الرئيسية / آخر الأخبار / عون: ليعلم الجميع أن اللبنانيين يختلفون في السياسة لا على الوطن

عون: ليعلم الجميع أن اللبنانيين يختلفون في السياسة لا على الوطن

مجلة وفاء wafaamagazine

أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أن “اللبنانيين يختلفون في السياسة لكنهم لا يختلفون على الوطن وعلى الجميع أن يدرك هذه الحقيقة”. واعتبر أن “لبنان يشكل بتكوينه صورة عن العالم”، ولفت الى ان هذا ما دعاه “للمطالبة في الأمم المتحدة بانشاء “أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار”.

 

كلام الرئيس عون جاء في خلال الاحتفال الذي أقيم قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، منح خلاله النائب السابق المحامي نعمة الله ابي نصر وسام الاستحقاق الوطني اللبناني المذهب، تقديرا لعطاءاته الوطنية والفكرية والثقافية ولمسيرته الريادية في الحياة الوطنية اللبنانية.

 

وألقى أبي نصر كلمة جاء فيها: “فخامةَ الرئيس. إنَّ الأبجديَّةَ هي أعظمُ منحةٍ أَنعمَتْ بها الحضارةُ الكنعانيَّةُ الفنيقيَّةُ اللبنانيَّةُ على البشريَّةِ جَمعاءَ، وهي الأهمُّ في مجموعةِ التقديمات اللبنانيَّةِ للإنسانيَّة. إنَّ إظهارَ عطاءاتِ لبنانَ الحضاريَّةِ، المبنيَّةِ على التواصلِ والتفاعلِ بينَ الشعوب، والإضاءةَ عليها أمامَ الرأي العامِّ المحليِّ والعالميِّ، وعلى دورِ لبنانَ كبلدِ رسالةٍ وأرضٍ للتلاقي والحوار، سيُزيد اللبناني المقيمَ فخراً والمغتربَ في غربتِه اعتزازاً.

 

إنَّ فكرةَ إحياءِ يومِ الابجدية وعيدِها، التي سَعَيْتُ لِنَقلِها من الحيِّز النظريِّ إلى الحيِّز العَمَلي، من خلال قانونٍ يُخلِّدُ هذا الإنجازَ الكبيرَ الذي حقَّقه أجدادُنا الاوائل، يُبقي الذِّكرى مُنطبِعةً في قلوبِ اللبنانيِّين وعقولهِم؛ حولَ ما يجمعُهم من قواسمَ تاريخيَّةٍ مشتركَةٍ غيرِ طائفيَّة، غيرِ مذهبيَّة، غيرِ عرقيَّة، وغيرِ مناطقيَّة، لتُعزِّزَ التلاقي والتلاحم، وتؤكِّدَ التواصلَ والحوارَ وتُرسِّخَ الانتماءَ والولاء بين اللبنانيين لأنَّه، من دونِ الانتماءِ والوَلاء لا أوطان.

 

فخامةَ الرئيس، إنَّ الوسام َالذي تكرَّمتم بمنحي إيَّاه، هو دلالةٌ على إيمانِكم بهذا الوطن العظيم، وعلى نِضالِكم الدائمِ في سبيلهِ، متحمِّلينَ المشَاقَّ، متلّقِّينَ كلَّ أنواعِ الانتقاد وهو دَلالةٌ على تقديركُم الكبير لكلِّ عملٍ يَرمي إلى الإضاءةِ على الصفحاتِ المجيدةِ من تاريخِ لبنان. فشكراً لكم على التفاتَتِكم الكريمة، وعلى اهتمامِكم ووفائِكم.

 

أطالَ الله في عمركم، وأمَدَّكُم بوافرِ الصحة، لتظلُّوا في الخندقِ الأوَّل للدفاعِ عن لبنانَ، الذي خَدمْتموه بإخلاصٍ في المؤسَّسةِ العسكريَّة مُناضلاً وطنياً، وفي المجلس النيابي نائباً على رأسِ كتلةٍ نيابيَّة كبيرة ووازنَة كان لها الدورُ البارزُ في الحياة التشريعيَّة، مُستلهِمَةً مصلحةَ لبنانَ العليا.

 

ورئيساً للجمهورية واجهتم وتواجهون كمًّا هائلاً من الصعاب، بحكمةٍ وثباتٍ ورباطةِ جأشٍ، على الرَّغم من كلِّ الكوارث التي حلَّت بلبنانَ طبيعيّة كانت أم مفتعلة. وأنا على يقين أنَّه بعد انقضاءِ عَهدِكم، ستعودون إلى مُعتَرَكِ الجهاد، كما في زمن ِالبدايات وربَّما أكثر.

 

والشكرُ مَوصولٌ إلى وزيرِ الثقافة محمد وسام المرتضى الذي اقترحَ مَنحي الوسامَ، للدور الذي اضطلعت به في إطلاقِ يوم الابجديَّةِ وعيدِها.

 

إنَّ هذه البادرةَ النبيلةَ من وزيرٍ مثقَّفٍ، يعتزُّ بلبنانيَّته، لا تعرفُ الطائفيَّةُ إلى قلبه سبيلاً، وهو دائمُ الفخرِ بتاريخ وطنه وتراثه، واضحٌ وجريء، تركَتْ في نفسي أكبرَ الأثرَ. فشكراً معالي الوزير، ولكَ مني أسمى مشاعرِ التقدير. والشكر لوزير الاتصالات جوني القرم الذي أصدرَ طابعاً بريدياً تزينه أحرف الأبجديَّة الفينيقيَّة حاملاً رسالة سلام ومحبة من الشعب اللبناني إلى شعوب الأرض قاطبةً.

 

فخامةَ الرئيس، أجدادُنا، مسيحيُّونَ ومسلمونَ، عندما طالبوا بِضَّمِ الأقضيةِ الأربعةِ إلى لبنانَ سنة 1920؛ راهنوا أمامَ جميعِ اللبنانيِّينَ والعالمِ على أنَّه يُمكنُ للحضارتَين، الإسلاميَّة والمسيحيَّة، للديانتَين أن تؤسِّسا معاً لدولةٍ واحدة موحَّدة، أرضاً وشعباً ومؤسسات: ديمقراطيَّةٌ حرَّةٌ، ذاتُ سيادةٍ وعيشٍ مشتَرَك، دولةٌ تكون قُدوةً للعالَم ومِثالاً يُحتذى به في العيش المشتَرَكِ وليس مَرتعاً لصراعِ الحضاراتِ والمذاهبِ والأديان.

 

اليومَ، بعدَ تجربةٍ دامَتْ مئةَ عامٍ وعام، يُطرحُ السؤالُ هل سقطَ الرِّهان؟ رِهانُ الدولةِ الواحدة؟ رِهانُ العيش المشتَرَك؟! حَذَارِ من سقوطِ الرِّهانِ لأنَّ تداعياتِ سقوطِه ستكونُ وخيمةَ على اللبنانيِّين والعالم كلِّه. شكراً فخامةَ الرئيس عِشتُم وعاشَ لبنان”.

 

واختتم الاحتفال بكلمة للرئيس عون جاء فيها: “اجتمعنا اليوم للاحتفال بتكريم النائب السابق نعمة الله ابي نصر المعروف بحب لبنان وحضارته، وجميعنا لبنانيون ومتعددون دينيا، لكننا موحدون بمحبة الوطن. ان لبنان يشكل بتكوينه صورة عن العالم اجمع مما دعاني يوما لاطالب في الأمم المتحدة بانشاء “اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار”. وقد صوتت عليها 165 دولة في ظل معارضة الولايات المتحدة والعدو الإسرائيلي.

 

ان هذه الاكاديمية هي للقاء والحوار، ونحن في لبنان نختلف سياسيا لكننا لسنا مختلفون على الوطن، وعلى الجميع ان يدرك هذه الحقيقة. جميعنا حريصون على حياتنا الوطنية مهما اختلفنا في السياسة. ففي السياسة الجميع مختلف حتى في الخارج ذلك ان الدول التي تتبع النظام الديموقراطي تشهد خلافات سياسية من حين الى آخر، الا ان ابناءها يعودون ويجتمعون على الوطن. لذلك نحن المجتمعون اليوم نشكل نموذجا من الشعب اللبناني الذي لا يختلف على الوطن ولكن يمكن ان يكون مختلفا بالسياسة”.