحق له بذلك، وبصرف النظر عما اذا كان هذا المودع مخطئاً في ما قام به او ضحية قادَته ضروراته الى محاولة استرداد حقه بالقوة، الا انه قبل كل شيء يجب النظر الى «الاشباح» التي سَطت على اموال المودعين، سواء لبست وجها سياسيا او اقتصاديا او ماليا او مصرفيا، وبالتالي محاسبتها وعدم تركها فالتة من العقاب.

 

على انّ الثابت بالدليل القاطع لدى كل مودع مسروق، انّ رأس الافعى في عملية اللصوصية هذه والسرقة لأموال المودعين، هي المصارف، التي باتت ميليشيات بامتياز، أسوأ من ميليشيات الحرب لا رادع إنسانياً او أخلاقياً لها، تتحكّم بحقوق اللبنانيين بلصوصية وقحة فاجرة على عينك يا تاجر. ولا من يحاسبها.

 

بلطجة.. وسلبطة

 

امام هذا الواقع الكريه، لم يعد التعامل مع بعض المصارف في لبنان يخضع لمعايير المنطق أو العقل او القانون أو حتى الاخلاق. واذا كان المودع قد وصل الى مرحلة من اليأس تدفعه الى أعمال انتحارية من اجل تحصيل ولو جزء يسير من حقوقه، فإنّ ادارات بعض المصارف لا تعتبر، بل تتصرّف وكأنها اصبحت خارج سياق أي قانون او محاسبة.

 

هذه الفوضى تدفع الى ان يتخذ كل مصرف، بل كل فرع في المصرف، ما يناسبه من قرارات، من دون الأخذ في الاعتبار أو مراعاة القانون ولا الزبون.

 

هذه المعاناة يمكن اختبارها بوضوح في طريقة تعاطي «بنك عوده» مع زبائنه، حيث باشر عملية تصفية لحسابات التوطين لديه، مع عِلمه المُسبق بأنّ مثل هذه الخطوة سوف تؤذي الموظف والمؤسسة التي يعمل فيها. ولا تأخذ ادارة المصرف في الاعتبار سنوات التعاون مع المؤسسة ومع موظفيها، اذ انّ تشويه السمعة لم يعد ضمن اولوياتها، ولم تعد تهتمّ لا لسمعتها ولا لأخلاقيات العمل، ولا للقوانين المرعية الاجراء.

 

وكان بنك عوده قد بدأ عملية «التعدي» على زبائنه من خلال فرض «خوّة» على تحويل الرواتب الى الموظفين، اذ انه لم يكن يقبل بتسليم الموظفين رواتبهم، او بالأحرى جزءا منها، ما لم يحسم نسبة مئوية كبيرة من المال من دون اي مسوّغ قانوني، بل فقط لأنه يعتبر نفسه فوق القانون وفوق المحاسبة.

 

ولا يكتفي بنك عودة بذلك، بل يفرض البلطجة على اموال الفريش دولار ايضاً، اذ انه يُخضع عملية دفع الدولار الفريش الى أصحابه لمزاجية رئيس مجلس ادارته الذي يُفتي بدفع حوالات الفريش، او عدم دفعها، وتأجيل السداد بلا اي تبرير مُقنع.

 

ما يقوم به بنك عوده مع المؤسسات العاملة في لبنان، والتي لا تزال تكافح رغم الأزمة، هو بمثابة خيانة تُسهِم في ضرب ما تبقى من اقتصاد قائم. ولا بد لأجهزة الرقابة من ان تتحرّك لوضع حد نهائي لهذه السلبطة، لأنّ عواقب استمرار مثل هذه التصرفات ستكون وخيمة على الجميع.

 

توقيف المودع

 

الى ذلك، فإنّ ما قام به الشيخ حسين لاسترداد امواله المحجوزة في مصرف «فدرال بنك»، سواء أكان محقا او مخطئا، أعاد طرح قضية المودعين في أذهان جميع المعنيين، لا سيما ما تبقّى من السلطة، وأكّد انّ هذا الملف بات يشكل جمرا ونارا قابلين للاشتعال، خصوصا في ظل الحديث في كل الاوساط الشعبية والسياسية كما في اوساط المودعين والمصارف وعلى مستوى السلطة بأنّ ما قام به الشيخ حسين ليس العملية الأخيرة، بل قد تليها حالات مماثلة طالما انّ اموال المودعين مسلوبة ومحرومة على اصحابها.

 

جديد القضية

 

وقد أفيد امس انّ القوى الامنية اوقفت المودع بسام الشيخ حسين على خلفية ما قام به في مصرف «فدرال بنك»، بناء على اشارة صدرت ليل امس الاول عن المحامي العام التمييزي في بيروت القاضي غسان خوري. وتَبع ذلك تحرّك احتجاجي قام به ذوو سليم بقطع الطريق امام محطة سليم في محلة الاوزاعي.

 

ونقل عن عاطف الشيخ حسين (شقيق بسام الشيخ حسين) قوله انّ شقيقه كان قد خرج من المصرف يوم الخميس بناء على اتفاق أن يذهب إلى لقاء يحضر فيه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام المولوي ورئيس شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي العميد خالد حمود. وقد تمّ هذا الاتفاق مع الضباط الذين كانوا يتفاوضون معه، حيث كان من المفترض أن يقود إلى إنتهاء التحقيق معه خلال ساعة واحدة.

 

وأشار الى أنه عند الحضور إلى هذا اللقاء لم يكن مولوي موجوداً، حيث بدأ التحقيق مع شقيقه قبل أن يطلب منه المغادرة لبعض الوقت على أساس أن يتم ختم التحقيق، ليتبيّن بعد ذلك أن القوى الأمنية بدأت في التوسّع بالتحقيق ولم يعد مسموحاً له بالعودة، مشيراً إلى أن ليس لديه أي معلومات حول ما إذا كانت إدارة مصرف «فدرال بنك» قد قررت الإدعاء أم لا.

 

ورداً على سؤال، كشفَ الشيخ حسين أنه في حال عدم الإفراج عن شقيقه فإن العائلة قد تعود إلى التحرك في الشارع، بعد أن كانت قد أقدمت على قطع طريق الأوزاعي صباحاً لبعض الوقت.

 

جمعية المودعين

 

من جهته، أكد رئيس جمعية المودعين حسن مغنية انّ «المحامي العام التمييزي في بيروت القاضي غسان خوري أعطى اشارة قضائية ليلاً بتوقيف المودع بسام الشيخ حسين»، معتبرًا أنه «بإمكان القاضي اخلاء سبيله اليوم بسند إقامة، ولكن كما نعلم في مثل هذه القضايا تتدخل السياسة ويبدو أن هناك من يريد تحويل الموضوع الى «فَركة اذن» لبسام كي لا تتكرر مثل هذه الحوادث».

 

 

وكشف مغنية أن «المصرف المعني والموظفين ليسوا بصدد تقديم دعوى شخصية بحق بسام الشيخ حسين، وبالتالي يبقى الحق العام، وطالما لم يتضرر اي شخص يجب فإنه إطلاق سراحه».

 

وذكّر مغنية أنه «بتاريخ 18 تموز عقدنا كجمعية مودعين مؤتمرا صحافيا وحذّرنا من وصول المودعين الى مرحلة أخذ الحقوق بالقوة، وللأسف لم يتجاوب أحد»، معتبرًا أن «بسام الشيخ حسين ليس الأول وحتماً لن يكون الأخير ما لم يحل موضوع المودعين بشكل جذري».

 

الكرة في ملعب الحكومة

 

من جهة ثانية، وفيما بات مؤكداً ان المجلس النيابي سيعقد جلسة تشريعية في وقت قريب لدرس وإقرار مجموعة من البنود المرتبطة بعملية الاصلاح، والتي تشكّل في معظمها استجابة لمتطلبات صندوق النقد الدولي، اكدت مصادر في لجنة المال والموازنة لـ«الجمهورية» انّ اللجنة بصدد إنجاز بعض المشاريع ذات الصلة، فيما التركيز الاساس يبقى على انجاز مشروع موازنة العام 2022، والتي يتوقع ان تُنجَز في القريب العاجل، لا سيما انّ اللجنة بصدد عقد جلسات متتالية لإقرار ما تبقّى من بنود في المشروع، والاساس فيها ما يتعلق بسعر الصرف الذي ستعدّ ارقام الموازنة على أساسه، مع الاشارة الى ان التوجّه العام في اللجنة هو لضبط هذا السعر، وعدم الموافقة على أي سعر بدل ان يحلّ الازمة، يُفاقمها أكثر، ويتسبب بأعباء وضغوطات كبرى على المواطنين.

 

واذ اشارت المصادر الى انّ اللجنة تقوم بما عليها على صعيد البَت بالمشاريع المالية او تلك المرتبطة بعملية الاصلاح، اكدت انّ الكرة في النهاية تبقى في ملعب الحكومة، فإقرار الموازنة امر شديد الاهمية، الا انه وحده ليس كافياً، اذ انّ المطلوب من الحكومة، حتى ولو كانت في حال تصريف اعمال، أن توفي بوعدها لناحيتين، أولاً لناحية ارسال مشروع كامل متكامل لـ»الكابيتال كونترول»، ونحن نعلم ان صندوق النقد الدولي يربط الاتفاق النهائي مع لبنان بإقرار الكابيتال كونترول، فلماذا تتأخر فيه الحكومة حتى اليوم؟ اما الامر الثاني فهو خطة التعافي الحكومي، ونحن نسأل اين هي ولماذا تتجاهلها الحكومة في الوقت الذي لا يترك فيه المسؤولون فيها مناسبة الّا ويؤكدون عليها؟.

 

وخلصت المصادر الى القول: طالما ان لا إقرار لـ»الكابيتال كونترول» ولخطة التعافي، فلا أمل يُرجى للاقتصاد في لبنان، بل الاستمرار في المنحى الانحداري الذي سيؤدي الى الافلاس الكامل والدولة الفاشلة، ان لم تُسارع الحكومة الى اتخاذ ما يلزم من خطوات واجراءات، والتي يقع في صدارتها إنجاز هذين الامرين عاجلاً.

 

الدولار يقفز

 

اللافت في هذا السياق انّ الدولار عاد الى التحرّك صعوداً خلال اليومين الماضيين وقفز الى ما فوق الـ32 الف ليرة، فيما أعربَ خبير اقتصادي عبر «الجمهورية» عن مخاوف جدية من فوضى خطيرة جدا قد يدخل فيها الدولار في اي لحظة، طالما ان لا ضوابط موضوعة له، وطالما انّ التحكّم بهذا الامر هو بيد عصابات السوق السوداء.

 

مفترق طرق

 

ولفت في هذا السياق ما أعلنه نائب رئيس حكومة نصريف الاعمال سعادة الشامي، في بيان امس، عن «انّ لبنان يقف الآن على مفترق طرق ويبرز مساران لا ثالث لهما، الأول الاعتراف بالواقع وبالأزمات العميقة التي نعانيها، والتعامل معها وجهاً لوجه مما يعني اتخاذ الإجراءات المطلوبة والقيام بالإصلاحات الضرورية والملحّة، والتي تضع البلد على السكة الصحيحة؛ أو ترك الأمور على ما هي عليه واستمرار حالة الإنكار عند البعض. وهذا الأمر لن يُبقينا حيث نحن الآن، بل سيدفع بالبلاد إلى المزيد من الانزلاق إلى الهاوية».

 

وقال: «إن التقاعس عن القيام بما يجب القيام به ليس خيارًا بالنسبة لنا، ولم تعد مسألة شراء الوقت التي اتسَمت بها معظم السياسات المالية والنقدية على مدار السنوات الماضية ممكنة لأن الوقت أصبح نادرًا جدًا، وبالتالي ذا قيمة جد مرتفعة. لن ينقذنا أحد إذا لم نحاول إنقاذ أنفسنا. إن مشاكلنا كبيرة لدرجة أن القليل من المساعدة من الأصدقاء المتبقّين لنا في العالم لن يؤتي بالنتائج المرجوّة. مشاكلنا أكبر من أن ينقذنا الآخرون، ولكن مع اتخاذ الإجراءات الصحيحة وبمساعدة المجتمع الدولي يمكننا أن نخطو أولى الخطوات على طريق التعافي. إنّ أي تأخير في المضي بالإصلاحات لن يؤدي إلى زيادة حدة الأزمة فحسب بل سيزيد من الوقت اللازم للخروج منها».

 

الترسيم: مخاوف

 

من جهة ثانية، وعلى الرغم من إعلان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب انّ الترسيم قد تأخر بالفعل جرّاء الاحداث الاخيرة في غزة، الا انّ المخاوف ما زالت قائمة من تطورات محتملة في ايلول المقبل ربطاً بالاعلان الاسرائيلي عن بدء استخراج الغاز من حقل كاريش.

 

وجديد المواقف في هذا السياق، ما كتبه نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، في تغريدة على حسابه عبر «تويتر» امس: «نحن معنيون بأن يحصل لبنان على حقوقه في المهلة المحددة، ولسنا معنيين بظروف الحكومة الإسرائيلية والانتخابات في الكيان، و»حزب الله» قوة داعمة للدولة لاسترجاع الحقوق بالترسيم والحفر والاستخراج من دون تسويف أو مماطلة».

 

ويبرز في السياق، ما نَشره الاعلام الاسرائيلي عن مخاوف اسرائيلية متزايدة من مواجهة مع «حزب الله» باتت تلوحُ في الأفق بشكل كبير وضاغط.

 

وأفاد تقرير نشره موقع «ديبكا» الاسرائيلي أنه «بعدما خمدَ الحديث بشأن الحرب التي اندلعت في غزة بين الجيش الإسرائيلي وحركة الجهاد الإسلامي، يُواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد ووزير الدفاع بيني غانتس مواجهة أمنية قادمة، وهي أكثر خطورة وأكبر بكثير من تلك المواجهة التي شهدتها غزّة».

 

ولفت الموقع إلى أنه «على غانتس ولابيد أن يقرّرا الموعد المرتبط باستخراج الغاز من حقل كاريش البحري»، معتبراً أنّ «الوقت قصير جداً، إذ أنه خلال شهر أيلول المقبل، سيكون من الممكن تشغيل المنصة وضَخ الغاز منها».

 

مع هذا، فقد لفت «ديبكا» إلى أنّ الأنظار تتجه إلى تهديدات «حزب الله» الذي أعلن أمينه العام السيد حسن نصرالله أنه «في حال بدأت إسرائيل بضخّ الغاز، فإنّ الحزب لن يهاجم منصة كاريش فحسب، بل إنّ كل حفارات وحقول الغاز والنفط في إسرائيل ستكون تحت الاستهداف».

 

وسلّط الموقع الإسرائيلي الضوء على كلام نصرالله، الثلاثاء الماضي، خلال المسيرة العاشورائية المركزية في الضاحية الجنوبية لبيروت، إذ أكد حينها أنّ «لبنان لن يتسامَح مع سرقة كنوزه الطبيعية». وأضاف: «نحنُ على استعداد لكل الاحتمالات، ولبنان لن يتسامح مع نهب ثرواته الطبيعية، ولا يهددنا أحد».

 

ووفقاً لـ«ديبكا»، فإنّ كلام نصرالله يجب أن يُؤخذ على محمل الجد، معتبراً أن «الأمين العام لـ«حزب الله» لا يُهدد بشن حرب شاملة، ولكن من شأنه أن يَنسف عمل منصة الغاز في كاريش». وأضاف: «بإمكان نصرالله أن يأمرَ بإطلاق صواريخ على منصات الحفر ومهاجمتها بطائرات من دون طيّار، كما أن بإمكانه إرسال قوات كوموندوس خاصّة بـ»حزب الله» باتجاه منصات الغاز، من خلال استخدام غواصات صغيرة مصنوعة في إيران».

 

وذكر الموقع أنه «أمام مثل هذه التطورات التي قد تحصل الشهر المقبل، فإنّ لابيد وغانتس سيواجهان قراراً بشأن كيفية الرد على هجمات «حزب الله» من دون دفع إسرائيل والمنطقة إلى حرب شاملة»، لافتاً إلى أنّ «كل جهود الوساطة الأميركية التي قامت بها واشنطن بين لبنان وإسرائيل لم تُثمر حتى الآن».

 

 

 

 

الجمهورية