مجلة وفاء wafaamagazine
دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب إلى “الحفاظ على مؤسسات الدولة وفي طليعتها المؤسسات الأمنية”، وطالب الفاعليات الاجتماعية والقوى السياسية إلى “تحمل مسؤولياتها في كل لبنان، وفي منطقه البقاع على الأخص، التي تعاني من مشاكل قديمة ومتراكمة تؤدي إلى حالة شبه الفوضى”.
جاء ذلك خلال لقاء مع علماء دين وفاعليات سياسية وحزبية وعشائرية، في دارة أمين سر المجلس عبد السلام شكر في بلدة النبي شيت، حضره الوزيران السابقان عباس مرتضى وفايز شكر، معاون الأمين العام ل”حزب الله” النائب السابق حسين الموسوي، مفتي بعلبك الهرمل الشيخ خالد الصلح، مسؤول مكتب الشؤون البلدية والاختيارية المركزي في حركة “أمل” بسام طليس، المسؤول التنظيمي في إقليم البقاع أسعد جعفر وأعضاء من قيادة الإقليم، المدعي العام الاستئنافي القاضي كمال المقداد، قضاة شرع وفاعليات.
وقال الخطيب: “في ظل أربعين الإمام الحسين التي نحتفي به في كل عام، والذي تميز هذا العام بأمور ربما لم نكن نشهدها في الماضي، في كربلاء وفي لبنان وبالخصوص في بعلبك، والذي يضفي أجواء من الروحانية والمحبة من التعاطي والوحدة بين محبي رسول الله وآله. وهذا يرتب علينا واجبات وتكاليف أخلاقية بالدرجة الأولى، ومسؤولية اجتماعية تجاه أهلنا وتجاه الناس الذين نتحمل مسؤوليتهم، خصوصا في هذا الظرف الصعب الذي يمر به بلدنا لبنان”.
أضاف: “الواقع لاقتصادي يصعِّب الواقع الاجتماعي، والواقع السياسي أوصل البلاد إلى هذا التحلل الذي نراه يوما بعد يوم للمؤسسات التي يجب أن تتحمل مسؤوليتها تجاه أبنائها، وتجاه البلد كي لا يقع في فوضى اجتماعية لا سمح الله. لذلك نشدد على موضوع المحافظة على مؤسسات الدولة التي هي إن صلحت وإن تماسكت حينئذ أعتقد ان الكثير من المشاكل يمكن أن تحل”.
وتابع: “كل ما نراه الآن من أوضاع خطيرة في واقع البلد وفيما يعانيه الناس، سواء في علاقاتهم الاجتماعية أو على الصعيد الاقتصادي، سببه عدم قيام مؤسسات الدولة بواجباتها تجاه الناس، لأن حل هذه المشكلات يحتاج إلى دولة ومؤسسات، ولا يمكن لأحد أن يحل مكان الدولة في كل المجالات التي يعاني منها الناس”.
واعتبر ان “الموضوع الأول الذي يجب أن يكون في رأس الاهتمامات، هو الضغط للمحافظة على المؤسسات وفي طليعتها المؤسسات الأمنية”.
وأردف: “التعاون بين المؤسسات الأمنية والفاعليات الاجتماعية هو العمود الفقري للحفاظ على البلد وعلى الاستقرار، وهذا يحتاج الى تفاعل بين الناس وبين الفعاليات الاجتماعيه والمؤسسات الأمنية”.
وأعرب عن قلقه مما يشهده القطاع المصرفي، وقال: “المودعون أصحاب حق باسترجاع ودائعهم، والدولة تتحمل بالدرجة الأولى هذه المسؤولية، إلا أن ما حصل في المصارف ليس أمرا طبيعيا، وهو أشبه بالوضع الذي حصل في 17 تشرين والذي أدى إلى إغلاق المصارف حينها، وإلى الانهيار منذ ذلك الوقت. وإذا استمر وضع المصارف في الإغلاق، يعني ذلك ان القوى الأمنية لا تستطيع الحصول على مرتباتها وعلى ما يمكنها من القيام بمسؤولياتها الأمنية، ويعني تخلي القوى الأمنية عن مسؤولياتها ووقوع الفوضى في المجتمع. وتسود حينئذ شريعة الغاب، القوي يأكل الضعيف، هذه مسؤولية الدولة ومسؤولية القوى الفاعلة التي يجب عليها ان تقوم بدورها”.
ودعا الفاعليات الاجتماعية والقوى السياسية إلى “تحمل مسؤولياتها في كل لبنان، وفي منطقه البقاع على الأخص، التي تعاني من مشاكل قديمة ومتراكمة تؤدي إلى حالة شبه الفوضى في هذه المنطقة، مع وجود خيرين وطيبين بالطبع، وأنتم منهم، والبعض منكم شارك في العمل من أجل فض الخلافات وإنجاز المصالحات والتخفيف من المشاكل. ولكن علينا مسؤولية أكبر من ذلك، ولا يقول أحد “أنا ما خصني” لأن النار ستصل إلى كل بيت، وبالأمكان إيجاد حالة لضبط الوضع ومنع التفلت. يجب أن يكون هناك موقف حق، وأن نتراص جميعا في وجه الغلط، وأن نعمل حالة من الضغط على “الفلتانين” من أجل ضبط هذه الأوضاع، وفيكم في هذه المنطقه الكثير من الكفاءات ومن الناس التي تفكر وتضحي والمستعدة للقيام بواجبها في هذا المجال”.
وقال: “حزب الله وحركة أمل يتحملان مسؤولية، ولكن ليس كل المسؤولية، حزب الله وحركة أمل لا يريدان القيام محل الدولة، ونحن لا نقبل أيضاً أن يأخذوا دور الدولة لضبط الوضع الأمني، وأن يتحملوا مسؤولية المشاكل مع العشائر والعائلات، لكنهم يستطيعون المساعدة على خلق هذا الجو وعلى مساعدة المجموعة التي تقوم بدور التخفيف من المشاكل وايجاد حاله من الضغط الاجتماعي والمعنوي”.
وتطرق إلى موضوع الثأر والانتقام والتفلت الامني، مشيراً إلى أنه “كان هناك طريقة لإجراء المصالحات والتخفيف من هذا الوضع، كنا نقوم بإجراء مصالحة بين الطرفين، وندفع ديات ويخرج الناس الموجودين في السجون. ولكن لم تفض هذه الطريقة إلى نهاية المشكلة التي كانت تتجدد دائما، وأنا قلت لبعض إخواننا، نحن بهذه الطريقة نشجع الآخرين على ارتكاب المزيد من الجرائم والفوضى، عندما نساعد بدفع الجية بعد حصول الجريمة، وبعض الذين يأخذون الديات يعودون عند أي فرصة، بسبب التفلت الموجود داخل بعض العشائر والعائلات، ويرتكبون جريمة ولا يفكرون لا بأخ ولا بأب ولا بواقع اجتماعي، وطبعا هذا التفلت خطير. هناك مسؤوليات تقع على العشائر وعلى رؤساء ومجموعات العشائر، لأن سكوتها عن ارتكاب الخطأ خطر عليها نفسها فيما بعد”.
وأوضح أن “الإمام السيد موسى الصدر كان يقول للمسؤولين أي منطقة يحصل فيها تفلت وتخلف في التنمية، ولا يدافع عنها وتبقى مجروحة سينعكس ذلك على وضع لبنان كله، وهذا ما حصل. كان الجنوب متروكا للعدوان الاسرائيلي، والسلطة غير مهتمة، والمسؤولين “مش فارقة معهم”، فوصلت الأمور إلى ان لبنان كله وقع في المشاكل، وحصلت الحرب الأهلية 15 سنة، وفي داخل كل طائفة من الطوائف كان هناك مشكلة، وحربا عامة بين الطوائف. طبعا الإمام الصدر كان منذ البداية يحاول أن يتلافى أن يصل الوضع إلى هذه النقطة، من خلال ما كان يراه ببعد نظره، ولكنهم لم يسمعوا”.
واكد أن “الإمام الصدر أسس المقاومة ليلفت نظر اللبنانيين انه ليس هناك خطرا بين الطوائف على بعضها البعض، وإنما الخطر على الحدود، الخطر هو الاسرائيلي، وليلفت نظر اللبنانيين إلى أن السلاح الذي تواجهونه على بعضكم البعض ليس هنا محله، وإن السلاح مكانه على الحدود حيث يوجد الخطر الحقيقي. والآن ترك الأمور على هذه الوتيرة وعملية إيجاد الحلول بالطريقة المتبعة لا تفضي إلى إنهاء هذه المشاكل”.
ودعا الخطيب إلى “ان يكون هناك مجموعة من الوجهاء والفعاليات الذين لديهم احساسا بالمسؤولية تجاه أنفسهم وبيوتهم وأهلهم، لأن المنطقة التي لا يكون فيها أمن واستقرار لا يوجد فيها سياحة، والموجود فيها ويمتلك الإمكانيات سوف يهرب منها. الدولة عندما عملت “شوية قبضة” حققت نوعا من الاستقرار النسبي والهدوء، لذا نحن نطالب القوى الأمنية والدولة بتحمل مسؤولياتها، واتخاذ القرار بفرض الأمن والتشدد في تطبيقه”.
ورأى ان “ما يحصل في بلدنا هو موضوع سياسي وقد تخطينا كل العقوبات حتى الآن التي فرضوها ليخلقوا بيننا مشكلة من أجل اخضاعنا واستسلامنا، ولنعطيهم سلاحنا، حتى نعود مثلما كان الأمر قبل المقاومة، نهجر من بيوتنا، ويُقتل أبناؤنا. وهم يدخلون علينا من نقاط الضعف، وانا أقول إيجاد الفوضى في المنطقة هذا امر مقصود وهذه سياسة معتمدة. نحن تحملنا مسؤولية ليس من أجل جنوب لبنان والبقاع الغربي، تحملنا المسؤولية من أجل لبنان كل لبنان. ويجب على وزرائنا ومسؤولينا ان يتحملوا ايضا المسؤولية بأن يكون صوتهم قويا وعاليا، وليعلموا ان وراءهم طائفة وشعب ومقاومة”.
وتابع: “حزب الله وحركة أمل يتحملون مسؤولية أساسية في موضوع المقاومة وفي الشان السياسي، وفي الموضوع الاجتماعي هم شركاء معكم، واقول لإخواننا في حركة أمل وحزب الله، المطلوب أن تكونوا دافعه خلفية للذين يقومون بهذا الجهد من الناس والفعاليات، كما ان المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى يتحمل مسؤولية ايضا في هذا الإطار، واتمنى ان يشكل هذا اللقاء البداية من أحل تحقيق الغاية بأن نتعاون جميعا للوصول إلى ما يحقق مصلحة أهلنا وأمنهم واستقرارهم”.
وختم الخطيب: “الشيعة ليسوا وحدهم في هذه المنطقة، هم يعيشون مع أبناء جينهم السنة الذين هم جزء منا، ومع إخوانهم المسيحيين. ولا بد من التنبيه إلى أن بعض الحركات والإشكاليات قد تأتي عفويا، وقد تكون في بعض الأحيان مدسوسة ومدفوعة لإيجاد مشكلة طائفية، بقصد تحميل الشيعة المسؤولية في أي مشكلة لأنهم يشكلون أكثرية في هذه المنطقة. يجب أن نلتفت الى هذا الموضوع ونتعاون نحن وإخواننا، والحمد لله موجود فيهم الكبار والعقلاء والذين يدركون عواقب الأمور، وهم شركاء معنا في هذا الجهد إن شاء الله”.
المفتي الصلح
بدوره أكد الصلح أن”الأمن هو أساس ملح البلد، واذا كنا ننعم بالأمن لما عانينا من كل هذه الفوضى الموجودة في بلدنا ومنطقتنا”.
واعرب عن خشيته من “ان يكون هناك تهريب لما تبقى من أموال المودعين خلال إقفال المصارف. فلو سمح للمودعين بسحب ودائعهم، وأنفقوا منها الخمس والزكاة لاهلهم في البلد، لما عادوا بحاجة إلى مخاطر السفر في البحار والهجرة”.
ودعا إلى “إنشاء صندوق تكافلي في هذه المنطقة يضم الجميع، حتى لا يبقى أي محتاج أو فقير، أو من يقف على الأبواب”.
وأشار الصلح إلى أن “نصف المساجين في لبنان هم ليسوا لبنانيين، فماذا يفعل هؤلاء عندنا، لذلك يجب ان نجد الحلول”.
وختم: “إذا سرق الفقير ليأكل فاقطعوا يد الحاكم، وإذا سرق لأنه سارق فاقطعوا يده. عاقبوا المسيء، ولا تسمحوا للتدخلات لا من حزب ولا من شخصية ولا من سياسي”.