مجلة وفاء wafaamagazine
لم يكتب لافتتاح موسم كرة قدم 2022-2023 أن تكتمل، فتم إلغاء مباراة الكأس السوبر بين النجمة والعهد في بحمدون، بعد اقتحام جمهور النجمة للملعب وتحطيمه البوابة الرئيسية والدخول بأعداد تفوق ما تم تحديده (400 مشجع لكل ناد) ما أدى إلى استحالة إقامة المباراة لأسباب أمنية. حادثة مؤسفة قبل أسبوع على انطلاق الدوري تطرح سؤالاً رئيسياً حول جاهزية الملاعب في لبنان، فأين هي المشكلة بالتحديد؟
تعتبر الكأس السوبر شارة الانطلاق لأي موسم كروي. هي مباراة رسمية ولقبها رسمي، لكنها في مكان أيضاً احتفالية بكل ما للكلمة من معنى. احتفالية بانطلاق موسم جديد تكون الأندية فيه قد بذلت كل جهودها لكي تكون على مستوى الحدث وعند طموحات جمهورها. بالنسبة للاتحاد المعني هي كذلك فرصة لرفع القيمة المالية والتسويقية للعبته ما يسمح له بالحصول على عائدات أعلى، سواء من النقل التلفزيوني أو الإعلانات. بالتالي من المستحيل أن يكون هناك اتحاد عاقل يسعى إلى عدم إقامة مبارياته على ملاعب مناسبة. في لبنان لا تختلف الحال عن بقية البلدان سوى أن الواقع لا يساعد.
في لبنان لم تُقم الكأس السوبر لأسباب أمنية بعد أحداث شهدها ملعب بحمدون قبل المباراة بساعتين إلا رُبعاً، بعد اقتحام جمهور النجمة للملعب وجلوسه في المدرج المخصص له ليمتلئ عن بكرة أبيه. ليس هناك خلاف حول أحقية الجمهور بأن يشاهد مباراة فريقه، لكن هذا الحق يصبح قائماً حين يكون الملعب مجهزاً لذلك.
لكن ملعب بحمدون لا تتسع مدرجاته سوى لبضع مئات، وتشيده الهندسي يضع مدرجي الفريقين في جهة واحدة بمدخل واحد وباحة خلفية مشتركة. هذا يجعل من الاستحالة إقامة مباراة تنافسية بين جمهورين متنافسين على هذا الملعب. هنا يبرز سؤال رئيسي: لماذا جَدوَل الاتحاد المباراة على ملعب بحمدون؟ الجواب من المعنيين وبكل بساطة، أنه لا يوجد ملعب آخر متاح.
إذا استعرضنا ملاعب لبنان من الشمال إلى الجنوب نجد عدم إمكانية إقامة المباراة إلا على ملعب بحمدون لأسباب مختلفة تتعلق بكل ملعب.
الانطلاقة من الشمال، وتحديداً من ملعب طرابلس حيث لا يمكن لفريق العهد اللعب عليه لأسباب أمنية، وبقرار خارج عن إرادة القيمين على اللعبة. أما بالنسبة لملعب جونيه فالقرار فيه يعود إلى البلدية التي أبلغت الاتحاد بعدم إمكانية استضافة أي مباراة قبل 30 آب الجاري لانشغاله بمهرجانات جونيه الصيفية، وذلك بحسب ما أكدت مصادر للأخبار. وبالوصول إلى ملعب المدينة الرياضية، فهو غير صالح بتاتاً لاستضافة أي نشاط بعد الأضرار التي لحقت به جراء انفجار المرفأ، إضافة إلى الإهمال الذي يعانيه منذ سنوات لأسباب عدة. ملعب بيروت البلدي أرضيته سيئة جداً ومرافقه مهملة نتيجة عدم اهتمام بلدية بيروت به. كذلك الأمر بالنسبة لملعب صيدا، فأرضيته سيئة جداً نتيجة عدم الاعتناء بالملعب، وهذه الملاعب الثلاثة كونها عشبية وكبيرة ربما تكون تأثرت نسبيّاً بضعف الميزانية المطلوبة نتيجة انهيار الليرة. أما ملعب أنصار في جنوب لبنان فأرضيته ممتازة لكن لا توجد فيه مدرجات.
يمكن لمجلس الوزراء اللبناني إصدار قرار يمنح اتحاد الكرة صلاحية الحصول على ملاعب لتأهيلها وتشغيلها، والاتحاد لديه الإمكانيات المالية لذلك
من المعلوم أنه لا يمكن لكرة القدم أن تتطور وتقام مباريات طبيعية بحضور جمهور كبير ونقل تلفزيوني صحيح، إلا إذا أقيمت على ملاعب كبيرة بمواصفات شرعية على صعيد حجم المدرجات وكيفية الوصول أليها والفصل بين جمهوريها.
في لبنان، الملاعب الكبيرة معطّلة والصغيرة التي يقوم الاتحاد بتأهيلها لإقامة المباريات عليها لا تملك مواصفات تراعي الحضور الجماهيري الكبير، فيصبح الاتحاد مضطراً إلى تحديد العدد.
إذاً لماذا الاتحاد لا يقوم بتأهيل الملاعب الكبيرة؟
الجواب هو أن القوانين لا تسمح بذلك. فالاتحاد مستعد وقادر على تأهيل أي ملعب كبير وتأمين كلفة تأهيله من الفيفا بشرط أن يكون له السلطة والملكية المطلقة على الملعب لفترة من الزمن لا تقل عن عشرين عاماً. وهذا أمر غير قابل للتطبيق بسبب القوانين التي تحكم ملكية هذه الملاعب كما يقول مصدر اتحادي رفيع لـ«الأخبار».
لكن هذا لا يعني أنه لا توجد حلول لهذه القوانين، لكن هذه الحلول بيد الدولة وتحديداً مجلس الوزراء القادر على إصدار قرارات تمنح الاتحاد المحلي أحقية الحصول على ملاعب لتأهيلها وتشغيلها والاستفادة منها بشرط أن تكون سلطة إدارته بالكامل بيد الاتحاد اللبناني لكرة القدم. علماً أن من مسؤولية الدولة إقامة ملاعب وتخصيص إحداها للمنتخبات الوطنية، لكن في بلد مفلس مثل لبنان تصبح المطالبة بالصرف على الملاعب غير منطقية من دولة غير قادرة على تأمين رواتبها. لكن على الأقل قادرة على إصدار قوانين تساعد جهات أخرى لتأهيل الملاعب.
إذاً وبحسب العديد من المتابعين فإن المعني الرئيسي في أزمة الملاعب في لبنان هي الدولة، والحل بيد الدولة ومن يجب أن يُسأل هي الدولة.
لكن الدولة ليست الوحيدة التي يجب أن تُسأل. فالأندية وخصوصاً الجماهيرية منها والتي تأسست قبل عشرات السنين أيضاً يُوجّه إليها السؤال. لماذا لا تملك ملاعب قادرة على احتضان مبارياتها وجمهورها؟
فنادي النجمة الكبير والذي يملك جمهوراً على امتداد الوطن يملك ملعباً في المنارة بالكاد قادر على استضافة تمارين الفريق. نادي الأنصار الذي دخل موسوعة غينيس بعدد ألقابه لا تختلف حاله عن النجمة، بل أسوأ حيث إن ملعبه على طريق المطار لا توجد فيه مدرجات.
نادي العهد بطل آسيا يملك ملعباً صغيراً يقوم الاتحاد بتأهيله حتى يصبح مؤهلاً لاستضافة مباريات…
مشكلة كرة القدم الرئيسية في لبنان هي الملاعب. حلولها صعبة وسهلة في الوقت عينه. المطلوب هو وجود إرادة وقرار لدى المعنيين سواء دولة أو أندية بأن يساعدوا أي جهة قادرة على تأهيل ملاعب لاستضافة مباريات كبيرة. بالتالي السؤال الذي يوجه وتحديداً للدولة: ماذا ينتظر المعنيون عن هذا الملف؟